بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
حين يطغى الانشغال... وتسيطر المادة... وتضعف الهمم... وتسقى بكأس الكسل والعجز... حيناً بعد حين... ويقل الصاحب المعين... وتشغل النفس بمشاغل شتى... متفرقة تفرق أودية الحياة الدنيا...
ساعتئذ... الأولى بالمسلم أن يتفحص كوامن نفسه... يفتش فيها... يلمس حواشيها... يحي فيها معاني اندرست... وأحوال مضت... يتربص بكل حادث يربطه... وُيوصله بربه... فيفر منه إليه... ملتمساً القرب والقبول... رافعاً من ثمَ لواء التوفيق والسداد.
فالمسلم الصادق الحريص على أمر نفسه... الطالب لنجاتها... المجاهد لها... لحريٌ به أن يلتمس مواسم الطاعات ليعمل فيها... ولا يترك للأيام أن تعمل فيه... فيرتقي بنفسه ينميها... يزكيها... يعدها ليوم تشخص فيه القلوب والأبصار... وما ثمة غير أصحاب البصيرة ينعمون برحمة الله... وهم فيها خالدون.
فاقبل أخي -أختي- على هذا الخير الكبير... واعمل فيه وبه... واغتنم ساعة بساعة... فإنك اليوم في سعة من أمرك... وبحبوحة من وقتك... اقبل أيها الحبيب... وتذوق معنا ما سنخطه لك من معان... وجدد عبيرها في نفسك... واعمل... فإن الله يناله التقوى منك... وادع الله -تعالى- أن نكون جميعاً من الغانمين... الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه...
وكن على شوق.... وردد معي....
يا سائرين إلى البيت العتيق لقد *** سرتم جسوماً وسرنا نحن أرواحاً
إنما أقمنا على عـذر وقد رحلوا *** ومن أقـام على عذر كمن راحـا
من فضائل عشر ذي الحجة أن الله -تعالى- أقسم بها جملة، وببعضها خصوصاً. قال الله -تعالى-: {وَالفَجرِ * وَلَيَالٍ, عَشرٍ, * وَالشَّفعِ وَالوَترِ}. وإنما أقسم الله -تعالى- بمخلوقاتها لأنها تدل على بارئها، وللإشارة إلى فضيلتها ومنفعتها ليعتبر الناس بها.. قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وأخرج النسائي من حديث جابر رفعه قال: "العشر عشر الأضحى، والشفع يوم الأضحى، والوتر يوم عرفة".
ومن فضائل هذه الأيام: أنها الأيام العشر التي أتمها الله -تعالى- لموسى -عليه الصلاة والسلام-، والتي كلم الله -تعالى- موسى في تمامها، والتي كانت مرحلة إعداد وتهيئة لمرحلة جديدة في تبليغ رسالة الله ودعوته، وذلك في قول الله -تعالى-: {وَوَاعَدنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيلَةً وَأَتمَمنَاهَا بِعَشرٍ, فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَربَعِينَ لَيلَةً}.
قال ابن كثير: "فالأكثرون على أن الثلاثين هي ذو القعدة، والعشر هي ذي الحجة، قاله مجاهد ومسروق وابن جريج وروي عن ابن عباس وغيره.
(لقد انتهت المرحلة الأولى من مهمة موسى التي أرسل لها. انتهت مرحلة تخليص بني إسرائيل من حياة الذل والهوان والنكال والتعذيب بين فرعون وملأه، وإنقاذهم من أرض الذل والقهر إلى الصحراء الطليقة!؟، ولكن القوم لم يكونوا بعد على استعداد لهذه المهمة الكبيرة!. مهمة الخلافة في الأرض بدين الله..... وكانت هذه المواعدة إعداداً لموسى نفسه، كي يتهيأ في هذه الليالي للموقف الهائل العظيم، ويستعد لتلقيه، وكانت فترة الإعداد ثلاثين ليلة، أضيفت إليها عشرا، فبلغت أربعين ليلة، يروض موسى فيها نفسه على اللقاء الموعود، وينعزل فيها عن شواغل الأرض ليغرق في هواتف السماء، ويعتكف فيها عن الخلق ليستغرق فيها في الخالق الجليل، وتصفو روحه وتشف وتستضيء، وتتقوى عزيمته على مواجهة الموقف المرتقب وحمل الرسالة الموعودة...)
وكأن المعني بهذا الكلام كل مسلم يبتغي إعادة الرسالة إلى الأرض، كل مسلم ينشد تهيئة روحه لما هو آت، والله أعلم بما هو آت!!. وكأن الخوف من تقلبات النفس التي تمثلت في بني إسرائيل، كأنها خطر داهم يحرص على تفاديه كل من أراد النجاة من عقبات اليوم الآخر وعقوباته.
ولا يكونن العيش مع النصوص القرآنية بمعزل عن الواقع، فلا يقف فهم النص على بيئة بني إسرائيل التي خرجوا منها وفروا من فرعون وجنده، ولا على مصر فرعون أو فرعون مصر، ولا على صحراء سيناء... وإنما النص القرآني يهيمن على كل بيئة مشابهة، وحال مقارب، وظرف مماثل، ونفس أمّارة بالسوء، محبة للدعة والراحة، من آفات البيئة القديمة، وما فيها من معان سلبية بالية، ولو على مستوى النظر والاعتبار، وإذا كان الله -سبحانه- قد أنزل على بني إسرائيل المن والسلوى إذ هم في الصحراء، فإن صحراء القلوب لتحتاج إلى مِنة من الله - تعالى -أن ينزل عليها اليقين والصبر والثبات والصدق في جميع الأمر، فيغتنم المؤمن أوقاتاً كانت لإعداد غيره، عله يناله منها بعض إعداد... وهو فضل الله يؤتيه من يشاء.. والله واسع عليم.
و"عشر ذي الحجة"هي ذات الأيام التي أكمل الله الدين لمحمد -عليه الصلاة والسلام-، وذلك في قوله -تعالى-: {اليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دِينَكُم وَأَتمَمتُ عَلَيكُم نِعمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسلامَ دِيناً فَمَنِ}. وهي أكبر النعم، وقعت يوم عرفة من هذه الأيام المباركة، نعمة أكمال الدين، فلا يحتاج زيادة أبداً، وقد أتمه الله فلا ينقصه أبدا، وقد رضيه الله فلا يسخطه أبدا، وإنما مدار الأمر على مدى تمسك المسلم بهذا الدين، وإن تبدلت به الأحوال وتغيرت عليه الأوطان.
ذكر ابن كثير في تفسيره: ـ لَمَّا نَزَلَت: "اليَوم أَكمَلت لَكُم دِينكُم" وَذَلِكَ يَوم الحَجّ الأَكبَر بَكَى عُمَر فَقَالَ لَهُ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-: مَا يُبكِيك؟ قَالَ: أَبكَانِي أَنَّا كُنَّا فِي زِيَادَة مِن دِيننَا فَأَمَّا إِذَا أُكمِلَ فَإِنَّهُ لَم يُكمَل شَيء إِلَّا نَقَصَ فَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: صَدَقت. وَيَشهَد لِهَذَا المَعنَى الحَدِيث الثَّابِت "إِنَّ الإِسلَام بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلغُرَبَاءِ".
(إن المؤمن يقف أولا: أمام إكمال هذا الدين، ويستعرض موكب الإيمان، وموكب الرسالات، وموكب الرسل، منذ فجر البشرية فما يرى؟.. يرى هذا الموكب المتطاول المتواصل، موكب الهدى والنور، ويرى معالم الطريق على طول الطريق...
ويقف المؤمن ثانياً: أمام إتمام نعمة الله على المؤمنين، بإكمال هذا الدين، وهي النعمة التامة الضخمة الهائلة التي تمثل (مولد الإنسان) في الحقيقة...
ويقف المؤمن ثالثاً: أما ارتضاء الله الإسلام ديناً للذين آمنوا.. يقف أمام رعاية الله -سبحانه- وعنايته بهذه الأمة، حتى ليختار لها ديناً ويرتضيه.. وهو تعبير يشيء بحب الله لهذه الأمة ورضاه عنها، حتى ليختار لها منهج حياتها، إن ارتضاء الله الإسلامَ ديناً لهذه الأمة، ليقتضي منها ابتداء أن تدرك قيمة هذا الاختيار، ثم تحرص على الاستقامة على هذا الدين، جهد ما في الطاقة من وسع واقتدار...).
يوم يعيش المرء لأمته تلمس هذه الكلمات جوانح نفسه، وتدفعه دفعاً إلى أن يكون صاحب اهتمام كبير... ويوم يعيش المرء بعيداً عن الأمة جسداً يبعد عنها روحاً، وما ثمة غير انشغال بدفع ضِر أو جلب خير، حفاظاً على الدين من مساس، وهي الذكرى تنفع المؤمنين، فتعيد كلماتنا هذه بعض أحوال عاشها المرء منا، يوم أن كان يحمل هم أمته، أيام عشر ذي الحجة هي خير تذكار ووقت للتزود.
ومن فضائل "عشر ذي الحجة" أنها خاتمة أشهر الحج، وفيها تقع مناسك الحج، الحج الذي يغفر الذنوب، ويجرد المرء من خطاياه كيوم ولدته أمه، قال ابن رجب: "لما كان الله -تعالى- قد وضع في نفوس المؤمنين حنيناً إلى مشاهدة بيته الحرام، وليس كل أحد قادراً على مشاهدته في كل عام، فرض الله -تعالى- على المستطيع الحج مرة واحدة في عمره، وجعل موسم العشر مشتركاً بين السائرين والقاعدين، فمن عجز عن الحج في عام قَدَرَ على عملِ يعمله في بيته، فيكون أفضل من الجهاد الذي هو أفضل من الحج".
اغتنم أفضل العام.... تغنم:
عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ : (مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ, أَفضَلَ مِنهَا فِي هَذِهِ قَالُوا وَلَا الجِهَادُ قَالَ وَلَا الجِهَادُ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفسِهِ وَمَالِهِ فَلَم يَرجِع بِشَيءٍ,). البخاري.
لـيال العـشـر أوقـات الإجـابة *** فـبادر رغبـة تـلحـق ثـوابـه
ألا لا وقـت للعـمــال فــيـه *** ثـواب الخـيـر أقـرب للإصـابة
من أوقـات الليـالي العـشر حقاً *** فـشمـر واطـلبـن فـيها الإنابة
دل الحديث السابق على مضاعفة الأعمال الصالحة في عشر ذي الحجة من غير استثناء شيء منها.
ومعنى الحديث: أن العمل في هذه الأيام يفوق على ذلك العمل في غيره من الأيام، فمن عمل صالحا في هذه الأيام يضاعف له بما لا يضاعف للأعمال الصالحات في الأيام الأخرى، مهما كانت منزلة تلك الأعمال، فأجورها أقل من أجر الصالحات التي تجري في هذه الأيام، فلو جرى من المسلم في هذه الأيام ذكر وصلاة ضحى وقيام ليل.... عمل صالح، فإن أجر هذه الأعمال في أيام عشر ذي الحجة، ولا يساويه شيء من الأجر فيما سواها من الأيام مطلقاً.
إلا في حالة واحدة (من خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء عُفر وجهه في التراب وأريق دمه وقتل جواده) هذا فقط يعدل أجر العمل الصالح في هذه الأيام.
فالعمل الصالح في عشر ذي الحجة يعدل الجهاد في غيرها، ولهذا قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله، قال ولا الجهاد في سبيل الله، ثم استثنى صورة واحدة من صور الجهاد، صورة هي أفضل الجهاد فقد سئل -عليه الصلاة والسلام- أي الجهاد أفضل؟ قال من عُقر جواده وأهريق دمه. أخرجه أبو داود بسند حسن.
وقد سمع النبي -عليه الصلاة والسلام- رجلا يدعو يقول: اللهم أعطني أفضل ما تعطي عبادك الصالحين، فقال له: إذن يعقر جوادك وتستشهد.
بفجر وإعداد وتمام وجهاد.... يكون الإشراق:
هي صورة مضيئة من صور التضحية، صورة من عفـّر وجهه في التراب، وأهريق دمه وعقر جواده، وخرج يخاطر بنفسه غير مبال بها في جنب الله، وبهذا المشهد الجهادي الجميل تتحرك في المسلم معاني الجهاد والبذل والتضحية والمخاطرة بالنفس والمال في سبيل الله، فتتحرك مكامن النفوس التي تتوق للجهاد، ويصرخ في داخلها نداء الرسول الكريم -عليه الصلاة والسلام- قائلاً: (من مات ولم يغز ولم يحدث به نفسه مات على شعبة من نفاق) أخرجه مسلم.
وهي أيام أقسم بها ربنا وبدأ قسمه بالفجر، فدع هذه الأيام فجرا جديدا في حياتك، وسيرك إلى الله -تعالى- في هذه الدنيا، وليكون مع بزوغ هذا الفجر في قلبك سير قلبي نحو إعداد نفسك وروحك كما فعل موسى -عليه السلام-، وفتش في حنايا روحك عن النقص فيها، واتمم كما أتم الله لك هذا الدين، فإن أشرق القلب، وأعدت النفس، وتم للروح بعض التمام، فجاهدها، وحدثها بالجهاد المبارك، تفر من النفاق، وتسلم من مظاهره وصوره، التي من بينها، العجز والكسل في الطاعات (وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى).
فحدث نفسك أيها المؤمن، وحرك معاني الشوق في مكامن روحك، فالحياة تأكل منا ما نزرعه في أيامنا، ما لم نتدارك، ببذر، وغرس، وسقاء، وشجرة شحذ الهمم، والشوق للمعالي، وإلا فما ثمة غير سفاسف من الأمر، ليس لك منها شيء.
ومن جملة تذكير النفس بالمعاني العالية إلزامها بصنوف من العمل الصالح، ومتابعتها، ومحاسبتها، وإتعابها في ذات الله، ولا يدرك هذا بالأحلام والتمني، وإنما بتعب ونصب، لا تقبل النفس الحديث عن صور الجهاد وبوارقه ما لم تقبل على الله أولاً، قال -تعالى-: (وَلَقَد كَتَبنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعدِ الذِّكرِ أَنَّ الأَرضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) وقال -عز وجل-: (تِلكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرضِ وَلا فَسَاداً وَالعَاقِبَةُ لِلمُتَّقِينَ).
فقد كان سعيد بن جبير -رضوان الله عليه- إذا دخل العشر اجتهد اجتهاداً حتى ما يكاد يقدر عليه.
وروي عنه أنه قال: "لا تطفئوا سرجكم ليالي العشر" كناية عن القراءة والقيام.
ما يستحب فعله في هذه الأيام:
1- ارفع نفسك: الصلاة ـ يستحب التبكير إلى الفرائض، والإكثار من النوافل، فإنها من أفضل القربات. روى ثوبان قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (عليك بكثرة السجود لله فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك إليه بها درجة وحط عنك بها خطيئة) وهذا عام في كل وقت. بجانب المحافظة والمواظبة على الصلوات المفروضة، على المرء أن يجتهد ويُكثر من التقرٌّب إلى الله.
2- وابتعد عن النار: الصيام ـ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما من عبد يصوم في سبيل الله إلا باعد الله بذلك وجهه عن النار سبعين خريفاً) البخاري. ولدخوله في الأعمال الصالحة، فعن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-، قالت: (كان رسول الله يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر). وكان أكثر السلف يصومون العشر، منهم: عبد الله بن عمر، والحسن البصري، وابن سيرين، وقتادة، ولهذا استحب صومها كثير من العلماء قال الإمام النووي عن صوم أيام العشر أنه مستحب استحباب شديدا.
3- وامسح عنك سنتين: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "صوم يوم عرفة يكفر سنتين ماضية ومستقبلة، وصوم عاشوراء يكفر سنة ماضية" رواه مسلم.
4- وأجعل لسانا رطبا: ففي الترمذي أن رجلاً قال يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علي وأنا قد كبرت فأخبرني بشيء أتشبث به قال "لا يزال لسانك رطبا بذكر الله تعالى".
قال الإمام البخاري -رحمه الله-: (كان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشرة يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما).
5- وأجمع قلبك وما حولك: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا ورزقه من حيث لا يحتسب)[رواه أبو داود[.
تذكر أخي الحبيب:
قول النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ -تعالى- يَقُولُ يَا ابنَ آدَمَ تَفَرَّغ لِعِبَادَتِي أَملَأ صَدرَكَ غِنًى وَأَسُدَّ فَقرَكَ وَإِلَّا تَفعَل مَلَأتُ يَدَيكَ شُغلًا وَلَم أَسُدَّ فَقرَكَ).
فالغنيمة الغنيمة بانتهاز الفرصة في هذه الأيام العظيمة. فما منها عوض ولا لها قيمة. والمبادرة المبادرة بالعمل. والعجل العجل قبل هجوم الأجل. قبل أن يندم المفرط على ما فعل. قبل أن يسأل الرجعة ليعمل صالحاً فلا يجاب إلى ما سئل. قبل أن يحول الموت بين المؤمل وبلوغ الأمل. قبل أن يصير المرء مرتهنا في حفرته بما قدم من عمل....
أخي أختي:
هذه بعض صنوف من الأعمال الصالحة جعلناها في خماسية، ولا تنسى الإكثار من تلاوة القرآن. والصدقة وصلة الرحم. وتعجيل التوبة. والدعاء بخيريِ الدنيا والآخرة، لك ولإخوانك المسلمين. وبأي عملٍ, آخر يحبه الله ورسوله، فأعمال الخير لا تُحصى كثرةً، والسعيد من وفِّق لذلك، وكلُّ ميسّرٌ لما خُلِق له، والمحروم من حُرِم هذه الأجور العظيمة، والمضاعفات الكبيرة في هذه الأيام المعلومة التي نطق بفضلها القرآن، ونادى بصيامها وإعمارها بالطاعات رسول الإسلام، وتسابق فيها السلف الصالح والخلف الفالح، فما لا يُدرك جُلٌّه لا يُترك كلٌّه، فإن فاتك الحج والاعتمار فلا يفُتكَ الصوم والقيام وكثرة الذكر والاستغفار. وإن فاتك بعض هذه الأيام فعليك أن تستدرك ما بقي منها، وأن تعوِّض ما سلف.
وعليك أخي الحبيب أن تحثَّ أهل بيتك وأقاربك، وأن تذكِّرهم وتشجِّعهم على تعمير هذه الأيام، بالصيام والقيام، وقراءة القرآن، وبالذكر والصدقة، وبحفظ الجوارح والإمساك عن المعاصي والآثام فالداعي إلى الخير كفاعله، ورُبَّ مبلَّغٍ, أوعى من سامع، ولا يكتمل إيمان المرء حتى يحبَّ لإخوانه المسلمين ما يحبٌّ لنفسه، فإنّ الذكرى تنفع المؤمنين، وتذكِّر الغافلين، وتُعين الذاكرين، والدين النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامّتهم، والمسلمون يدٌ على من سواهم، ويسعى بذمتهم أدناهم.
ولك منا الدعاء بالتوفيق، ولنا عليك الدلالة على هذا الخير، فالدال على الخير كفاعله.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد