لماذا أسافرُ عنكِ بعيدًا ؟!


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 لماذا أسافر عنكِ بعيدًا؟

 

لأشتاقَ؟!

 

يا للسخافَة!

 

لأرتاحَ؟

 

تلك خرافَة!

 

لأشفَى؟

 

وهل أنتِ آفَة؟!

 

وهل خَطَّ قلبي على دربِك المستحيلِ انحرافَه؟!

 

ألم تسمعي عن هروب المخافَة؟

 

ألم تشعري في عناقِ الوداعِ دبيبَ ارتجافَة؟

 

ألم تلحظي- طولَ عشرينَ عامًا-

 

غيابَ ابنِكِ العبقريِّ شديدِ النَّحافَة؟

 

ألم تسألي عنه أصحابَـهُ؟

 

زملاءَ الدراسةِ؟

 

جيرانَـه؟

 

من يُصَلٌّونَ في مسجدِ الحيِّ؟

 

بائعةَ الخبزِ؟

 

عاملَ مصلحةِ الكهرباءِ؟

 

رجالَ النظافَة؟

 

ألم تسألي أحدًا عن شعيراتِه البيضِ تلكَ

 

متى وُلِدت؟

 

عن أُحَيلامِهِ الخُضرِ تلكَ

 

متى وُئِدت؟

 

عن قصائدهِ السٌّودِ تلكَ

 

متى كُتبت؟

 

ومتى حُرقت؟

 

عن عيونِ حبيبته الذهبيةِ

 

كيف ذوت؟

 

ألم تسألي لِمَ ألغَوا زفافَه؟!

 

*****

 

على شاطئ الغربةِ السرمديِّ

 

أسائلُ نفسي

 

"متى سوف ننسى؟ "

 

وأرمي حصاةً إلى الماءِ

 

"إن غرِقَت سوف أنسى"

 

وتغرقُ..

 

*****

 

أذكر لهوي على عُشبكِ المستظلِّ

 

بأروع شمسِ

 

وأرمي حصاةً

 

فتغرقُ

 

أذكر أيامَ درسي

 

مُدَرَّجَ كُلِّيتي

 

دفتري وطلاسمَ شرحٍ, كأروع طمسِ!

 

رفاقَ جنوني وضِحكًا سرقنا براءتَهُ من طفولةِ أمسِ

 

حصاةً.. وتغرقُ

 

همساتِ حبي العذارَى

 

متاهاتِ شكِّي ويأسي

 

حصاةً.. وتغرقُ

 

لحظةَ قالت: "أحبكَ" في نصف همسِ

 

حصاةً.. وتغرقُ..

 

لحظةَ حدَّدتُ ميعادَ عرسي

 

حصاةً..

 

وتطفو..

 

وأذكر أولَ ليلةِ حبسِ

 

عصابةَ عينيَّ

 

قيدي

 

اقتيادي

 

سؤالَ التهكمِ

 

صوتَ الصَّلافَـة:

 

"تُصَلِّي إذن؟.. أينَ؟

 

مَن شركاؤكَ؟

 

من يشهدونَ صلاةَ التهجٌّدِ؟

 

من يحضرون دروسَ الحديثِ؟

 

ومن يُعرَفون بعصر الخلافَة؟

 

وأذكر سبعةَ آلافِ ليلٍ,

 

بلونِ السِّياطِ

 

وطعمِ الدِّماءِ

 

ورائحةِ البغضِ وسطَ دُخَانِ اللفافة

 

ألم تعرفي كيف خَطَّ اعترافَه؟!

 

*****

 

أعودُ؟ متى؟

 

أنتِ قولي: متى..؟!

 

فما عادَ قلبي شديدَ احتمالٍ,

 

وما عدتُ ذاكَ الفتى

 

وما عاد بيتيَ بيتي

 

ولا الحيٌّ حيِّي

 

ولا الناسُ ناسَه

 

فهل تحرسين دمي مِن كلابِ الحراسَة؟

 

وهل تسمحين ببيتٍ, له في حديقة قصرِكِ

 

كي تسمعي صرخةَ الخوفِ إن جاء مَن جاء يومًا وداسَه؟

 

وهل تأذنينَ

 

إذا ما اختلفنا فعاتبتُ قلبَكِ

 

ألا أُزَجٌّ بقبوِ النَّجاسَة؟

 

وألا يساقَ بنيَّ لسوقِ النِّخاسَة؟

 

متى؟

 

لا تمُدِّي يدًا

 

أشيري بطرفٍ, خفيٍّ,

 

وسوف أمدٌّ يدًا

 

ويدًا

 

ويدَا

 

وسوفَ أمدٌّ الخطى

 

أتجاوزُ ذا النهرَ

 

ذا الدهرَ

 

ذاك المدَى

 

أتجاوز حزنينِ

 

لا حسب حزني

 

وحزنَ الذي ضاع مني سدى

 

وأعود فتىً أمرَدَا

 

بريءَ الرؤى

 

أسودَ الشعرِ

 

غضَّ الملامحِ

 

يزرعُ أحلامَه الخضرَ فيكِ

 

فـتُنبِتُ في كلِّ يومٍ, غدَا

 

وتُـنبِتُ كلَّ غدٍ, موعدَا

 

وعندَ المغيبِ

 

على شاطئ النهرِ

 

يُلقي حصاةً

 

يُـقَـبِّـلِها الماءُ

 

تصبحُ زنبقةً من ندَى

 

فتبتكرُ العشقَ

 

ترتجلُ الشوقَ

 

تحتضن الأمدَا

 

وفيكِ تسافرُ دونَ هدى..

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply