بسم الله الرحمن الرحيم
موضوع الإسلام والغر ب من موضوعات الساعة،وأصبح يطرق بكثرة في وسائل الإعلام،فلمَ هذا الاهتمام والزخم الإعلامي الكبير حول هذا الموضوع؟
لقد دأبت وسائل الإعلام الغربية على الاهتمام بالإسلام والمسلمين منذ ظهور الحركات الإسلامية بقيادة العلماء المسلمين داعية إلى التحرر من النفوذ الغربي، وكان تناولها لهذه الحركات يتسم بالهجوم على هذه الحركات ووصمها بالتعصب والدعوة إلى كره الأجنبي. وتناولت قضايا محدودة في الإسلام كمسألة علاقة الإسلام بالحضارة الغربية، وموضوع المرأة، ووضع الأقليات غير المسلمة في البلاد الإسلامية، لقد اهتمت وسائل الإعلام الفرنسية مثلا بحركة الشيخ عبد الحميد بن باديس - رحمه الله- (جمعية العلماء المسلمين الجزائريين) كما اهتمت الصحافة الإنجليزية والأمريكية بحركات التحرر في البلاد التي كانت خاضعة للنفوذ الإنجليزي.
وما زلت أذكر مقالة الشيخ عبد الحميد بن باديس (حيث أصدرت ترجمة للشيخ في سلسلة أعلام المسلمين) بعنوان:"وخز الدبابيس " ينتقد فيها جريدة الطان الفرنسية Le Temps التي سماها " عجوز الصحف الفرنسية" لتناولها الإسلام بأسلوب يتسم بالعداء والتهجم.
ولم يتوقف اهتمام الإعلام الغربي بالإسلام وقضايا المسلمين، فالإعلام الغربي بالرغم من أنه ليس إعلاما حكوميا لكنه يميل إلى تأييد مواقف الحكومات الغربية التي تحرص على مصالحها الرأسمالية، والإعلام تملكه (الرأسمالية الغربية) وكان الإعلام الغربي يحارب على جبهتين: الشيوعية، والإسلام، وكان يقرن بينهما دائما. حتى إذا سقطت الشيوعية وجد الإعلام الغربي فراغاً كبيراً مما جعله يتجه إلى ملئه بالعداء المضاعف للإسلام. وقد نبهت إلى ذلك نشرة تصدر عن معهد هارتفورد اللاهوتيHartford بمقالة بقلم رئيس مكتب الاهتمامات النصرانية الإسلامية القس مارستون سبايت Rev.Marston Spight حيث ذكر القس أن انتهاء الحرب الباردة بين المعسكر الرأسمالي والشيوعي يثير تساؤلا: هل يصبح الإسلام الشبح الجديد؟ وقد جاء في المقال:"لم تعد قوة العالم الشيوعي تشكل تهديداً كما كانت في الماضي وذلك نتيجة للأحداث الصاخبة والمدهشة في أوروبا الشرقية، وهكذا وجد الأمريكيون الذين كانوا يسهبون في الحديث عن الخطر المفترض من الشيوعية، وجد هؤلاء أنفسهم فجأة محرومين من موضوعهم المحبب... وقال القس:" والسؤال الذي يطرح نفسه هل تختار العناصر (الإعلام) التي تتولى تحذير الشعب الأمريكي من الخطر مجموعة أخرى من البشر لوضعها أمام الجمهور على أنها تهديد لأمريكا والعالم؟ إن الصورة السيئة التي يصوَّر بها الإسلام في وسائل الإعلام الأمريكية تثير انتباه بعضنا إلى جعل الإسلام الشبح الجديد." وقد أكد القس كلامه بأمثلة من الصحافة الأمريكية تتمثل في تلخيص لمقال لكاتب أمريكي هو شارلز كروتهامر Charles Kruthammer
لا شك أن اهتمام القسيس يثير التساؤل، فهل كانت صورة الإسلام في الإعلام الغربي جيدة قبل نهاية الحرب الباردة؟ وكأنّ القسيس يريد أن يبرّئ الإعلام الغربي والمنصرّين من إثارة العداء ضد الإسلام قبل سقوط الشيوعية. وقد نبهت إلى هذا العداء ضد الإسلام وقبل سقوط الشيوعية حينما تحدث نائب الرئيس الأمريكي دان كويل في خطابه الذي ألقاه في حفلة تخريج دفعة من البحرية الأمريكية يوم 30 مايو 1990 فربط فيه بين الإسلام والشيوعية على أنهما أكبر الأخطار التي تواجه العالم في القرن العشرين، وقد صور نائب الرئيس الحركات الإسلامية بأنها حركات" أصولية" متشددة.
إن اهتمام وسائل الإعلام بالعلاقة بين الإسلام والغرب له أسباب كثيرة منها أن معظم البلاد العربية الإسلامية تعتمد حكوماتها على الدعم الغربي في صور عديدة أهمها الديون الخارجية التي بلغت مئات البلايين من الدولارات،والدعم المعنوي للأنظمة الحاكمة، وأن الغرب هو الذي يرعى مسألة الصلح مع اليهود وهذه نقطة خلاف رئيسة بين الحكومات العربية الإسلامية التي تنفذ مشيئة الغرب وبين الحركات الإسلامية
ولاشك أن في الغرب بعض الأصوات المعتدلة التي تحاول أن تنظر إلى العلاقة بين الإسلام والغرب نظرة موضوعية، ومن هؤلاء أساتذة جامعيون ومفكرون وسياسيون، ويجب أن نتساءل ما حجم هذا التيار المعتدل، وما حجم نفوذه؟ إن الوقت الذي تحدث فيه الأمير شارلز ولي عهد بريطانيا حديثا نال الاستحسان والإعجاب في العالم الإسلامي نتساءل هل له تأثير حقيقي في بلاده؟ الأمير يمتدح الإسلام ورئيس الوزراء يلتقي سلمان رشدي، والحكومة البريطانية تنفق آلاف الجنيهات على حماية هذا المارق، وتبخل بالقليل على المدارس الإسلامية حتى لو كان المتقدم بطلب المساعدة بريطانيا أباً عن جد وهو يوسف إسلام الذي استاء من موقف حكومته فتقدم يشكوها إلى لجنة حقوق الإنسان الأوروبية.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد