تمر مسيرة استقلال كوسوفا بمرحلة صعبة نتيجة الاعتراض الروسي على استقلاله، حيث دأبت موسكو على جني مكاسب سياسية واقتصادية كلما قدمت نفسها طرفا في المعادلات الدولية. بيد أن قضية كوسوفا تكتسي هذه المرة بعدا معنويا لوجود روابط دينية وثقافية وسياسية بين بلغراد وموسكو، قد تصل لمستوى ذلك الرابط المعنوي الذي تحدث عنه الرئيس الأميركي نيكسون فيما يتعلق بعلاقة بلاده مع الكيان الصهيوني في فلسطين. ومع ذلك، فإن روسيا غير مستعدة لخوض حرب عالمية ضد أوربا و أميركا من أجل صربيا، بل أن صربيا نفسها نفت أكثر من مرة إمكانية اللجوء للانتحار بخوض حرب من أجل كوسوفا، كما أكد ذلك الرئيس الصربي، بوريس طاديتش، مؤخرا.
وليس هناك مناص من حصول كوسوفا على الاستقلال، وذلك لعدة أسباب:
1) الإصرار الألباني على الاستقلال والتهديد علنا بحرق الأخضر واليابس إذا لم يتم تحقيق ذلك وبأي ثمن
2) خطة المبعوث الدولي إلى كوسوفا مارتي اهتساري، والتي نص فيها صراحة على منح كوسوفا الاستقلال تحت إشراف دولي، وقد أعلن عن ذلك أول مرة في 2 فبراير الماضي وقدمها لمجلس الأمن في 3 أبريل الجاري.
روسيا غير مستعدة لخوض حرب عالمية ضد أوربا و أميركا من أجل صربيا، بل أن صربيا نفسها نفت أكثر من مرة امكانية اللجوء للانتحار بخوض حرب من أجل كوسوفا
3) تأييد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الأخرى في المنطقة و منها الجبل الأسود و كرواتيا وألبانيا ومقدونيا لاستقلال كوسوفا
ورغم الرفض الروسي والتحفظ الصيني وكذلك عدد محدود من الدول الأخرى وحتى في حال غامرت روسيا باستخدام الفيتو داخل مجلس الأمن، فإن القوى المؤيدة لاستقلال كوسوفا ستعلن عن اعترافها بدولة كوسوفا (المستقلة) وبالتالي تحصل على الشرعية داخل الأمم المتحدة من خلال الأغلبية.
الموقف الصربي: تسعى بلغراد يائسة للحصول على دعم دولي أكبر لموقفها من كوسوفا، وهو الإبقاء على الوضع الحالي وفق قرار مجلس الأمن رقم 1244 والذي اتخذ في أعقاب طرد الجيش والشرطة الصربيين من كوسوفا سنة 1999. وقال مستشار الرئيس الصربي أن دولا في مجلس الأمن والأمم المتحدة لا تؤيد خطة المبعوث الدولي إلى كوسوفا مارتي اهتساري الداعية إلى منح كوسوفا الاستقلال تحت إشراف الاتحاد الأوروبي، وقال أن روسيا والصين وجنوب أفريقيا واندونيسيا من بين الدول الرافضة لخطة اهتساري. وتأمل صربيا في أن يحول " الفيتو " الروسي " دون تحقيق حلم الاستقلال الذي يتوارثه الألبان في كوسوفو جيلا بعد جيل. وقد أعرب رئيس وزراء صربيا فويسلاف كوشتونيتسا قبل توجهه إلى نيويورك بداية شهر أبريل عن اعتقاده بفشل خطة مارتي اهتساري " لن تنجح خطة اهتساري وستسقط في مجلس الأمن ". وتوقع كوشتونيتسا استئناف المحادثات بين بلغراد وبريشتينا، في إطار ما ترغب فيه بلغراد وهو بقاء كوسوفا جزءا لا يتجزأ من أراضيها.
