بسم الله الرحمن الرحيم
تتعرض مناهجنا الشرعية في هذه الأيام لهجمة شرسة من قبل من لا يريدون بنا ولا بديننا ولا ببلادنا خيرا، وهذا الهجوم والعداء لمقرراتنا الشرعية في مدارسنا السعودية وجامعاتنا ليس بمعزل عن العداء لدين الله: الإسلام الذي هو الدين الحق وما عداه فباطل، وما بعث الله – تعالى- نبيه محمدا - صلى الله عليه وسلم - إلا ليكون الإسلام هو الدين المهيمن على الدين كله، ولو أن مقرراتنا الشرعية في بلادنا السعودية لا تمثل الإسلام الصحيح أو كانت مشوبة بالتصوف والبدعة لما هوجمت هذا الهجوم، ولكن لأنها تمثل الإسلام في وضوحه ونقائه، و لأنها قائمة على الدليل الصحيح والفهم السليم القائم على ما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، ولأنها كذلك فقد استحقت العداء والهجوم وإلصاق تهم لا تمت إلى الواقع بأية صلة من قبل من لا يرجون رحمة الله ولا يخشون عذابه.
إن مناهجنا التعليمية الشرعية هي المناهج التي أخرجت رجالات ونساء هذا البلاد منذ تأسيسها وهي مناهج قائمة على العدل والإحسان والنظرة العادلة السامية الصحيحة للإسلام، ولا يستطيع أحد لديه عدالة في البحث واستقلال في النظر وفهم صحيح لدين الله وبعد عن التحيز والتحزب والتعصب أن يثبت أن في مناهجنا الشرعية انحرافا عن شريعة الله – تعالى- ولقد قالوا إن في مقرراتنا تشددا وتطرفا – أي أن فيها غلوا– وهذا باطل وزور، وقد كبرت كلمة تخرج من أفواههم، ولكن تعالوا ننظر في مسألة التطرف والتشدد ومن هو الذي يطلق هذه الصفات والنعوت على مقرراتنا، فإذا عرفنا منهم هؤلاء وما ذا يريدون وإلام يهدفون وما هي المنطلقات التي ينطلقون منها عرفنا سر هذه الهجمة على ديننا ومقرراتنا وتعليمنا:
أولا – منهم الذين يهاجمون مقرراتنا؟
إنهم أناس عرفوا بتخصصاتهم البعيدة تماما عن العلوم الشرعية، وقد قيل: فاقد الشيء لا يعطيه، إذ كيف يسوغ لدارس العلوم السياسية أن ينتقد وأن ينسف مقررات دراسية قام على تأليفها علماء أجلاء لهم تأريخهم الطويل مع العلم الشرعي حتى برعوا فيه بل صاروا من أعلامه في هذا العصر، ومنهم – الذين يهاجمون مقرراتنا التعليمية الشرعية – دارس اللغة الإنجليزية والصحفي الجاهل والحاقد وغير ذلك، فهل هؤلاء هم القضاة الذين ينظرون في القضية ثم يصدرون أحكامهم وليس لهم من الأمر شيء، إلا إذا كان للميكانيكي حق التدخل في استخراج حصاة من كلية مريض أو لمهندس مدني حق الحديث في أصول وأساليب تدريس اللغة العربية، بل إن أمر هذا وهذا أبعد عن ذاك وذاك لأن أمر العلوم والمقررات الشرعية توقيع عن رب العالمين، ويترتب عليها صلاح أمر المجتمع كله، فهل يجوز بعد وضع هذا الأمر في يد غير مؤهلة وغير مؤتمنة البتة للحديث حتى في أولياته؟.
ثانيا – وأما ما هي أهداف الذين يهاجمون هذه المقررات والمناهج؟ وأقول إن أهدافهم معلومة معروفة للجميع، فقد عرف هؤلاء بدعواتهم المريبة الغريبة التي لا ترتبط بديننا ولا بشريعتنا، فهم يطالبون بأن تكون الحياة الغربية غير الإسلامية هي المثال الذي يجب أن يحتذى، وهم لا يدعون إلى هذا مباشرة عند تصديهم لمناهجنا التعليمية الشرعية تنفيرا منها و تعريضا بها، لأنهم بهذا سيفضحون أهدافهم وسيضعون أنفسهم في موضع العداء السافر لكل ما يمت لهذه المقررات بصلة، ولكن كتاباتهم وحواراتهم وأقوالهم الأخرى وفي مناسبات مختلفة ومن خلال منابرهم وكتبهم وأعمدتهم الصحفية يصرحون بهذا، أي بالرغبة في تقليد الغرب غير المسلم في كل شيء مظهرين ضيقهم من التمسك بالإسلام وقيمه وأحكامه في مختلف جوانب الحياة، وهنا يبطل العجب لأن سبب الهجمة على مقرراتنا الشرعية قد عرف.
إن مقرراتنا الدراسية الشرعية في التعليم العام والعالي هي مقررات إسلامية ملتزمة بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - دون زيادة ولا نقصان، فمن زاد فقد ابتدع ومن نقص فقد أخل وخان الأمانة، وهي مقررات قائمة على الدليل والفهم الصحيح المنضبط البعيد عن الهوى لأن من قام على تأليف هذه الكتب من العلماء وطلبة العلم والمربين قد وضعوا نصب أعينهم النورين: القرآن الكريم والسنة المطهرة ثم اجتهادات العلماء الأثبات المعتبرين عبر القرون.
إن مقرراتنا ومناهجنا الشريعة أمانة في أعناقنا جميعا ولا يجوز التفريط في شيء منها ولا من أبوابها وموضوعاتها التي تمثل الإسلام في تكامله، وإن أي نقص أو انتقاص من هذه المقررات أو حذف أو تغيير فيها هو انتقاص للأمانة، وتشويه لحقيقة الإسلام و تفريط في أمانة التبليغ و ظلم لأبنائنا وبناتنا، بل ظلم للمجتمع المسلم وتفريط في أمانة البليغ، لأن مدارسنا وجامعاتنا مؤتمنة في تبليغها لدين الله لطلابها وطالباتها، وسوف يسأل كل من ولي هذه الأمانة أمام الله وسوف يتحمل نتائج الإخلال بهذه الأمانة ويتحمل نتائج ما يصيب هؤلاء الطلبة والطالبات إبان دراستهم ثم بقية عمرهم من الجهل في دين الله نتيجة الانتقاص أو الحذف أو التحوير، لأن التعليم في المدارس والجامعات هو المسؤول أولا وآخرا عن تربية الأجيال على دين الله وتبليغهم أحكامه التي تكون فهمهم لهذا الدين وتشكل أساس عباداتهم ومعاملاتهم مدى حياتهم وحياتهن، فالله الله في الأمانة، وليتق الله كل من له في هذا الأمر قرار أو له به صلة و أن يكون رضا الله نصب عينيه لأن الله – تعالى- قد قال: (وَلَا تُخزِنِي يَومَ يُبعَثُونَ (87) يَومَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَن أَتَى اللَّهَ بِقَلبٍ, سَلِيمٍ, (89) الشعراء.
حَدَّثَنَا ابنُ أَبِي عُمَرَ حَدَّثَنَا سُفيَانُ عَن عَبدِ المَلِكِ بنِ عُمَيرٍ, عَن عَبدِ الرَّحمَنِ بنِ عَبدِ اللَّهِ بنِ مَسعُودٍ, يُحَدِّثُ عَن أَبِيهِ عَن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ نَضَّرَ اللَّهُ امرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا وَحَفِظَهَا وَبَلَّغَهَا فَرُبَّ حَامِلِ فِقهٍ, إِلَى مَن هُوَ أَفقَهُ مِنهُ ثَلَاثٌ لَا يُغِلٌّ عَلَيهِنَّ قَلبُ مُسلِمٍ, إِخلَاصُ العَمَلِ لِلَّهِ وَمُنَاصَحَةُ أَئِمَّةِ المُسلِمِينَ وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِم فَإِنَّ الدَّعوَةَ تُحِيطُ مِن وَرَائِهِم)، هذا وتبليغ دين الله لهؤلاء الطلبة والطالبات أهم واجب من واجبات الوزارات المعنية، وهو واجب من أهم واجبات الدولة، فلنتق الله في ذلك، ولنتق الله في أنفسنا وفي أبناء وبنات المسلمين الذين هم أمانة في أعناقنا جميعا وسيسألنا الله عن هذه الأمانة حفظنا أم ضيعنا قال الحق – تعالى-: (وَاتَّقُوا يَومًا تُرجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلٌّ نَفسٍ, مَا كَسَبَت وَهُم لَا يُظلَمُونَ (281) البقرة.
اللهم احفظ من حفظ دينك وبلغه كما أمرت، واهد من فرط وبدل، وأصلحنا وأصلح بنا وأصلح لنا يا رب العالمين.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد