بسم الله الرحمن الرحيم
العيد شعيرة إسلامية جليلة، العيد مناسبة إيمانية جميلة، العيد موعد ولقاء تتجلى فيه معان الإنسانية والاجتماعية والنفسية، نعم.. العيد مظهر من مظاهر العبودية لله - تعالى -.. صلاة وذكر ودعاء.. تصافح وتآلف وتألق وتعانق.. ودُّ وصفاء وأخوّة ووفاء.. لقاءات مغمورة بالشوق والعطاء والمحبة والنقاء.
إن هذا العيد جاء ناشراً فينا الإخاء
نازعاً أشجار حقد مصلحاً مهدي الصفاء
العيد واحة سرور وبهجة وسط صحراء الحياة الجادة اللاهبة، العيد واحة وارفة يستقبله المسلم بالفرح والعطاء والابتسامة والهناء، نعم.. إنه عيد يغمر نفوس الصغار بالفرح والمرح، والكبار بالشكر والذكر، والمحجاتجين بالسعة واليسر، والأغنياء بالعطاء والمدّ، يملأ القلوب بهجا وأنسا، والنفوس صفاء وحبا، فتُنسى فيه الأحقاد والضغائن، ويحصل الجمع بعد الفراق، والصفاء بعد الكدر، والتصافح بعد التقابض، نعم.. عيد تتجدد فيه أواصر الحب ودواعي القرب، فلا تشرق شمس ذاك اليوم إلا والبسمة تعلو كل شفة، والبهجة تغمر كل قلب.. عيد تبتسم له الدنيا، أرضها وسماؤها، شمسها وضياؤها، فما أجمل العيد وما أجمل داعيه!!
أحكام وآداب العيد:
1- الفرح بنعمة الله - تعالى -بإكمال الطاعة وإتمامها والثقة بوعد الله - تعالى -بفضله ومغفرته {قل بفضله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون}.
2- مشروعية التوسعة على العيال في أيام العيد بأنواع ما يحصل لهم من بسط النفس، كإظهار السرور وترويح البدن من كلف العبادة وغير ذلك في حدود الضوابط الشرعية.
3- مشروعية التكبير من غروب شمس ليلة العيد إلى دخول الإمام في مصلاه {ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون}، وكان ابن عمر \" يكبر حتى يأتي المصلى ويكبر حتى يأتي الإمام \" [رواه الدار قطني] وصفته: \" الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد \".
4- إخراج الزكاة وأنها طعمة للمساكين وطهرة للصائم من اللغو والرفث، وأفضلية وقتها قبيل صلاة العيد، ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين.
5- استحباب الاغتسال والتطيب ولبس أحسن الثياب، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: أخذ عمر جبة من إستبرق تباع في السوق، فأخذها فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، ابتع هذه تجمل بها للعيد والوفود.. الحديث [رواه البخاري].
6- الأكل قبل صلاة عيد الفطر، عن أنس - رضي الله عنه - قال: \" كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات \" وفي رواية: \" ويأكلهن وترا \" [رواه البخاري]، وأما الأضحى فيستحب أن لا يأكل إلا من أضحيته.
7- العيد من أعظم الخيرات، لذا يستحب التبكير في الخروج للصلاة أخذا بقول الله - تعالى -: {فاستبقوا الخيرات}.
8- الخروج إلى المصلى ماشيا، لأنه أقرب إلى التواضع فعن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: \" من السنة أن يخرج إلى العيد ماشيا \" [رواه الترمذي].
9- التهنئة بالعيد، كقول: \" تقبل الله منا ومنك\" وقد كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك.
10- الحرص على تحقيق السنة كمخالفة الطريق لما روى جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -: \" كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان يوم عيد خالف الطريق \".
11- حثّ الأبناء والصغار للخروج إلى المصلى وكذلك الحيّض وذوات الخدور من النساء ليشهدن الخير ودعوة المسلمين.
12- تفقد الفقراء والمساكين وذوي الحاجة لزيارتهم وسد حاجتهم والوقوف بجانبهم ومشاركتهم فرحتهم.
13- زيارة الأحباب والأصدقاء وأولى الناس بالتواصل والتزوار في هذا العيد المبارك أولوا الأرحام و (من أحب أن يُبَسط له في رزقه ويُنسأ له في أثره فليصل رحمه).
أخطاء في العيد..
1- اعتقاد البعض من الناس كون العيد من العادات الاجتماعية.
2- عدم إحياء ليلة العيد ليس بصلاة التروايح بل بصلاة الوتر.
3-إهمال صلاة الفجر أو النوم عنها بسبب الانشغال في ليلة العيد وقل مثل ذلك في صلاة الظهر.
4- الإخلال بشعائر العيد وآدابه وسننه.
5- التوزان الغير سوي في ليلة العيد ونهاره، حيث السهر الطويل في الليل والنوم العميق طيلة اليوم.
6- الإغراق في المباحات والإسراف والبذخ في المآكل والمشارب.
7- الفخر والمباهاة والتكلف والاهتمام الزائد بالمظهر والمركب والملبس والمسكن.
8- الترويح المحرم من خلال الذهاب إلى الملاهي والأندية المحرمة وغيرها.
9- الاختلاط المحرم بين الرجال والنساء من خلال الزيارات والمخيمات والحدائق العامة واللقاءات العائلية والرحلات البرية وغيرها.
10- خروج النساء متعطرات متزينات متبرجات.
11- اكتظاظ الأسواق والأندية العامة بالزحام وقضاء الساعات الطويلة فيها مع التعرض للفتنة والعياذ بالله.
12- التفريط في صلاة العيد وعدم اللامبالة بأهميتها وأنها سنة ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
13- الاستعداد التام وقضاء ليالي العيد وأيامه في الحفلات والمهرجانات الغنائية المحرمة.
أفكار عيدية:
1- تهيئة أفراد الأسرة المسلمة إلى أهمية الاستعداد الشرعي للعيد من خلال إيجاد أسلوب مبسط محبب للنفس قبيل العيد بيوم أو يومين ككتابة سنن وآداب العيد على باب غرفة كل فرد من أفراد الأسرة مثلا، أو طرح مسابقة شيقة مفيدة تتضمن هذه الأحكام والآداب.
2- إقامة وليمة متواضعة صبيحة العيد لأفراد المجتمع أو الحي يتم من خلالها التعاون على البر والتقوى وإزالة السخيمة من القلوب وإظهار الفرح والتحدث بنعمة الله في ذلك اليوم.
3- تنظيم لقاءات أدبية وأمسيات شعرية هادفة على مستوى الفرد والمجتمع.
4- إقامة لقاء للأطفال يتخلله برامج ترفيهية ومسابقات ثقافية وألعاب فكاهية على مستوى الأسرة والعائلة والحي.
5- زيارة المرضى في المستشفيات وتقديم الهدايا لهم لإدخال السرور عليهم ومشاركتهم فرحتهم بالعيد.
6- إقامة مخيمات دعوية جامعة للشباب والرجال والنساء والفتيات بالعربية والأجنبية.
7- إيجاد مصارف مباحة لتفريغ طاقات الشباب والأطفال الصغار أيام العيد ولياليه.
8- التنسيق مع إمام مسجد الحي للذهاب في رحلة إيمانية إلى بيت الله المعظم لأداء عمرة لمن لم يتسنى له أداؤها في رمضان.
أخي المسلم..
تذكر وأنت تغادر منزلك صبيحة العيد وقد اجتمع أهلك واللتمّ شملك في أمن وآمان ورغد عيش وطيب حنان فالزوجة الحسناء بجوارك، والأطفال الصغار من حولك، وأنت في ظل ظليل، ومنزل بالخير عميم، متكئ على فراش وثير، نعم.. تذكر أن هناك دموعا غارقة في لجج الليالي، لا تعرف عيدا ولا العيد يعرفهم، يتامى لا يجدون حنان أب، وأيامى فقدوا رحمة زوج، وجموعا كاثرة من إخوانك في العقيدة والدين شردهم الطغيان، ومزقتهم الحروب، يفترشون الغبراء، ويلتحفون الخضراء، ويتضورون في العراء، يذوقون من البأس ألوانا، وتجرعون من العلقم كيزانا، فقر مدقع، ومطالب قاسية، يأتي العيد عليهم حسرةً في القلوب ودموعا تنهمر على الخدود، فكن أخي المسلم أهلَ عطفٍ, وإحسانٍ, وكرم وجود، امسح بكفيك الكريمتين الناعمتين دموعَ أولئك الحيارى، وقدم لهم خيرًا وإحسانًا {وَمَا تُقَدّمُوا لأَنفُسِكُم مّن خَيرٍ, تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيراً وَأَعظَمَ أَجراً} ليكن لهم من عيدك نصيبا، و (من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه) جعل الله عيدنا وعيدك فوزاً برضاه، ونجاة من ناره ولظاه، وأن يجعلنا ممن قبل طاعاتهم وأعتق رقابهم..آمين.وصلى الله وسلم نبيه ورسوله محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم نلقاه.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد