تائها ما بين .. بين

1.2k
1 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

ما تركنا الليلَ ممدودَ اليديـــــن *** بل فتحنا بابَــــه للمشــــرقين

وتركنا الشمس تطــــوي ثوبَــه *** وتركنــــاه رهيــــنَ المحبسين

وتركنــــا كــــلَّ مخــــدوعٍ, بــــه *** حائرًا، يسأل: أين الليــلُ، أين؟

لا تَسَل فالليــــلُ لا يبقـــى إذا *** أقبل الفجر عريــــضَ المنكبين

مُشرقَ الوجــــه على بسمـته *** أثر التغـريد بيــــن الشفتيــــن

حينما اهتــــزَّ حــــراءٌ للهــــدى *** وأضاءَ النـــــورُ وجهَ الأخشبين

وارتــــوت مكــــة من زمزمهـــا *** ورأت غـــارَ حــــراءٍ, رأيَ عيــــن

ورأت بطحــــاؤهــــا أن الـــــذي *** ينذر النــاسَ نبــــيٌّ الثقليــــن

وسرى الإيمـانُ في وجدانهــــا *** يشرح الصدر ويجلـــو المقلتين

لا تسلني ما جـرى من بعد ما *** هزَّت الأمجادُ صدرَ الخافقــــين

بعـــــد آلاف البطــــولات التـــي *** كتبتها الشمسُ بيـــن الدَّفتين

لا تسـل عن حالنا من بعــد ما *** رفــــع المجــــد لنـــا لافتتــــين

بعـــد أن سلَّمــــت الــــروم لنا *** وبكى قيصــــرُ بُعدَ الغُوطتَــــين

لا تســــل عن حالنا من بعدها *** حين أصبحنــــا أذلَّ الفرقتيـــن

ورفعنــــا قــــدرَ أعـداءِ الهــــدى *** ومنحناهم خَــــراج الضَّفتَيــــن

باعت الأقصــــى فـلا تنظر إلى *** أمةٍ, ضحَّت بأولــــى القبلتيـــن

أمـــــــةٌ لاهيــــةٌ لا تَعتــــلــــي *** ويحَها إلا بحــــذف النٌّقطَتــــين

لا تســــل عن كثـرة القوم فلم *** تُجــدِنَا كثرتُنــــا يــــوم حُنيــــن

إنمــــا ضيَّعنـــــا مــــن قومنــــا *** مَن إلى الأعداءِ أصغى الأذنين

يا بني قومي! أرى سكــــرتكم *** أنزلتكم عن مقـام الفرقــــدين

كيف يُغريكــم ســــرابٌ كــــاذبٌ *** كيف أحفَيتُم إليـــه القدمين؟!

يا بني قومــــي! أفيقــــوا إنمـا *** يخسر الجـــولةَ أغوى الجانبين

إن أعــــداء الهدى لن يرتـــــووا *** لو سقيناهــــم بمـــاءِ الرَّافدين

أو جعلنــا كـلَّ غــــربيٍّ, علــــى *** بئر نفطٍ, وأضفنــــا حفــــرتيـــن

أيهـــا الســــائل عنــــي، إنني *** أرقب الأحداث مبســـوط اليدين

لم أزل أشعــــر أنــي مسلــــمٌ *** للضحـــايا عنده حــــقٌ ودَيـــن

لا تقــــل قد نام حزنــــي إنــــه *** لم يزل يرمق وجدانــــي بعين

أيها السائــــل! خُذها حكمـــــةً *** واسقِ منها كلَّ غاف شربتين

يغرق الإنســــانُ فـــــي ذلَّتـــهِ *** حين يبقى تائهًا ما بيـــنَ بيـن


السابقالإرهاب
التاليإصرار
أضف تعليق