بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد..
فهذه وريقات مختصرة تتضمن منهجاً لطلب العلم،و مهيعاً لتأصيله يصعد بسالكه عن ظلمة الجهل، إلى نور من العلم الشرعي ليكون طالب عِلمٍ, مؤهلاً للإمامة والخطابة، والمحاضرة والإفادة، نافعاً لأهله ومجتمعه.
وقد راعيت فيه أن لا يحتاج دارسه إلى كبير عناء في تلقّيه عن الأشياخ ليناسب من كان نائياً عن المبرزين من أهل العلم.
وقد جعلته على مراحل أخذاً لسنة التدرج في العلم والإيغال فيه برفق.
ولا ريب أن من عرف فضل العلم وأهميته، مع ما في الرحلة لطلب العلم من تعذّر على الكثير في هذا الزمن وقلّة أهل العلم المفيدين لطلابه المتفرغين لتلقينه فلا ريب أنه مضطر للأخذ عن الكتب والتلقي عن الصحف(1).
أسأل الله - تعالى - التوفيق والسداد، والإخلاص والرشاد.
إنه ولي ذلك وإليه المرجع والمعاد.
المنهج المرفق يتضمن ثلاث مراحل تؤخذ وتدرس في مدة زمنية قدرها سنتان وذلك على التفصيل التالي:
أولاً: حفظ القرآن الكريم:
فحفظ القرآن من أكبر أسباب تحصيل العلم والثبات على الدين والاستقامة على الهدى (بَل هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا العِلمَ)
والناس في حفظ القرآن الكريم على درجات وطرق بين مقل ومكثر ولكن العبرة بجودة الحفظ وإتقانه ولا يتم ذلك إلا بكثرة التكرار ودوام المراجعة.
ولا بد في حفظه من شيخ يصوّب القراءة ويصحح النطق. وإن أمكن مع حفظه تحصيل إجازة فيه فهذا أكمل.
وغالب الطلاب في زماننا يتمون حفظ القرآن في أقل من سنة واحدة. وذلك بأن يحفظ في اليوم ربع حزب أو ورقة واحدة من المصحف.
ثانياً: تفسير القرآن:
يراعي من يحفظ القرآن أن ينظر في تفسير ما حفظ ليفهم المراد بالآيات وأختار له كتاب أيسر التفاسير دون هامشه لينظر فيه تفسير ما حفظ. فهذا يضبط له حفظه ويساعده على تدبٌّر ما يقرأ.
المرحلة الأولى:
ويتم فيها دراسة جملة من الرسائل والكتب وحفظ بعض المتون خلال ستة أشهر.
مراحل الدراسة والحفظ.
أولاً: العقيدة:
ويتم في هذه المرحلة دراسة كتابين هما:
نبذه في العقيدة وشرح الأصول الثلاثة كلاهما للعلاّمة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى -.
ويحفظ في العقيدة متن سُلَّم الوصول - للشيخ حافظ حكمي -.
ثانياً: الفقه:
وتدرس فيه جملة رسائل كما يلي:
1- صفة وضوء النبي – صلى الله عليه وسلم - فهد بن شويب الدوسري -.
2- صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - الألباني -.
3- سجـود السهــــو.
4- من أحـكام الصــلاة. للشيخ محمد بن عثيمين
5- فصول في الصيام والزكاة.
6- المنهج لمريد العمرة والحج.
ثالثاً: السيرة:
وتدرس فيه سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - من كتاب مختصر السيرة – للشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -.
وتحفظ الأذكار المقيدة من كتاب صحيح الكلم الطيّب.
هذه المرحلة الأولى والتي يُقدَّر زمن إتمام ما تضمنه من حفظ ودراسة بستةِ أشهر فمن اجتازها انتقل للمرحلة الثانية.
المرحلة الثانية:
وتتضمن دراسة وحفظ جملة من الكتب والرسائل في مدة قدرها عشرة أشهر على هذا التفصيل:
أولاً: العقيدة:
ويدرس في هذه المرحلة كتاب التوحيد من خلال شرحه قرّة عيون الموحدين – للشيخ عبد الرحمن بن حسن.
أو إبطال التنديد – للشيخ حمد بن عتيق -.
والواسطية من خلال شرحها – للشيخ صالح الفوزان -.
ويحفظ في هذه المرحلة متن كتاب التوحيد – للشيخ محمد بن عبد الوهاب -.
ثانياً: الفقه:
ويدرس فيه كتاب فقه العبادات – للشيخ محمد بن صالح العثيمين -.
ثالثاً: أصول التفسير:
ويكفي الطالب أن يدرس كتاب أصول في التفسير – للشيخ محمد بن عثيمين -. ثم يطالع مباحث في علوم القرآن - لمناع القطان -.
رابعاً: أصول الفقه:
ويكفي الطالب أن يدرس كتاب الأصول من علم الأصول – لابن عثيمين -.
خامساً: مصطلح الحديث:
ويدرس فيه الطالب رسالة مصطلح الحديث – لابن عثيمين -. ثم شرح نخبة الفكر – لابن حجر -.
ويكرر قراءة متن النخبة ليرسخ في قلبه ويتصور أقسامه.
المرحلة الثالثة:
أولاً: العقيدة
ويدرس فيه كتاب أعلام السنّة المنشودة ويراجع معارج القبول وكلاهما - للشيخ حافظ حكمي -.
ثانياً: الفقه: ويدرس فيه كتاب منهج السالكين – للشيخ عبد الرحمن بن سعدي – من خلال شرحه – للشيخ عبد الله بن جبرين -.
وتكرار متن منهج السالكين حتى ترسخ معانيه وإن فاتت ألفاظه.
ويراجع معه كتاب الإرشاد إلى معرفة الأحكام –للشيخ عبد الرحمن بن سعدي-.
ثالثاً: الحديث:
ويحفظ فيه كتاب البلغة - لابن الملقن - أو عمدة الأحكام – لعبد الغني المقدسي – ولكل منهما مزيّة فالعمدة كثيرة الشروح والبلغة أجمع.
ويطالع تيسير العلام شرح عمدة الأحكام – للبسام – فيما يشكل عليه منها.
ويسعى الطالب إلى جرد مختصر صحيح البخاري وصحيح مسلم ومراجعة شروحهما فيما يشكل عليه منها.
رابعاً: النحو:
ويحفظ فيه الطالب متن الآجروميَّة أو نظمها ولها أكثر من نظم أجودها نظم العمريطي وأيسرها نظم ابن نبهان.
ويدرس الطالب هذا المتن من خلال شرحه التحفة السنية – لمحمد محيي الدين عبد الحميد.
خامساً: السيرة:
ويدرس فيه كتاب الشمائل المحمدية – للترمذي – بتخريج الألباني.
ومدة هذه المرحلة ثمانية أشهر ينتهي فيها من هذه المرحلة.
وقد أرفقت في نهاية الأوراق جدولاً يوجز ما سبق.
مساعِدات:
1- الأشرطة المسموعة:
سيجد الناظر أن أكثر المتون والرسائل في هذا المنهج قد شرحت بشروح مسجلة قد يغني سماعها عن حضورها. واستماعها باهتمام وتدوين ما فيها من فوائد معين بإذن الله على حسن تحصيل الفائدة بتمامها.
2- الدورات العلمية:
فبحمد الله أنه لا يكاد أن تخلو منطقة من دورة علمية صيفيّة بحمد الله والملتحق بها سيجد جواباً لما أشكل ومراجعة لبعض ما درس ودراسة لما لم يدرس.
ولو سعى طالب العلم إلى نفع نفسه وإخوانه بإقامة الدورات العلميّة في بلده لكان أثر ذلك أكبر.
- طريقة الدراسة:
القراءة النافعة للكتب والرسائل هي قراءة الدرس والفهم فتقرأ عبارات المؤلف مراعياً كل فائدة وكل احتراز وقيد ثم تعلّم على كل موضع فيه فائدة جديدة، أو مسألة غريبة، أو معلومة تحتاج إليها وتكتب في غلاف الكتاب أو أول ورقة فيه موضع الفائدة وملخّصها وتحاول ضبط معناها وعدم نسيانها فإذا فرغت من الكتاب فاقرأ تلك الفوائد واختبر نفسك هل حفظتها فعلاً أم لا فإن كنت قد أتقنتها و إلا فاحفظها. ثم ضع الكتاب وابدأ بغيره.
وبعد مدة راجع الكتاب الأول لتكون فوائده على ذُكرٍ, منك.
وهكذا الحال لو وجدت استشكالاً أو مسألة تحتاج مزيد تأمل فتعلم عليها وتحاول بحثها أو الاتصال بأهل العلم ليجيبوك عنها.
- لا علم بدون عمل:
فقد نطق السلف فقالوا: هتف العلم بالعمل، فإن أَجابَهُ و إلا ارتحل.
فلا بد لك أخي طالب العلم من مزيد حرص على تطبيق ما تعلمته، والحرص على فضائل الأعمال تعلّماً وتطبيقاً.
وما أجمل التمسك بالسنة الصحيحة وتطبيقها في زمن غربتها.
ثم لا تنس أن يكون لك ساعات خلوة تناجي فيها مولاك، وتبثه شكواك، وترفع إليه كف الضراعة أن يصلح عملك ويسدد قولك ويهديك الرشاد.
وكاتب هذه الأسطرž! فلا تنسه من دعوة صالحة.
وبعد!!
فقد رسمت لك منهجاً مختصراً ميسراً لطلب العلم فمتى أتممته فالله الله بالمراجعة والمذاكرة وجرد المطولات والمختصرات المفيدة التي سطرها الأعلام كشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وابن حجر و القرطبي و الشنقيطي وابن باز وابن عثيمين..
وأتمم فرحنا بولادة طالب علم بأن تزكي ما تعلّمت. فالدال على الخير كفاعله..
والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد