بسم الله الرحمن الرحيم
مع العلم أن تفسير الأحلام ملكه وموهبة كموهبة الشعر إلا أن هذه الملكة يمكن أن يُكتسب بعضها بالدراسة وبذل الأسباب المعينة على التأويل، وإليك بعض الضوابط أو الدلائل لتفسير الأحلام.
قد ذكرها الأستاذ / الحمصي وإليك إياها ملخصة:
أولاً: القرآن الكريم:
أعرض الرؤيا على كتاب الله فقد تجد تأويلها في بعض آياته مثل: اللباس الجديد قد يكون بشرى بزواج، لقوله - تعالى -: [هنَّ لباسٌ لكم وأنتم لباسٌ لهن] وهكذا..
ثانياً: الحديث الشريف:
وكذلك تعرض الرؤى على ما جاء في الأحاديث الشريفة، فمثلاً: الغراب والحية والعقرب والحدأة والفأرة، تدل على الفسق، لورود الحديث بأنهن جميعاً من الفواسق.
ثالثاً: بظاهر الاسم:
فمثلاً اسم فاضل يدلٌّ على الفضل، وراشد يدل على الرشد.
رابعاً: بالمعنى، أو واقع الشيء ووصفه:
فالنرجس والورد قد يدلان على قلة البقاء أو قصر العمر لذبولهما بسرعة.
خامساً: من اللغة ومعانيها:
فالسنٌّ رمزٌ لسنِ الإنسان، أي: عمره. فقلع ضرسٍ,، أو سنٍّ, أو ناب يدل على وفاة قريب أو شخص تعرفه.
الفك العلوي للرجال والسفلي للنساء {الرجال قوّامون على النساء} وإذا كان القلع يدل على الموت فإن التركيب يدلٌّ على الولادة أو الحمل.
سادساً: من الأمثال السائدة:
فاليد الطويلة تدلٌّ على معروف وخير، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لزوجاته: [أولكن لحوقاً بي أطولكنَّ يداً] أي أكرمكنَّ وأكثركن صدقة. فكانت زينب - رضي الله عنها -.
والاحتطاب يدل على نميمة.
وغسل اليدين يدل على اليأس من الشيء.. فالعرب تقول: غسلت يدي عنك بأشنان (هي مادة تستعمل قديماً للتنظيف) أي: يئست منك.
سابعاً: بضد الشيء (بعكسه):
فالبكاء قد يؤول بالفرح \"أقرَّ الله عينيك\" أي أبكاك بدمع بارد ولا يكون إلا عند الفرح والضحك قد يدل على الحزن لقولهم \"شر البلية ما يضحك\" وهكذا.
ثامناً: من هيئة السائل صلاحاً أو ضلالاً:
فالأذان قد يدل على الحج أخذاً من قوله - تعالى - {وأذن في الناس بالحج}.
والأذان قد يدل على السرقة أخذاً من قوله - تعالى - [ثم أذن مؤذّن أيتها العير إنكم لسارقون].. فإذا كان السائل من أهل الاستقامة كان التأويل بالحج وإلا كان الثاني.
تاسعاً: من اختلاف الجو والطقس:
فرؤية النار في الشتاء خير وبركة، لأنها دفء، وفي الليل كذلكº لأنها ضياء ودليل كرم وحسن ضيافة.
قال الشاعر:
إذا ضل عنهم ضيفهم نصبوا له *** من الليل في الظلماء ألويةً حمرا
وأما رؤية النار في الصيف فشرُ وضرر وخطر.. [أنظر طرائف الرؤى رقم3]
الرؤيا أحكام وآداب:
أنواع الرؤى:
أولاً - الرؤيا الحسنة: وهي بشرى للمؤمن. وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن رأى رؤيا حسنة فليبشر، ولا يخبر بها إلا من يحب [رواه مسلم.
ثانياً: - الرؤيا السيئة: وهي من الشيطان ليُحزنَ بها المؤمن، ولهذا فقد أمرنا رسول الله e بعده آداب عن رؤيتها منها:
البصق عن اليسار (ثلاثاً).
الاستعاذة بالله من شرها وشر الشيطان (ثلاثاً).
يتحول عن جنبه الذي كان عليه.
لا يتحدث بها ولا يطلب تفسيرها.
الصلاة.
ثالثاً: أضغاث الأحلام: وهي الأحلام المختلطة التي تتداخل فيها الأحداث، ولا تتسق مع أصول التعبير.. ومن أسبابها امتلاء البطن بالشراب والطعام إلى حد التخمة.
ومن أمثلتها: إن يرى أن الأرض تدور، أو نبت من السماء أسجد، أو طلع في الأرض نجوم ونحوها من الأخلاط.
أحكام متفرقة. وفوائد متنوعة:
رؤيا الأنبياء حق..
ما رآه الأنبياء في منامهم فهو حق، وهو نوع من أنواع الوحي. ولهذا فإن إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - أخبر ابنه بالذبح بمجرد الرؤية فقال - عز وجل -:
( إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى).
أصدق الرؤيا ما كانت بالأسحار والقيلولة.
من كذب في الرؤيا كلِّف يوم القيامة عقد شعيرتين.
لا يخل بصحة الرؤيا جنابة ولا حيض.
طرائف في تفسير الأحلام:
ومن طريف ما روت كتب الأدب أن شاعراً دخل على أمير، وأنشده طامعاً في نواله:
رأيت في الـنــوم أني مـالك فـرســاً
فـقــال قــوم لهـم علـم ومـعـرفــة
اقصص منامك في بيت الأمير تجد
ولي وصـيف وفي كفي دنانير
رأيت خيراً وللأحـلام تفســـيـر
تفســير ذاك وللفـأل التباشــير
فقال له الأمير:
[أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين] [يوسف: 44]
روت كتب السير أن أميراً رأى في نومه أن أسنانه كلها قلعت إلا واحداً، فدعي من يؤول له منامه، فقال له أحدهم: يموت أهلك كلهم، ثم تموت بعدهم، فأمر الأمير بتأديبه.
ثم عرض منامه على عالم ذكيٍّ, حصيف فقال له: أنت أطول أهلك عمراً أيها الأمير!. فطابت نفسه، وأمر بإكرامه..
والتأويل في الجملتين واحد، ونتيجة واحدة، لكن الثاني أحكم وألطف.
يحكى أن رجلاً رأى خزانةً في بيته تحترق، فسأل أحد العلماء، فقال له: لعل تحتها مالاً أو خيراً، فحفر تحت الخزانة فوجد جرةً ملئت ذهباً يلمع كأنه نور الشمس. وبعد أشهر رأى الرجل أن الخزانة نفسها تحترق، فلم يسأل ذلك العالم، وأسرع يحفر تحت الخزانة، فخرج له ثعبان فعضه، فعولج ثم شفي، فذهب إلى ذلك العالم يسأله متعجباً لاختلاف الأمرين لرؤية واحدة. فقال له: إن الرؤيا الأولى كانت في الشتاء، والنار فيه دفء وهناء، أما الرؤيا الثانية ففي الصيف، والنار فيه شدة وضيق وأذى. ولو سألتنا في الثانية كما سألتنا في الأولى لنجوت، ولكنه قدر من الله وقضاء..
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد