المرأة في دول الخليج ومطارق التغريب


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

دأبت أقلام على السعي من خلال الوسائل والأدوات الإعلامية وبإصرار على معاودة الطرق على أوضاع المرأة في دول الخليج العربي، بل والوصاية عليها، فتارة تتباكى تلك الأقلام وأحيانا ترسم المستقبل الذي تعشقه كما رأته في بلاد الجريمة والاعتداءات على المرأة في عرضها أو مالها أو حياتها.. وأحيانا تندد وتشجب وتتعلق بخيوط العنكبوت لتبني منها أوهامها وتنفث من خلال ذلك الفكر الدخيل لتهدم صروحا وأمجادا بنتها المرأة خلال عقود من الزمن.

فحيث توجد المرأة المسلمة فالإسلام أعطاها أعلى درجات السعادة التي ممكن أن تحصل عليها في الحياة، فالمرأة منذ بداية الإسلام لم تكن شيطانا نجسا لا يعترف به وليس له حق في الملكية الخاصة وليس له حق السعادة والفرح والبهجة، أو معزولة موروثة وخادمة و مهانة لا كرامة لها ولا حقوق، كما هي في الحضارات التي عاصرت كثيرا المد الإسلامي.

فأصول النظام الإسلامي ومصادره تتزاحم فيها النصوص التي تعتني بالمرأة وتحافظ على حقوقها الأصلية، بل كثيرا ما تجعل الخطاب الموجه إليها نصا خاصا ينفرد بالتوجه إليها غير نص الرجال لا في ضمنه ولا في محتواه ولا بالمفهوم فقط، وذلك من إعزازها وتكريمها واستقلالها.

 { قُل لِّلمُؤمِنِينَ.........}{ وَقُل لِّلمُؤمِنَاتِ.....} (سورة النور).

ولقد فرض الإسلام   لهن مثل ما عليهن {وَلَهُنَّ مِثلُ الَّذِي عَلَيهِنَّ بِالمَعرُوفِ}

حتى بلغت النصوص درجة الوجوب في العناية بالمرأة وتغليب جانب الخير عند التعامل معها "استوصوا بالنساء خيرا"، بل ربطت خيرية الرجل بمدى خيريته لأهله "خيركم خيركم لأهله".

ومع هذا تطالعنا وسائل الإعلام ببعض الكتابات التي تطل بأعناقها للحديث عن المرأة في بلاد الإسلام.

عجباً!! أو تتناسى أدنى درجات الموضوعية والإنصافº لأنها تنساق في قوالب قد أعدت مسبقا لها؟! فحينا تسمي الإسلام: أوضاعا اجتماعية، ومرات تسميه: مخلفات تراكمية، وتارة تنسبه لعصور الانحطاط ....عجبا!!

نقول هذا ونحن نتداول بين أيدينا مقالا نشرته إحدى الصحف العربية وقد حملت كاتبته مطرقة حديدية هوت بها على أوضاع المرأة المسلمة في إحدى بلدان الخليج العربيº استمرارا للحملة التي ما تزال مطارق المنصرين ودعاة انسلاخ المرأة من دينها و فطرتها وعفافها تدق عليه. انظر إلى هذا النص من مقالها تقول:

 "تعيش السعوديات حياة صعبة تمزج بين التقاليد الصارمة وقواعد السلوك مع المطالب الحديثة للتعليم والحرية".

أرأيت ـ أخي القارئ ـ لوجود التقاليد ولوجود قواعد السلوك يسمون الحياة صعبة! إنهم يريدونها بلا قواعد للسلوك ولا تقاليد وأعراف البيئة التي رضيتها الشعوب لنفسها! أنهم لا يريدون لأي أمة أن تختار، بل لهم الحق ـ في رأيهم ـ أن يجددوا المنهج للعالم أجمع، ومن رأى لنفسه غير ذلك فهي حياة صعبة وفيها نظم وبنود، ولا حرية هوجاء فيها ولا انفراط من مجتمع القيم والأعراف كما هي المطالب الحديثة التي تتميز بالانحلال وفسخ كل التعاليم إلا ما ترتضيه الأهواء والنزوات، حيث التعليم المختلط والسائب والحرية المزعومة التي تقضي على القيم والأخلاق والأعراف، حيث إن تلك البلد التي تتحدث عنها المجلة أعرافها جلها من الشرع المطهر.

ثم انظر ماذا تقول المجلة: (وبينما يتعين على النساء في المملكة ارتداء الحجاب... ـ إلى أن تقول ـ ولا بد من اصطحاب أحد أقاربهن الذكور كمحرم عند سفرهن للخارج...) (منقول).

إنهم لا يريدون الحجاب ولا يريدون المحرم! اعتراض سافر على أحكام الشريعة وعلى اختيار الناس الذي اقتنعوا به ورضوا به لذواتهم!

 (إلا إنهن ابتعدن كثير عن الصورة النمطية السائدة عنهن في الغرب) (منقول).

وهذا هو المطلب، إنه انهزامية من الداخل، كل المراد هو تغيير الصورة عند الغرب.

وفي مقطع آخر من المقال نفسه: (ورغم أن كثيرا من النساء لا يعملن حسب اختيارهن، هناك أيضا بعض القيود على مشاركتهن في المهن المختلفة. وفي بعض الحالات فإن القيود على النساء لا تقرها القوانين وإنما الممارسة).

يا للعجب!!

اعتراض على الحرية الفردية والجماعية للفرد والمجتمع. القانون لا يسمحون له أن يتحكم في الممارسة ولا الأعراف، تدخل سافر وتحكم ومصادرة للحريات.

وفي المقال نفسه: (رغم إن النساء في السعودية يملكن 40 بالمئة من الثروة الخاصة، وآلاف الشركات التي تعمل في مجالات تراوح بين تجارة التجزئة إلى الصناعات الثقيلة، إلا إنهن يواجهن قيودا ثقافية وقانونية محبطة. ويتعين على النساء الاعتماد على وكيل رجل للتعامل مع المكاتب الحكومية ولإدارة الكثير من المعاملات). 

كيف تكون أن ما تعمل به الأمة من أنظمة وتشريعات يسمونها قيودا ثقافية وقانونية محبطة وكيف  تكون محبطة  وهم يقولون  (النساء في السعودية يملكن 40 في المئة من الثروة الخاصة وآلاف الشركات التي تعمل في مجالات تراوح بين تجارة التجزئة إلى الصناعات الثقيلة). لكنهم يريدون المرأة تأتي للمكاتب وتحتاج إلى مقابلات ولقاءات.

ثم تقول الصحيفة :(ويقول كثيرون إن التقاليد والثقافة هما اللذان يدعمان هذه القيود لا الإسلام، ويشيرون إلى أن الدين يدعم حقوق المرأة في البيت والعمل).

ماذا  يقصد بالثقافة، والكل يعرف أن الثقافة التي تنبني عليها  أحكام في السعودية هي الثقافة الإسلامية؟

وتقول الصحيفة: (فالإسلام يكفل للنساء حق إدارة ميراثهن بأنفسهن ويمنحهن حقوق الملكية. ويقول مسلمون كثيرون إن القرآن كفل للنساء حقوقاً اقتصادية واجتماعية قبل فترة طويلة من حصول المرأة في الغرب على الحقوق نفسها).

نعم، إنه تناقض  كبير بين النداء وبين التحقيق، أو أنه سم في العسل، فإذا كان الإسلام بهذه  الصفة فلماذا لم يكن النداء دعوة للتوجه إليه؟!

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply