بسم الله الرحمن الرحيم
من الأساليب التي اعتمدها المنصِّرون حديثاً في التنصير: الدروس بالمراسلةº فيوجد اليوم عدد كبير من المؤسسات التنصيرية متخصصة في هذا المجال.
نذكر منها على سبيل المثال: (التاريخ والحياة) مقرها مرسيليا بفرنسا، (نداء الرجاء) مقرها ستيغارت بألمانيا الغربية، (دار الهداية) مقرها ريكون بسويسرا، (نور الحياة) مقرها فيلاش بأستراليا.
وأما كيفية ممارسة هذه الوسيلة فهذه أضواء على نشاط المؤسستين الأوليين.
أولاً: مؤسسة: (التاريخ والحياة):
يوزَّع عنوان هذه المؤسسة في بعض الإذاعات والمجلات والمراكز الثقافيةº وترسل سلسلة دروسهم النصرانية والأناجيل عن طريق البريد الجوي إلى الراغبينº حيث يمدّون دارسيهم بالظروف وبدل الطوابع البريدية، وللدارس جائزة كلما أنهى مرحلة من سلسلتهم التعليمية ونجح في اختبارها، ويحصل الدارس في نهاية كل ثلاثة أشهر على مجلة مجاناً تسمى: « مفتاح المعرفة » تحتوي على القصص ومشاكل الحياة وحلولهم لها، والتوعيات النصرانية، وتقارير إنجازاتهم المضللة في تنصير الأفراد والأسر في المجتمعات الإسلامية وغيرها وبخاصة في شمال إفريقيا، وللمؤسسة محطة إذاعية تشرح فيها دروسهم التعليمية صباحاً ومساءً.
وهذه إرشادات المؤسسة في أول بريدهم إلى الدارس:
1 - جميع دروسنا مجانية وهي بالمراسلة لا حضورياً.
2 - تعطى دروسنا بلغة واحدة: العربية أو الفرنسية، وننصحك أن تدرس
باللغة التي تتقنها أكثر، أما إذا اخترت لغة ووجدت ثقافتك بهذه اللغة غير كافية فيمكنك تبديلها.
3 - نحن مستعدون دائماً للجواب عن كل سؤال تطرحه بشرط أن يكون متعلقاً بالدرس.
4 - إن استحسنت هذه الدروس واستفدت منها، فلماذا لا تعرِّف بها أهلك وأصدقاءك، وتعطيهم عنواننا لنرسل إليهم بعض دروسنا.
ثانياً: مؤسسة: (نداء الرجاء):
وهذه المؤسسة بدورها أيضاً ترسل الأناجيل والكتب النصرانية مقسمة إلى حلقات تعليمية عن طريق البريد الجوي إضافة إلى الأشرطة والمفكرات والآيات الإنجيلية المزخرفة بالطراز الإسلامي التي تلصق على الجدران والأدوات، وتبث دروسها أيضاً مع تشجيع الدارسين في إذاعتها «صوت الرجاء»، ودراستها مجانية بالعربية أو الإنجليزية، ويحصل الدارس في نهاية كل حلقة على شهادة.
وهذه المؤسسة من أشد المنظمات التنصيرية هجوماً على الإسلام ونيلاً منهº إذ إن من نشاطاتها طباعة ونشر أي كتاب أو مطوي فيه الطعن في الإسلام، سواء كان له علاقة بالنصرانية أم لا، وسواء كان كاتبه نصرانياً أو غير نصراني.
وإليكم نموذجين عن كيفية إغرائهم الناس بالمشاركة في دروسهم:
النموذج الأول:
أ - أتحب تطهير ماضيك؟
إن أردت المصالحة مع الله وتنقية نفسك فنحن على استعداد لنرسل إليك مجاناً الإنجيل حسب البشير لوقا، بمقياس 20 * 30 سنتيمتراً بالصور الموضحة لحياة المسيح إن طلبت ذلك منا.
ب - هل لديك سؤال ما؟
إذا أقلقك سؤال ما حول الإيمان وخلاص نفسك، فاكتبه إلينا صريحاً نجاوبك بإخلاص ومحبة.
ج - أتريد مصالحة أصدقائك مع الله؟
إذا أعجبتك هذه النشرة وأردت تطبيقها في حياتك وحياة الآخرين فنحن على استعداد أن نرسلها إليك مجاناً بشرط أن لا تطلب عدداً أكثر مما توزعه عملياً، اكتب إلينا بخط وعنوان واضحين.
النموذج الثاني:
أ - اقرأ الكتاب المقدس يومياً.
إن قررت التعمق في كلمة الله فنحن مستعدون أن نرسل لك تفاسير الكتاب المقدس إن طلبتها منا.
ب - ارفع كلمة الله في بيتك.
إن أعجبتك الآية الذهبية التي على الصفحة الأولى من هذه النبذة فنحن على استعداد أن نرسلها لك مجاناً مطبوعة على كرتون ملون بمقياس أكبر إن طلبتها.
ج - استمع إلى البشارة.
إذا أحببت الاستماع إلى بشارة الإنجيل والكلمات التي تفتح لك أبواب السعادة بأجمل الأصوات وأحسن الترانيم، فاطلب ذلك منا نرسل أشرطتها لك مجاناً.
ج - وزع بشرى الخلاص في محيطك:
إن أثَّرت فيك هذه النبذة وأنت على استعداد لتوزيع مثلها فنرسل لك العدد الذي تطلبه منها مجاناً بشرط ألا تطلب منا أكثر مما توزعه عملياً.
أرسل طلباتك بخط واضح وعنوان كامل.
وبعد: فهذه الوسيلة التنصيرية تثير فينا أسفاً مزدوجاً، أو بعبارة أخرى تؤسفنا من ناحيتين:
الأولى: ما يحصل من جراء الدروس بالمراسلة من التضليل ومحاربة العقيدة الإسلامية.
الثانية: عدم استخدام المسلمين لهذا الأسلوب الدعوي الذي يتسابق ويتحمس المنصرون فيه اليوم ويستبشرون بثمراتهº علماً أن مرده ومصدره السيرة النبوية ومنهج صدر هذه الأمة السلف الصالح.
فقد اهتم المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بالمراسلة في تعريف الناس بالإسلام وتصحيح معتقداتهم ودعوتهم إليه، وكان يتحرى في ذلك الأسلوب المناسب، وكمية المادة، المرسلة، وطبيعة المرسل إليه.
ونماذج التعليم والدعوة بالمراسلة كثيرة جداً في كتب السنة والتاريخ الإسلاميº فهذه صورة درس نبوي بالمراسلة: «من محمد رسول الله إلى النجاشي ملك الحبشة. أسلم أنتº فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن، وأشهد أن عيسى بن مريم روح من الله وكلمته ألقاها إلى مريم الطهور الطيبة الحصينة، فخلقه الله - تعالى - من روحه ونفخه كما خلق آدم بيده... وإني أدعوك وجنودك إلى الله - عز وجل -».
وهذه صورة رسالة جوابية من المقوقس عظيم القبط على كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي أرسل إليه:
«فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت فيه، وما تدعو إليه، وقد أكرمت رسولك، وقد بعثت إليك بجارية لها مكان في القبط عظيم» [1].
فإن طبيعة الحال تدعو المسلمين إلى انتهاج هذا الأسلوب الدعوي صداً للزحف التنصيري في العالم الإسلامي وإحياءً للتراث الإسلامي، مع وقفات علمية صادقة عند السيرة النبوية لفقه أساليبها الدعوية المتنوعة وتطبيقها بالوسائل الحديثةº ففيها ما يكفي ويشفي.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد