العلمانية والدولة اليهودية ... عناق وإتفاق


 

بسم الله الرحمن الرحيم

توجد علاقة وطيدة بين دخول العلمانية بلادنا وبين الاستيطان اليهودي في أرضنا، ولعل لهذه العلاقة مظاهرها

(1) العلمانية فكرة غربية غريبة عن العقل والفكر الإسلامي والكيان اليهودي نبته غريبة عن تربة بلادنا فهما أشبه بمرض السرطان حيث العلمانية ورم سرطاني أصاب مخ الأمة فأضعف مناعتها ومهد للإصابة بورم سرطاني آخر أصاب جسم الأمة(الكيان الصهيوني)

(2)الإرتباط الوثيق لكل منهما مع القوى الصليبية الغربية.

(3) وجود مرحبين ومشجعين للفكرتين من العالم الإسلامي وهذه العلاقة قديمة قدم العلمانية في بلادنا، ولعل أسباب تلك العلاقة هي أن العلمانية هي المسئولة عن تغييب الوعي الإسلامي الصحيح وإبعاده تماما عن إدراك خطورة قبول اليهود كشريك شرعي في أرضنا (فلسطين)، ولتوضيح ذلك نوجز تاريخ العلمانية في العالم الإسلامي والذي إرتبط به تاريخ الدولة اليهودية ونشأتها فقد مرت العلمانية بثلاث مراحل:

(1) الولادة (منشأ الفكرة وبدايات التطبيق)

(2) الفتوة والشباب (الاستعمار في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الاستقلال في الدول الإسلامية) (3)الشيخوخة والاحتضار (الحملة الصليبية الأخيرة على العراق).

 

المرحلة الأولى الولادة (منشأ الفكرة وبدايات التطبيق): يرجع كثير من الباحثين بدايات فكرة العلمانية إلى الحملة الصليبية السابعة بقيادة لويس التاسع ملك فرنسا فهو من وضع الفكرة (فكرة الغزو الفكري)، ثم جاء لويس الرابع عشر بعد أربعة قرون من الزمان ليجعل من تلك الفكرة هدفا قابلا للتحقيق، فعمل هو ووزيره كولبير على تجنيد العديد من الجواسيس من رهبان وقساوسة وسفراء بهدف دراسة أحوال المجتمعات الإسلامية ودراسة الفكر الإسلامي وبخاصة (فكر الإرجاء وفكر التصوف)، وبعد ظهور الفكرة وتحديد الهدف وتعبيد الطريق لتنفيذه ومروره، نرى بدايات التطبيق على يد "نابليون بونابرت " في حملته الصليبية الغاشمة على مصر وبلاد الشام فيما عرف في كتب التاريخ "الحملة الفرنسية "وقد كانت تلك الحملة متعددة الأهداف والغايات:

(1) التوسع الإمبراطوري الفرنسي وإستغلال خيرات الشرق.

(2) نقل المدنية الغربية (العلمانية) إلى البلاد الإسلامية وكسر الطوق العثماني عن بلاد مصر والشام.

(3) إحداث صدمة نفسية لدى المسلمين من رهبة شديدة من العسكرية الغربية إلى رغبة عاتية في تلك المدنية التي كانت سببا في قوة الآلة العسكرية.

(4) توطين اليهود فلسطين وهو ما عمل لأجله نابليون، فقد أراد خدمة يهود أوروبا بتوطين يهود الشرق فلسطين. ثم جاء بعد ذلك "محمد على وأبناؤه" وواصلوا مسيرة التغريب والعلمانية بطريقة أكثر مما كانت في عقل نابليون، وجاء الاحتلال الإنجليزي لمصر سنة 1882م كنتيجة طبيعية لسياساتهم الخاطئة.

 

(2) الفتوة والشباب: كانت الحملات الصليبية (الإستعمار) في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر أكثر وعيا وأوفر حظا عن سابقتها:

(1) ضعف الحمية والغيرة في نفوس المسلمين وإحساسهم بالإنكسار والهزيمة النفسية.

(2) غياب قيادات ربانية تعمل لصلاح الأمة ونصرتها.

(3) إقصاء الشريعة من الحكم.

(4) القدرة على تغريب التعليم والثقافة ووجود طبقة من المثقفين والأدباء تدعو لذلك.

(5) القدرة على إنهاء الخلافة الإسلامية نهائيا ذلك الرابط الذي يجمع المسلمين كوحدة واحدة من مشارق الأرض إلى مغاربها. وفى ظل هذا اللمعان والتوهج العلماني نرى "وعد بلفور" المشئوم والذي جعل من فلسطين موطنا لليهود، ومرة أخرى نرى القوى الغربية الصليبية الداعمة لتغريب وعلمانية بلادنا هي من تدعم الوجود اليهودي على أرضنا الإسلامية الطاهرة. ثم حاربت الجيوش العربية ذلك الوجود اليهودي المزعوم والمدعوم من القوى الغربية وذلك سنة 1948م وكانت الهزيمة المريرة للأمة لأنها حاربت بعيدة عن عقيدتها منتهجة نهجا علمانيا جاهليا هو "القومية العربية ". ثم رحل الإحتلال الصليبي العلماني عن بلادنا بعد أن وطد ومكن لليهود في فلسطين. وبعد أن تمكن من إعداد أتباعه وعملائه لقيادة البلاد فكان هذا التابع "وريث فى الحكم، شريك في العلمانية والتغريب" وسارت الأمة خطوات وخطوات وأوغلت في وحل العلمانية والتغريب وهذه المرة تحت شعار آخر "القومية العربية" ولم تستطع إزاحة هذا الوجود اليهودي اللعين وإخراجه من أرضها، وكيف لها ذلك وهى تحاربه بعلمانية هي في الأصل توأم هذا التواجد اليهودي فهما" صنوان لا يفترقان بل زاد الطين بله وأصبح هذا الوجود اليهودي دولة ذات سيادة وسط بلادنا وهرولت الدول العربية والإسلامية لهذا الكيان لتقيم معه علاقات وإتفاقيات تقوى من شأنه وتعلى من قدره كل ذلك والعلمانية تستشري في بلادنا تحت مسميات عديدة (ليبرالية قومية وطنية) وكلها مسميات جاهلية بالية لم تحرك ساكنا، وخلال تلك الفترة رأينا قسوة الكيان الصهيوني معنا وإستباحته المعهودة لأموالنا ودمائنا وأبنائنا وأعراضنا وإعراضه عن كل المواثيق التي عقدناها معه، ورأينا تلك العلمانية الخبيثة عجزت عن تقديم الحل لنا بعد أن غيبت عقلنا وحرفت فكرنا عن ديننا فظللنا نتقلب في ظلمات جهلها سنين وسنين.

 

(3) الشيخوخة والإحتضار: مرت علينا خمسون عاما منذ رحيل الحملات الصليبية ضللنا فيها الطريق عن ديننا والذي هو غاية أمرنا، فعجزنا عن النصر ووقفنا مدهوشين تائهين يتخبط بعضنا بعضا، ننظر لحصاد تلك السنين بحسرة وأسى، إلى أن جاءت الحملة الصليبية الأخيرة على أفغانستان والعراق، ووجدناها حرب دينية قبل كل شىء أعادت لنا ماضينا وذكرتنا بمآسيه كما ذكرتنا بأن خلاصنا ونهضتنا في ديننا والتمسك به والعمل لأجله، ولأن الحرب دينية فقد خرصت ألسن العلمانيين بعد أن كانوا يبررون للحرب بدعاوى واهية كنشر الديمقراطية وإخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply