حواف النهر


بسم الله الرحمن الرحيم

 

لا يزال أصحاب الفكر الليبرالي والسائرون في ركبه، من الرموز والتلاميذ، يتنادون للتأثير في المجتمع بأساليب شتى، وطرائق عدة، يحاولون إيهام المجتمع بأنهم كثر، وسوادهم كبير.. يزعمون أنهم يمثلون "تيارًا" لم يعد بالإمكان التقليل من حجمه أو التوهم بعدم وجوده.

 

نلحظ ذلك في المنتديات الثقافية، في القنوات التلفازيّة الحكومية والخاصة، وفي الصحافة اليومية.. يعلو صراخهم في هذه الوسائل ليسجلوا حضورًا فكريًا وإعلاميًا وثقافيًا يلفت الأنظار، وتعجب لجلدهم في الترتيب والتنسيق لهذه الغاية بالليل والنهار.. يعزفون على جراح الأمة بدعوى الوطنيّة. وينالون من ثوابت الدين باسم التسامح والاعتدال والوسطيّة.. يفعلون ذلك وهم الغلاة المارقون.. حتى ليكاد أحدهم أن يفرط من منظومة القيم، وأن ينسلخ من الثوابت بدعوى محاربة التطرف والتخلف والأحادية والإقصاء..

 

مثل رموز هؤلاء والمجتمع كمثل الطفيليات التي تكثر على حواف النهر.. وأفراخهم كمثل اليرقات التي تحاول أن تكبر وتتكاثر وتصرخ ليظن الواهمون أنهم يمثلون "تيارًا" لا يجوز تجاوزه.. أو رقمًا في المعادلة الفكرية لا يمكن تجاهله.. بيد أن هذه الطفيليات واليرقات التي تقتات من الطحالب القذرة على حواف النهر التي استنبتها هؤلاء العملاء أو قذف الأجنبي ببذورها علينا عبر فضاءات السماء لا يمكن أن تحيل الماء الطهور نجسًا.

 

لا نزعم أن مجتمعنا ملائكي، منـزّه عن الأخطاء، ساكن لا يعرف التغيير، أو جامد لا يقبل التطوير.. بل نجزم أن معطيات الواقع تفرض انتفاضة شاملة باتجاه الحراك الحضاري للحاق بركب العصر، ومتغيرات الحاضر والمستقبل، لكننا في الوقت نفسه ندرك أن هذه الانتفاضة، وذلك الحراك لابد أن يَتِمّا وفق منظومة القيم التي نؤمن بها، آخذَين بشروط النهوض الحضاري التي تحددها ثوابت ديننا، ومعايير مجتمعنا، وملامح ثقافتنا. ولذلك فإننا نرفض أن تقود هذه الشرذمة القليلة الركب، أو أن تأخذ بخطام الأمة لتقودها إلى التهلكة تحت مظلة المدنية المزعومة، أو بدعاوي محاكاة الآخر ومسايرته كشرط للتقدم المدّعى.

 

عبثًا تحاول هذه الزمرة أن يكون لها وجود، ولابد يومًا أن تصحو على لحظات فنائها، فهي نبتة خبيثة على حواف نهر جارٍ,، يتدفق بصفاء الفطرة، وحماسة التدين، وإن وعي الغيورين، وجدّ النابهين، وجلد المخلصين كفيل بتعجيل لحظات الفناء..سنراهم غدًا تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت..وما ظلمهم الناس ولكن أنفسهم يظلمون.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply