بسم الله الرحمن الرحيم
هذه هي الحلقة السادسة من حلقات " بدايات السفور في العالم الإسلامي " خصصتها للحديث عن بداية سفور (بعض) النساء في الكويت. وقد جاءت متوافقة مع ماسمعناه قبل أيام من إقحام المرأة المسلمة هناك في العملية السياسية التي لا تليق بها " شرعًا ولا واقعًا "، وقد أفتى بذلك علماء وعقلاء الكويت " انظر رسالة: فتاوى وكلمات، للدكتور عبد الرزاق الشايجي - وفقه الله - ".
ولكن الحكومة هناك ومعها بعض النواب - هداهم الله - لم يأبهوا بهذاº استجابة منهم - شعروا أو لم يشعروا - لضغوطات الغربº وعلى رأسه الحليفة القديمة بريطانيا! ثم أمريكا. وهذا لم يعد يخفى على عاقل يتابع الأحداث - ولله الحمد -.
ولذا فإنك تجد هذا الخبر لم يتوقف عنده أكثر الناس أو يتحمسوا - حتى بعض المؤيدين له! - لعلمهم أنه مجرد خطوة جديدة من خطوات التنازلات والإفساد، لن يُقدم أو يؤخر شيئًا في حال المسلمينº بل سيزيدهم وهنًا على وهن، وتفككًا فوق تفكك. وقد رأوا عواقبه في بلاد أخرى من بلدان المسلمين.
وقد أجاد الكتاب الشرفاء الفضلاء من أهل الكويت عندما دبجوا المقالات في بيان ما أوجزته آنفًا، وسخر بعضهم من حال الحكومة هناك، حيث المسارعة في إرضاء بني الأصفرº ولو بالضغط على النواب وإرهابهم، أو ترغيبهم ومساومتهم هم والمجتمع بزيادة الرواتب!!
انظر بعض هذه المقالات: (هنـا) و (هنـا) و (هنـا) و (هنـا).
====================
أعود - بعد هذا - للحديث عن بداية سفور (بعض) النسوة في الكويت فأقول: لا أظن أحدًا - لقُرب العهد - يُخالف في أن جميع النساء المسلمات في الكويت كن إلى عهد قريب لا يتجاوز 30 -40 عامًا يلتزمن بالحجاب الشرعي " ستر الوجه أو النقاب "º إلى أن وقع بعضهن في التغريب المذموم في عهد حاكم الكويت عبد الله السالم (1965-1950م).
فإذا كان حاكم الكويت القديم مبارك الصباح (1916-1896م) - الذي تولى الحكم بعد قتله لأخويه غدرًا !! - قد رضي حماية بريطانيا سياسيًا وخارجيًا - دون التدخل الداخلي -، فوقع معها " معاهدة الحماية " مدخلا البلاد تحت وصاية الكفارº فإن عبد الله السالم قد اجتهد - بجهل أو بغيره - في " تغريب " البلاد داخليًاº حيث تم في عهده: الحكم بالدستور الجاهليº حيث أصبحت الشريعة الإسلامية مجرد (مصدر) من مصادر التشريع! وليست (المصدر)، وتأسيس البنوك الربوية تحت إدارة بريطانية، وإلغاء علم الكويت القديم الذي يحمل كلمة التوحيد " لا إله إلا الله محمد رسول الله " واستبداله بالعلم الحالي، وإغراق البلاد في اللهو - سينما ومسرح..-، ودعم تحرر المرأة المسلمة من أحكام الشريعة.
بعد هذا حصلت الكويت على استقلالها!! (1962م).
وهذه سياسة استعمارية خبيثةº حدثت في بلاد عديدةº لا رحيل إلا بعد ضمان التغريب وعدم الحكم بالشريعة!
====================
- يقول الزعيم محمود بهجت سنان - عراقي - في كتابه " الكويت زهرة الخليج العربي " (ص 162-163) متحدثًا عن ذكرياته في الكويت: (إن المرأة الكويتية حتى سنين قلائل كانت ترتدي الجلباب عند خروجها من منـزلها، والجلباب رداء طويل الذيل يزحف وراءها على الأرض ما يقارب المتر إمعاناً في ستر قدميها أثناء المسير، إذ أن أغلبهن كن يفضلن المشي حافيات الأقدام في الطرقات، والنادر منهن من تنتعل الحذاء أو القبقاب، ويستر وجهها نقاب كثيف تشع عيناها من فتحتين صغيرتين فيه تجاه العينين.
وأما الصفات التي تمتاز بها المرأة الكويتية فهي تمسكها بتعاليم الدين وهي لا تعرف إلى التبرج سبيلاً، ولا تستعمل من وسائل الزينة غير الحناء في أكفها وأرجلها ورأسها، وتتعطر بدهن الورد والمسك ودهن العود، وهي العطور المفضلة عندها). (ويوم كنتُ في الكويت أقيمت مظاهرة من قبل قسم من طالبات المدارس يطلبن رفع الحجاب، وقد جمعن ما لديهن من البراقع (البواشي) وأحرقنها) !
- وتقول لورنس ديونا - وهي صحفية سويسرية زارت الكويت عام 1968م وكتبت انطباعاتها وملاحظاتها في كتابها " المرأة في الكويت بين الحصير والمقعد الوثير " (ص 27، 22-21):
(إن جميع النساء كن قبل ثلاثين سنة يتسربلن بالنقاب و"العباية"، أما "البوشية" - ذلك الحجاب الرقيق- فيخفي وراءه، وما زال يخفي أيضاً في أوساط بعض العائلات المحافظة، وجه بنات المدينة).
(وفي الكويت جامعتان منفصلتان: الأولى للفتيان، والثانية للفتيات، وهذا التقسيم الذي رغب بعض النواب في سنه قانوناً دائماً، ومن حسن الحظ أن الأمير عبدالله السالم، المتوفى قبل سنوات قليلة، كان قد عارضه، يكلف البلاد مصاريف باهظة)!!
- ويقول المؤرخ الكويتي يوسف القناعي في كتابه " صفحات من تاريخ الكويت " (ص 86): (وتخرج المرأة لقضاء حاجتها من السوق أو للزيارة متحجبة، والسفور لا يُعرف بالكويت).
ويُخبرنا الأستاذ حمد السعيدان في " الموسوعة الكويتية المختصرة " (ص 1475) عن أول فتاة كويتية زاولت العمل المختلط - للأسف- فيقول: (وتعد الآنسة شيخه القطامي أول فتاة كويتية تنخرط في سلك العمل جنباً إلى جنب مع الرجل، وكان ذلك عام 1957). أما عبدالله الحاتم فيرى أن (أول فتاة كويتية اقتحمت ميدان العمل واشتغلت موظفة هي الآنسة شريفة عبدالوهاب القطامي بدأت حياتها هذه عام 1960م بأن اشتغلت موظفة في شركة نفط الكويت). " من هنا بدأت الكويت، ص 88 ". قلت: لعلهما أختان.
====================
أما عن بداية تمثيل (قلة من النساء) على المسرح في الكويتº فقد حدثت عندما استُقدم المخرج المصري " زكي طليمات " بجهود من الوزير الحالي صباح الأحمد - هداه الله - لتطوير (! ) المسرح الكويتي. فقام طليمات باستدراج المرأة المسلمة لهذا العمل المشين بخطة إبليسية ساعده فيها ثلة من مرضى القلوب والمغفلين.
يقول الأستاذ يوسف التركي في كتابه " لمحات من ماضي الكويت " (ص 52): (وكان من جملة الأشياء التي لحظها الأستاذ زكي طليمات خلال زيارته للكويت عام 1958 أن المسرحيات ليست مكتوبة، ولذا اقترح أن تكتب المسرحية ثم وزع الأدوار على الممثلين لحفظها، كما لاحظ أن الرجال يقومون بأدوار النساء ولذا كان من رأيه استقدام ممثلات من خارج الكويت لعدم توافرهن في الكويت).
ولنستمع إلى طليمات نفسه يحكي لنا ماقام به:
يقول - والتعجب مني -: (حينما كنتُ في القاهرة أحزم حقائبي للقدوم إلى الكويت، مستجيباً لدعوة كريمة من جانب وزارة الشئون الاجتماعية والعمل لأن أتولى أمر توجيه النشاط المسرحي الذي تشرف عليه، وأرسي أسساً صحيحة في فنون التمثيل، كان تساؤل الناس يحوطني من كل جانب، وكأنني مقدم على مجازفة خطيرة، أو معركة غير متكافئة.
ومن مشفقٍ, ما عسى أن أفعل في قِطرٍ, حديث العهد بالتحرر الاجتماعي كما تفهمه الحياة الحديثة، وبسفور المرأة خاصة، والمعلوم أنه عسير كل العسر أن تقوم قائمة للمسرح في قطرٍ, يحكمه الحفاظ والمحافظة. (! )
حق وصدق أنني أمام تجربة قاسية ومثيرة.. ولكن ما الجديد في الأمر؟ حياتي في المسرح كلها تجارب قاسية ومثيرة، ولم أخرج من إحداها بمال ادخرته، إذ ما زلتُ حتى الآن أركب قدمي أينما سرت، وإن خرجتُ من هذه التجارب بنشوة الباني الذي يزهو بأنه رفع بناءً وأشاد. (! )
سألت نفسي: ماذا في الكويت من مظاهر النشاط المسرحي؟ ثم ماذا تريده الكويت مني على وجه التحقيق؟ مظاهر النشاط هنا تكاد تنحصر في الحفلات التمثيلية التي يحييها الطلاب بين جدران المدارس، ثم في الحفلات القليلة التي يقدمها "المسرح الشعبي"، وأعضاؤه أيضاً من هواة التمثيل، وهي حفلات يحضرها الجمهور بالدعوات المجانية، وتجري غير متتابعة، وتقدم مسرحيات مرتجلة باللهجة الكويتية، تعالج الأحوال القائمة في أسلوب فني متعثر، ليس من المسرحية الحقة إلا المظهر، وليس لهذه المسرحيات نصوص مكتوبة يتقيد بها الممثلون، هذا والأداء التمثيلي يجري من جانب الممثلين دون تقيد محكم فيما يبدونه كلاماً وإيماءةً وحركةً تبعاً لمقاييس ومعايير تستمد قيمها من موضوع المسرحية ومن الانفصالات التي تجري في شخوصها.
ومع هذا، فإن الجمهور يستمتع بهذه الحفلات إذ لا يجد غيرها مجالاً للتنفيس وللتعبير عما يحسه.
وفي جميع ما تقدم ذكره من مظاهر النشاط المسرحي، يقوم الرجال بأدوار النساءº لأن العُرف السائد في نواحيه المتزمتة (! ) يحول دون أن تعتلي المرأة المسرح إلى جانب الرجل، حتى ولو كانت من غير نساء الكويت.
على ضوء ما تقدم تتضح مهمتي فيما يريده مني الكويت لمسرحه الناشئ:
الخطوة الأولى: وقد اتخذتها قبيل قدومي إلى الكويت، إذ وافق الكرام المسئولون على أن أستقدم معي من القاهرة ممثلتين محترفتين، وهيئة ممن يديرون الحركة المسرحية، فاخترت السيدتين: زوزو حمدي الحكيم، وجيهان رمزي، وكلتاهما من تلاميذي، للأولى خبرة وماض مشرِّف في خدمة المسرح، وللأخرى استعداد خصب يبشر.
وأخذنا نعمل... أقول (نحن) ولست (أنا) وحدي فإذا قلت نحن، فإنني أعني المسئولين في الوزارة، ومن أجريت ذكرهم، ثم أعضاء الفرقة (فرقة المسرح العربي) الذين اخترتهم من الشباب الكويتي والعربي.
أعلنت عن حاجتي إلى شباب يعمل بالفرقة التي ترعاها الوزارة وتشرف عليها، فتقدم أكثر من مائتين وخمسين شاباً، ولم تتقدم فتاة كويتية واحدة، واستغرق أمر اختيار الصالح منهم ثلاثة أسابيع، إذ أن الرغبة وحدها في أن تصبح ممثلا لا تفيد ما لم يكن وراءها استعداد فطري لتلقي فنون المسرح.
وفي أثناء هذه الفترة وقد دوت أبواق الدعاية للفرقة الناشئة عن طريق الراديو والتلفزيون، وبعد محاضرات عدة ألقيتها في شأن المسرح، في ماهيته، وفي أن أهدافه تحرر وتثقيف (! ) وليست تحللاً وتزييفاً، وقعت أعجوبة!
تقدمت فتاتان كويتيتان موظفتين في وزارة الصحة، لتعملا ممثلتين، على الرغم من تزمت المتزمتين (! ) فعانقتُ في قدومهما الأمل الحلو في نجاح مهمتي، كما ازددت ثقة في أن الكويت على أبواب تطور اجتماعي في حياة المرأة.
وتم إعداد المسرحية بقدوم شهر رمضان وأعلنت استعداد الفرقة لافتتاح موسمها الأول.
ولكن أصواتاً حكيمة، ارتفعت تهمس لي بأن أخذ التريث، وأن أرجئ افتتاح الموسم إلى ما بعد انتهاء شهر الصوم، حتى لا تتحرك أوكار المتزمتين والرجعيين وفي كل قطر عربي يوجد هذا الطراز من الناس- (! ) فيهاجمون الفرقة بدعوى أننا لم نوقر شهر الصوم التوقير كله، فأخرجنا النساء إلى جانب الرجال فوق المسرح، وبينهن فتاتان من الكويت.
وأخيراً: أعترف بأنني لم أكن أُقَدِّر هذا النجاح، وعندما راجعت الأمر بين نفسي وبين مخزونها من التجارب التي تمرست بها، ازداد يقيني بأن العمل الجيد يلقى جزاءه الطيب، لقد أحسن أعضاء الفرقة القيام بمهمتهم فكان جزاؤهم التوفيق. ولكن فرحتي الكبرى، أنه لم يهب إعصارٌ من جانب المتزمتين فيطيح بالفتاة الكويتية من فوق المسرح (! ). إن اسمي "مريم صالح" و"مريم غضبان" سيدخلان تاريخ المسرح الكويتي كرائدتين، وسيكونان دائماً على رأس القائمة لمن تليهما من الفتيات الكويتيات اللواتي سيؤلفن بنشاطهن الفني نقطة انطلاق جديدة في نشاط المرأة الكويتية). انتهى حديث طليماتº (مجلة العربي، العدد 43، ونقلته ظمياء الكاظمي في كتابها: الحركة المسرحية في الخليج العربي، ص 146-136).
قلتُ: لقد باء الهالك بهذه السنة السيئة التي سنها لمن جاء بعده. وقد كانت نهايته غير مأسوف عليه مأساويةº حيث فقد عدة أعضاء من جسده بالعمليات المتتالية - نسأل الله السلامة - " انظر: صفحات من حياتهم، لمحمد نصر، ص 109).
====================
اقتراحي للفضلاء من أهل الكويت (رجالا ونساء) - وقد تيقنوا أن بلادهم كغيرها من بلاد المسلمين تواجه ضغوطات غربية يخضع لها أصحاب المصالح ومرضى القلوب، ممن قال الله عنهم (فترى الذين في قلوبهم مرضٌ يُسارعون فيهم.. ): أن يكون شعارهم في المرحلة القادمة " خير وسيلة للدفاع الهجوم "، و " إن لم تُشغلهم بالحق أشغلوك بالباطل "º وتطبيق ذلك على أرض الواقع يكون بطرح المشاريع العملية التي تُباعد بين المسلمين والفسادº ومنها:
1- إعادة الإلحاح في موضوع " تحكيم الشريعة " وتعديل الدستور.
2- اقتراح إنشاء هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتسميتها " هيئة الإرشاد " مثلاº تكون مهمتها تذكير الناس ونُصحهم، ونشر الخير بينهم بكافة الوسائل المتاحة.
3- إلزام النساء المتبرجات بالحجابº لأنه بالاتفاق - حتى عند من يرى كشف الوجه - بدعة ومنكر..
4- المطالبة بمنع الاختلاط في الجامعة، وإعادته لسابق عهده قبل التغريب. وبالمقابل إنشاء جامعات أهلية غير مختلطة.
5 - توعية الشعب الكويتي بمخططات الأعداءº فإن الشعوب إذا التزمت ووعتº أفشلت مخططات التغريب مهما كانت مدعومة من الحكومات!.
6- مناصحة بعض الدعاة الحزبيين الذين يُغلبون مصالحهم الشخصية أو مصالح حزبهم على الحق والفضيلة أن ينتهوا عن هذا " التلون " و " التقلب "º وإلا حُذر منهم.
أسأل الله أن يوفق أهل الكويت لما يُحب ويرضى، وأن يُجنبهم كيد الأعداء.
====================
هذا مقالٌ مهم للدكتور الكويتي عبدالله النفيسي - وفقه الله - نشره للرد على " سذاجة " بعض المحسوبين على الخير من الدعاة " الحزبيين " المتقلبين والمتلونين، الذين يُسامون على دين الأمة وأخلاقها في سبيل أن يرضى عنهم أعداء الله، أو أن يُعجلوا بالحصول على مطمح سياسي " موهوم "º حيث يكتشفون في النهاية أنهم لا حصلوا " دنيا " ولا أبقوا " دينا ".. بل أفسدوا غيرهم ممن انخدع بمظاهرهم. وهذا الصنف المتلون يوجد في كل بلد من بلاد المسلمينº فليحذره المسلمون وليحذروا منهº قبل أن يورطهم - بحماقته وقلة ديانته - في تنفيذ مخططات الأعداء وهم لا يشعرون..
الأجندة الأمريكية في الجزيرة العربية
الفتنة الكبيرة التي تنتظر الحركة الإسلامية
الذي حدث في مجلس الأمة الكويتي وهو يتقاطب حول ملفّ المرأة الأسبوع الفائت وما تمخّص عن ذلك من تصويت لصالح إدماج المرأة في العملية السياسية وإقحامها إقحاما في الشارع السياسي له دلالات كثيرة وانعكاسات خطيرة على التنظيمات الإسلامية العاملة في الجزيرة العربية... ولم يتردد -والحمد لله- عدد من النواب الإسلاميين في التعبير شفاهة «أو كتابة» عن عدم رضاهم لنتيجة التصويت الذي تم في مجلس الأمة. وأفضل ما سمعت في هذا الصدد - دونَ بخس حق الآخرين الذين لم اسمعهم- هو ما سمعته من النائب أبورميه - حفظه الله - ونصره حينما قال: إن الله سوف يُحاسبنا على ذلك وإن كثيرا من الناس سوف يندمون في نهاية المطاف عندما يرون بأعينهم النتيجة السلبية التي ستترتب على إقحام المرأة في الشارع السياسي. وأفضل ما قرأت في هذا الصدد هو ما كتبه النائب وليد الطبطبائي - حفظه الله - ونصره في جريدة «الوطن» الأربعاء 5/18 والذي أكد من خلاله أن عضوية مجلس الأمة هي «ولاية عامّة» لا تجوز شرعاً للنساء وقد استشهد بإمام الحرمين الجويني في كتابه «غياث الأمم » وكان استشهاده في محلّه.
ولقد لاحظ الأخ أحمد الكوس في كلمته التي نشرها في جريدة «الوطن» الخميس 5/19 أن الحكومة سخّرت كل آلتها الإعلامية «تلفاز وإذاعة وصحف» لجانب مشروعها وأرهبت لجنة الإفتاء وجَنّدت جميع مدارس وزارة التربية وحتى مراكز تنمية المجتمع في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في جميع مناطق الكويت لصالح مشروع الحكومة وكمّمت أفواه الأئمة والخطباء من على المنابر ومنعتهم من الإدلاء بآرائهم المعارضة لمشروع الحكومة وبعد كل ذلك تدّعي الحكومة أن خطوتها كانت ديموقراطية؟ وهي ملاحظة قيمّة وفي محلّها.
ما يُخيف في هذا الأمر هو سياقه الاستراتيجي الخارجي ومن الواضح أن الإدارة الأمريكية تابعت هذا الموضوع ورعته منذ البداية بغرض تثميره في أجندتها الخاصة بالجزيرة العربية، وكان تصريح باوتشر الناطق باسم الخارجية الأمريكية بعد وقت قليل جدا من تصويت مجلس الأمة لافتا للنظر من جهة كشف الخلفية الأمريكية للموضوع، وليس غريباً على الإدارة الأمريكية هذا الموقف ليس لأنها نصيرة الديموقراطية ـ كما تدعي ـ ولكن خطوة كهذه من الممكن أن تصبّ في تفكيك البُنى السياسية والاجتماعية التقليدية وفي ترويض الشخصية القومية لعرب الجزيرة الذين يقوم مجتمعهم على موروث راسخ من الفصل بين محيط السياسة والولاية العامة من جهة والمرأة من جهة أخرى خاصة وان هذا الموروث هو من الثوابت الإسلامية التي التزم بها مجتمع الجزيرة العربية على مرّ العصور منذ بزوغ الإسلام حتى عصرنا الحاضر.
وصار من الواضح - للقاصي والداني - أن تحريك هذا الموضوع وافتعاله وما رافقه من تحريض اجتماعي بارز قد ساهمت في رعايته الإدارة الأمريكية فلقد جاءت إلى المنطقة عدة وفود من الكونجرس ومن جمعيات أمريكية كما كانت السفارة الأمريكية ترسل مندوبيها في كل المناسبات للاتصال بالعناصر النسائية الحركية وكانت الوفود الأمريكية ترسل مندوبيها في كل المناسبات للاتصال بالعناصر النسائية الحركية وكانت الوفود الأمريكية تحضر جلسات مجلس الأمة وتتصل بالنواب في منازلهم، كل ذلك يكشف الخلفية الأمريكية للموضوع ويستوجب منا أن نتساءل: لماذا كل هذا الاهتمام الرسمي الأمريكي بموضوع المرأة في الكويت؟ (تابع إن شئت تصريحات الرئيس بوش في هذا المجال).
يجب على الحركة الإسلامية في الجزيرة العربية بكل أطيافها وألوانها وراياتها ومسمياتها ألا تفوت هذه الفرصة لاستخلاص الدروس والعبر وتنقية الصفوف والمفاهيم وتحرير المواقف من الوهن وتبصير القيادات الإسلامية والقواعد للتحديات السياسية القادمة ما يوجب البلورة الفكرية وتأصيل المفاهيم والمباشرة فورا بعمليات الإرشاد السياسي والتربية الاجتماعية وتجاوز العتبات الحزبية قبل أن تجد الحركة الإسلامية نفسها - وباسم الديموقراطية وصوت الأغلبية - وقد تم استيعابها وهضمها وتجنيدها لتنفيذ الأجندة الأمريكية في الجزيرة العربية. أقصى ما تتمناه الإدارة الأمريكية هو حركة إسلامية تلتزم بالضوابط الديموقراطية ولا تلتزم بالضوابط الشرعية الإسلامية، وأحلى ما تسمعه من كلام هو ذلك الكلام الانفعالي الهائم الطليق الذي تفوه به النائب الإسلامي عندما قال بعد إعلان نتيجة التصويت: (هذا يوم عظيم من أيام الديموقراطية الكويتية)، أي ديموقراطية يا أخي سامحك الله وعفا عنا وعنك!! وهل سيسألنا الله - تعالى -في نهاية المطاف عن التزامنا بالديموقراطية والتعددية وتصويت الأغلبية أم يسألنا عن مدى التزامنا بالثوابت الشرعية التي اخترقها وتجاوزها القانون الأخير موضوع التصويت؟ لقد كشفت التجربة الأخيرة في مجلس الأمة أمرين بارزين: أولهما: أن الحكومة مستعدة لأن تلجأ لكل المخالفات والتجاوزات السياسية والقانونية لتمرير مشاريعها أيا كانت المطابخ السياسية التي طبخت فيها، وثانيهما: أن النواب الإسلاميين يعانون من خلل كالمنخل على مستوى حركتهم وفكرهم ونضجهم السياسي وهو خلل خطير وعضوي وبنيوي قد يجدون أنفسهم في نهاية المطاف أفضل أدوات لتنفيذ الأجندة الأمريكية في الجزيرة العربية على اعتبار أن التجربة الكويتية - لا سمح الله - سوف يتم تعميمها على أقطار الجزيرة العربية، إن الأمر جلل والفتنة عظيمة وهي فتنة تنتظر الحركة الإسلامية قبل أن تصبح وسيلة من وسائل تنفيذ الأجندة الأمريكية في الجزيرة العربية. هل أصبحت الديموقراطية فخا كبيرا منصوبا للحركة الإسلامية؟ (د / عبد الله النفيسي).
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد