بسم الله الرحمن الرحيم
هذا حال كثير من الناس أبان الأزمات التي لا يملك لها حلا، سواء كانت هذه الأزمات على نطاق ضيق كالأسرة، أو أوسع من ذلك أو أقل.
ولكن عندما يملك حلا ينصرف انصراف كلي أو شبه كلي عن موضوع الرؤى والأحلام، لذلك لا تجد الشخص الذي يقع في إشكال مع مرءوسه في وظيفته فيترتب على هذا الخلاف خصم جزء من راتبه، أقول تجده يسلك كل السبل في سبيل تصحيح ما وقع من سوء فهم واسترجاع حقه الذي خصم، كما أنك لا تجده يقول لمديره إني رأيت فيك رؤيا البارحة بأنك ظلمتني!!
نعم قد يستأنس في خاطره، لكن من المستبعد أن تكون دليلا يضاف إلى ملف القضية لإثبات مصداقيته، وإلا ستصبح المسألة فوضى وكل يدعي وصلا بليلى.
ألا وإن الأزمة العراقية قد انتهى فيها ذلك الفصل الذي أثار الأمتين العربية على وجه الخصوص والإسلامية، لكن المشكلة الحقيقية لم تنتهي بعد، ألا وهي لِمَ يحدث في أمتنا ما يحدث؟ والى متى نحن مستضعفون أمام هذه القوى الغاشمة؟ وماذا قدمنا لنصرة هذه الأمة؟ وما هي الحلول الجذرية التي قدمناها غير تلك الأجساد الطاهرة التي تتبرع أن تكون طعما لطائرات العدو؟
قد صدمنا البارحة بأفغانستان واليوم بالعراق، وللأسف أن أصحاب الرؤى وكتب الفتن الذين يقرءونها بطريقة مستحدثة ـ بخلاف ما عليه أهل العلم في جميع الأعصار والأمصار ـ وينزلون ما ذكر فيها على أشخاص معينين، يصرحون أكثر من مرة بأن النصر سيأتي قريبا ويَعِدون بأنه فجأة! لاحظ فجأة! تنقلب الموازين سواء في أفغانستان أو العراق أو فلسطين من قبل!
ولا هذا ولا ذاك حدث وآلامنا تعظم وجرحنا يثعب دما والمستفيد هو العدو، ولو أنفقوا بعض الوقت الذي ينفقونه في الحديث في الرؤى والأحلام وأحاديث الفتن فيما تستفيد منه الأمة عمليا لكن ذلك أنفع وأكثر جدوى.
فبعيدا عن الإطالة يجب علينا أن نضع هدفا ونسعى من أجل تحقيقه، وهو صنع أجيال إسلامية رصينة، تتمتع بقدرة عالية من الإيمان و التمسك بالكتاب والسنة عقيدة وعملا، دؤوب على نصر الإسلام، قائمة على شرع الله - عز وجل -، تملك من الطاقات على اختلافها الشيء الكثير، تعرف كيف تتعامل مع الحدث بمحوريه، الفقه الشرعي والتطبيق العملي، بعيدا عن الوسائل التقليدية الممجوجة كالشجب والاستنكار، والتي مللناها طويلا حتى غدت كذاك التصفيق الذي يطلقه المشجعون في نهاية المباراة معلنين نهايتها.
و يجب أن نعلم أن هذه الوسائل أي المظاهرات والشجب والاستنكار، وسائل ضعيفة هشة لا يعبه بها إن لم تكن بجانبها قوة اقتصادية كبرى تؤثر في الرأي العالمي، وأيضا بجانب قوة عسكرية يهابها المعتدي، بالإضافة إلى تقدم تكنولوجي شريطة (صنع في بلد مسلم)، حتى نقضي على هذا الوهن الذي أصاب أمتنا.
فالجيل الذي نحن نعيشه جيل هش من الداخل، كثير منه ضحل التفكير، قليل من الذين يدعون الإسلام والتمسك به قائم بالإسلام كما يجب فكرا وسلوكا، فهو لا يهتم بتربية من حوله من طلبة وأبناء وزوجة، غير أنه يملي عليهم بعض الأفكار الفضفاضة، أما هو فقد لا تجد عنده قيام ليل ولا صيام تطوع فالثلاث البيض لا يعرفها وكذلك الاثنين والخميس قد نسيها والثلث الأخير من الليل نادرا ما يتذكره بل وأخشى أن كثير من شباب الصحوة لا يصلي الفجر في جماعة إلا اللهم القليل، كما أنك أيضا لا تجد إلا القليل من يسعى لتنمية قدرات الأمة، وتربية أجيالها، فإن كان هذا حالنا فأي نصر نرتجي وأي إسلام ندعو له!
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد