بسم الله الرحمن الرحيم
هذه الوجوه الباسمة، وهذه النظرات الصافية، وهذه الكلمات الجميلة التي تنتشر بين الناس في هذا الموسم العظيم موسم (العيد) كما ينتشر شذا الأزاهير في كل ناحية مع هبَّات النسيم العليل.
هذا العناق، وهذا الوفاق، وهذا النٌّبلُ والكرم في الأخلاق، هذه الأيادي التي تتصافح، والقلوب التي تتصافى، والنفوس التي تتلاقى، والأرواح التي بالمودةِ والحب تتساقى.
هذه الزيارات المتبادلة، والاتصالات الهاتفية التي تُحدث أزمةً أثيريّةً جميلةً في الأجواء، وهذه الرسائل الجوَّالية التي تتميَّز بالاختصار وحسن الانتقاء، وتفيض بالحب والوفاء، والمودة والصفاء، وهذه الخطابات «الإِيميليَّة» التي يظهر فيها حسن الصياغة ورونق العبارة، هذه البطاقات التي يتبادلها الناس للتهنئة بألوانٍ, وأشكالٍ, متعدِّدة تتفق جميعها في حسن الإعداد والإخراج، وتحمل توقيعاتِ مرسليها بأقلام أنيقة، وألوان متنوعة من المداد بين الأزرق والأخضر والوردي مما يدل على قدرٍ, كبيرٍ, من الرِّقة واللٌّطف، وحسن التعامل، وصفاء القلب، وكرم الأخلاق.
هذه الصلة بين الأقارب والأصدقاء، والصٌّلح والتصافي الذي يحصل بين المختلفين والمتخاصمين، وهذه الهدايا المتبادلة التي تحدث أزمةً في محلاَّت بيع الزهور الحيَّة، والمجفَّفة، وفي محلاَّت الخطَّاطين الذين يطبعون على ألواح الخشب والزجاج وغيرهم.
هذا المهرجان الكبير للتصافي والتراحم والتواصل والمودَّة يكتنف حياتنا بذراعين جميلين من التقارب والتآلف، في يوم هذا العيد المبارك بل في أيَّامه الثلاثة العامرة بالمشاعر الدافقة، والمحبة الصادقة، ومودة القلوب الخافقة.
هذا المهرجان الكبير الذي يمكن أن نسمِّيه «مهرجان الصفاء» ألا يمكن أن يستقرَّ على خشبة مسرح حياتنا، ألا يمكن أن ينصب خيمته البيضاء الجميلة على روابي علاقاتنا الاجتماعية بصورة مستمرة فلا ينقضها، ولا يخلع أوتادها، ويطوي أطنابها، ويُلفٌّها ثم يضعها في زاويةٍ, قصَّية عنا حتى يحين عيد قادم؟؟
لماذا لا نسعى إلى استمرار هذا الجو الاجتماعي الجميل، لماذا تتلاشى هذه العبارات الرقيقة والتحايا الأنيقة بين كثير من الناس بعد أيام العيد، لماذا يبخل كثير منا على أنفسهم بهذا الجو الأخوي البديع، لماذا تجمد الكلمات اللطيفة على ألسنةِ كثيرٍ, من الناس في غير أيَّام العيد؟ وتختفي تلك الابتسامات الرَّاقصة على الشِّفاه، أو يخبو ضوؤها، أو تخفت معالم الصدق فيها؟؟.
إن لدى النَّاس كنزاً عظيماً من صفاء المشاعر، وصدق الأحاسيس، وكرم الأخلاق، ومودة القلوب، ومحبة النفوس، وانشراح الصدور، فلماذا نسمح لغبار الحياة، وجراثيم النفوس الأمَّارة بالسوء، ودخان الخلافات أن تطمر ذلك الكنز العظيم، وتحول بيننا وبين جماله ورونقه وبهائه، وتحرمنا من الأجر العظيم الذي أعدَّه الله - سبحانه وتعالى - لأصحاب الأخلاق الفاضلة، والقلوب الصافية، والنفوس النقيّة، وهل هنالك أجرٌ أعظم من القرب من مكان نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة «ألا أخبركم بأحبكم إليَّ وأقربكم مني مجالس يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقاً».
إنها دعوة محب إلى أن يستمر معنا «مهرجان الصفاء».
إشارة:
همٌّنا أن نجعل الإخلاص عنواناً ورمزا
ونهز الجذع في روضتنا الغنَّاء هَزَّا
نجتني منه أمانينا ونبني فيه عِزَّا
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد