بسم الله الرحمن الرحيم
أولا: العلمانية:
تعريف العلمانية: العلمانية هي ترجمة محرفة لكلمة إنجليزية تعني اللادينية، والمقصود بها فصل الدين عن توجيه الحياة العامة، وحصره في ضمير الإنسان وتعبداته الشخصية ودور العبادة فقط.
هدف العلمانية في العالم الإسلامي: هدف العلمانية الأكبر هو جعل الأمة الإسلامية تابعة للغرب سياسيا وثقافيا وأخلاقيا واقتصاديا، وعزل دين الإسلام عن توجيه حياة المسلمين.
أهم وسائلها:
أهم وسائل العلمانية ثلاث:
1ـ إقصاء الشريعة الإسلامية ليزول عن المسلمين الشعــور بالتميز والاستقلالية، وتتحقق التبعية للغرب.
2ـ تفريق العالم الإسلامي ليتسنى للغرب الهيمنة السياسية عليه وذلك بربطه بمؤسساته السياسية وأحلافه العسكرية.
3ـ زرع العالم الإسلامي بصناع القرار ورجال الإعلام والثقافة من العلمانيين، ليسمحوا بالغزو الثقافي والأخلاقــي أن يصل إلى الأمة الإسلامية برجال من بني جلدتها، ويتكلمون بلسانها.
ثالوث العلمانية المقدس:
يؤمن العلمانيون بثلاثة مبادئ تمثل أهم أفكارهم وهي:
1ـ فصل الدين عن الحياة ولا مانع من توظيفه أحيانا في نطاق ضيق.
2ـ قصر الاهتمام الإنساني على الحياة المادية الدنيوية.
3ـ إقامة دولة ذات مؤسسات سياسية لا دينية.
متى نشأت العلمانية:
نشأت العلمانية بصورة منظمة مع نجاح الثورة الفرنسية التي قامت على أسس علمانية.
متى وصلت العالم الإسلامي:
وصلت العلمانية إلى العالم الإسلامي مع الاستعمار الحديث، فقد نشـر المستعمرون الفكر العلماني في البلاد الإسلامية التي احتلها، بإقصاء الشريعة الإسلامية ونشر الثقافة العلمانية ومحاربة العقيدة الإسلامية.
حكم العلمانية:
العلمانية تعني أن يعتقد الإنسان أنه غير ملزم بالخضوع لأحكـام الله في كل نواحي الحياة، ومن اعتقد هذه العقيدة فهو كافـر بإجمــاع العلماء، قال تعالى: ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هـــم الكافرون) وقال تعالى: ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيمــا شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما).
هل للعلمانية مستقبل في العالم الإسلامي:
العلمانية محكوم عليها بالفشل والانقراض في العالم الإسلامي، لان الله تعالى تكفل بظهور دين الإسلام وبقاءه إلى يوم القيامة وتجديده، فلا يمكن لأحد أن يمحوه إلى الأبد، قال تعالى: ( يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون، هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون).
ثانيا: الليبرالية:
تعريف الليبرالية:
الليبراليَّة هي وجه آخر من وجوه العلمانيِّة، وهي تعني في الأصل الحريِّة، غير أن معتنقيها يقصدون بها أن يكون الإنسان حراً في أن يفعل ما يشاء ويقول ما يشاء ويعتقد ما يشاء ويحكم بما يشاء، بدون التقيد بشريعة إلهية، فالإنسان عند الليبراليين إله نفسه، وعابد هواه، غير محكوم بشريعة من الله تعالى، ولا مأمور من خالقه باتباع منهج إلهيّ ينظم حياته كلها، كما قال تعالى: ( قُل إنَّ صَلاتي ونُسُكِي وَمَحيايَ وَمَماتي للهِ رَبَّ العالَمِينَ، لاشَريكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرتُ وَأَنا أَوَّلُ المِسلِمين) الأنعام 162، 163، وكما قال تعالى: ( ثمَُّ جَعَلنَاكَ عَلى شَرِيعَةٍ, مِنَ الأَمرِ فَاتَّبِعها وَلا تتَّبِع أَهواءَ الذِينَ لا يَعلَمُون) الجاثية 18
هل تملك الليبرالية إجابات حاسمة لما يحتاجه الإنسان:
الليبراليَّة لا تُعطيك إجابات حاسمة على الأسئلة التالية مثلا: هل الله موجود؟ هل هناك حياة بعد الموت أم لا؟ وهل هناك أنبياء أم لا؟ وكيف نعبد الله كما يريد منّا أن نعبده؟ وما هو الهدف من الحياة؟ وهل النظام الإسلاميٌّ حق أم لا؟ وهل الربا حرام أم حلال؟ وهل القمار حلال أم حرام؟ وهل نسمح بالخمر أم نمنعها، وهل للمرأة أن تتبرج أم تتحجب، وهل تساوي الرجل في كل شيء أم تختلف معه في بعض الأمور، وهل الزنى جريمة أم علاقة شخصية وإشباع لغريزة طبيعية إذا وقعت برضا الطرفين، وهل القرآن حق أم يشتمل على حق وباطل، أم كله باطل، أم كله من تأليف محمد - صلى الله عليه وسلم- ولا يصلح لهذا الزمان، وهل سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم- وحي من الله تعالى فيحب أتباعه فيما يأمر به، أم مشكوك فيها، وهل الرسول - صلى الله عليه وسلم- رسول من الله تعالى أم مصلح اجتماعي، وما هي القيم التي تحكم المجتمع؟ هل هي تعاليم الإسلام أم الحرية المطلقة من كل قيد، أم حرية مقيدة بقيود من ثقافات غربية أو شرقية، وما هو نظام العقوبات الذي يكفل الأمن في المجتمع، هل الحدود الشرعية أم القوانين الجنائية الوضعية، وهل الإجهاض مسموح أم ممنوع، وهل الشذوذ الجنسي حق أم باطل، وهل نسمح بحرية نشر أي شيء أم نمنع نشر الإلحاد والإباحية، وهل نسمح بالبرامج الجنسية في قنوات الإعلام أم نمنعه، وهل نعلم الناس القرآن في المدارس على أنه منهج لحياتهم كلها، أم هو كتاب روحي لا علاقة له بالحياة ؟؟؟؟
المبدأ العام لليبرالية:
فالليبراليّة ليس عندها جواب تعطيه للناس على هذه الأسئلة، ومبدؤها العام هو: دعوا الناس كلٌّ إله لنفسه ومعبود لهواه، فهم أحرار في الإجابة على هذه الأسئلة كما يشتهون ويشاؤون، ولن يحاسبهم رب على شيء في الدنيا، وليس بعد الموت شيء، لا حساب ولا ثواب ولا عقاب.
