رحمه الله كما في " فتاوى الشيخ محمد الصالح العثيمين " إعداد وترتيب أشرف عبدالمقصود ( 1 / 126 ) : ما الحكم الشرعي فيالاحتفال بالمولد النبوي ؟ فأجاب فضيلته : (نرى أنه لا يتم إيمان عبد حتى يحب الرسولصلى الله عليه وسلم ويعظمه بما ينبغي أن يعظمه فيه ، وبما هو لائق في حقه صلى اللهعليه وسلم ولا ريب أن بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام ولا أقول مولده بل بعثتهلأنه لم يكن رسولاً إلا حين بعث كما قال أهل العلم نُبىءَ بإقرأ وأُرسل بالمدثر ،لا ريب أن بعثته عليه الصلاة والسلام خير للإنسانية عامة ، كما قال تعالى : ( قليأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هويحيي ويميت فآمنوا بالله ورَسُولِهِ النبي الأمي الذين يؤمن بالله وكلماته واتبعوهلعلكم تهتدون ) ( الأعراف : 158 ) ، وإذا كان كذلك فإن من تعظيمه وتوقيره والتأدبمعه واتخاذه إماماً ومتبوعاً ألا نتجاوز ما شرعه لنا من العبادات لأن رسول الله صلىالله عليه وسلم توفى ولم يدع لأمته خيراً إلا دلهم عليه وأمرهم به ولا شراً إلابينه وحذرهم منه وعلى هذا فليس من حقنا ونحن نؤمن به إماماً متبوعاً أن نتقدم بينيديه بالاحتفال بمولده أو بمبعثه ، والاحتفال يعني الفرح والسرور وإظهار التعظيموكل هذا من العبادات المقربة إلى الله ، فلا يجوز أن نشرع من العبادات إلا ما شرعهالله ورسوله وعليه فالاحتفال به يعتبر من البدعة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " كل بدعة ضلالة " قال هذه الكلمة العامة ، وهو صلى الله عليه وسلم أعلم الناسبما يقول ، وأفصح الناس بما ينطق ، وأنصح الناس فيما يرشد إليه ، وهذا الأمر لا شكفيه ، لم يستثن النبي صلى الله عليه وسلم من البدع شيئاً لا يكون ضلالة ، ومعلوم أنالضلالة خلاف الهدى ، ولهذا روى النسائي آخر الحديث : " وكل ضلالة في النار " ولوكان الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم من الأمور المحبوبة إلى الله ورسوله لكانتمشروعة ، ولو كانت مشروعة لكانت محفوظة ، لأن الله تعالى تكفل بحفظ شريعته ، ولوكانت محفوظة ما تركها الخلفاء الراشدون والصحابة والتابعون لهم بإحسان وتابعوهم ،فلما لم يفعلوا شيئاً من ذل علم أنه ليس من دين الله ، والذي أنصح به إخوانناالمسلمين عامة أن يتجنبوا مثل هذه الأمور التي لم يتبن لهم مشروعيتها لا في كتابالله ، ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولا في عمل الصحابة رضي الله عنهم ،وأن يعتنوا بما هو بيّن ظاهر من الشريعة ، من الفرائض والسنن المعلومة ، وفيهاكفاية وصلاح للفرد وصلاح للمجتمع . وإذا تأملت أحوال هؤلاء المولعين بمثل هذهالبدع وجدت أن عندهم فتوراً عن كثير من السنن بل في كثير من الواجبات والمفروضات ،هذا بقطع النظر عما بهذه الاحتفالات من الغلو بالنبي صلى الله عليه وسلم المودي إلىالشرك الأكبر المخرج عن الملة الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه يحاربالناس عليه ، ويستبيح دماءهم وأموالهم وذراريهم ، فإننا نسمع أنه يلقى في هذهالاحتفالات من القصائد ما يخرج عن الملة قطعاً كما يرددون قول البوصيري : يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواكعند حدوث الحادث العمم إن لم تكن آخذاً يوم المعاد يدي صفحاً وإلا فقل يازلة القدم فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم مثل هذه الأوصاف لا تصح إلا لله عز وجل ،وأنا أعجب لمن يتكلم بهذا الكلام إن كان يعقل معناه كيف يسوغ لنفسه أن يقولمخاطباً النبي عليه الصلاة والسلام : ( فإن من جودك الدنيا وضرتها ) ومن للتبعيضوالدنيا هي الدنيا وضرتها هي الآخرة ، فإذا كانت الدنيا والآخرة من جود الرسول عليهالصلاة والسلام ، وليس كل جوده ، فما الذي بقي لله عز وجل ، ما بقي لله عز وجل ، مابقي له شيء من الممكن لا في الدنيا ولا في الآخرة . وكذلك قوله : ( ومن علومكعلم اللوح والقلم ) ومن : هذه للتبعيض ولا أدري ماذا يبقى لله تعالى من العلم إذاخاطبنا الرسول عليه الصلاة والسلام بهذا الخطاب . ورويدك يا أخي المسلم ..إن كنت تتقيالله عز وجل فأنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلته التي أنزله الله .. أنه عبدالله ورسوله فقل هو عبدالله ورسوله ، واعتقد فيه ما أمره ربه أن يبلغه إلى الناسعامة : ( قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إنأتبع إلا ما يوحى إلي ) ( الأنعام : 50 ) ، وما أمره الله به في قوله : ( قل إني لاأملك لكم ضراً ولا رشداً ) ( الجن : 21 ) ، وزيادة على ذلك : ( قل إني لن يجيرني منالله أحد ولن أجد من دونه ملتحداً ) ( الجن : 22 ) ، حتى النبي عليه الصلاة والسلاملو أراد الله به شيئاً لا أحد يجيره من الله سبحانه وتعالى . فالحاصل أن هذهالأعياد أو الاحتفالات بمولد الرسول عليه الصلاة والسلام لا تقتصر على مجرد كونهابدعة محدثة في الدين بل هي يضاف إليها شئ من المنكرات مما يؤدي إلى الشرك . وكذلك مما سمعناه أنه يحصل فيها اختلاط بين الرجال والنساء ، ويحصل فيها تصفيقودف وغير ذلك من المنكرات التي لا يمتري في إنكارها مؤمن ، ونحن في غِنَى بما شرعهالله لنا ورسوله ففيه صلاح القلوب والبلاد والعباد )
" فتاوى الشيخ محمد الصالح العثيمين "إعداد وترتيب أشرف عبد المقصود ( 1 / 126)