بسم الله الرحمن الرحيم
ظاهرة الجهل بالدين «23»:
ظاهرة الجهل بالدين، ظاهرة من تلك الظواهر التي يجب على الشباب أن يحذروا منها، فأكثرهم من لا يفقه شيئاً من دينه، تجده من الفقهاء العلماء الخبراء في بعض أمور الدنيا ولكنه من الجهلة في أمور الدين، ومن فعل شيئاً بخلاف ما حقه أن يفعل فهو جاهل، والدليل على هذا قول الله عز وجل في قصة موسى مع بني إسرائيل والبقرة: «قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين»، فجعل الهزو جهلاً ويقول أبو الدرداء - رضي الله عنه-: «علامة الجاهل ثلاث: العجب وكثرة المنطق فيما لا يعنيه، وأن ينهى عن شيء ويأتيه»، ظاهرة الجهل ظاهرة مذمومة، وصفة سيئة من اتصف بها ولم يتدارك نفسه فإن مصيره إلى الضلال ومن ثم الهلاك، وتأمل حال الجهلة عبر التاريخ وما آلت إليه أمورهم، يقول الله - عز وجل- عن بني إسرائيل: «وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قومٍ, يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون* إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون» فقد دعاهم جهلهم بعظمة الله وجلاله، إلى طلب صنم ليجعلوه نداً لله - عز وجل- وأما قوم نوح فقد أدى بهم الجهل إلى احتقار نبيهم وعدم طاعته، بل إلى تكذيبه والاستهزاء به، يقول - عز وجل-: «ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه إني لكم نذير مبين أن لا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يومٍ, أليم\"أخبرهم وأمرهم وحذرهم، ولكنهم جهلة لا ينفع بهم شيء من ذلك، «فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشراً مثلنا وما نراك إلا اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين قال يا قوم أرأيتم أن كنت على بينة من ربي وأتاني رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون ويا قوم لا أسألكم عليه مالاً إن أجري إلا على الله وما أنا بطارد الذين أمنوا إنهم ملاقوا ربهم ولكني أراكم قوماً تجهلون»، فالجهل معصية عظمى وآفة خطيرة قد تحول بين المرء ودينه وما فيه مصلحته في الدنيا والآخرة، وهؤلاء قوم لوط، من جهلهم عملوا عملاً لم يسبقوا إليه، عملوا عملا حتى البهائم لم تفعله، استغنى الرجال بالرجال والنساء بالنساء بفعل الفاحشة، ولما حذرهم نبيهم لوط - عليه السلام- عن هذه العادة القبيحة، من جهلهم نصبوا له العداء يقول - عز وجل-: «ولوطاً إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون أي يرى بعضكم بعضاً إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون» فماذا كان جواب الجهلة؟ يقول - عز وجل-: «فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون» الشاهد أيها الشاب أن الجهل سبب الهلاك والضلال وإيراد المهالك وجلب المصائب وتوليد المعاصي.
وفي الجهل قبل الموت موت لأهله *** فأجسادهم قبل القبور قبور
وإن أمرأً لم يجئ بالعلم ميت *** فليس له قبل النشور نشور
أحبتي الشباب: فاحذروا الجهل فإن عواقبه وخيمة ومن اتصف به فإنه على خطر عظيم، فالجاهل قد يعمل عملاً ثم يتجرع كاسات الندم بعد ذلك «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين» الجاهل قد يتطاول على الله فيظن ظناً منحرفاً: « وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية» الجاهل قد يتجرأ على الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف: «قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون» الجاهل قد ينساق خلف شهواته وملذاته، وينسى الله والعياذ بالله، الجاهل يصبُ إلى النساء كما جاء في قصة يوسف لما خُيِّر بين السجن وفعل الفاحشة قال: «قال رب السجن أحب إليّ مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين» إخوتي الشباب: فالحذر الحذر من الجهل في الدين، والجهل داء ولكل داء دواء، ودواء الجهل العلم، فعليكم بطلب العلم الذي من خلاله ترفعون الجهل عن أنفسكم، الجهد داء قاتل شفاءه
أمران في التركيب متفقان.
نص من القرآن أو من سنة *** وطبيب ذاك العالم الرباني
أسأل الله أن يرحم ضعفنا، ويرفع جهلنا، ويعلمنا ما ينفعنا انه سميع مجيب.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد