جولة في مكتبة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

خزانة الجامع الكبير بمكناس المغربية تأسست في عهد الدولة المرينية ومخطوطات أكلتها الأرضة

تعد خزانة الجامع الكبير بمدينة مكناس من أعرق الخزانات بالمغرب، إذ يعود تاريخ تأسيسها إلى عهد الدولة المرينية (التي امتدت من 1270الى 1465). وهي، كما ذكر العلامة الراحل محمد المنوني في كتابه «المصادر العربية لتاريخ المغرب»، مركز من مراكز الذخائز العظيمة إلى جانب خزانة القرويين بفاس وخزانة الجامع الكبير بتازة، ارتبطت بالمسجد وكانت فضاء لدراسة العلوم الدينية والعربية وفرعا من فروع جامعة القرويين بفاس. وعلى الرغم من التقلبات والتغيرات التي شهدتها هذه الخزانة على مر التاريخ، فقد حافظت هذه الخزانة، التي تحولت الآن الى خزانة جهوية، على جزء هام من ذخائرها ومخطوطاتها النفيسة، التي نقل قسم منها في ظروف غير عادية، إلى الخزانة العامة بالرباط. وهي تقدر ـ حسب عبد السلام البراق المكلف بالمخطوطات بالخزانة الجهوية ـ بـ 663 مخطوطا نقلها العلامة الراحل المختار السوسي أيام كان وزيرا للأوقاف ولم يعدها إلى الخزانة، ويقيت هناك رغم مطالبة خزانة الجامع الكبير باسترجاعها، كما أن الخزانة تتوفر على مجموعة من المطبوعات تقدر بـ17 ألف كتاب أغلبها كتب باللغة العربية في التراث الإسلامي والتاريخ والأدب. والزائر الآن لمدينة مكناس لن يجد في المقر القديم للخزانة بالمدينة العتيقة سوى بعض الكتب التراثية وكتب الأدب والتاريخ التي يحتاج لها التلاميذ وطلبة السنة الأولى من الجامعة، أما المخطوطات والمطبوعات الأخرى الهامة فقد تم نقلها في يوليو من عام 1998 إلى المركب الثقافي بالمدينة الجديدة لتكوين خزانة جهوية، وذلك بعدما ضاق المقر القديم، الذي لا تتجاوز مساحته 1. 20. أما المقر الجديد فتبلغ مساحته 832. 74 م، ويتوفر على أربع قاعات للمطالعة وجناحين كبيرين لتخزين الكتب وقاعة خاصة بالمخطوطات، وهي مجهزة بشكل يريح الزائر الراغب في المطالعة بهدوء. ولكنها لحد الآن لا تعتمد على نظام إلكتروني في الفهرسة بل تعتمد على نظام الفهرسة التقليدي الذي يضم فهرس المؤلفين وفهرس المواضيع وفهرس العناوين. وحول عدد زوار الخزانة ذكر يوسف البزاوي محافظ الخزانة أنه يفوق 60 زائرا يوميا هم في الغالب طلبة كلية الآداب والعلوم الإنسانية وبعض الأساتذة الباحثين وتلاميذ الإعدادي والثانوي، خصوصا وأن الخزانة تعتمد على نظام التوقيت المستمر من الثامنة والنصف صباحا إلى السابعة مساء، وهو ما يسمح للزائرين بالاستفادة أكثر من هذه الخزانة العمومية التي كونت أجيالا من الباحثين والكتاب من أبناء المدينة وضواحيها. وعلى الرغم من استفادة مخطوطات الخزانة العامة بالرباط وبعض من مخطوطات خزانة القرويين بفاس من عملية الترميم بالتقنيات الحديثة، فإن مخطوطات خزانة الجامع الكبير بمدينة مكناس لم تستفد من هذه العملية التي أشرف عليها بعض الخبراء الألمان بالمغرب، وهو ما جعل هذه المخطوطات في أسوء حال لأنها تأثرت ببرودة المقر القديم وبالأرضة التي أكلت بعضا منها. ولحسن الحظ فقد تم نقل قسم هذه المخطوطات إلى الخزانة الجهوية. ويقول عبد السلام البراق، الذي قضى 35 سنة في خدمة الخزانة تولى خلالها مسؤولية محافظ الخزانة من 1987 إلى 1990 ومهمة الإشراف العام عليها الآن إلى جانب المحافظ يوسف البزاوي، إن خزانة الجامع الكبير تتوفر على مجموعة كبيرة من المخطوطات النادرة والهامة التي لا يعرفها للأسف حتى قسم من العلماء المغاربة، أقدمها الجزء العاشر من «الجمهرة في اللغة»

لابن دريد الأزدي المتوفي عام 321 هـ، و«مختصر المدونة الكبرى» لمؤلف مجهول ويرجع تاريخ نسخه إلى 512هـ، والجزء الأول من «شرح الأحكام» لابن صاحب الصلاة، و«الأنواع والتقاسم» لابن حيان، والجزء الثاني من «الإشراف على مذاهب العلماء» لابن المنذر، والجزء الثاني من «عين المعاني في تفسير السبع المثاني» لابن

طيفور، والجزء العاشر من «عيون الأدلة وإيضاح الملة» لابن قصار، و«شرح تحفة ابن عاصم» لنجل ابن عاصم، وفصل من «كتاب الواضحة» لعبد المالك ابن حبيب، ومخطوط في الفقه لابن فجلة.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply