بسم الله الرحمن الرحيم
و أنت يا أمريكا
أبناؤكم إمبراطوريون، ولكنك
إمبراطورية..أنت فوق الجميع
النصر لعدالتك يسارا ويمينا
أنت مبدأ وحدة.. جامعة الكل.. موحدة
أنت.. إلى الأبد.. أعنيك أنت
أنت أيضا أنت.. عالم
التي بك تنطوي في كل واحد.. لغة واحدة كونية
مصير واحد.. لا يتجزأ.. للعالم
SONG OF EXPOSITION
والت ويتمان
(سلوك بنّاء، وقوة عسكرية كافية، لردع أية أمة أو مجموعة أمم تتحدى هيمنة الولايات المتحدة ونفوذها) تقرير ولفويتز
(الله مع أمريكا، الله يريد أن تقود أمريكا العالم) ريتشارد نيكسون
بين قصائد ويتمان وتقرير ولفويتز إلى البنتاغون، أقل من مائة عام، وكذلك بينها وبين كلمة ريتشارد نيكسون التي قالها والقوات الأمريكية تدك قرى الفيتناميين بالقنابل الكيماوية، دكا دكا، وترسل الآلاف من الأبرياء أطفالا وشيوخا ونساء إلى الجحيم الذي صنعته القاذفات الأمريكية العملاقة. التي لازالت تجوب العالم، في زهو وكبرياء، وبكل غرور باسم الله - تعالى - الله علوا كبيرا تحرق، وتقتل، وتنشر الرعب، وكل شيء أمامها تسحقه ليصير للعالم مصير واحد، واحد لا يتجزأ، فليس أمامه، إلا قوة شمولية واحدة، تسيطر عليه سياسة واحدة، هي سياسة احتكار كل شيء في العالم لها، ولها وحدها.
ويتجلّي هذا الاحتكار في:
احتكار الأيدلوجيا:
بالتخويف، والإغواء، وبالأمر الواقع، وبالابتزاز، تنشر أمريكا أيدلوجيتها القائمة على اعتقاد أن أمريكا هي إرادة الله، وأن شعبها اختاره الله، فهي حقيقة كونية شاملة لايمكن مقاومتها، منطلقة من مخطط إلهي، تصرفت فيه إرادتان، إرادة الرب وإرادة الشعب الذي اختاره الرب، كما قال جورج واشنطن نفسه عن الأمريكيين: (كل خطوة جعلتهم يتقدمون على طريق الاستقلال الوطني تبدو موسومة بسمة التدخل الإلهي)!
وهي عندما تواجه الآخر، فهي تنطلق من حملة صليبية، تتجلى في الخير المطلق، ضد الشر المطلق.
إذن يجب أن تخضع البشرية كلها، لشمولية عالمية أمريكية، لوحدها الحق في تحديد إرادة الله فيها!
الاحتكار العسكري:
في التقرير الذي رفعه البنتاغون إلى الرئيس بوش الأب، تقرير بول ولفويتز عام 1992م، وتقرير الأميرال جيريميا، ما خلاصته أن على الجيش الأمريكي أن يشمل:
1ـ قوة نووية استراتيجية قادرة على التدخل ضد أي خصم يمتلك قوة مماثلة.
2ـ قوة متمركزة في اليابان وكوريا الجنوبية، قادرة على مجابهة القوات النووية والتقليدية الصينية، وعلى القيام بمهام استطلاعية في الشرق الأقصى الروسي وكوريا الشمالية.
3ـ قوة أطلسية متمركزة في قواعد نورفولك.
4ـ قوة طوارئ مستعدة للتدخل السريع أينما استدعت ذلك مصالح الولايات المتحدة.
ولم يعد يخفى أنه لا يوجد بقعة في الأرض إلا والقوات الأمريكية، قد ركزت فيها سلاحها الفتاك، وبنت فيه قواعد عسكرية، لإرهاب العالم كله.
الاحتكار الاقتصادي:
تحتكر أمريكا النظام النقدي الدولي ومنظمتاه الرئيسيتان، صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، وكذلك معاهدة التجارية الدولية.
فمثلا بنية صندوق النقد الدولي تسيطر عليها أمريكا، لأنها تضم 140 عضوا، يقدم كل منها، حسب الحصص، رأسمالا مناسبا مع حصته في التجارة العالمية، وأما أمريكا مع 23% من الأصوات، فتملك حق نقض وأكثرية فعليه يسمحان لها بألا يجري التصويت إلا على ما تريد تمريره، هذا معناه أن أي مشروع لاحظ له بالقبول إن لم يخدم بنحو أو بآخر، أهدافها السياسية والاقتصادية.
الاحتكار السياسي الدولي:
ويتمثل في تحويل الأمم المتحدة إلى أداة لتمرير السياسة الأمريكية من جهة، وساتر لجرائمها في العالم من جهة أخرى، ولهذا فلايمكن ـ على سبيل المثال ـ للأمم المتحدة أن تصدر قرار تفتيش أسلحة الدمار الشامل في الكيان الصهيوني، ولا تهتم حاليا بكوريا الشمالية، بينما تضطر لإصدار قرار عاجل بشأن العراق، لان أمريكا تواصل التهديد، والابتزاز لتطويع الأمم المتحدة.
حتى غدت الأمم المتحدة مجرد وسيلة شكلية تخدم تغطية عمليات أمريكا العسكرية وإضفاء الشرعية عليها، والعجب أنها مع ذلك منذ أعوام تمتنع عن دفع حصتها.
ومن جهة أخرى كانت أمريكا وما زالت أكبر داعم للطغاة، يقول دانيال بورستين في كتابه (تاريخ الأمريكيين): (حتى السبعينات كانت وكالة المخابرات المركزية المؤسسة سنة 1947م أداة لتلك النشاطات السرية، والواقع هو أن تدخلاتها لم تعد تحصى، في إيران، حيث أسهمت في إعادة الشاه إلى عرشه سنة 1953م، وفي البرازيل حيث ساندت انقلاب العسكريين سنة 1964م، وفي كمبوديا، حيث شجعت على الإطاحة بحكومة الأمير سيهانوك المحايدة، وفي كوبا حيث قامت بعملية غزو فاشل لخليج الخنازير 1954م... إلخ)
الاحتكار الثقافي:
فهي لا تتردد في استعباد العقول، وفرض ثقافتها، بالتدخل السافر في ثقافات الدول الأخرى، وهاهي تواصل الضغط على الدول الإسلامية، لإحداث تغيير في المناهج الدينية الإسلامية، لتوافق الثقافة الأمريكية.
يقول دانيال بورستين في كتابه (تاريخ الأمريكيين): (إن أمركة الأرض جارية، فأنماط الاستهلاك والأزياء والمخططات الأيدلوجية المرسومة في الولايات المتحدة الأمريكية تنشر في كل مكان، وهي تحظى بمجهود إعلاني لانظير له، والفوارق الثقافية التي تشكل ثروة الإنسانية هي في طريق الزوال، بمقدار ما سحقها دولاب الزي الواحد الضاغط، إن الثقافة الأمريكية إذ استفادت من التفوق المادي، إنما أفسدت الأرض، فهناك حيث تفكك نفسها تفكك البنى الاجتماعية التقليدية، وتبيد العادات والفولكلور المحلي، وبلا كلل تنشر الامتثالية فوق العالم، امتثالية (صنع أمريكا) ترمي إلى تحويل كل البشر إلى أمريكيين صغار بليدين).
عجبا والله، كيف ظن لاعبو السياسة الأمريكية، الحالمون بإمبراطوريتها التي تريد استعباد العالم، أن كل العالم يمكن خداعه كل الوقت، وأن الجميع ستنطلي عليهم هذه الخدعة المكشوفة، بالاستعباد التام، واحتكار التسلط على العالم، والتوتاليتارية المطلقة عليه، باسم الحرية نفسها، لكن حقا، إن أكثر المخدوعين هم من داخل أمريكا نفسها، الذين لم يتوصلوا بعد إلى اكتشاف، أن زاعمة الحرية والديمقراطية، مصابة بجنون استبدادي عالمي.
وهو جنون منقطع النظير في التاريخ، فهي التي تفرض، وتأمر، وتنهى، وتقرر من غير أن تشاور، وتستملك، بلا اعتبار لأحد، وتفرض إرادتها على العالم، بشتى الطرق فتارة تهدد بالحرب، وتارة بالحصار الخانق، وتارة بحرب اقتصادية، وتارة بالعزل، وتارة بإثارة الحروب الإقليمية بإشعال نار الفتن، وتارة بإحداث الانقلابات، وتارة وتارة...
وعجبا أن بلــداً ـ كما قال ميشال بوغنــــون في كتابه أمريكا التوتاليتارية ص 284 ـ: (يعيش في السكان الأكثر مرضا في العالم، بالأرقام المطلقة، وبالنسب المئوية، ويعيش 35 مليون عائلة تحت عتبة البؤس المدقع، ولا يحق إلا للأغنياء تلقي تربية سليمة، وحيث أبناء السبيل ليس لهم حد أدنى للأجر، ولا عناية طبية، وتقاعد مريح، وحيث من المفضل عندما تتنزه بالشارع عدم الابتعاد عن الشوارع الكبرى، خوفا من أن تقتل لأجل دولار، هذا البلد لا يحق له الزعم بتقديم نظامه كأنموذج وحيد).
وأزيد عليه بأنه البلد الأكثر رصيدا في قتل الأبرياء بأسلحة الدمار الشامل، والأكثر استعمالا للإرهاب والعنف في السياسة الخارجية، والأكثر نشرا للدعارة والعري والفواحش والشذوذ، والأكثر في نسبة الجريمة، والأكثر في النفاق السياسي، وازدواج المعايير في السياسة الخارجية، والأكثر في كل بلية ورزية، ومع ذلك يصر على إرهاب العالم، وإجباره على العبودية لنظامه العالمي الشمولي.
هذا وقد بات العالم الإسلامي في حنين إلى نسائم الحرية، وغدا في شوق إلى نغماتها، فهو يتململ ضجرا من تسلط الاستبداد، ويتطلع توقا إلى شمس إنطلاقته الكبرى، محطما قيود الاستعباد، وقد ضاقت شعوبه ذرعا بالهيمنة الأمريكية ومن بردفها، بئس الردف المردوف، المغلفة بالزيف والأكاذيب والخداع البغيض المكشوف.
وقد بدأ يتطاير من الإسلام الشرر، ويدق ناقوس الخطر، ويرى خلل رماده، وميض نار من سقر، ويوشك أن تهيج فتضطرم، ثم تعلو فتقتحم، فتبرق فيها رايات الحق الوضاء، وتضيء سيوف العدل المضاء، فيملأ مجده الأرض والسماء.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد