الدَّهرُ ذو دُولٍ, والموتُ ذو عِلَلٍ, *** والمرءُ ذو أملٍ, والناسُ أشباهُ
ولم تزل عِبَرٌ فِيهنَّ مُعتَبرٌ *** يجري بها قدرٌ والله أجراهُ
يبكي ويضحكُ ذو نفسٍ, مُصَرَّفَةٍ, *** والله أضحكهُ والله أبكاهُ
والمُبتلى فهوَ المهجور جانبهُ *** والناسُ حيثُ يكونُ المالُ والجاهُ
والخَلقُ مِن خَلقِ ربي قد يُدَبِّرُهُ *** كُلُّ فمستعبدٌ والله مولاهُ
طُوبى لعبدٍ, لِمولاهُ إنابتهُ *** قد فاز عبدٌ مُنيبُ القلبِ أواهُ
يا بائع الدين بالدنيا وباطِلها *** ترضى بِدينك شيئاً ليس يَسواهُ
حتى متى أنت في لهوٍ, وفي لعبِ *** والموتُ نحوك يهوي فاغراً فاهُ
ما كلُ ما يتمنى المرءُ يدرِكهُ *** رُبَّ امرىءٍ, حَتفُهُ فيما تمناهُ
إن المنى لَغُرورٌ ضِلةً وَهَوىً *** لعل حتفَ امرىءٍ, في الشيءِ يَهواهُ
تَغتَرٌّ لِلجهل بالدنيا وَزُخرفها *** إن الشقيَّ لَمَن غرته دنياهُ
كأنَّ حَيًّا وقد طالت سلامتُهُ *** قد صار في سكراتِ الموت تغشاهُ
والناسُ في رَقدَةٍ, عما يُرادُ بهم *** ولِلحوادثِ تَحريكٌ وإنباهُ
أنصف هُدِيتَ إذا ما كنتَ مُنتصفاً *** لا ترضَ لِلناس شيئاً لستَ ترضاهُ
يارُبَّ يومٍ, أتت بُشراهُ مُقبِلةً *** ثم استحالت بصوتِ النَّعيِ بُشراهُ
لا تحقرنَّ من المعروف أصغرهُ *** أحسن فعاقِبَةُ الإحسانِ حُسناهُ
وكُلٌّ أمرٍ, لهُ لابُدَّ عاقِبةٌ *** وخيرُ أمركَ ما أحمدتَ عَقباهُ
تلهو وللموت مُمسانا ومُصبحنا *** من لم يُصبِّحهُ وَجهُ الموتِ مَسَّاهُ
كم من فتىً قد دنت للموت رِحلتُهُ *** وخيرُ زاد الفتى للموت تقواهُ
ما أقرب الموتَ في الدنيا وأفظَعَهُ *** وما أمَرَّ جنى الدنيا وأحلاهُ
كم نافسَ المرءُ في شيءٍ, وكايدَ فِيـ *** ــهِ الناسَ ثُم مضى عنهُ وخلاهُ
بينا الشفيقُ على إلفٍ, يُسّرٌّ بهِ *** إذ صار أغمضهُ يوماً وسجاهُ
يبكي عليه قليلاً ثم يخرجهُ *** فَيُمكِنُ الأرضَ مِنهُ ثم ينساهُ
وكلُ ذِي أجلٍ, يوماً سيبلغهُ *** وكُلٌّ ذِي عملٍ, يوماً سيلقاهُ