ويرى مستشار الرئيس الصربي فوك ياريميتش أن "مجلس الأمن لن يكون موحدا في موقفه تجاه خطة المبعوث الدولي مارتي اهتساري، ففي الوقت الحاضر، روسيا ليست الوحيدة التي تعارض الخطة، وإنما الصين أيضا وجنوب أفريقيا، وأندونيسيا ودول افريقية أخرى لا توافق على خطة مارتي اهتساري ". وتابع " هناك أسباب تجعلني متفائلا، ولا نتوقع أن تحظى خطة مارتي اهتساري بالدعم من قبل مجلس الأمن "
وقال مستشار الرئيس الصربي فوك ياريميتش " كل ما نسعى إليه بمساعدة موسكو أن يكون هناك حل يرضي الطرفين " في إشارة إلى التقسيم أو منح صرب كوسوفا حكما ذاتيا و هو يرفضه الألبان جملة و تفصيلا. وتابع " من الصعب الحديث عن استخدام الفيتو، وفي المقابل لا تزال جميع الأطراف متمسكة بمواقفها، واعتقادي هو أن هناك مجال لتقريب المواقف ". أما عضو " الدائرة السياسية للعلاقات الدولية والدبلوماسية " الصربية، دوشان لازيتش، فأكد على إنه " من غير الجيد لصربيا المراهنة على الفيتو الروسي، لأن روسيا لم تعلن حتى الآن أنها ستستخدم الفيتو لمنع استقلال كوسوفا "وأضاف " لا أحد من المسئولين الروس صرح باستخدام الفيتو، ويمكن ملاحظة ذلك من جميع تصريحاتهم وتعليقاتهم وردود أفعالهم عما يجري، بما في ذلك الرئيس فلاديمير بوتين، وهذا يعني أنهم لم يقرروا استخدام الفيتو " وأشار إلى أن " صربيا ترتكب خطأ كبيرا عندما تجعل مصيرها رهنا بفيتو روسي، إنها صورة قاتمة أن يكون مصير صربيا مرتبطا بفيتو روسين فلا يمكن وضع كل البيض في سلة واحدة ".
الموقف الغربي: السفير الاميركي في بلغراد مايكل بولت، يخالف الاعتقاد السائد في بلغراد وهو فشل خطة اهتساري في مجلس الامن، فهو يعتقد بأن مجلس الأمن سيصوت على خطة المبعوث الدولي مارتي اهتساري، وذلك ردا على تصريحات أدلى بها رئيس وزراء صربيا فويسلاف كوشتونيتسا د قبل مغادرته إلى نيويورك لحضور اجتماع مجلس الامن الدولي يوم 3 أبريل، و التي أشار فيها إلى أن "خطة اهتساري ستفشل في مجلس الامن ". وقال بولت " أعتقد بأن انتظار فشل خطة مارتي اهتساري أمام مجلس الأمن مجرد وهم " وتابع " خطة اهتساري هي الحل الوحيد الذي يمكن أن يمثل تقدما على صعيد الحل النهائي في كوسوفا وإرساء الاستقرار في منطقة البلقان "، كما أن الخطة " ليست لصالح كوسوفو فحسب بل صربيا أيضا "و أضاف "الولايات المتحدة لا ترى ضرورة لاستئناف المحادثات بين بلغراد وبريشتينا قبل صدور قرار مجلس الامن "وتتوقع الولايات المتحدة أن يكون شهر يونيو القادم آخر أجل لإعلان استقلال كوسوفا تحت إشراف أوروبي. وهو نفس موقف ألبان كوسوفا والدول الكبرى في الاتحاد الأوروبي. وكانت ألمانيا قد أرسلت تعزيزات عسكرية جديدة لقوات كي فور في كوسوفا قوامها 550 جنديا وبذلك يصل عديد القوات الدولية إلى نحو 19 ألف جندي في كوسوفا.
كما أعلنت الولايات المتحدة الاميركية أنها ستعترف باستقلال كوسوفا حتى إذا لم يوافق مجلس الأمن بالإجماع على قرار بهذا الخصوص. وقال مساعد وزيرة الخارجية الاميركية للشؤون الأوروبية نيكولاس بيرنس " الولايات المتحدة ترى أن الاستقلال هو الحل الوحيد لمسألة كوسوفا " وحول ما إذا لم يتم حصول إجماع داخل مجلس الامن حول استقلال كوسوفا أكد بيرنس بأن الولايات المتحدة " ستعترف باستقلال كوسوفا حتى إذا لم يوافق مجلس الأمن " ويتوقع أن تحشد واشنطن وبروكسل أغلبية كبيرة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة للاعتراف بشكل مستقل بدولة كوسوفا، بينما هددت صربيا بقطع العلاقات مع أي دولة تعترف باستقلال كوسوفا وأجرت اتصالات بعدد من الدول بما في ذلك الدول الـ 15 الأعضاء في مجلس الامن. وأكد بيرنس على أن " استقلال كوسوفا لن يلحق أي أضرار بصربيا " وكانت بلغراد قد أعلنت رفضها منح كوسوفا الاستقلال، وتمسكها بالقرار 1244 الذي يعتبر كوسوفا جزءا من صربيا. بيد أن الألبان والاميركيين والأوروبيين يعتبرون القرار المذكور، " كان استجابة لمرحلة ولم يعلن عنه داخل مجلس الأمن كحل نهائي لقضية كوسوفا ". واستبعد بيرنس تضرر العلاقات الاميركية الصربية بسبب دعم واشنطن لاستقلال كوسوفا. وتوقع بيرنس مستقبلا جيدا للشعب الصربي، حسب تعبيره، و" كوسوفا دولة مستقلة جارة لصربيا ومتعاونة معها في إطار الأسرة الأوروبية ".
السكرتير العام للمجلس الأوروبي تيري ديفيز أكد من جهته على أن "مستقبل كوسوفا سيكون وفق رغبة سكانه " وتابع " إذا لم يحصل كوسوفا على الاستقلال سيكون بمثابة سجن للأغلبية وللأقلية وسيهدد الامن والاستقرار في لمنطقة وأوربا ". وتجري هذه الأحداث وسط خلافات صربية صربية عميقة حول الموقف من خطة اهتساري، ومن ذلك استقالة مستشار الرئيس الصربي لشؤون كوسوفا، ليون كوهين، بعد خلافات حول كيفية إدارة الحوار حول كوسوفا.
وفي سياق متصل قال وزير خارجية ألمانيا السابق " يوشكا فيشر " أن " مصير كوسوفا مرتبط بمصير الاتحاد الأوروبي، وإذا بقيت أوربا منقسمة حول كوسوفا فإن سمعتها ونفوذها خارج الاتحاد سيصاب بضرر كبير وقد يتلاشى " وأعرب فيشر عن اعتقاده بأن مجلس الأمن سيتخذ خطوات ملموسة قبل نهاية العام بخصوص المستقبل النهائي لكوسوفا " مجلس الامن سيصادق على خطة المبعوث الدولي مارتي اهتساري والتي تنص على منح كوسوفا الاستقلال " وتابع " استقلال كوسوفا سيوفر الأمن والاستقرار لأوربا على المدى البعيد وسيساهم في توحيد أوربا من خلال انضمام بقية الدول التي لا تزال حتى الآن خارج الاتحاد "وأضاف "على الاتحاد الأوروبي إقناع روسيا برؤيته وأن روسيا لها مصالح في ذلك أيضا " وحول الموقف الصربي الرافض لاستقلال كوسوفا قال " صربيا يجب أن تعلم أن مستقبلها داخل الاتحاد الأوروبي، وكذلك دول منطقة البلقان، وما ستخسره اليوم ستجنيه غدا، بعد انضمام المنطقة للاتحاد الأوروبي " في إشارة إلى أن جميع الشعوب ستتحد مع بعضها البعض داخل الاتحاد الأوروبي، وكأنه لا توجد حدود دولية بينها، لا سيما إذا تم إلغاء نظام التأشيرة وحمل جوازات السفر، وشروط الإقامة السابقة. وشدد فيشر على ضرورة " اعتقال صربيا للمتهمين بارتكاب جرائم حرب وفي مقدمتهم زعيما صرب البوسنة سابقا رادوفان كراجيتش وراتكو ملاديتش، ومحاربة الفساد وغسيل الأموال أو ما يوصف بالجريمة المنظمة المستشرية في صربيا وأن تنسى ماضيها في كوسوفا.
وقد بحث مجلسا الشيوخ والكنغرس الاميركي يوم الثلاثاء 17 أبريل امكانية منح كوسوفا الاستقلال من خلال قرار جديد لمجلس الامن، وسط أغلبية مؤيدة من الجانبين الديمقراطي والجمهوري. وكان عدد من أعضاء الكنغرس من بينهم السيناتور، جوزيف ليبرمان، وجوزيف بايدن، وجون ميكين، وغوردن سميت، وغيرهم قد حثوا الرئيس الاميركي جورج بوش على دعم خطة المبعوث الدولي إلى كوسوفا مارتي اهتساري الداعية لاستقلال كوسوفا. وقد تم الاجتماع تحت عنوان "النظر لاستقلال كوسوفا".
وقال مساعد وزيرة الخارجية الأميركية للشئون الأوروبية، نيكولاس بيرنس، الأربعاء 18 أبريل "الولايات المتحدة ترى أن استقلال كوسوفا هو الحل الوحيد " وتابع " استقلال كوسوفا لن يلحق أي أضرار بصربيا " وكانت بلغراد قد أعلنت رفضها منح كوسوفا الاستقلال، وتمسكها بالقرار 1244 الذي يعتبر كوسوفا جزءا من صربيا. بيد أن الألبان والاميركيين والأوروبيين يعتبرون القرار المذكور، " كان استجابة لمرحلة ولم يعلن عنه داخل مجلس الأمن كحل نهائي لقضية كوسوفا ". واستبعد بيرنس تضرر العلاقات الاميركية الصربية بسبب دعم واشنطن لاستقلال كوسوفا، الذي قال إنه سيكون قبل نهاية العام الجاري. وتوقع مستقبلا جيدا للشعب الصربي، حسب تعبيره، و" كوسوفا دولة مستقلة جارة لصربيا ومتعاونة معها في إطار الأسرة الأوروبية ".
إلى ذلك قال السكرتير العام للمجلس الأوروبي تيري ديفيز أن "مستقبل كوسوفا سيكون وفق رغبة سكانه " وتابع "إذا لم يحصل كوسوفا على الاستقلال سيكون بمثابة سجن للأغلبية وللأقلية وسيهدد الامن والاستقرار في لمنطقة وأوربا ".
وتجري هذه الأحداث وسط خلافات صربية صربية عميقة حول الموقف من خطة اهتساري، ومن ذلك استقالة مستشار الرئيس الصربي لشؤون كوسوفا، ليون كوهين، بعد خلافات حول كيفية إدارة الحوار حول كوسوفا.
من جهته قال الرئيس الكوسوفي فاطمير سيدو " مجلس الامن سيجتمع الأسبوع القادم وسنحصل على الاستقلال في ظرف أقل مما كان منتظرا ".
الموقف الروسي: عارض وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف أثناء زيارته لبلغراد الأسبوع الماضي منح كمسوفا الاستقلال وطالب باستئناف المفاوضات "مهما طال أمدها حتى يتم التوصل إلى حل". وأن روسيا لن تقبل بفرض أي حل من جانب واحد لمشكلة كوسوفا. وأكد لافروف على أن روسيا ستعمل على تعديل خطة السلام التي قدمها الوسيط الدولي لازمة كوسوفا مارتي اهتساري والتي تنص على منح استقلال مشروط للإقليم ذي الغالبية الألبانية. وأشار إلى أن زيارة وفد مجلس الامن الدولي إلى كوسوفا "سوف تكشف مدى معاناة الأقلية الصربية والمؤسسات الثقافية والدينية للصرب في الإقليم ما قد يخفف من حماسة الدول الغربية لتأييد استقلال كوسوفا ". واعتبر لافروف أن منح الاستقلال لإقليم كوسوفا سيشكل سابقة تشجع الأقاليم والمقاطعات الأخرى في البلقان وشرق أوروبا على الانفصال والمطالبة بالاستقلال ما قد يخلق المزيد من التوتر والفوضى هناك. على حد تعبيره.
الموقف الألباني: أما رئيس كوسوفا فاطمير سيدو فقد أعرب عن اعتقاده قبل توجهه إلى نيويورك لحضور اجتماع مجلس الامن، بأن " الوضع النهائي في كوسوفا سيعلن عنه في مدة لا تتجاوز الشهرين أو ثلاثة أشهر " وتابع " ما يهمنا هو أن الاتحاد الأوروبي الذي نسعى لأن نكون جزءا منه مع مطلب الاستقلال إلى جانب الولايات المتحدة الاميركية "وتابع " الجميع يعلم بما ذلك صربيا وروسيا بأنا لن نقبل بأقل من الاستقلال، وكوسوفا الصربية أصبحت جزءا من الماضي، تماما مثل كوسوفا الرومانية، وكوسوفا العثمانية، ولا عودة أبدا للمحادثات الثنائية إلا بعد إعلان الوضع النهائي " وقال " سنحصل على الاستقلال، في ظرف أقل مما كان منتظرا ".
رئيس وزراء كوسوفو أجيم تشيكو أعرب عن أمله في تخطي عقبة الممناعة الروسية والصينية داخل مجلس الامن. وقال تشيكو " نحن لا نأمل ذلك فحسب بل نتوقعه "و تابع " الأمور لن تكون سهلة بعد اجتماع مجلس الأمن، ولكن أصدقاؤنا أقوياء بما فيه الكفاية لتحظى خطة اهتساري بالقبول في مجلس الأمن " ومن بين الدول الخمسة عشر الأعضاء في مجلس الامن تؤيد 5 منها بشكل واضح خطة اهتساري وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وبلجيكا وبنما، بينما تعارضها دولتان في المجلس هما روسيا والصين. و هذا ما حدا بصربيا للمراهنة على فشل خطة اهتساري من خلال الدعم الروسي. وكانت كل من روسيا والصين قد أعلنتا تأييدهما للموقف الصربي الداعي لمواصلة المفاوضات مع كوسوفا، وهو ما ترفضه واشنطن وبريشتينا. إلى ذلك أعلن السكرتير العام لحلف شمال الأطلسي جاب دي هوب شيفر مجددا بأن " حلف شمال الأطلسي مستعد لمواجهة أي أعمال عنف أو مغامرات عسكرية في كوسوفا ".
وأكد رئيس وزراء كوسوفو أجيم تشيكو على أن " كوسوفا ستكون دولة مستقلة قبل نهاية شهر يوليو القادم، و سيكون حال الصرب في دولتنا أفضل مما هم عليه الآن كلاجئيين في صربيا " وتابع "الاستقلال لن يكون رمزا للاضمحلال والتلاشي بالنسبة للصرب، لا أبدا، بل سيكون رمزا لبقاء الصرب في كوسوفا و عودة المهاجرين إلى كوسوفا ". وأعرب عن اعتقاده بأن روسيا ستغير موقفها للحفاظ على وحدة مجلس الأمن، وعدم التسبب في زعزعة الامن والاستقرار في منطقة البلقان مجددا، مشيرا إلى تحذير الاتحاد الأوروبي لروسيا، حيث " حملها المسؤولية عما سيجري في كوسوفا والمنطقة إذا لم تغير موقفها " وقال " لا يوجد أي خوف أو هواجس من احتمال بقاء الوضع في كوسوفا كما هو عليه أو فشل خطة اهتساري، فالأمم المتحدة أكدت على أن كل شئ يسير وفق ما رسم له، وهذه أول مرة في التاريخ يتم الحديث عن استقلال كوسوفا، وهذا شئ عظيم بالنسبة لنا ". واتهم المسئولين الصرب باستخدام " استراتيجية خاطئة، وهي مضيعة الوقت في جدل بيزنطي لا طائل من وراءه " على حد تعبيره.
ألبانيا لا تنوي ضم كوسوفا: ألبانيا من جهتها جددت يوم الثلاثاء 10 أبريل نفيها وجود نية لديها لضم كوسوفا إلى أراضيها في إطار ما يعرف بألبانيا الكبرى، وقال وزير الخارجية الألباني، باسنيك مصطفاي، " ليس هناك أي نية لضم كوسوفا إلى ألبانيا تحت أي طرف من الظروف "وتابع في حوار نشرته صحيفة "كورير" النمساوية " الحكومة والبرلمان لديهما موقف واضح وهو لا تغيير في الحدود الدولية لألبانيا الحالية، ولكن ستكون لنا علاقات فوق العادة مع بريشتينا " وأعرب عن أمله في حصول كوسوفا على الاستقلال أثناء فترة عمله كوزير للخارجية " آمل أن أظل وزيرا للخارجية حتى رؤية كوسوفا دولة مستقلة ". وكشف المسئول الألباني عن وجود مشاكل لبلاده مع صربيا " العلاقات الألبانية الصربية ليست جيدة جدا، و نحن نسعى منذ 18 شهرا لإقامة علاقات طبيعية مع بلغراد و لكن هناك برود من قبلهم بسبب كوسوفا " وأضاف " كوسوفا الصربية أصبحت شيئا من الماضي ككوسوفا الرومانية تماما ". وحول انضمام بلاده للاتحاد الأوروبي قال " أرجو أن يكون في أقرب وقت لقد وقعنا في يونيو 2006 معاهدة الاستقرار والتقارب مع بروكسل ونحن ننتظر دعوتنا في السنوات القادمة ".
في انتظار قرار مجلس الامن: وفي انتظار جلسة مجلس الأمن في شهر مايو أو يونيو القادم، والتي ستكون من أكثر الجلسات إثارة في تاريخه، تظل المواقف متباعدة، وهو ما بدا واضحا في اجتماع الترويكة الأوروبية مع وزير خارجية روسيا، فقد جدد وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف موقف بلاده الرافض لاستقلال كوسوفا لكنه لم يلوح باستخدام الفيتو في مجلس الأمن. وقال لافروف في اجتماعه مع الترويكة الأوروبية يوم 23 أبريل الجاري في لوكسمبرغ " قرار مجلس الامن بخصوص مستقبل كوسوفا يجب أن يتم بموافقة الجميع وليس من من قبل جهة واحدة " في إشارة إلى ألبان كوسوفا. وتابع " يجب التوضيح أولا لماذا يجب تغيير قرار مجلس الأمن رقم 1244 وهناك قضايا لا تزال عالقة مثل حقوق الأقليات وعودة اللاجئيين وغيرها من المسائل الهامة". وفي رده على سؤال حول استعداد روسيا لاستخدام الفيتو لمنع استقلال كوسوفا، تهرب لافروف من الإجابة المباشرة " لا نرى أي قرار نهائي للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ولا يجب الإسراع نحو هذا القطار (الفيتو) فالسرعة لا تؤدي بنا للحل، نحن في حاجة لقرار متوازن، من أجل استقرار البلقان وأوربا ". أما المنسق الأعلى للشؤون الأمنية والعلاقات الخارجية بالاتحاد الأوروبي خافيير سولانا فقد أكد على " دعم الاتحاد الأوروبي لخطة المبعوث الدولي مارتي اهتساري، وكذلك دعم صربيا للانضمام للاتحاد الأوروبي " وعن طلب روسيا استمرار المحادثات بين صربيا و كوسوفا قال سولانا " الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون هو الذي سيقرر ماذا سيكون عليه الوضع "
وقال وزير خارجية ألمانيا، فرانك فالترشتانماير، الذي ترأس بلاده الاتحاد الأوروبي أن "الحل النهائي في كوسوفا يجب أن يحافظ على السلام والاستقرار في منطقة البلقان " حيث يتخوف الأوروبيون من لجوء الألبان للسلاح في حالة لم يتم منح كوسوفا الاستقلال. لاسيما وأن رئيس وزراء كوسوفو أجيم تشيكو قد أكد بأن برلمان بلاده " سيعلن الاستقلال بعد جلسة مجلس الامن المرتقبة مباشرة بقطع النظر عن القرار الذي سيتم اتخاذه، وما إذا كانت روسيا ستستخدم الفيتو أم لا " وكانت وكالة أنترفاكس الروسية قد ذكرت يوم 24 أبريل بأن " موسكو ستستخدم الفيتو في مجلس الأمن " ونقلت عن نائب وزير خارجية روسيا، فلاديمير تيتوف، قوله " الحل الذي تضمنته خطة المبعوث الدولي مارتي اهتساري لن يمر من خلال مجلس الأمن الدولي " بالمقابل أكد مساعد وزير خارجية الولايات المتحدة روزميرو دي كارلو بأن " ملف كوسوفا سيغلق قبل نهاية الصيف " وجدد تأييد واشنطن لخطة اهتساري. وكانت الولايات المتحدة قد لمحت لإمكانية اللجوء لإعلان استقلال كوسوفا من خلال الاعتراف الدولي المباشر إذا فشل مجلس الأمن في الاتفاق على خطة اهتساري أو أقدمت موسكو على استخدام الفيتو.
المكاسب والخسائر: بالنسبة لألبان كوسوفو لن يكون لاستقلالهم أي خسائر، غير القيد والأغلال التي ظلوا يرزحون فيها لعدة قرون، فقد احتل الصرب الغزاة أرضهم قبل أن ينقذهم العثمانيون من القبضة الصربية بعد معركة كوسوفا سنة 1389 حيث عرفوا معنى العدل والإخاء فدخلوا في دين الله أفواجا، وبعد معاهدة برلين سنة 1878، ثم حرب البلقان 1912 1913 عاد الصرب مجددا إلى كوسوفا ولم يخرجوا منه سوى عام 1999. أما مكاسب الألبان فإنهم سيعيشون لأول مرة بدون الشعور بأنهم غرباء في أرضهم، والتخلص من سطوة الاحتلال وظلمه التاريخي وقمعه لتطلعاتهم المشروعة في الحرية والانعتاق. لكن استقلال كوسوفا قد يحرك بعض الذيول الصربية في المنطقة ولا سيما البوسنة، حيث يشعر الصرب بأنهم أقوياء وأنهم يستطيعون أن يفعلوا ما يريدون، وقد نظموا في المدة الأخيرة عملية جمع التواقيع من أجل إجراء استفتاء على الانفصال عن البوسنة، رغم مخالفة ذلك للدستور الذي ينص على أن الاستفتاء لا يعتبر شرعيا ما لم يتم على مستوى الدولة، وإذا استثنينا الحالة البوسنية، فإن استقلال كوسوفا يعد مكسبا تاريخيا لشعب يمثل أهله السكان الاصليون للمنطقة، بينما الصرب وافدين على المنطقة منذ القرن التاسع الميلادي.
بقي القول أن الأمم المتحدة وأوربا ومجلس الامن والغرب عموما أمام امتحان جديد في البلقان، كما حدث في تسعينات القرن الماضي، وأمام مسؤولية جديدة في المنطقة، تقتضي ترويض الوحش الصربي، وعدم تكرار العار الذي يتسربل به (الغرب) بسبب موقفه المتخاذل من حرب الإبادة ضد المسلمين في ما كان يعرف بيوغسلافيا سابقا.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد