لو لم تُبلِّغكَ الحياةُ مُناكا *** لَكَفاكَ أّنَّك قد قهرتَ عِداكا
لكَ سيرةٌ كادت تُمَثَّلُ للنٌّهى *** بَشَراً يُنافِسُ في العُلا أملاكا
ومفاخِرٌ يومَ استغاثَ الشَّرقُ مِن *** خطَرٍ, أَلمَّ ولَم يُجرهُ سِواكا
صرخُوا النَّفيرَ وأَطمعُوا أحشادَهم *** في ثَلِّ عرشِكَ واقتحامِ حِماكا
حَمَلوا الصَوارِمَ والقَنا بحماسةٍ, *** وأَتوا ميادينَ القِتالِ وِشاكا
قلتَ (الجهادَ) فماجَ حولَ لِوائِك السَّ *** امي فَيَالِقُ لا تهابُ عِراكا
ولَقِيتَهم بعزيمةٍ, لا تنثني *** والرَّأيُ نِبراسٌ يَؤُمٌّ خُطاكا
وإذا البطولةُ عُزِّزت بِدِرَايةٍ, *** كانت لإنقاذِ الشٌّعوبِ مِلاكا
عادوا بخيبةِ آمِلٍ, وتَمَلأَّت *** مِن مُجتنى النَّصرِ المُبينِ يَداكا
عادوا ولم يُخلِد بهم وَهنٌ إلى *** يأسٍ, وظلٌّوا يَفتِلون شِباكا
حتَّى إذا أخذَ الكرى بجفونِن *** زحفُوا وما لاقَوا قَناً كَقَناكا
أَوَما سمعتَ رطانةَ الإِفرَنجِ مِن *** حولِ الضَّريحِ تخوضُ في ذِكراكا
وكأنَّني بك قد همَمتَ بوثبة ال *** أسدِ الهَصورِ لو استطعتَ حِراكا
جاسوا المدائنَ والقِفارَ وأَرصدوا *** في كلِّ وادٍ, غاشِماً فتَّاكا
يا ليتني أدري ومِثلُكَ يُقتدى *** بمِثالِه بين الورى ويُحاكى
أَيُتَاحُ للشرقِ المُعَذَّبِ ذائدٌ *** يرمي ويَبلُغُ في النِّضالِ مَداك