بسم الله الرحمن الرحيم
بلغاريا هي إحدى دول أوروبا الشرقية، وإحدى دول البلقان التي فتحها المسلمون في نهاية القرن الثامن الهجري، واستمر الحكم الإسلامي لها لمدة تزيد عن خمسة قرون ونصف، تأصلت خلالها هوية المجتمع الإسلامي، كما انتشرت المؤسسات الإسلامية في كافة أنحاء البلاد، حتى بلغ عدد المساجد الكبرى أكثر من (1200) مسجد، وعدد مماثل من المدارس الإسلامية والمكتبات، وكان الكتاب الإسلامي من أكثر الكتب رواجاً وانتشاراً، ونشطت مؤسسات الدعوة والتعليم في إبلاغ هدايات الدين الحنيف إلى كافة السكان في بلغاريا والمناطق المجاورة لها مثل رومانيا ويوغوسلافيا السابقة.
بلغاريا الدولة والناس:
وتبلغ مساحة بلغاريا (110 ألف و 912) كيلومتراً مربعاً، بينما يبلغ عدد سكانها أكثر من ثمانية ملايين نسمةº من بينهم ثلاثة ملايين نسمة من المسلمين، ونظام الحكم هناك جمهوري اشتراكي، والعاصمة هي مدينة " صوفيا" التي توجد غرب البلاد، والعملة المتداولة هناك اسمها " ليف"، وقد انضمت إلى الأمم المتحدة في 14 ديسمبر عام 1955 ميلادية، يحدها البحر الأسود من ناحية الشرق، ويوغوسلافيا السابقة من الغرب، وتحدها رومانيا من الشمال، وتركيا واليونان من ناحية الجنوب.
وقد خضعت بلغاريا للحكم الإسلامي منذ عام 1363 ميلادية، وتكونت بها مملكة مستقلة في عام 1908 ميلادية بعد انفصالها عن الدولة العثمانية، وقد أيدت الألمان في الحربين العالميتين فهُزمت، وفقدت جزءاً كبيراً من أراضيها، وقد غزاها الروس، واختارت المنهج الشيوعي بعد الحرب العالمية الثانية.
المسلمون من أغلبية إلى أقلية:
وقد تحوّل المسلمون من أغلبية إلى أقلية في بلغاريا بسبب انتهاج سياسة العداء للإسلام والمسلمين، حيث روّجت السلطات البلغارية أن الإسلام دين مستورد، ويجب أن يعود المسلمون إلى مواطنهم في تركيا، وقد شهدت السنوات الماضية العديد من المآسي التي عانى منها المسلمون، وقد أثار ذلك غضب الرأي العام الإسلامي، وتدفقت وفود المهاجرين إلى الدول المجاورة وخاصة تركيا، بينما هاجر عدد كبير من مسلمي بلغاريا إلى الدول الأوروبية والإسلامية.
وقد حققت الدبلوماسية الإسلامية نجاحاً في إثارة قضية المسلمين في بلغاريا في المحافل الدولية، كما نشطت منظمة المؤتمر الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة والمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة في القاهرة في طرح قضية المسلمين في بلغاريا على الرأي العام العالمي حتى هدأت حدةّ المدّ الاضطهادي ضد المسلمين، وانفرجت الأزمة، وحصل المسلمون هناك على بعض حقوقهم وفي مقدمتها حرية إقامة شعائرهم الدينية في علانية، وعدم إجبارهم على تغيير أسمائهم وعقيدتهم الإسلامية.
التحسّن النسبي:
وقد تحسنت أحوال المسلمين - نسبياً - في بلغارياº حيث سمحت لهم السلطات بإعادة افتتاح مساجدهم التي أغلقت في ظل المناخ الاضطهادي، وقُدّرت أعداد هذه المساجد بـ 700 مسجد، كما فُتحت مدارسهم، وانتظم للدراسة بها عدد كبير من أبناء المسلمين، وسمحت السلطات بدخول الكتب الإسلامية إلى هناك، وصرحت لأبناء المسلمين بدراسة علوم الإسلام واللغة العربية في المعاهد والكليات الإسلامية، وعاد النشاط مرة أخرى للمؤسسات الإسلامية، فقد عقد المؤتمر الوطني للمسلمين في بلغاريا اجتماعاً انتخبوا خلاله مفتي بلغاريا وأعضاء المجلس الإسلامي الأعلى والذي يضم ثمانية أعضاء يمثلون مختلف القوميات التي يتكون منها المجتمع الإسلامي هناك، وقد صدقت السلطات البلغارية على الانتخابات التي أجراها المسلمون لاختيار قياداتهم، وغالبية المسلمين في بلغاريا من أصل تركي ومن السلاف ومن البلغاريين، وينتشر المسلمون في مناطق الحدود مع تركيا ويوغوسلافيا السابقة ومع اليونان، وقد أكدت الدراسات السكانية أن المسلمين البلغار من أكثر القوميات إنجاباً، وتتوقع الدراسات أن نسبة المسلمين هناك في تزايد مستمر بسبب زيادة معدلات الإنجاب بين الأسر المسلمة.
كما تحرص دول العالم الإسلامي وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية ومصر على دعوة زعماء الدعوة الإسلامية لحضور المؤتمرات والندوات الإسلامية، وتحرص المؤسسات الإسلامية السعودية والمصرية على دعم المسلمين في بلغاريا بما يحتاجون إليه من مكتبات دينية تضم المصاحف الشريفة، وترجمات معانيها باللغة الإنجليزية، وكتب الفتاوى.
مؤسسات إسلامية بلغارية:
يوجد في بلغاريا بعض المؤسسات الإسلامية منها: دار الإفتاء والمجلس الإسلامي الأعلى والمؤسسة الخيرية لتطوير الثقافة الإسلامية، وقد طالبت هذه المؤسسات بحذف المناهج الدراسية التي تعادي الإسلام والمسلمين وتعتبرهم أجانب في بلادهم، ويشرف المجلس الإسلامي على شئون الدعوة والتعليم الإسلامي، بينما تتولى دار الإفتاء تبصير المسلمين بأحكام وتعاليم وهدايات الدين الحنيف، وقد تم إعداد دورات لتدريب (500) إمام مسجد في بلغاريا على أعمال الخطابة والتدريس في مدارس تحفيظ القرآن الكريم الملحقة بالمساجد، كما قام معهد تدريب أئمة المساجد التابع للأزهر باستقدام عدد لا بأس به من دعاة بلغاريا لتدريبهم على القيام بمهام الدعوة الإسلامية في بلادهم، وتزويدهم بالمعارف الإسلامية الصحيحة.
وبدأت المؤسسات الإسلامية البلغارية عهداً جديداً لاسترداد أمجاد المسلمين التي دامت لمدة تزيد عن خمسة قرون في ظل الحكم الإسلامي العادل.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد