بسم الله الرحمن الرحيم
تحتفل الدول والمجتمعات الإسلامية في كل مكان في العالم، بعيد الفطر السعيد الذي يعتبر أحد العيدين الإسلاميين خلال العام الهجري.
وإذا كانت كلمة \"السعيد\" قد ارتبطت بهذا العيد المبارك الذي يأتي بعد انتهاء شهر رمضان الكريم، وما يحمله من رحمة ومغفرة من الله - تعالى -، فإنه ومع كل أسف، أصبح يتأثر بالتغيرات التي طرأت على الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، بما تحدثه هذه التغييرات من أثر على الناس، لتسرق منهم السعادة الظاهرة الاجتماعية.
إلا أن سعادة الطاعة والعبادة لا تتأثر بأي من هذه التغييرات، إذ أنها سعادة روحية وإيمانية، لا يتلمسها إلا من أخلص النية لله - عز وجل - في رمضان، وأدى ما عليه من واجبات وعبادات، وامتنع عما حرّمه الله - تعالى -.
وإذا كانت السعادة الدنيوية الحسية مرتبطة بالمظاهر العامة، فإنها أقرب للتغير، وأسهل للتأثر بما يحدث في المجتمعات الإسلامية والعالمية.
دار المسنين:
منذ وقت قريب، لم يكن في السعودية شيء يعرف باسم \"دار المسنين\" إلا أنه ومع كل أسف، عرفت الأسر هذا الاسم، وتعاملت بعضها معه، رغم السلبيات الكثيرة والعديدة التي تكتنفه.
فأصبحت بعض الأسر تضيق ذرعاً بالأب أو الأم بعد أن ضحيا وقدما كل ما يملكانه في سبيل تربية أولادهما.
دار المسنين أصبح مكاناً لكل من لا يملك أسرة تأويه، أو ابناً باراً يقوم بأقل ما يمكن في سبيل أبويه، فأي سعادة دنيوية تلك التي يحدثها عيد الفطر في حياة رجل مسن يقبع في دار المسنين، أو أم مسنة منسية هناك.
يقول أحد الدعاة في مسجد الفرقان في الرياض: \" إن من علامات آخر الزمان عدم بر الأبناء بأبويهم، وما \"دار المسنين\" الذي افتتح في عدد من المدن السعودية، إلا دليلاً على صدق هذه العلامات، واقتراب الساعة، فمنذ متى ونحن نعرف \"دار المسنين\" في مجتمعنا الإسلامي، الذي يتعين فيه على الابن أو البنت أن يبرا والديهما، وأن يجاهدان فيهما إن كبرا\".
في حين تجتهد إحدى الداعيات بالقول أنه من مات أبويه أو أمضى العيد بعيداً عنهما ولا يستطيع رؤيتهما، فعليه أن يذهب إلى دار المسنين في المدينة التي يوجد فيها، ويزور أحد المسنين، من أجل تقليل الحزن في قلبه من فقد أبويه، وأيضاً من أجل التفريج عن أحد المسنين، وإدخال السرور إلى قلبه، وأنه مما يطلب الأجر فيه من الله تبارك وتعالى.
العجزة وكبار السن:
ليس فقط من أقام في \"دار المسنين\" يمضي العيد بعيداً عنه أولاده وأحفاده، بل أنه يوجد ومع كل أسف، أناس طاعنون في السن، قد يمضي عليهم العيد والعيدين، دون رؤية أولاده أو أحفاده، وما ذلك إلا قلة بر الوالدين، وامتهان لهما.
يروي أحد الدعاة في الرياض قصة عرفها وتعامل معها فيقول: \" أن امرأة كبيرة في السن كانت تسكن هي وزوجها وابنها الكبير مع بنات لها، ومع مرور الأيام تزوج الابن، وتوفي الزوج، فقالت الأم إن ابنها لابد سيتكفل بها وببناتها، بعد موت الزوج، إلا أنه وبعد أشهر قليلة، ترك الابن هو وزوجته المنزل، وعاشا في منزل على بعد مئات الأمتار من منزل العائلة\".
ويضيف الداعي إن الأم تقسم على أنها كانت تتسول الناس طعامها وطعام بناتها، في وقت يمر الابن فيها من جانب المنزل دون أن يسأل عن حال أمه وأخواته، وأنها تقسم بأن سنوات مرت دون أن يزورها فيها أو يقدم لها شيء\".
كما تروي إحدى الصحف السعودية قصة امرأة غنية عاشت في منزلها بعد وفاة زوجها، هي وابنها المتزوج وأولاده، وكانت تصرف هي على المنزل دون أن تدع ابنها يدفع أي مبلغ في مصروف المنزل.
تقول: وفي يوم قرر ابني أن نذهب لأداء العمرة، وحزمنا حقائبنا وأخذت مالاً كثيراً معي من أجل أن أصرف على لوازم الرحلة والسكن في الفندق، وفي الطريق اخبرني أنه يود الذهاب أولاً إلى مدينة الطائف، فوافقت، وعندما وصلنا هناك، توقف أمام مبنى وطلب مني أنا والخادمة النزول ريثما يذهب إلى السوق ليحضر أغراضاً للعائلة، وبعد أن نزلنا وتحرك هو بسيارته، قالت لي الخادمة بأن هذا ليس فندقاً، بل داراً للعجزة\".
تضيف الأم بأنها صعقت لهذا الخبر، وأنها تفاجأت بسيدة تأتي إليها وتقول لها هل أنت (...) فتساءلت عن معرفتها لاسمها، فقالت لها أن ابنها اتصل منذ ثلاثة أيام وحجز لها مكاناً، وتكفل بدفع المصاريف، وأنه اتصل قبل ثوان وقال انك على الباب.
وتضيف بأنها قررت عدم الدخول، واستوقفت سيارة شرطة، ثم قصت قصتها على الشرطي الذي بكى متأثراً ونفذ لها طلبها بأن أوقف سيارة وطلب من سائقها مرافقتها إلى أي مكان تريده.
حيث توجهت الأم إلى مكة، وأدت مناسك العمرة، ثم عادت إلى مدينتها، وحمدت الله أنها وصلات قبل ابنها وعائلته، ثم قامت بتغيير الأقفال، ووضعت أغراض ابنها وعائلته على باب المنزل، وحين وصل وحاول فتح الباب، وذهل من وجود أمه في المنزل، طردته وطلبت منه عدم المجيء مرة أخرى.
تقول: \" ومنذ ذلك الوقت وأنا أعيش وحيدة في منزلي، دون أن أرى ابني\".
الفقر يسرق فرحة العيد:
على الطرقات، وعند إشارات المرور، تطالعك وجوههم البائسة، وهي تبحث عن يد تمتد عبر النافذة، كي تعطيها ريالاً مقابل علبة منديل أو عبوة ماء، أو في سبيل الله.
وعندما يأتي العيد، تغمر المدينة فرحة واسعة، بينما تبقى تلك الوجوه في أماكنها، تبحث عن يد جديدة. دون أن تعرف للعيد فرحة أو سعادة. فسعادتها في المبالغ البسيطة التي تجنيها من عمل تحت الصيف الملتهب وشمسه المحرقة، وتحت مطر الشتاء وبرده اللاسع.
يروي أحد الأطفال عند إشارة المرور في شارع الإحساء في منطقة الملز بالرياض قائلاً: \" أنا من مدينة جنوبية، وأقوم ببيع المناديل والماء لركاب السيارات من أجل أن أصرف على نفسي وعلى والدتي\".
وعن العيد وفرحته يقول الطفل الذي يبلغ من العمر 12 عاماً: \" لا أعرف عن العيد الكثير، أسمع أنه جميل وأن الناس تفرح به، لكنني لا أراه يوماً مختلفاً، إنه يوم عادي بالنسبة لي\".
- وهل تدرس في مدرسة.
- كلا.. فليس لدي المال الكافي لذلك.
- ولكن المدرسة لا تحتاج للمال.
- أعرف... ولكني أفضل العمل على الدراسة، فأمي تسكن في منزل أخي الكبير في الرياض، وهو لا يستطيع أن يصرف علينا، لذلك أعمل كي أؤمن دخلاً إضافياً في المنزل.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد