بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله
وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .أولا : الاستعداد لصلاة العيد بالاغتسال وجميل الثياب : فقد أخرج مالك في موطئه عن نافع : "أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى " ( وهذا إسناد صحيح( . قال ابن القيم : "ثبت عن ابن عمر مع شدة اتباعه للسنة أنه كان يغتسل يوم العيد قبل خروجه " ( زاد المعاد 1/ 442 ) . وثبت عنه أيضا لبس أحسن الثياب للعيدين .
قال ابن حجر : "روى ابن أبي الدنيا والبيهقي بإسناد صحيح إلى ابن عمر أنه كان يلبس أحسن ثيابه في العيدين " ( فتح الباري 2/ 51) . وبهذين الأثرين وغيرهما أخذ كثير من أهل العلم استحباب الاغتسال والتجمل للعيدين .
ثانيا : يسن قبل الخروج إلى صلاة عيد الفطر أن يأكل تمرات وترا : ثلاثا ، أو خمسا ، أو أكثر من ذلك ، يقطعها على وتر؟ لحديث أنس رضي الله عنه قال : "كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ، ويأكلهن وترا " أخرجه البخاري .
ثالثا : يسن التكبير والجهر به - ويسر به النساء – من مغيب شمس آخر يوم من رمضان إلى أن يأتي المصلى لصلاة العيد : لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : "أن رسول الله كان يكبر يوم الفطر من حين يخرج من بيته حتى يأتي المصلى " حديث صحيح بشواهده . وعن نافع : "أن ابن عمر كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى ، ثم يكبر حتى يأتي الإمام ، فيكبر بتكبيره " أخرجه الدار قطني وغيره بسند صحيح .
تنبيه : التكبير الجماعي بصوت واحد بدعة لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه ، والصواب أن يكبر كل واحد بصوت منفرد .
رابعا: يسن أن يخرج إلى الصلاة ماشيا : لحديث علي رضي الله عنه قال "من السنة أن يخرج إلى العيد ماشيا" أخرجه الترمذي وقال : "هذا حديث حسن ، والعمل على هذا الحديث عند أكثر أهل العلم ، يستحبون أن يخرج الرجل إلى العيد ماشيا ، وألا يركب إلا من عذر" صحيح سنن الترمذي ،
خامسا : يسن إذا ذهب إلى الصلاة من طريق أن يرجع من طريق آخر : لحديث جابر رضي الله عنه قال : "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق " أخرجه البخاري.
سادسا : تشرع صلاة العيد بعد طلوع الشمس وارتفاعها بلا أذان ولا إقامة ، وهي ركعتان يكبر في الأولى سبع تكبيرات ، وفي الثانية خمس تكبيرات . ويسن أن يقرأ الإمام فيهما جهرا سورة الأعلى والغاشية أو سورة (ق ) والقمر . وتكون الخطبة بعد الصلاة ، ويتأكد خروج النساء إليها، ومن الأدلة على ذلك :
1-عن عائشة رضي الله عنها : "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر في الفطر والأضحى في الأولى سبع تكبيرات ، وفي الثانية خمسا" صحيح سنن أبي داود.
2- وعن النعمان بن بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : كان يقرأ في العيدين . (( سبح اسم ربك الأعلى )) الأعلى :1 و(( هل أتاك حديث الغاشية )) الغاشية . صحيح سنن ابن ماجة .
3- وعن عبيد الله بن عبدالله أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد الليثي : ما كان يقرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأضحى والفطر؟ فقال : "كان يقرأ فيهما ب (( ق والقرآن المجيد )) ، (( اقتربت الساعة وانشق القمر )) رواه مسلم .
4-وعن أم عطية رضي الله عنها قالت : "أمرنا أن نخرج ، فنخرج الحيض والعواتق وذوات الخدور-أي المرأة التي لم تتزوج -فأما الحيض فيشهدن جماعة المسلمين في ودعوتهم ، ويعتزلن مصلاهم " أخرجه البخاري ومسلم .
5-وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : "شهدت صلاة الفطر مع نبي الله وأبي بكر وعمر وعثمان ، فكلهم يصليها قبل الخطبة" أخرجه مسلم .
6-وعن أبن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى العيد بلا أذان ولا إقامة" صحيح سنن أبي داود .
سابعا : إذا وافق يوم العيد يوم الجمعة فمن صلى العيد لم تجب عليه صلاة الجمعة : لحديث ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "اجتمع عيدان في يومكم هذا ، فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا مجمعون إن شاء الله " صحيح سنن أبي داود.
ثامنا : من فاتته صلاة العيد مع المسلمين يشرع له قضاؤها على صفتها، وإذا لم يعلم الناس بيوم العيد إلا بعد الزوال صلوها جميعا من الغد ؟ لحديث أبي عمير ابن أنس رحمه الله عن عمومة له من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : "أن ركبا جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشهدون أنهم رأوا الهلال بالأمس ، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يفطروا ، وإذا أصبحوا يغدوا إلى مصلاهم " أخرجه أصحاب السنن وصححه البيهقي والنووي وابن حجر وغيرهم .
تاسعا : ولا بأس بالمعايدة وأن يقول الناس ( تقبل الله منا ومنك): قال ابن التركماني : "في هذا الباب حديث جيد . . . وهو حديث محمد بن زياد فال : كنت مع أبي أمامة الباهلي وغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فكانوا إذا رجعوا يقول بعضهم لبعض : تقبل الله منا ومنك " قال أحمد بن حنبل : إسناده جيد . الجوهر النقي 3/ 320 .
عاشرا: يوم العيد فرح وسعة ، فعن أنس قال : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما ، فقال : "ما هذان اليومان ؟ قالوا : كنا نلعب فيهما في الجاهلية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما ، يوم الأضحى ، ويوم ا لفطر" صحيح سنن أبي داود .
الحادي عشر : أحذر أخي المسلم الوقوع في المخالفات الشرعية التي يقع فيه بعض الناس من أخذ الزينة المحرمة كالإسبال ، وحلق اللحية ، والاحتفال المحرم من سماع الغناء ، والنظر المحرم ، وتبرج النساء واختلاطهن بالرجال . واحذر أيها الأب الغيور من الذهاب بأسرتك إلى الملاهي المختلطة ، والشواطئ والمنتزهات التي تظهر فيها المنكرات .
حكمها : واجبة على كل مسلم ؟ الكبير والصغير، والذكر والأنثى ، والحر والعبد º لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعا من تمر ، أو صاعا من شعير ، على العبد والحر ، والذكر والأنثى ، والصغير والكبير من المسلمين . وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة" أخرجه البخاري وزاد أبو داود بإسناد صحيح : "فكان ابن عمر يؤديها قبل ذلك باليوم واليومين " . صحيح أبي داود .
فتجب على المسلم إذا كان يجد ما يفضل عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته ، فيخرجها المسلم عن نفسه وعمن تلزمه مؤنته من المسلمين كالزوجة والولد . والأولى أن يخرجوها عن أنفسهم إن استطاعوا º لأنهم هم المخاطبون بها . أما الحمل في البطن فلا يجب إخراج زكاة الفطر عنه . ولا يجزئ إخراج قيمتها º لمخالفته لأمر النبي صلى الله عليه وسلم وفعله وفعل أصحابه ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" أخرجه مسلم .
حكمتها : عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث ، وطعمة للمساكين . من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات " رواه أبو داود وابن ماجة بإسناد حسن .
جنس الواجب فيها: طعام الآدميين من تمر أو بر أو أرز أو غيرها من طعام بني آدم . قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه : "كنا نخرج يوم الفطر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام ، وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر" رواه البخاري .
وقت وجوبها: وهو غروب الشمس ليلة العيد ، فلو مات قبل الغروب ولو بدقائق لم تجب الفطرة ، وإن مات بعد الغروب ولو بدقائق وجب إخراج فطرته ، ولو ولد الجنين قبل الغروب وجب إخراجها عنه ، وإن ولد بعد الغروب لم تجب .
وقت إخراجها: قبل العيد بيوم أو يومين كما كان الصحابة يفعلون ؟ فعن نافع مولى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال في صدقة الفطر: " . . . وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين " رواه البخاري . وآخر وقت إخراجها صلاة العيد كما سبق في حديث ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما .
مقدارها : صاع عن كل مسلم . والصاع = 40 , 2 كجم . كليوان وأربعون جراما ، ويجوز أن تقسم الفطرة على أكثر من فقير ، ويجوز أن يدفع عدد من الفطر إلى فقير واحد .
أهلها : هم الفقراء والمساكين º لحديث ابن عباس رضي الله عنهما السابق : " . . . وطعمة للمساكين " .
تنبيه : من الخطأ دفعها لغير الفقراء والمساكين كما جرت به عادة بعض الناس من إعطاء الزكاة للأقارب أو الجيران أو على سبيل التبادل بينهم ، أو دفعها لأسر معينة كل سنة دون نظر في حال تلك الأسر، هل هي من أهل الزكاة أم لا ؟
مكان دفعها : تدفع إلى فقراء المكان الذي هو فيه سواء أكان محل إقامته أو غيره ، ولا بأس بنقلها إلى بلد آخر؟ لأن الأصل هو الجواز، ولا دليل يمنع من نقلها .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم .
إعداد : يوسف بن عبد الله الأحمد
راجعها : فضيلة الشيخ عبدالله الجبرين