ما الذي يجب أن يسود المجتمع في المذهب الليبرالي:
وأما ما يجب أن يسود المجتمع من القوانين والأحكام، فليس هناك سبيل إلا التصويت الديمقراطي، وبه وحده تعرف القوانين التي تحكم الحياة العامة، وهو شريعة الناس لا شريعة لهم سواها، وذلك بجمع أصوات ممثلي الشعب، فمتى وقعت الأصوات أكثر وجب الحكم بالنتيجة سواء وافقت حكم الله وخالفته.
السمة الأساسية للمذهب الليبرالي:
السمة الأساسية للمذهب الليبرالية أن كل شيء في المذهب الليبراليِّ متغيِّر، وقابل للجدل والأخذ والردِّ حتى أحكام القرآن المحكمة القطعيِّة، وإذا تغيَّرت أصوات الأغلبية تغيَّرت الأحكام والقيم، وتبدلت الثوابت بأخرى جديدة، وهكذا دواليك، لا يوجد حق مطلق في الحياة، وكل شيء متغير، ولا يوجد حقيقة مطلقة سوى التغيٌّر.
إله الليبرالية:
فإذن إله الليبراليِّة الحاكم على كل شيء بالصواب أو الخطأ، حرية الإنسان وهواه وعقله وفكره، وحكم الأغلبيِّة من الأصوات هو القول الفصل في كل شئون حياة الناس العامة، سواءُُ عندهم عارض الشريعة الإلهيّة ووافقها، وليس لأحد أن يتقدَّم بين يدي هذا الحكم بشيء، ولا يعقِّب عليه إلا بمثله فقط.
تناقض الليبرالية:
ومن أقبح تناقضات الليبرالية، أنَّه لو صار حكمُ الأغلبيِّة هو الدين، واختار عامة الشعب الحكم بالإسلام، واتباع منهج الله تعالى، والسير على أحكامه العادلة الشاملة الهادية إلى كل خير، فإن الليبراليّة هنا تنزعج انزعاجاً شديداً، وتشن على هذا الاختيار الشعبي حرباً شعواء، وتندِّدُ بالشعب وتزدري اختياره إذا اختار الإسلام، وتطالب بنقض هذا الاختيار وتسميه إرهاباً وتطرفاً وتخلفاً وظلاميّة ورجعيّة .. الخ
كما قال تعالى: ( وإذا ذُكِر الله ُوَحدَهُ اشمَأَزَّت قلوبُ الذين لا يُؤمِنُونَ بِالآخرِةِ وَإِذا ذُكِرَ الذينَ مِنَ دونِهِ إذا هُم يَستَبشِروُن) الزمر 45.
فإذا ذُكر منهج الله تعالى، وأراد الناس شريعته اشمأزت قلوب الليبراليين، وإذا ذُكِر أيٌّ منهجٍ, آخر، أو شريعة أخرى، أو قانون آخر، إذا هم يستبشرون به، ويرحِّبون به أيَّما ترحيب، ولا يتردَّدون في تأيِّيده.
حكم الإسلام في الليبرالية:
فإذن الليبراليِّة ما هي إلاّ وجه آخر للعلمانيِّة التي بنيت أركانها على الإعراض عن شريعة الله تعالى، والكفر بما أنزل الله تعالى، والصد عن سبيله، ومحاربة المصلحين، وتشجيع المنكرات الأخلاقيِّة، والضلالات الفكريِّة، تحت ذريعة الحريِّة الزائفـــــة، والتي هي في حقيقتها طاعة للشيطان وعبودية له.
هذه هي الليبراليّة، وحكمها في الإسلام هو نفس حكم العلمانيّة سواء بسواء، لأنها فرع من فروع تلك الشجرة، ووجه آخر من وجوهها.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد