اتهام المصالح


بسم الله الرحمن الرحيم

 

قد يكون الإنسان عاقلاً لبيباً، ثم يكون على علاقة وطيدة مع الأهل والأقارب والأصدقاء تدفع به إلى ما يشبه الجنون في التصرف..

أكتب هذا وفي الذهن صديق كان في بعثة إلى أمريكا ومعه زوجة مسالمة متعلمة، ومضت سنوات كالعسل، ثم أحبت الزوجة أن تعود لأهلها في بغداد..لكن الزوج ضايقته الفكرة دون أن يجد من الأسباب ما يحول دونها، ذهبت الزوجة بحال لتعود بعد أسابيع وقد انقلبت انقلاباً كاملاً، كانت مسالمة وديعة، ملابسها محتشمة، وعادت وقد خلعت زيها وغيّرت أفكارها، وكأنها تحولت إلى امرأة لا علاقة لها بالأولى، صدم الزوج وحاول أن يعرف ماذا جرى، وبعد محاولات كثيرة والاستعانة ببعض العوائل الصديقة نطقت المرأة قائلة: منذ وصلت الأهل تجمعت نساء الأسرة يسألن عن الحياة في أمريكا، وهذا أمر لا جديد فيه، أما الجديد فكان حملة قاسية شديدة على أفكار هذه المرأة وكل ما تؤمن به، وتكرر القول بأنك مجنونة.. تقتلين شبابك وجمالك وتتحولين إلى (جارية) لا شخصية لها ولا موقف... تقول المرأة: وجدت نفسي وحيدة والكل يهاجمني بلسان واحد، قاومت أياماً ثم انهارت، فخلعت حجابها وغيرت ملابسها وتبع ذلك تبني أفكار متطرفة، وعادت إلى زوجها امرأة ثانية في الشكل والصورة والفكر والقناعة.. حاول الرجل بكل ما يستطيع تدارك ما حصل، لكن الانقلاب الكبير أصابه بفقدان التوازن، وبدأت الحياة في البيت تتحول إلى ساحة عراك ونزاع على الصغائر والكبائر، على الأصول والفروع، على ما يستحق الخلاف وما لا يستحق..

 

الجديد في الأمر أن التحريض - في بلد الأهل انتهى - ليحل مكانه تحريض جديد، تمارسه نساء وجمعيات باسم الدفاع عن المرأة، بحيث تحولت (المرأة) إلى حالة مستجدة أكثر عنفاً وأشد عدوانية، بحيث راحت تستفز الزوج المجروح عساها تحصل منه ولو على فلتة لسان أو كلمة يمكن أن تعيد تأويلها وتحرف مناسبتها لتتخذها حجة، صارت تزور الزوج في الجامعة، حيث يدرس وتستفزه لتحصل منه على ما ينفعها، وأخيراً لجأت إلى المحاكم، ولما سألها القاضي عمّا تنقمه من الرجل أكثرت من التهم بأنه شرقي متخلف يريد أن يفرض عليها الحجاب الإسلامي ولا يحترمها، وراحت تعدد التهم، إلا أن القاضي راح يطالبها بالدليل على ما تقول كي يحكم بحسب الدليل، فلما عجزت قالت عن زوجها: إنه مجنون.

وهنا شعر القاضي بأن المرأة هي المجنونة، فقال: لو قلت إنه شرقي لا يحترم المرأة، أو أن معاملته فيها خشونة، لأمكن للمحكمة أن تسمع لك، وأما الجنون فالمحكمة لا تصدقه، فزوجك أستاذ محترم في الجامعة وهي تثني عليه، وأنا أقول بصراحة لدينا الكثير من العقلاء لا نجد لهم في بلادنا عملاً، فكيف يتحقق ذلك لمجنون؟؟؟

ومع ذلك حكم على الرجل المسكين بترك بيت الزوجية مع وجوب الإنفاق على المرأة وأولادها، فاستأجر سكناً له وترك البيت للمرأة الثائرة والأولاد، وقرر في نفسه أن يتزوج لينسى هذه المرأة وما فعلت به.

حصل على شابة من بلده، وسمعت المرأة الأولى بخبر الزواج فاتصلت قائلة: كنت مجنونة وأنا مستعدة للعودة وللطاعة الكاملة والملابس التي تحبها وبشرط واحد أن تطلق المرأة الثانية، ورد بهدوء، لقد جاء قرارك متأخراً، وإن استمعت لك فإنني مجنون فعلاً، والجنون فنون.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply