اليوم نستكمل المسير بين أروقة التاريخ لنرى ونتعرف أحوال المسلمين في شكالوف "أورنبرج", ولنعلم أن المسلمين في شكالوف قد تعرضوا لنفس الظروف التي تعرض لها المسلمون في ظل الحكم الروسي, حيث قام القياصرة الروس بحملات قوية شرسة على الدول والمدن الإسلامية ذات الثقافات والعلوم المتطورة, وأدى ذلك إلى اندثار هذه الدول والمدن.
ولكن الإسلام بقي في ضمائر الناس وقلوبهم رغم ما تعرضوا له من ألوان الوحشية قبل قيام الثورة الشيوعية وبعدها والتي تفننت في استخدام الكثير من أساليب ووسائل البطش والقتل والاضطهاد في حق ملايين المسلمين ومنهم مسلمي شكالوف في روسيا والاتحاد السوفيتي السابق.
وقد قام ذلك النظام البائد بتدمير المساجد والمراكز الإسلامية العلمية التي كان يتراوح عددها قبل الثورة البلشفية حوالي 15 ألف مسجد, عدا منطقة القوقاز التي كان فيها أكثر من هذا العدد.
ولقد بقي من هذه المساجد في عام 1980م أقل من 90 مسجداً فقط، أما البقية فإما خربت، أو حولت إلى ملاهي، ومطاعم، ومستودعات، أو مصانع لإنتاج الخمور، أو غير ذلك من وسائل الترفيه غير الشرعية.
وتفنن الشيوعيون الملحدون في ملاحقة العلماء والأئمة، ومضايقتهم لصرفهم عن واجبهم الديني، وأداء رسالتهم الإسلامية، وقاموا بالتنكيل بالآلاف منهم، أو نفيهم إلى سيبيريا بعد إلصاق التهم المختلفة بهم, وحاولت الشيوعية أيضاً أن تطبق تجربة القياصرة الروس في تدمير الإسلام، فقامت بغلق المساجد والجوامع، وتشريد الأهالي من المسلمين الأبرياء إلى أن انخفض عددهم انخفاضاً رهيباً.
وبعد تغيير النظام السياسي في البلاد تهيأت الظروف المناسبة للنهضة الإسلامية نوعاً ما عن سابقها، واستطاع المسلمون أن يمارسوا شعائرهم ببعض الحرية من دون خوف أو ملاحقة من قبل السلطات, وبدأت لأول مرة عملية إعادة بناء المساجد وتعميرها، وفتح المدارس والمؤسسات التربوية والتعليمية الإسلامية التي لم يكن لها وجود في زمن الاتحاد السوفيتي السابق.
وفي ظل هذا التغيير تم أيضاً عقد المؤتمرات للمسلمين، وأسست الكثير من الإدارات والمراكز الدينية للقيام بشؤون المسلمين في مناطق روسيا الاتحادية الشاسعة بما فيها شكالوف, وكان ذلك من أكبر الدوافع في مجال تطور التعليم الإسلامي، حيث بدأت المدارس الإسلامية بالظهور، وأقبل إليها الكثير من الطلاب الراغبين في تلقي العلوم الإسلامية، علاوة على ذلك أرسلت مجموعات كبيرة من شباب المسلمين إلى خارج روسيا الاتحادية طلباً للعلم في الجامعات الإسلامية، كما اهتمت ببناء المساجد الجديدة، وإحياء وتعمير وترميم المساجد القديمة الباقية منذ زمن السلطة الشيوعية المستبدة, وأصبح المسلمين يتمتعون بعلاقات وطيدة مع مساجدهم ومدارسهم الإسلامية.
وتحاول المراكز الإسلامية والمساجد هناك التركيز في جميع أنشطتها على إبراز الصورة النقية للإسلام التي تنبذ العنف والإرهاب والتطرف, خاصة بعد أن قام الإعلام الغربي بمحاولات كثيرة ومستمرة لتشويه صورة الإسلام والمسلمين, وذلك بالتعاون مع وسائل الإعلام الإسلامي التي تسعى لإظهار الصورة الحقيقية الناصعة للإسلام, وقد أصبحت بالفعل سنداً للإسلام في تلك البلاد.
وقد قام المسلمين في روسيا الاتحادية بمبادرة إصدار صحف إسلامية في بعض المناطق والتي توزع مجاناً في مساجد الكثير من المناطق ابتداء من المناطق الغربية وحتى الشرق الأقصى من روسيا, وقد شارك المفتون والأئمة في إنتاج وبث البرنامج التلفازي "موسوعة الإسلام" على القناة الثانية للتلفاز الروسي.
وقد عمل هذا البرنامج على تعريف المواطنين في روسيا الاتحادية بقواعد الإسلام، ومبادئه السامية، وقيمه الأخلاقية, ويقوم علماء الإسلام في إطار البرامج الإعلامية بنشاط كبير من أجل مخاطبة الجماهير والوصول إليهم، وتعريفهم بقضايا إسلامية, وذلك خلال نشر مقالاتهم في وسائل الإعلام كالصحف والمجلات، ومخاطبة المسلمين عبر قنوات التلفاز والمذياع الروسية وللعالم الإسلامي.
كما تقوم قيادة المسلمين بالدفاع عن الإسلام، واستنكار أي حملة عدائية ضد الدين الحنيف والمسلمين في هذا البلد، ويقفون في وجه مروجي تلك الأفكار الهدامة، وملاحقتهم قانونياً، وبكل الوسائل الشرعية المتاحة، ولله الحمد فكل هذه الجهود الدفاعية عن الإسلام، وتصحيح صورتهº قد أثمرت في أكثر الأحيان، وأجبرت العديد من الصحف على تكذيب وتصحيح ما تم نشره والاعتذار عنه.
وبرغم كل الإنجازات التي حصل عليها المسلمين في شكالوف وسائر جمهوريات روسيا الاتحادية فإن هناك الكثير من المشاكل والتهديدات والصعوبات التي تواجههم:
· أما عن المشكلات: فمنها عدم احترام مشاعر المسلمين، فعلى سبيل المثال فإن المقاهي والمحلات تواصل تقديم المشروبات المحرمة طوال شهر رمضان, ولا توجد أي تغيرات في البرامج التلفزيونية والإذاعية التي تبث في الشهر الكريم عنها في باقي أيام السنة.
· وأما عن الصعوبات: فمن أبرزها:
· عدم إعادة الممتلكات الإسلامية والوقفية رغم استمرار المطالبات والمفاوضات، ورغم أن الديانات الأخرى تتمتع بكل المساعدات والتسهيلات من قبل الدولة والشركات الداعمة، ما عدا المسلمين الذين عليهم أن يعتمدوا على أنفسهم ولا ينتظروا أي دعم ملموس من المسئولين.
· النقص الكبير في وجود أئمة وعلماء لتعليم العلوم الشرعية، حيث توجد هناك الكثير من المساجد بدون أئمة أو أي إنسان يستطيع تعليم الناس دينهم، أو يؤمهم في الصلوات المفروضة، وفي يوم الجمعة في بعض القرى البعيدة يدخل الناس المسجد لا يفعلون شيئاً سوى التسبيح والدعاء ثم يخرجون دون أن تقام صلاة الجمعة لعدم علمهم وإمامتهم.
· أما عن التهديدات التي يتعرضون لها والتي زادت حدتها بعد أحداث 11 سبتمبر حيث صنف العالم إلى قسمين متحضر وإرهابي:
· ومن ثم ركز البعض على وصف المسلمين بالإرهابيين بتأثير من الإعلام الصهيوني المسيطر في روسيا، ومن المعروف أن هذه تداعيات ومؤامرات ضد الإسلام والمسلمين، ومن هنا فإن مسلمي روسيا في حاجة كبيرة لطباعة الكتب الإسلامية ليتزود بها طلاب العلم والراغبين في تعليم الأمور الشرعية من خلال دورات تأهيلية لدى المراكز الإسلامية أو المساجد، وبالتالي تصحيح صورة الإسلام لدى الشعب الروسي.
وفي مقابل تلك الهجمة الشرسة من الإعلام الصهيوني، وإيماناً من المسلمين في روسيا الاتحادية بالدور الفاعل لوسائل الإعلام ومساهمتها في توعية المواطنين، وتعريفهم بتعاليم دينهم الحنيف، ولكونها الوسيلة السريعة لنقل الرأي الإسلامي إلى العالم، ورسم الصورة الصحيحة والناصعة عنه, وخدمة للمسلمين في أقاليم روسيا والاهتمام بهم، وتوجيه قدر كبير من الإعلام الإسلامي إليهم، وتثقيفهمº قام مسلمو روسيا بمبادرة إصدار صحف إسلامية في بعض المناطق وتوزيعها مجاناً في مساجد الكثير من المناطق ابتداء من المناطق الغربية وحتى الشرق الأقصى من روسيا، وقد شارك المفتون والأئمة في إنتاج وبث البرنامج التلفازي "موسوعة الإسلام" على القناة الثانية الروسية, حيث يعمل هذا البرنامج على تعريف المواطنين في روسيا الاتحادية بقواعد الإسلام، ومبادئه السامية، وقيمه الأخلاقية، كما تعاونوا في إعداد برنامج "كل سور القرآن الكريم" والذي كان يعرض على القناة الثقافية للتلفاز الروسي.
ويقوم علماء الإسلام في إطار البرامج الإعلامية بنشاط كبير من أجل مخاطبة الجماهير والوصول إليهم، وتعريفهم بقضايا إسلامية، وذلك خلال نشر مقالاتهم في وسائل الإعلام كالصحف والمجلات، ومخاطبة المسلمين عبر قنوات التلفاز والمذياع الروسية وللعالم الإسلامي.
وبالرغم من كل التحديات والمعاناة التي يعانيها المسلمين في شكالوف وسائر جمهوريات روسيا الاتحادية فإنهم يقومون من خلال منظماتهم المتعددة بنشر الدعوة الإسلامية في مدن ومناطق لم يصل إليها الإسلام من قبل، وتعيش فيها شعوب إما وثنية أو قلة مسيحية أو بوذية، إلا إن حياتها وثقافتها قريبة من الحياة والثقافة الإسلامية، ولكنها للأسف الشديد لا تعرف شيئاً عن الإسلام، وقد قام الدعاة من المسلمين في تلك البلاد باستغلال تقارب اللغات بينهم وبين الشعوب الإسلامية المتواجدة في روسيا، وعملوا على نشر الدعوة الإسلامية بينهم عن طريق زيارتهم، ونشر الكتب والمطبوعات الإسلامية، وعقد الندوات والمحاضرات، وتقديم بعض الهدايا والمساعدات للمحتاجين منهم في أثناء المناسبات والأعياد الإسلامية حتى فتحت قلوب بعضهم للإسلام.
وقد أدى نجاح الدعوة للإسلام بين غير المسلمين إلى خروج جمعيات إسلامية جديدة إلى النور, حيث ينتمي جميع أعضائها إلى القوميات الروسية والأوكرانية وغيرها من القوميات التي تعتبر في الأصل قوميات مسيحية اعتنقوا الإسلام عن قناعة ووعي كاملين.
ويعتبر هذا الأمر إنجازاً عظيماً ونصراً كبيراً للدين الإسلامي في مختلف الربوع من أراضي روسيا الفيدرالية الشاسعة، لأن أعضاءها يساهمون بشكل كبير وفعال في نشر الدعوة الإسلامية وسط المواطنين من القومية الروسية.
وتحاول المراكز الإسلامية لمسلمي روسيا في جميع أنشطتها التركيز على إبراز الصورة النقية للإسلام التي تنبذ العنف والإرهاب والتطرف خاصة بعد أن قام الإعلام الغربي كعادته بمحاولات كثيرة ومستمرة لتشويه صورة الإسلام والمسلمين، ويعملون على أن يظهر للناس على اختلاف انتماءاتهم أن الدين الإسلامي الحنيف دين المحبة والسلام والرحمة للناس كافة، ولا يتعارض مع القوميات، بل يقوم بتعزيز الحوار بين الشعوب الإسلامية وغير الإسلامية بجميع قومياتها.
ورغم كل هذه الإنجازات إلا أن إخواننا المسلمين في شكالوف وسائر جمهوريات روسيا الاتحادية يحتاجون إلى العون والمؤازرة، والمساندة المادية والمعنوية والاجتماعية من المسلمين في العالم العربي خاصة والعالم الإسلامي عامة.
وفق الله المسلمين جميعاً إلى ما فيه خيري الدنيا والآخرة, مع وعد باللقاء في موضوع آخر - إن شاء الله -.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد