بسم الله الرحمن الرحيم
لا يخفى أثر وسائل الإعلام على الأفراد والمجتمعات سلباً كان ذلك الأثر أم إيجاباًº لأن الإعلام نوعان:
إعلام يقوم ببيان الحق وتزيينه للناس بكل الطرق والأساليب والوسائل العلمية المشروعة، مع كشف وجوه الباطل وتقبيحه بالطرق المشروعةº فهذا إعلام إيجابي.
وإعلام يقوم على تزويد الناس بأكبر قدر من الأكاذيب والضلالات، وأساليب تهيج الغرائز، ويعتمد على الخداع والتزييف والإيهام، فهذا إعلام سلبي.
وهذا النوع الأخير من الإعلام هو ما يجري مع الأسف في وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية في العالم الإسلامي باستثناء بعض القنوات والمجلات الإسلامية(1) ولقد كان لهذا النوع من الإعلام دور كبير في تغريب المرأة، وازداد خطره بظهور القنوات الفضائية في عام 1409ه حيث بدأ البث التلفزيوني المباشر(2) عبر الأقمار الصناعية، وكانت البداية للقنوات الفضائية الأجنبية، ثم تبعتها القنوات الفضائية العربية التي كان الغرب يتخوف من ظهورها فقد كتبت كبريات الصحف الغربية: "لا تطلقوا القمر الصناعي العربي...إنه مشروع خطير يدعم ثقافتهم العربية والإسلامية... وانطلقت سلسلة من أقمار ال عرب سات ثم نايل سات وظهرت عشرات القنوات العربية... ولكن لم يتحقق شيء مما كان الغربيون متخوفين منه والسبب: أن القنوات الفضائية العربية صارت مرآة عاكسة للوجه الغربي القبيح.. تُغرِّب ولا تقرب، تهدم ولا تبني"(3).
لقد أصبحت جُلٌّ القنوات الفضائية العربية من أشد الوسائل فتكاً وتدميراً لثوابت الأمة العقدية، والأخلاقية، والاجتماعية، والفكرية، والسلوكية، من خلال ما تعرضه من عقائد باطلة، وأخلاق سيئة، وأفكار هدامة، وسلوكيات مدمرة، وهذا التدمير المتعمد تقوم به القنوات الفضائية العربيةº اعتماداً على مقولة زائفة بأن ما تقوم به هو: "انفتاح حضاري، وثقافي، وإعلامي، ومواكبة للتطورات العالمية في مجال البرامج الإعلامية الإخباري منها، والثقافي، والترفيهي، والاجتماعي... بينما الحقيقة هي أن ما تقدمه يعد غزواً... لا يقل عن الغزو الأجنبي خطورة نظراً لإفساده للدين والفكر والأخلاق والسلوك"، (4) فالقنوات الفضائية تسير في نفس الطريق الذي تسير فيه القنوات الفضائية الغربية الهابطة إن لم يكن بعضها أشد سوءاً، وأكثر انحطاطاً، فهي تبث أكثر من 200 ألف ساعة سنوياً أغلبها فن، ورياضة، وأفلام، وأغان، فماذا كان تأثير ذلك على المرآة؟
الأثر مؤلم وخطير، لقد غربت تلك القنوات كثيراً من نسائنا، فصار من المناظر المألوفة: مشاهدة الفتاة وقد أصبحت غربية من قمة رأسها إلى أخمص قدميها، والمنهج الغربي يطغى على جميع تصرفاتها، وأسلوب حياتها، وتعاملها مع الآخرين.
لقد مارست هذه القنوات العربية اللسان، الغربية الهوى - ولا زالت تمارس - هوايتها في تمرير المشروع التغريبي على الأمة، فهي تزين للمرأة المسلمة النمط الغربي فكراً وسلوكاًº فالسفور حرية شخصية، والتبرج والعري جمال وأناقة، واللقاءات المحرمة علاقات شريفة، والخلوات الشيطانية حب بريء، وطريق للزواج الناجح، ورفض قوامة الزوج، وولاية الولي مطالبة بالحقوق المسلوبة، والخلاعة تطور وتحضر، وقرار المرأة في البيت تخلف ورجعية.
ولبيان الدور الخطير والمدمر الذي تقوم به القنوات الفضائية العربية لتغريب المرأة المسلمة جمعت ما تيسر لي من مظاهر تغريبها، وما خفي على أكثر مما عرضته.
ما هو التغريب؟
التغريب هو: "مجموعة الأفكار والمفاهيم والممارسات المتلقاة من الكفار والتي يقصد بها صرف الأمة عن دينها. واشتقاقها من الغرب لغالبية دورهم في هذا المجال، وإلا فالكفر ملة واحدة"، (5) فالمقصود من التغريب: تحويل سلوك المسلمين، وعاداتهم، وتقاليدهم، وقيمهم، وأعرافهم، وثقافتهم لتكون تابعة للغرب.
لماذا التركيز على تغريب المرأة المسلمة؟
لأن المرأة هي محضن الرجال، ومربية الأجيال، وهي حصن المجتمع الحصين الذي إذا تهاوى تهاوت معه الأسرة، ثم تهاوى معه المجتمع، فإذا استجابت المرأة المسلمة لدعوتهم فسيؤدي ذلك إلى إفسادها، وإفساد المجتمع بأقصر الطرق وأسرعها، وهذا ما يريده الأعداء ولا يفقهه المستغربون.
في استبانة وزعت على عدد من النساء سئلن فيها عن نسبة انتشار مظاهر التغريب بين نسائنا فكانت إجاباتهن كالتالي: 36% كثير جداً، 44% كثير، وفي سؤال آخر: في رأيك تبدو مظاهر التغريب أكثر وضوحاً بين نسائنا في المظهر أو الفكر أو في المظهر والفكر معاً؟ كانت إجاباتهن كالتالي: 65% في المظهر والفكر معاً، 35% في المظهر.
هل غرّبت القنوات الفضائية المرأة المسلمة؟
تقول د. نورة آل الشيخ عميدة كلية إعداد المعلمات: "ألمس تغيراً في فكر بعض الفتيات عن السابق، ولعل الانفتاح الذي نعيشه من خلال الفضائيات هو السبب"(6) وتقول د. هدى طافش الاستاذة بقسم اللغة الإنجليزية بكلية التربية: "إن للفضائيات تأثيراً لا يستهان به على محاولة تغريب المرأة المسلمة، وجعلها تابعة مبهورة بكل ما ينتجه الغرب، سواء من ناحية الفكر، أو الثقافة، أو الملبس، أو المشرب، أو حتى التصرفات"(7).
مظاهر تغريب القنوات للمرأة:
تم رصد بعض المظاهر لتغريب القنوات الفضائية، واستلابها لعقول كثير من النساء سواء عن طريق برامج متخصصة موجهة أو عن طريق الأفلام والمسلسلات، ومن تلك المظاهر:
أولاً: استرجال المرأة:
وجد في عصرنا صنف من النساء خالفن فطرة الله التي فطر الناس عليها، وتخلقن بصفات لا تليق بالأنثى التي خلقها الله - تعالى -لتتميز بها عن طبيعة الرجال، يحسبن بزعمهن أنهن أصبحن كالرجال، فواجهن من العنت والضيق الشيء الكثير، وحصلت لهن المشكلات الجسدية والنفسية، ومضايقة الرجال، والتعدي عليهن، وأصبحن منبوذات حتى من بنات جنسهن... ولقد جاء الوعيد الشديد لمن خالفت فطرتها، وتخلت عن أنوثتها، وتشبهت بالرجال"(8) قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء"(9). وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لعن الله المخنثين من الرجال و المترجلات من النساء"(10). وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لعن الله الرجلة من النساء"(11)، ومن تلك الأحاديث يتبين حكم المترجلة التي تتشبه بالرجال بأنه حرام وكبيرة من كبائر الذنوب.
وترجل المرأة ظاهرة غريبة على مجتمعنا المحافظ فما الذي غير بعض النساء حتى أصبحت لا تكاد تفرق بينها وبين الرجل؟ إنها القنوات الفضائية التي تنقل لنا مظاهر حياة المرأة الكافرة المسترجلة المساوية للرجل في كل شيء، فتقوم بعض النساء بتقليدها ومحاكاتها، وقد سُئلت مجموعة من الطالبات الجامعيات عن أسباب هذه الظاهرة فأجاب 24% منهن أن السبب يرجع إلى القنوات الفضائية(12).
ومن مظاهر تشبه المسترجلة بالرجال ما يلي:
1- التشبه في اللباس:
بعد وجود القنوات الفضائية لبست بعض النساء ملابس تشبه ملابس الرجال تماماً والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لعن الله الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل"(13)، ومن تلك الملابس: (البنطلون)، وفي إجابة للجنة الدائمة للإفتاء عن حكم لبس المرأة للبنطلون: "الغالب في البنطلون أنه ضيق يحدد أجزاء البدن التي يحيط بها ويسترها، كما أنه قد يكون في لبس المرأة للبنطلون تشبه من النساء بالرجال، وقد لعن النبي - صلى الله عليه وسلم - المتشبهات من النساء بالرجال "
2- رفع الصوت بالكلام، ومجادلة الرجال.
3- تقليد الرجال في المشية والحركات.
4- التشبه بالرجال في الهيئة والشكل: كقص الشعر مثل شعر الرجل.
ثانياً: كثرة ارتكاب المرأة للجرائم:
عندما توجد المرأة المسترجلة توجد المرأة التي تفعل ما يفعله الرجل تماماً، ومن ذلك: ارتكاب الجرائم، وهذا لا يعني أن المرأة كانت لا ترتكب الجرائم قبل وجود القنوات الفضائية، ولكن هذه القنوات زادت من نسبة ارتكابها للجريمة، يقول الدكتور سعود الضحيان أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك سعود: "إن جرائم النساء في المملكة في تزايد، وقد شهدت ارتفاعاً ملحوظاً خلال الخمس سنوات الماضيةº وذلك نتيجة التطورات الاجتماعية، واختلاف أساليب التنشئة وانتشار الفضائيات"(14).
نعم لقد ساعدت الفضائيات على جراءة بعض النساء في ارتكاب الجريمة تقليداً للمرأة الغربية التي تشاهدها في فيلم أو مسلسل أو غيره، ومن أخطر تلك الجرائم التي تؤثر على المرأة وعائلتها ما يتعلق بشرفها وسمعتها. وقد لا يتصور البعض أن بعض النساء في بلادنا وقعن في جرائم تعاطي المخدرات، وشرب المسكرات، بسبب ما يشاهدنه في القنوات الفضائية من أفلام تزين لهن ذلك، وفي تحقيق أجرته صحيفة الرياض مع عدد من النساء المسجونات من المدمنات على شرب الخمور وتعاطي المخدرات كان من إجاباتهن الآتي:
"أعتقد أن الشرب شيء جميل والدليل أن كل الأفلام... فيها شرب".
"أشاهد الأفلام الأجنبية... وعندما أرى الأفلام وهم فيها يشربون أحس بأنهم الأشخاص الذين يعيشون حياة حقيقية".
"رأيت فتيات كثيرات يشربن في الأفلام الأجنبية فحاولت أن أجربه".
يقول الدكتور خليل القويفلي المشرف العام على مجمع الأمل الطبي بالرياض: "إن ظاهرة المخدرات في ازدياد على مستوى الشباب والشابات ما يؤرقنا هو تزايد أعداد المدمنات والمدمنين، فحالات الإدمان تكثر في المراهقات من سن 25 إلى 35 عاماً، وهناك حالات عديدة لطالبات ثانوية مدمنات... وترجع أسباب الإدمان إلى عدة عوامل أكثرها أهمية: الفضائيات التي تعرض أفلاماً وبرامج يكون تناول المخدرات وشرب المسكرات شيئاً ملازماً لها"(15).
وارتكاب المرأة للجريمة له أضرار اجتماعية منها: تدنيس سمعتها العائلية، وتدمير حياتها الزوجية إن كانت متزوجة، وربما طلاقها من زوجها، وما يترتب على ذلك من أضرار وخاصة أن كان هناك أطفال من هذا الزواج.
ثالثاً: تدخين المرأة:
التدخين يسبب العديد من الأمراض الخطيرة من أهمها: مرض السرطان، فالدراسات أثبتت علاقة التدخين بعدد من أنواع السرطانات، منها: سرطان الرئة، والمخ، والدم، والغدد اللمفاوية، وهذه الأمراض تسبب الوفيات في الغالبº ولذا يعد التدخين من أهم أسباب الوفيات المتزايدة عالمياً، وتشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى أن التدخين يؤدي إلى وفاة خمسة ملايين من الناس سنوياً ويقدر أطباء المنظمة أن يزداد عدد ضحايا التدخين إلى عشرة ملايين شخص سنوياً بعد عشرين عاماًº ولهذا أفتى أهل العلم بحرمة التدخين، لأن فيه ضرراً على النفس وإهلاكاً لها، وقد قال الله - تعالى -: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة (195) {البقرة: 195}.
وإذا كان للتدخين أضرار عديدة فإن هذه الأضرار تزيد إذا كانت المرأة هي التي تدخن. تقول د- هناء الزامل: "التدخين أثناء الحمل والرضاعة يسبب كثيراً من المشاكل الصحية للجنين... وعلى الرغم من تعرض المرأة المدخنة إلى الإجهاض، وانفصال المشيمة، ونقص وزن الوليدº فإنها أيضاً تعرض طفلها إلى الإعاقة التي يسببها نقص الأكسجين الذي يحدث أثناء التدخين"(16)، وظاهرة تدخين النساء ظاهرة غريبة جداً على مجتمعنا المحافظ، وقد اختلفت الإحصائيات في أعداد النساء المدخنات في بلادنا ما بين مقل ومكثر في ذلك، ففي محاضرة للدكتور- محمد حسين آل محيا استشاري طب الأسرة بعنوان: التدخين وأضراره أقيمت ضمن الأسبوع الصحي الذي نظمته جامعة الملك خالد ذكر: أن في المملكة أكثر من (600) ألف مدخنة أغلبهن من المراهقات، (17) ويقول رئيس مجلس إدارة جمعية مكافحة التدخين الأستاذ- سليمان بن عبد الرحمن الصبي: "تبلغ نسبة المدخنات للسجائر والمعسل (10%) من نساء المجتمع السعودي... وللأسف هذه إحصائية مخيفة في بلد محافظ على تقاليده كالسعودية، والمجتمع إذا استمر على انفتاحه غير المتوازن... فإن هذه الإحصائيات مهيأة للزيادة"، ورأس هذا الانفتاح القنوات الفضائية. كما أفادت دراسة نشرت في مجلة طبية أمريكية أجريت على مراهقين كان من نتائجها: أن نسبة ممارسة المراهقين لعادة التدخين بسبب مشاهدتهم للممثلين في الأفلام والمسلسلات وهم يمارسون تلك العادة ترتفع بنسبة ثلاثة أضعافها عنها بين أولئك الذين لا يقضون أوقاتاً طويلة في مشاهدة الأفلام(18)، وتشير الدكتورة نورة بنت عبد الله الرويس أستاذ مساعد قسم طب الأسرة والمجتمع بكلية الطب بجامعة الملك سعود إلى أن من مثالب القنوات الفضائية "ترسيخ المفاهيم الخاطئة وإظهارها بشكل إيجابي مثل: عادة التدخين"(19).
رابعاً: المرأة المتحررة:
يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن"(20)، ولهذا أوجب الشارع الحكيم على الرجال المؤمنين أن يكونوا رعاة لمن تحت أيديهم من الأهل من بنين وبنات وزوجات يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالإمام راع وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته... "(21)، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله - تعالى -سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيعه حتى يسأل الرجل عن أهل بيته"(22)، فالولي مسئول عن من تحت ولايته من بنات وأخوات وزوجات، وعليهن السمع والطاعة له بالمعروف، ما لم يأمرهن بمعصية للهº لكن القنوات الفضائية تقوم بإرسال رسائل مباشرة وغير مباشرة محتوى هذه الرسائل: أن تتمرد المرأة على ولاية وليها عليها أباً كان أم أخاً أم غير ذلك، وأن تحطم أي قيود، أو قيم، أو أعراف، أو عادات، أو تقاليد للمجتمع، وأشر من ذلك وأمَرٌّ أن ترفض الأحكام الشرعية، وإن قبلت المرأة منها شيئاً قبلت ما ترى أنه يمنحها حقوقاً، ولكنها ترفض ما ترى أنه واجبات ومسئوليات عليها، كل ذلك بدعوى حريتها الشخصية. فحريتها تجعلها تفعل ما تريد، وتقول ما تشاء، وتذهب إلى أي مكان، وتلبس ما تهوى من لباس، وتقيم علاقات مع أي جنس، وتسافر بدون محرم، وتتزوج بمن تحب براً كان أم فاجراً، وليس لأحد ولياً كان أم زوجاً أن يسألها عن ذلك، فضلاً عن أن يوجهها أو يمنعها. وقد كان لذلك آثار ضارة عليها، فعلاقتها مع وليها اهتزت إن لم تكن انقطعت في كثير من الأسر.
خامساً: رفض قوامة الزوج:
قال الله - عز وجل -: الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على" بعض 34 {النساء: 34} هذه القوامة تتطلب أن يكون الرجل حامياً للمرأة، حافظاً لها من أي اعتداء أو خوف، موفراً لها حاجاتهاº ولذا فإن المرأة تطلب هذه القوامة بفطرتها، و لا يخل بهذه القاعدة إلا من شذ من النساء، وقد قامت القنوات الفضائية عبر برامجها وأفلامها بدور كبير في إقناع المرأة برفض قوامة الزوج عليها فهي تصور "الزوج بأنه سجّان قاهر، والقوامة سيف مُصلت... حتى أوجد ذلك في نفوس النساء أنفة واشمئزازاً وبحثاً عن الانطلاق بلا قيود"(23).
بدأت بعض الزوجات برفض قوامة الزوج، وقد ترتب على هذا خدش كبير في علاقة الزوج بزوجته أدى إلى حدوث المشاكل بينهما والنزاع والشقاق، وربما الفراق والطلاقº "لأن المرأة بفطرتها تُحب أن تأوي إلى ركن تلجأ إليه... ولذلك فإن تنازل الرجل عن قوامته أمر يشقي المرأة ولا يسعدها، ويُسبب وهناً في بناء الأسرة، وتقويضاً في أركانه"(24).
سادساً: إقامة العلاقات المحرمة مع الجنس الآخر:
من قواعد الشرع المطهر أن الله - سبحانه - إذا حرم شيئاً حرم الأسباب والطرق والوسائل المفضية إليهº تحقيقاً لتحريمه، ومنعاً من الوصول إليه، أو القرب من حماه، ولو حرم الله أمراً وأبيحت الوسائل الموصلة إليه، لكان ذلك نقضاً للتحريم وحاش شريعة رب العالمين من ذلك.
وفاحشة الزنى من أعظم الفواحش وأقبحها، وأشدها خطراً وضرراً على ضروريات الدينº ولهذا صار تحريم الزنى من الدين بالضرورة(25) يقول الله - جل وعلا -: ولا تقربوا الزنى" إنه كان فاحشة وساء سبيلا 32 {الإسراء: 32} يقول العلامة السعدي - رحمه الله تعالى -: "والنهي عن قربان الزنى أبلغ من النهي عن مجرد فعلهº لأن ذلك يشمل النهي عن جميع مقدماته ودواعيه فإن من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه"(26).
وإقامة العلاقات بين الجنسين من أهم الأسباب للوقوع في فاحشة الزنىº ولذا حرمها الشارع الحكيم، ولكن القنوات الفضائية زينت للفتاة ضرورة إقامة تلك العلاقات مع الشاب قبل الزواج بدعوى أنه لا حياة زوجية سعيدة إلا بحب قبلها، وتبين د- خديجة علوي أستاذة علم الاجتماع "أن الصداقة بين الشاب والفتاة قبل الزواج... من ضمن الأفكار الفاسدة التي وردت إلى مجتمعنا بسبب الانفتاح اللا محدود على المجتمعات الغربية"(27)، ومن أعظم وسائل ذلك الانفتاح: القنوات الفضائية.
ما هي نهاية هذا الحب؟
1- وقوع الشباب من الجنسين فيما حرم الله - تعالى -و ارتكابهم للفواحش لإشباع الغريزة الفطرية الموجودة لديهمº لأن خلوتهم مع بعض ستجعل الشيطان ثالثهما كما قال النبي: "لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان"(28) ومن كان الشيطان معهما فسوف يزين لهما المعصية، ويهون عليهما ارتكاب الفاحشة.
2- رد الفتاة للكثير من الأزواج الأكفاء ممن يُرضى دينهم وخلقهم أثناء فترة الحب قبل الزواجº انتظاراً لتقدم المحب لخطبتها، والذي في الغالب لن يتقدم لها بل يضحك عليها، فتضيع على نفسها فرصاً كثيرة للزواج من أكفاء، وفي الوقت نفسه لم تمتثل لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ألا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض"(29).
3- احتمال بقاء الفتاة عانساً، فبعض الفتيات تظل معلقة به تنتظره، ولا تصحو من غفلتها وتعرف أن هذا المحب لها لن يتقدم لها إلا بعد سنوات فاتها أثناءها قطار الزواج.
4- الأثر النفسي الذي يحدثه هذا الأمر عليها في مستقبل حياتها الزوجية.
5- أن ينتهي الحب قبل الزواج بزواج فاشل غير ناجح، ينتهي غالباً بالطلاق، فالدراسات والأبحاث التي أجريت في بلاد الكفار والمسلمين أثبتت أن معظم الذين تزوجوا بعد قصة حب لم ينجحوا في زواجهم، وأن أكثر حالات الطلاق إنما تقع في الزيجات التي تمت بعد علاقة حب(30).
ــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
1- الإعلام في العالم الإسلامي، لسهيله زين الدين حماد ص: 12- 13بتصرف.
2- البث المباشر حقائق وأرقام للشيخ- ناصر بن سليمان العمر، ص: 17
3- مجلة الجندي المسلم العدد: 102.
4- مجلة كلية الملك خالد العسكرية عدد محرم 1425ه.
5- فتياتنا بين التغريب والعفاف للشيخ د- ناصر العمر، ص 15.
6- مجلة أسرتنا العدد: 37.
7- مجلة أسرتنا العدد: 33.
8- مجلة الفرقان العدد: 301.
9- أخرجه أحمد والترمذي وصححه الألباني برقم: 5100 في صحيح الجامع.
10- أخرجه الترمذي وصححه الألباني برقم: 5103 في صحيح الجامع.
11- أخرجه أبو داود وصححه الألباني برقم: 5096 في صحيح الجامع.
12- مجلة فتيات العدد: 40.
13- أخرجه أبو داود وصححه الألباني برقم: 5095 في صحيح الجامع.
14- صحيفة الرياض العدد: 12613 في 2-11-1423ه
15- صحيفة الرياض العدد 12556- 12557 في 4و5 -9-1423 ه.
16- مجلة أسرتنا العدد: 14.
17- مجلة أسرتنا العدد: 37.
18- أنظر في ذلك مجلة أسرتنا العدد: 41 والعدد: 44.
19- مجلة أسرتنا العدد: 43.
20- أخرجه أبو داود وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم: 5624.
21- أخرجه البخاري ومسلم.
22- أخرجه النسائي وابن ماجه وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم: 1774.
23- المرأة وكيد الأعداء للشيخ د- عبد الله وكيل الشيخ، ص: 24.
24- مقومات السعادة الزوجية للشيخ د- ناصر العمر، ص: 24.
25- حراسة الفضيلة للشيخ بكر أبو زيد ص: (112) من الطبعة الرابعة.
26- تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للعلامة السعدي ص (457).
27- وهم الحب لمحمد بن عبد العزيز المسند، ص: 45.
28- أخرجه أحمد والترمذي.
29- أخرجه الترمذي.
30- المصدر السابق ص:44.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد