بالعلم والحزم والإيمــان والهمـم *** قادوا النفوس فصاروا سادة الأمم
وجاوزوا في بلوغ المجـد مرتبــة *** فوق الكــواكب والأفلاك والنجـم
حتى تســامت إلى عليائهــم شغفاً *** واستشرفت همم تسعى إلى القمم
شـادوا على الدين بنياناً لعزتــهم *** واستمسكوا بعرى الإسلام والذمم
وقدموا في سبيــــل الله أنفسهم *** وطالب الــعـز يفدى دينـه بدم
كانوا نجوماً زهت بالعدل سيرتهم *** يسعون للحق سعي العارف الفهم
الراشدون على شرع السماء مضوا *** وسنة المصطفى بالسيف والقلم
الحافظون حدود الله ما اضطربت *** فيهم دماء ومـا نــــــزت مع الألم
الصابرون على البأساء في شـرف *** يسمو بهم وعلى الضراء في شمم
الحاملـون دواء الحق حيث أتوا *** الــجامعون خصال البر والكـرم
المقدمون على الهيجــاء في ثقة *** الذائدون عن الإسـلام والحرم
العادلون إذا ولوا القضـاء قضوا *** بالــحق فرق بين العُربِ والعَجـَمِ
الراحمون إذا دانت لهــــــم دول *** واستســــلمت أمم للفتك والعدم
على خطاهم فسر إن كنت مبتغياً *** فوز الحياتين لا تُشطِط ولا تهم
على خطاهم فسر إن رُمتَ مغفرة *** وإن أردت صلاح الأمر فاستقم
******
يا طالب المجد في قول بلا عمـل *** وناشد العز بالأوتار والنـــــغــم
هيهات يبلغك المزمار مـا بلغت *** سنابك الخيل في غارات مقتحم
لا ينفع اللهو يوم الكر صاحبـه *** وليس يدفع ضرّا ساعة النـدم
ولا يصد عن الأوطان مغتصبـاً *** إلا الضراغم في آتون مُحتـدم
لا يَرهبُ الخصم منا صوت مطربة *** ولو تغنت بقذف النار والحمـم
وليس يجزع من كف مصفقــة *** لمطرب في هوى الألحان منسجم
لكن كفا على الصمصام قابضــة *** تذيقه الرعب قبـل النزف والألم
وباذلاً في سبيل الله مهجتـــه *** يدك أســـواره دكـات معتصـم
الحق يغلب إن قامـت لـه نجب *** وإن تقاعست الفرسـان ينهـزم
ومن تشكى لأهل الظلم مظلمة *** لاقـوا شكايته بالطعن والتهـم
وليس يرجى من الخداع منفعـة *** ولو تظاهر بالإحسان والكـرم
من ذا يشد على البتار في ثقـة *** من ذا يُقيلُ أخاً من عثرة القـدم
هي الأكف التي في راحها تدب *** من الضراب ومن شد على اللجمِ
هي الصدور التي في السلم وادعة *** وفي الحروب كما الآساد في الأجَم
هي النــــفـوس التي لله دلتــها *** وفوق هام الأعادي جمرة الحِمـَمِ
هي الجياد التي لا تنحني أبــداً *** إلا لخالقها ذي الفضل والكـرم