الرقابة على الجمعيات الخيرية


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

نص المطالب الأمريكية لتعزيز الرقابة على الجمعيات الخيرية الإسلامية:

قدمت السلطات الأمريكية في إطار مساعيها لتجفيف مصادر تمويل المنظمات الإرهابية، طلباً رسمياً إلى عدد من المنظمات الخيرية والمؤسسات التجارية في الكويت - عبر وزارة الخارجية الكويتية -للحصول على كل الوثائق والبيانات المالية والإدارية وقيود الحسابات خلال (3) سنوات ماضية، بما في ذلك كل السجلات المالية وحساباتها البنكية، وبيان أهدافها وأعمالها وبرامجها، وبيان بكل المبالغ الخيرية من الجهة التي قدمتها إلى الجهة التي استلمتها.. سواء في الكويت أو في الدول الأجنبية!! ومعلومات عن كل العاملين والمستشارين!! في الجمعية وفروعها. ولم تكتف أمريكا (بكل) هذه البيانات عن ثلاث سنوات ماضية بل أرسلت فريقا متخصصا من المحققين الأمريكيين إلى الكويت لمقابلة أفراد في الجمعيات الخيرية للاستفسار منهم عن إجراءات قبول الأموال الخيرية وطرق توزيعها، ولمقابلة أيضا مسئولي الحكومة الكويتية المعنيين بالأشراف على الجمعيات الخيرية!!.

 

وفوق هذا وذاك فلا يقتصر اهتمام المحققين الأمريكيين على العمل الخيري بل سيمتد إلى مؤسسات مالية ومصرفية وعمليات الائتمان والإقراض والإيداع فيها وسجلات بطاقات الائتمان لبعض الأفراد!

 

وفيما يلي الترجمة الحرفية لنص الطلب الأمريكي:

طلب وثائق من الهيئات الخيرية والتجارية:

من أجل مساعدة فريق الخبراء على فهم أفضل لأعمال المنظمات الخيرية والهيئات التجارية في الكويت، نقدر لكم تعاونكم في توفير أكبر عدد ممكن من الوثائق المحددة أدناه عن كل منظمة للفريق لدى وصوله إلى الكويت، بهدف مراجعتها.

 

وينبغي أن تغطي السجلات المطلوبة السنوات الثلاث الماضية.

 

* الجمعيات، المنظمات التجارية، والخيرية:

أ) كل قيود حسابات المنظمة والسجلات المالية التي تحتوي - من دون أن تقتصر على ذلك - على الدفاتر العامة، السجلات العامة، الدفاتر والسجلات الفرعية، الفواتير وقيود الدخل، قسائم المبالغ النقدية وقيود النفقات، دفاتر وسجلات المبيعات والمشتريات، دفاتر حسابات الدخل والإنفاق، قيود الديون الهالكة، قيود كلفة السلع المباعة، دفاتر القروض المتلقاة والممنوحة، بيانات الدخل، بيانات الموازنة وكل صكوك الإنفاق بما فيها فواتير المبالغ مدفوعة نقداً، هذه القيود يجب أن تشمل وثائق مالية والموازنة التي تحدد مصادر دخل المنظمة وأصولها ونفقاتها. والمطلوب أيضاً تقديم وثائق إسناد عن النفقات التي تشمل استخدام وسطاء، كونها ذات أهمية خاصة.

 

ب) بيانات عن أهداف المنظمة وبرنامج الخدمات المقدمة، قوانينها وبنيتها التنظيمية. ويجب أن تشمل البنية التنظيمية تحديد الهيكلية والهرمية، بما في ذلك المكاتب في داخل البلاد وخارجها، إذا كان لها فروع، والعناوين وأرقام الهواتف ولائحة بالمستخدمين ومواقعهم وأي معلومات تعريفية أخرى

 

ج) كل البيانات المالية، ودفاتر القيد ومسودات الحسابات التي استخدمت تحضيراً للقيود المنظمة، أو الضرائب المرتجعة، النسخ المحفوظة لكل الضرائب الأجنبية أو الأمريكية المرتجعة، بما في ذلك المعلومات والجداول عن الضرائب المرتجعة.

 

د) الهويات المفصلة، وثائق التعريف المرفقة، الطلبات، قيود الدفع، وكل الوثائق الأخرى المتعلقة بمتلقي الهبات أو القروض أو النفقات والمنح الدراسية والرواتب والمدفوعات الأخرى. يجب أن تتضمن هذه السجلات ملفات عن كل المساعدات المقدمة إلى الأفراد أو المنظمات في الكويت، وكذلك في الدول الأجنبية، مثل أفغانستان والشيشان والصومال والفلبين وباكستان.

 

هـ) الهويات المفصلة، وثائق التعريف المرفقة، قيود التعويضات وكل الوثائق الأخرى المتعلقة بالمسئولين والمدراء والأمناء والموظفين والمستشارين وكل خدمات المنظمة.

 

و) الهويات المفصلة، وثائق التعريف المرفقة، وكل الوثائق الأخرى المتعلقة بالأفراد والهيئات الذين قدموا هدايا، أو مساهمات، أو أوصوا بأموالهم، أو أي تقديمات مالية أخرى للمنظمة، يجب أن تشمل هذه القيود معلومات عن أنشطة أي جمع تبرعات تشرف عليها المنظمة.

 

ز) الوثائق المتعلقة بالحسابات مع المؤسسات المالية بما في ذلك المصارف والوسطاء الماليين ومكاتب الصيرفة، يجب أن تشمل هذه الوثائق البيانات المصرفية، صكوك الإيداع، قيود الشيكات، والشيكات الملغاة، أوامر السحب والإيداع سجلات تواريخ وقيمة المبالغ المودعة، قيود الشيكات المودعة، صكوك السحب، وثائق الإيداع. شراء شيكات مصرفية، التحويلات الهاتفية، أوامر التحويل وطلبات التحويلات الهاتفية.

 

اللقاء مع الأفراد:

إضافة إلى مراجعة أنواع القيود الواردة أعلاه، سيقدر الفريق عالياًً فرصة اللقاء مع أفراد يمكن أن يقدموا له معلومات عن البنود التالية:

 

أ) الإجراءات التي تعتمدها المنظمة للموافقة على المشاريع أو الأشخاص الذين يتلقون المبالغ الخيرية، وكذلك الإجراءات المتبعة لصرف المبالغ للمتلقين.

 

ب) مصادر وأنواع الهبات التي تلقتها المنظمات خلال السنوات الثلاث الماضية.

 

ج) متلقوا المساعدات من المنظمات خلال السنوات الثلاث الماضية.

 

د) المسئولون الحكوميون المعنيون بمراقبة المنظمات ونشاطاتها.

 

* السجلات المطلوبة من المؤسسات المالية:

إذا كان هناك حاجة لطلب وثائق من المصارف أو أي مؤسسات مالية أخرى في الكويت تتعلق بفرد أو بهيئة، فستكون على النحو التالي:

 

أ) قيود حسابات الادخار:

تشمل بطاقات التواقيع، دفاتر القيد أو السجلات التي توضح تواريخ وقيمة المبالغ المودعة والمحسوبة، والفوائد، وأوامر السحب والإيداع، وقسائم الإيداع، والشيكات المودعة، وقسائم السحب، والشيكات المسحوبة.

 

ب) قيود حسابات الشيكات:

تشمل بطاقات التواقيع، والبيانات المصرفية وقسائم الإيداع، والشيكات المودعة، والشيكات المسحوبة على الحساب، وقيود أوامر السحب والإيداع.

 

ج) قيود القروض:

تشمل الطلبات والبيانات المالية وضمان القرض، والتحقيق المصرفي عن المداخيل، واتفاقات القروض والرهانات،، وبيانات التسديد، والعقود والشيكات الصادرة للقروض، وقيود التسديد، بما في ذلك قيود التواريخ، والمبالغ، وطريقة الدفع(نقداً أو بالشيكات)، والشيكات المستخدمة لتسديد القرض، وكل ما يكشف القيمة الإجمالية للحسم على الفائدة المدفوع سنوياً، وقيوداً لأي حجوزات أو ملفات مراسلات القرض والمذكرات الداخلية للمصرف.

 

د) قيود صناديق الأمانات الشخصية:

بما في ذلك العقود، وسجلات الاستخدام، وسجلات كلفة التأجير التي تكشف تواريخ وقيمة وكيفية الدفع(نقداً أو بالشيكات).

 

هـ) شهادات الإيداع وشهادات السوق المالية:

بما في ذلك الطلبات ووسيلة الشراء، وقيود الشراء، وقيود استرداد القيمة، والشيكات الصادرة لدفع قيمتها، والشيكات المدفوعة لشراء الشهادات، وأي مراسلات، وقيود تكشف عن الفائدة السنوية المدفوعة أو المتراكمة، وتواريخ الدفع أو تاريخ سحب الفائدة، والشيكات الصادرة لدفع الفائدة.

 

و) قيود بطاقات الائتمان:

بما في ذلك طلب الزبون وبطاقة توقيعه، والتحقيق عن مدخوله وخلفيته، والمراسلات وبيانات الفواتير الشهرية، وفواتير الفائدة الفردية، وقيود التسديد التي تشمل تواريخ وقيمة وكيفية التسديد(نقداً أو الشيكات)، وصور الشيكات المستخدمة للتسديد، على الوجهين.

 

ز) شراء الشيكات المصرفية:

قيود شراء الشيكات المصرفية بكل أنواعها، وشيكات السفر(ترافلرز تشيكس)، أو قيود الأوامر المالية بما في ذلك سجل الشيك وصور الشيكات أو الأوامر المالية، وقيود تكشف تاريخ ومصدر الدفع لقيمة الشيك أو الأمر المالي.

 

ح) قيود أخرى:

سجلات الشيكات المضمونة، التحويلات الهاتفية، التحصيل، ورسائل الاعتماد، والصكوك والسندات المالية المشتراة بواسطة المصرف، تحويلات صكوك الادخار، وحسابات الفوائد، والقيود التي تحدد تواريخ وقيمة التحويل وطريقة الدفع ومصدره ووسيلة وبيان التحويل.

انتهى نص الوثيقة الأمريكية

 

لقد أثار تقديم هذه الوثيقة الأمريكية للجمعيات الخيرية الكويتية عبر وزارة الخارجية الكويتية "تحفظات وأسئلة عما إذا كان لائقاً أو مقبولاً أو ضرورياً أن تقدم لجهة غير كويتية كل شيء عن جمعيات كويتية في حين أنها مسئولة أمام القانون الكويتي وليس غيره".

 

ألم يكن من الواجب أن يقدم الأمريكيون اتهامات محددة للرد عليها؟

كما أثار هذا الأمر تخوفاً من أن يكون من حق الأمريكيين "نبش المعلومات حتى عن الشركات والمصارف الإسلامية التي يحمي القانون الكويتي سريتها". وقد جرت الإشادة بموقف الحكومة التي طالبت الأمريكيين بدلائل وإثباتات على اتهاماتهم ولم تهرع إلى إغلاق الجمعيات عند أول شبهة كما فعلت حكومات أخرى.

 

إن ما حدث يعتبر انتهاكاً لحقوق المتبرعين، وعلى سبيل المثال فإن النظم القانونية في أمريكا تمنع المنظمات غير الربحية من تبادل المعلومات الشخصية الخاصة بالمتبرعين والمانحين إلا بعد موافقة هذا المتبرع أو المساهم على هذا الإظهار والإفصاح، وإذا حدث هذا بدون إذن فمن حق المتبرع أو المانح الرجوع إلى القضاء لمحاكمة الجهة التي أفصحت عن معلوماته الشخصية كمتبرع.

 

كما أن عدم الإفصاح عن المعلومات الخاصة بالمتبرعين إلا بعد الحصول على موافقتهم الشخصية يعد من الآداب والأخلاق المهنية للمنظمات غير الربحية في أمريكا وغيرها من دول العالم.

 

ويمكن الرجوع إلى كتاب Fundraising on the internet (ص 259-270) لمزيد من المعلومات عن القوانين والأدبيات والأخلاقيات في العمل الخيري.

 

إن هذا العمل تدخل سافر في حقوق الإنسان، وحقوق المؤسسات، بل وحقوق الدول في شؤونها الخاصة بلا مستند قضائي أو قانوني، حتى أصبح على الحكومات في العالم العربي والإسلامي أن تفعل مالا قناعة لديها به، وإلا تصبح متهمة بالإرهاب!!

 

يحدث هذا كله للمنظمات الخيرية الإسلامية بينما تطبق معايير أخرى عن التعامل مع منظمات الشر كالمنظمات والميليشيات الأمريكية والإسرائيلية التي تتبنى الإرهاب في داخل دولها وخارجها.

 

فقد أشارت دراسة قدمها مركز الخليج للدراسات الإستراتيجية إلى هذه الازدواجية فقالت: ومثلما هو الوضع في السياسة الغربية عموماً، فإن تعامل الدول الغربية مع الجمعيات والمؤسسات الخيرية الإنسانية يتميز بالازدواجية المفضوحة، ففي الوقت الذي تشن فيه هذه الدول حملات قوية على الجمعيات الخيرية العربية والإسلامية وتتهمها بدعم وتمويل الإرهابº فإنها تتغاضى عن الممارسات التي تمارسها العديد من المؤسسات الخيرية الغربية والتي لها تاريخ طويل في تأييد الإرهاب من خلال عمليات دعم العصابات والحركات الانفصالية التي تم تمويلها سراً وعلناً عن طريق المنظمات غير الحكومية الغربية، وصدق قول الشاعر:

 

أحرام على بلابل الدُوح****حلالٌ للطّير من كل جنس

 

فعلى سبيل المثال كشفت صحيفة ديلي ستار اللبنانية أن مجلس الكنائس العالمي قد لعب دوراً مهماً في دعم المتمردين في جنوب السودان، كما ساعد بشكل نشط الحركة الانفصالية في إقليم بيافرا النيجيري ذي الأغلبية المسلمة، ولم يحدث أن تم انتقاد هذه المساعدات على أنها دعم واضح للإرهاب ويجب وقفها، مثلما تم اتهام العديد من الجمعيات والمؤسسات العربية التي قامت بجمع تبرعات لصالح المقاومة الفلسطينية التي تتهمها بعض الدوائر الغربية بالإرهاب، مع أنها حركة مقاومة مشروعة دولياً وليست حركة انفصالية أو حركة تمرد.

 

ومن المؤشرات الواضحة على هذه الازدواجية المفضوحة: تغاضي الدول الغربية عن قيام العديد من الجمعيات والمؤسسات الإنسانية والغربية - وخاصة الأمريكية - بجمع تبرعات لصالح إسرائيل كسياسة واستراتيجية مستمرة، إضافة إلى تلبية حالات الطوارئ لدول الكيان الصهيوني، والتي تستخدمها في تعزيز احتلالها أو في بناء مستعمراتها على الأراضي الفلسطينية ودعم سياساتها القمعية والإرهابية ضد الشعب الفلسطيني، وهي العمليات التي اعتبرها العديد من السياسيين والمنظمات الدولية نموذجاً واضحاً لإرهاب الدول يستوجب ملاحقته قانونياً.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply