بغداد

2.6k
3 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%
بسم الله الرحمن الرحيم

صـخـبـت بناتُكِ والورى هُجادُ *** مـا هـذه الضـوضاء يا بغدادُ ؟

مِـن أي صـوبٍ, أم لأيـة غايةٍ, *** هـذا الـعـديد وذلك الإعداد ؟!

مَـن هـؤلاء العُصبة الآتون في *** جـنـح الظلام حشودهم تزدادُ ؟

حـطت جموعُهمُ بأرضكِ، مثلما *** بـالـحـقـل مزدهياً يحط جرادُ

أتـراه فـي هـدفٍ, نبيل ٍ, جمعهم *** أم أن أمـراً فـي الـخفاء يرادُ ؟

كيف استقام لهم، وكيف تحالفوا ، *** ورمَوكِ عن قوس ٍ, وهم أضدادُ ؟!

هـل عُرِّبَ النفرُ اليهود وأسلموا *** أم أن إسـلام الـعـروبة هادوا؟

كيف النقيض مع النقيض توحدت *** أهـدافـه، وتـلاقـت الأبـعادُ

لـو لـم تـكن في مسلمينا لوثةٌ *** أو كـان فـي إسـلامـهم إلحادُ

جـئتم لتحرير العراق؟.. لُعنتمُ *** حـريـةٌ هذي.. أم استعبادُ؟ ..

أيـكـون من أجل العراق وشعبهِ *** يُـفـنـى العراق وشعبُه ويُبادُ؟!

أمِـنَ اجل أسلحة الدمار يجوز أن *** تـفـنـى بأسلحة الدمار عبادُ ؟!

يا عُهركم، عرباً وغرباً، يا سوادَ *** وجـوهـكـم.. إذ كـلّكم قَوّادُ

مـا شـأنُكم حبٌّ العراق، وإنما *** نـفّـذتُـمُ مـا أوعـز الـموسادُ

لا غـرو إذ خُـلق العبيد ليسمعوا *** ويـنـفِّـذوا مـا يـأمر الأسيادُ

* * * ***

بـغـداد يـا حـوتاً تعاظم شأنهُ *** مـا كـان يـسـهل أنه يُصطادُ

خـافته أسماك المحيط، فأعملت *** مـن أجـلـه الآراء والأرصـادُ

لـكـنـه ولـحـكـمـةٍ, غيبيةٍ, *** حـل الـقضا واستضحك الصيادُ

يـا دهـشة المرأى، وقلبكِ نابضٌ *** وبـقـيـةُ الأعـضاء منكِ جماد

يـا حيرة الرائي، يرى أثر السيا *** ط، وليس يدري من هو الجلاد !

يـا أنـتِ محتضَراً ولم يخفِق له *** عـزمٌ، ولـم يَخفق عليه فؤادُ !!

وكـذلـك الأفـذاذُ إن عَقَرت بهم *** نُـوَبُ الـلـيـالي يشمتُ الحُسادُ

ويـقـال يـا بـغـداد أنكِ ظالمُ *** مـتـهـوِّرٌ لـغـروره مـنـقادُ

وجـه الـمـلامـة بَـينٌ، لكنما *** (أنـصـر أخاك) له مدىً ومفادُ

ويـح الإخاء، وويح هاتيك اللغى *** إذ صـار نـكـراً بينهنّ الضاد !

ويـح الـدم العربي حين تعطلت *** فـيـه الـوشائج واعتراه فسادُ !

إن الأعـاريـب الـذين يثيرهم *** داعـي الـحمية في المآزم بادوا

صـاروا أحـاديث المساء نقصٌّها *** عـنـد الـمـنـام ليرقد الأولاد

وتـراثـهـم أمـسى رفاتاً مثلهم *** قـد يـسـتحي من ذكرها الأحفاد

لـو قلتِ (معتصماه) لم يسمعك *** إلا الـسـفح، ثم يجيبك الترداد

أو قلتِ وا رهطاه، لم ينجدك قع *** قـاعٌ ولا عـمـروٌ ولا مـقـداد

أو قـلـتِ وا قوماه، لم تَعبأ لها *** مـضـرٌ ولم تجب الصريخ إياد

وأظـنـهـم لـو أنكِ استنجدتِهم *** لأتـوكِ مـن أجداثهم، أو كادوا

* * * ***

بـغـداد يـا مجداً تراكم أعصُراً *** وضـعـت له أسَّ الحضارة عادُ

أرسـى عـلـيه الأولون قواعداً *** شـمـخـت على هاماتها الأمجادُ

تـعـمى العيون ولا نرى يا أمَّنا *** هـذا الـبـنـاء الـمـعتلي ينآدُ

عَـزّ المصابُ وعَزّ قبلك أن نرى *** حُـراً تـعـض بـرجـله الأقيادُ

أمّـا الـعجيب، فعند أول وهلةٍ, *** لَـغَـطَ الـرٌّواةُ وأخـرس النقّادُ

صَـمَـتـوا ولم ينبس جبانٌ منهمُ *** وتـراءت الأضـغـانُ والأحقادُ

الـكـل طـأطأ رأسهُ، فشريفهم *** عـبـدٌ، يُـجَـر بـشعرةٍ, ويُقادُ

إن هـيـئةُ الأمم التي إن قرّرَت *** فـلـهـا دمـاء الـمسلمين مدادُ

أو مـجلسُ الأمن الذي من عدلهِ *** الـحـبـل والـكرسي والأعواد

كـلُّ تـحـيَّـز لـلعدو، وحبذا *** لـو أن مـا وقـفـوا عليه حيادُ

ما عادت الأعرابُ تؤمِن أو ترى *** (أن الـحـيـاةَ عـقيدةٌ وجهادُ )

فَـزّاعـةُ الإرهاب أعمت رشدهم *** لـم يـعرفوا ما الخلد ما الإخلادُ

تـركوكِ في زيزاء يعصف شرٌّها *** مـن هـولـهـا تـتفطر الأكبادُ

لـكـن تـربـك يا عراق منزهٌ *** عـن أن تـدنـس طهره الأوغادُ

هـذي العلوجُ شعارُها (فرق تسد) *** وقـوام شـعـبـكِ نـخوةٌ وعنادُ

تـعـوي ذئـابُ الغدر، إلا أنها *** تُـخـسـا إذا زأرت لـها الآسادُ

* * * ***

أسـفـاً عـليك قتيلةً لم يرثِها ال *** شـعـراء، وهو الواجب المعتاد

ما أبنُوكِ، وهم بَنُوكِ، وما بكى *** أحـدٌ، ولـم يُـعلَن عليكِ حداد

بـل حـيـنـما قامت لديك مآتمٌ *** قـامـت لـدى إخـوانكِ الأعيادُ

لا بـأس يـا بـغـداد، إن بقيةً *** لـلـسـيف، قد تنمو بها الأعداد

إخـوان يـوسف كايدوه، وإنهم *** سـجـدوا لـه لمّا أتى الميعاد .

* * * ***

يـا أمـة الإسـلام صبراً.. إنما *** لـلّـه فـيـنـا رجـعـةٌ ومعادُ

تـا الله مـا مات العراقُ، و إنما *** هـي هـزةٌ، كي يصحُوَ الرُقادُ

مـا هذه أعراضُ موتٍ,، أبشري *** يـا أمـتـي..فـلـعله الميلادُ


السابقتوبة
التاليإيمان
أضف تعليق