بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحالة اليوم تبدو بالغة التعقيدº ففي كل صقع أسرى للمسلمين، فهؤلاء أسرى المجاهدين بكوبا (غوانتانامو)، وأسرى المجاهدين الفلسطينيين في السجون اليهودية، وأسرى المجاهدين العراقيين في سجون التحالف الصليبي، وأسرى المجاهدين الكشميريين في السجون الهندوسية، وأسرى المجاهدين الشيشانيين في روسيا، وغيرهم من الأسرى المستضعفينº وهؤلاء نسيهم الناس في زحمة الأحداث، وتوالي النكبات، وتتابع المصائب والله المستعان...
إلى أن جاءت بلية البلايا في العراق يوم أن فضح الله الصليبين الذين لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة.. عندها التفتت الأعناق إلى العراق، لتشاهد وترى آيات القرآن التي يقرؤها المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها يرونها عيانا بياناً في تصرفات الحلف الصليبي، وفي صحفه ووسائل إعلامه.
التفت الناس إلى العراق ليقرؤوا قول الله - عز وجل -: (كَيفَ وَإِن يَظهَرُوا عَلَيكُم لَا يَرقُبُوا فِيكُم إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرضُونَكُم بِأَفوَاهِهِم وَتَأبَى قُلُوبُهُم وَأَكثَرُهُم فَاسِقُونَ)، وقوله (لَا يَرقُبُونَ فِي مُؤمِنٍ, إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ المُعتَدُونَ).
قال ابنُ كثير: " يَقُول - تعالى - مُحَرِّضًا لِلمُؤمِنِينَ عَلَى مُعَادَاتهم وَالتَّبَرٌّؤِ مِنهُم وَمُبَيِّنًا أَنَّهُم لَا يَستَحِقٌّونَ أَن يَكُون لَهُم عَهد لِشِركِهِم بِاَللَّهِ - تعالى - وَكُفرهم بِرَسُولِ اللَّه - صلى الله عليه وسلم - وَلِأَنَّهُم لَو ظَهَرُوا عَلَى المُسلِمِينَ وَأُدِيلُوا عَلَيهِم لَم يُبقُوا وَلَم يَذَرُوا وَلَا رَاقَبُوا فِيهِم إِلًّا وَلَا ذِمَّة ". ا. هـ. وقال الشيخُ ابنُ سعدي: " أي لا ذمة ولا قرابة، ولا يخافون الله فيكمº بل يسومونكم سوءَ العذابِ، فهذه حالكم معهم لو ظهروا عليكم. ا. هـ.
التفتنا إلى العراق لنقرأ قول الله - عز وجل -: (قَد بَدَتِ البَغضَاء مِن أَفوَاهِهِم وَمَا تُخفِي صُدُورُهُم أَكبَرُ قَد بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُم تَعقِلُونَ، هَاأَنتُم أُولاء تُحِبٌّونَهُم وَلاَ يُحِبٌّونَكُم وَتُؤمِنُونَ بِالكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُم قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوا عَضٌّوا عَلَيكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الغَيظِ قُل مُوتُوا بِغَيظِكُم إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصٌّدُورِ).
إن ما شاهده الناس من أفعال الصليبين لهو مصداق ما أخبر اللهُ به عنهم، ومهما تصورنا من الحقد الأزرق الدفين في قلوبهم، فلم يمر على مخيلتنا كما رأينا، ولكنَّ الأمر الأغرب الذي رأيناه هو هذه العقلية الصليبية التي تسير إلى الحضيض، وتتعثر في حفر الإباحية، وترصف في أغلال القحة القذرة، ثم تأتي إلى العالم الإسلامي بالقلم الأحمر مصححة ومخطئة، تعلمنا كيف نعبد الله وكيف نفهم الإسلام، وكيف نتعامل مع المرأة، وكيف نضع المناهج لتعليم نشئنا.
إن أمة بهذا الانحطاط كيف تجرؤ على تسويق قيمها وفرضها على العالم. إن الأمم إذا سقطت في ميادين الأخلاق كان سقوطها في أرض الواقع أسرع مما يظن الكثيرون. يتعجب المسلم عندما يسمع أحد الجنود الأمريكيين الوحوش ممن عذبوا العراقيين المعتقلين يقول دفاعًا عن نفسه "إن العراقيين حيوانات، وما الضرر من تعذيب حيوان! "، هذه التصرفات التي تدل على السقوط في ميادين الخلق تدلنا على أن ما بعد ذلك إلا السقوط في عالم الواقع، فهذه الأمة الظالمة أيامها محدودة، والعد التنازلي في نهايتها قد بدأ فعلاً، وليس هذا إفراطاً في التفاؤل، ولا مبالغةًº بل هذه قناعةٌ عند كثير من المفكرين الغربيين، والذين هم أعلم بطبيعة النظام الأمريكي المتآكل، وليس المهم متى ستختفي هذه الدولة، الآن أو بعد عقد أو بعد قرن من الزمان، ولكن المهم أن يعلم المسلم أن مدتها حسب سنن الله قد بدأت في الرحيل: (ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون).
إن قوة البطش التي تتمتع بها الدولة الأمريكية لا يجب أن تخدعنا، حينما تتأسس أيّ قوة على الظلم والقهر والوحشية، فمآلها الزوال لامحالة.
يوماً بعد يوم يدرك المرء أن الكفر والجاهلية لا يمكن أن تكون شيئًا آخر غير الجاهلية مهما كانت ملمّعة أو ذات هالات، و "هيلمانات"، و هذه الدول الصليبية خلال سنة أو يزيد تجدها تسقط في فنجان الوحل، لتكون فرجة بتخبطها وانكشاف عوارها.
من منا الآن يحترم هذا الجنس الهمجي؟ من منا لا يحتقر هؤلاء دينياً، وثقافياً، وأخلاقياً؟!
من منا يستطيع أن ينظر إلى الواحد منهم دون أن يتقزز أويشمئز؟ هؤلاء الهمج لم تصقلهم القرون و المدنيات، ولم تقض الأضواء على الوحش الذي يعيش فيهم.
قذرون في كل شيء، ومنبوذون من كل الأمم، لم يستطيعوا أن يجعلوا العالم يحبهم، لم يستطيعوا أن يكونوا أذكياء، و لا أقوياء، و لا حكماء، و لا عقلاء.
سقطت كل أحلامهم، انكشفت حقيقة أخلاقهم، من يحترم اليوم هؤلاء؟!
هل يمكن أن يحترم شخص من يتبوّل عليه باحتقار و عنجهية؟!
هل يحترم المقتول قاتله؟ ما الذي جاؤوا به إلى المنطقة لتحترمهم؟
هل يستطيع أيّ مسلم أن يرى هؤلاء بعد اليوم يمثلون فعلاً حقوق الإنسان، و الحرية، و الثقافة، و المدنية؟!
إنهم يريدون تحويل العالم إلى غاب يسطو فيه القوي على الضعيف، لذلك ستفهم البشرية يومًا بعد يوم أن رحمتها و أمنها في مبادئ الإسلام الخالدة، والتي نزلت لتطهير البشر من رجسهم، وليس لتنجيسهم بالبول عليهم.
أين هؤلاء منا أهل الإسلام؟ فليرفع المسلم رأسه، وليتعال على هذه الإهانات فلقد انتهى كلٌّ شيء، وانقشع الغبار، وزالت الغشاوة عن العقول والعيون، وعرفت كل نسمة في الشرق الأوسط أن هؤلاء عدو لها، هذا ما ظهر في أفعالهم، وما تخفي صدورهم من العداوة أعظم وأكبر.
وإذا كنا نتكلم عن السقوط الأخلاقي فإنّ ما فعله السجّانون الصليبيون بأسراهم العراقيين ليس بدعاً في الأخلاق والسلوك الصليبية، وليس غريباً من أُمةٍ, سقطت أخلاقياً يوم سوّقت للرذيلة، وقدّست الحرية البهيمية الشهوانية، وتكدّس العُراة على سواحلها في مشاهدهم البهيمية.
إن أمريكا ستظلٌّ عُنواناً للرذيلة على مدى العُصور والدُهور، وسيُسجّل التاريخ بِمدادٍ, أسودٍ, كيف قُدّر لأمريكا - يوماً ما - أن تعلو كدُخانٍ, وضيعٍ,، فما كان لها إلاّ أن ظلمت وسرقت ونهبت وعذّبت وأذّلت وانتهكت كُل قِيمِ أهلِ الأرض فكان جديراً بها هذا البعد عن التوفيق، وهذا الانحدار المتواصل إلى السقوط، والله أمهلهم، وهو يمهل ولا يهمل، فمهّل الكافرين أمهلهم رُويداً.
أحبتي....
وهل تمر الأحداث هكذا دون عواقبها الوخيمة، وردات فعلها العظيمة؟.
إن عقول المسلمين تختزن المواقف والصور، وتلتقط المشاهد والذكريات، ويتشكل الموقف من هؤلاء السفلة في ضمير كل مسلم، فهل سيكون موقفاً إيجابياً؟ وهل يغفر لهم المسلمون هذه الأفعال؟ وهل تغفر لهم الإنسانية هذا الانحطاط؟ إن هذه الجرائمَ لا تسقط بالتقادم، و إذا كانوا يشعرون بالخزي و العار من نشر صور الرجال العراقيين تحت التعذيب الشاذ فماذا لو نشرت صور العراقيات المعذبات في سجون الاحتلال؟! ثلاثة آلاف سجينةº فماذا يتوقع من هؤلاء السفلةِ أن يفعلوا بهن؟!
إن الحقيقة لا تكتمل إلا بالوقوف على مآسي إخوانناº ليرى العالمُ ويدركَ عدالة انتصار المسلمين لأنفسهم. إن كشف حقيقة هذه المآسي للناس ليدعوهم في أقل الحالات إلى واجب شرعي وإنساني، فالتعذيب النفسي والجسدي من سفلة العالم فاق كل الحدود.
إنهم يستخدمون كل الوسائل، حديثها مثل قديمها لإذلال شعبنا ومجاهدينا، والقصص العجيبة لا تحصى حول ذلك، و تتداولها ألسنُ أهلنا في العراق.
فمن بين الأسئلة التي تدور في خاطر بعض العراقيين: لماذا قصفُ سجن أبي غريب وسجن المطار ضمن أهداف المقاومة؟ والجواب يعرف عند الخارجين من هذه السجون، وهم يقولون: إن القصف يشمل أحياناً بعض العنابر النسائية وحتى الرجالية بطلب من الأسرى أنفسهم، والموجبات لذلك أكبر من أن يحتملها العقل لمن لا يعرف حقيقة ما يجري يومياً في معسكرات الإبادة هذه، فمن بين ما يستخدم ضد أخواتنا حقن تتسبب في فقدان التوازن العصبي والجنسي مما يحولها إلى مادة للمتعة الشاذة والماجنة لجنود البربر الجدد، يتبعها عمليات اغتصاب منظمة، لكسر نفوسهم ومعنوياتهم، فما كان منهن إلا إيصال رسائل استغاثة إلى الخارج والطلبِ من المقاومة قصف عنابر النساء لتخليصهن من المأساة والإذلال الهمجي، والله المستعان.
لقد حاول المسؤولون في حلف الضلال قدر جهدهم أن يجعلوا من تلك الجريمة حوادث فرديةً من بعض الجنود، وأنها لا تستدعي التضخيم والتهويل، ولكن الواقع في حقيقة الأمر يكذب تلك الادعاءات ويدحضها، حيث تدل تصريحات كثيرة -بعضها لمن كان في مسرح الحدث- أن المرتكبين لهذه الجرائم لم يكونوا بضعة جنود فقط، وإنما مجموعات تلقوا أوامر واضحة، وطُلب منهم إعداد المعتقلين للتحقيق.
ولا أدل على ذلك من الكم الهائل من الصور التي شاهدها أعضاء الكونجرس في غرفة سريةº فـ"الجارديان" البريطانية ذكرت بأن الصور بلغت 1800 صورة وشريط فيديو، بينما وكالة رويترز حددتها بـ 1600 صورة، وهل يعقل أن هذا العدد الضخم من الصور تم التقاطه بطريقة عفوية من أشخاص معدودين، أم إنها عملية توثيق منظمة لعمليات التعذيب والممارسات الشائنة للمعتقلين العراقيين؟!
ثم ماذا تتضمن هذه الصور؟ لقد نص وزير الدفاع الأمريكي وجميع المشاهدين لها من أعضاء الكونجرس أنها أكثر بشاعة مما نشر!.
هل هناك أكثر بشاعة من الاغتصاب، والتعذيب بالكهرباء، وانتهاك الأعراضº بل والتبول على المعتقلين، والتلذذ بتصويرهم عرايا كما ولدتهم أمهاتهم؟!
إن الأمر باعترافهم أخطر وأعظم مما نتصور، ثم يريدون أن يقوم المسلمون لهم إكباراً وإجلالاً، يريدون مع تصرفاتهم هذه أن نحرِّم المقاومة، ونرحب بالمحتل، الذي يريد تحرير العراق من التعذيب والقهر والديكتاتورية، فإذا هو نفسه يمارس أبشع أنواع التعذيب والقهر والديكتاتوريةº بل وأكثرَها نذالة وانحطاطًا.
فمن يلوم المقاومين اليوم في العراق؟
فمن يلوم المقاومين اليوم في العراق؟
فمن يلوم المقاومين اليوم في العراق؟
خاصة بعد أن انتهكت كرامة الأهالي هناك، هل يحق لنا أن نطالبهم بقبول التعويضات المادية الرخيصة، وهم يريدون الانتقام لدينهم، وبلادهم، وأعراضهم؟! لماذا نطالبهم بقبول أخس المكاييل؟ لماذا نطالبهم بالقبول بالهوان وأبخس الأثمان؟!
لماذا لم تقبل الدولة المعتدية بالتعويضات في مشكلة الفلوجة؟
لماذا لم يهدأ الحقد الصليبي إلا بعد مقتل سبعمائة مدني عراقي مقابل أربعة من المرتزقة؟
يقول وزير الدفاع الأمريكي بالنص: "أبحث عن وسيلة لتقديم تعويضات مناسبة لهؤلاء المعتقلين الذين عانوا من معاملة بهذه الوحشية والقسوة من جانب بعض عناصر القوات المسلحة"، مضيفاً: " هذا ما ينبغي القيام به"!
ويهمس بعض المراقبين: وهل قبلت أمريكا دفع تعويضات جراء ما تعرض له المرتزقة الأمريكيون في الفلوجة؟! وهل يقبل رسل الحرية -الأمريكيون- أن يسلموا زبانيتهم للعراقيين لمحاكمتهم كما أصروا أن يسلم أهل الفلوجة العناصر المتهمة بالتمثيل بجثث المرتزقة الأمريكيين؟!
بهذه الأحداث لا يمكن لأحد أن يتعاطف مع هؤلاء الأعداء، أو يدافع عنهم.
بهذه الأحداث لا يمكن لأحد أن يطالبنا بقبول الآخر الأمريكي، لأن الآخر لم يقبلنا في الأصل وإنما عادانا، وقهرنا، وعذبنا، ونهبناº بل وتبول على رجالنا، فالذي يقبل بهذا فليرحب بهم، (ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين).
لن يفهم أثرَ الإسلام في الإنسان والحياة إلا من يؤمن بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبحمد - صلى الله عليه وسلم - نبيًّا ورسولاً، وما سوى ذلك لن يعدو الأمر بالنسبة له إلا غوامضَ لا كاشف لها.. أقول هذا لأن النقاط السريعة التي سأذكرها متعلقةً بقضية أسرى المسلمين في العراق تندرج في هذا الباب:
أولاً: يخطئ من يظن أن الصليبيين كانوا يهدفون إلى مجرد تعذيب الأسرى جسدياًº فما تعرض له الأسرى رغم فداحته لا يذكر بجانب ما تعرض له العراقيون في سجون النظام السابق. ما فعله الصليبيون كان إهانة لأمةٍ,، ولدينٍ, يشعرون نحوهما بالعداوة. والإهانة ليست مرادفاً للضرب أو التعذيب الجسدي فقط، بل هي تعذيب نفسيº لأن العذاب البدني لا يكون بالتعرية، وإجبار الرجال على الملابس النسائية، والتبول على وجوههم، وربط أعناقهم بطوق الحيوانات وجرهم بها كما يفعل بالكلاب، وإنما يأتي هنا عنصر الحقد، وقصد الإهانة، وكسرِ الشوكة، والإرادة.
ثانياً: الصليبيون يهينون الأسرى المسلمين وفق الشريعة الإسلامية، فهم يقومون بما يأنف منه المسلم ويعده دينه عملاً مخلاً بالشرف والكرامة، ففي طريقة تعذيبٍ, كريهة بالنسبة للرجال العرب مرتبطةٍ, بفكرة الرذيلة ظهر أحد الضحاياº وقد لفٌّوا حول رأسه ملابس داخلية خاصة بالنساء، وإلا فإن ارتداء ملابس النساء في الثقافة الصليبية الشاذة ليس عملاً مشيناً وكيف يستحي من مثل ذلك أناسٌ يتناكح رجال دينهم سوياً؟! والجندية النجسة التي كانت تسحب أحد المعتقلين من رباط في عنقه كانت حاملاً من أحد زملائها في السجن.
وتبقى تهمة المسلمين دائماً لدى حضارة الأنجاس (إنهم أناس يتطهرون).
ثالثاًً: من الأمور المهمة لاستيعاب الحدث أن نعلم أن الذين تعرضوا للإهانة لم يكونوا الأسرى فقطº فهؤلاء منهم أبطال، ومنهم عابرو سبيل، والذين أهينوا بالفعل هم كلٌّ المسلمين، فهذه الصور ليست من قبيل 'الصور' التي تثير في النفس الاشمئزاز من الممارسات الأمريكية وفقط، ولكنها رسالة 'أمريكية' إلي 'الجمهور العربي' بأنه ليس ببعيد عن 'يد الرجل الأبيض' الذي لا يبالي بأي شيء في سبيل تحقيق طموحاته ورغباته أن يجعلكم كهؤلاء، فإذا أردتم السلامة من هذه الحال فعليكم برفع الراية البيضاء، والطواف بالبيت الأبيض، وتمجيد مفاهيم الرجل الأبيض و إلا سيكون المصير هو المصير.
رابعاً: إن العالم يعيش اليوم حالة تغير سريعة، ولسنا خائفين على مستقبلنا كمسلمين، فنحن المكلفون بإنقاذ العالم من بربرية الحضارة الأمريكية، ومن السهل أن نستبشر خيراً، ولكن المهم هو أن نعمل خيراً، لا بد أن نعمل للمرحلة القادمة، لا بد أن ننهض من كبوتنا، ونقدر منزلتنا، ونعود إلى ريادتنا ورسالتنا للعالمين.
خامساً: نقد سياسة الأعداء وثقافتهم مهم جدًّا حسب كل المعايير، لأن في المسلمين سمّاعين لهمº فيجب علينا أن نبين ظلم الظالم ونظهره، وأن نبين عدالة قضية المظلوم وننصره.
سادساً: هذه الصور.. لا شك أنها ستمنح المقاومة العراقية بكل فصائلها، واتجاهاتها، شحنات من الغضبِ العارم، ورغبةِ الانتقام، والدعوةِ إليه، وليس هذا راجعاً إلى الخطاب الديني ولا غيرِه، وإنما هو راجعٌ إلى تصرفات حلف الضلال، والذي يستفز كلَّ امرئ يمتلك بقايا من الإنسانيةº فكيف برجال اعتزوا بهذا الدين ورفعوا راية الجهاد في سبيل الله من أجل تطهير بلادهم من قوى الاحتلال.
سابعاً: كذلك هذه الصور وهذا التصرفات المتطرفة من قبل الكفار مع المسلمين ستظهر على إثرها تصرفاتٌ أخرى متطرفةٌ من قبل بعض المسلمين المتحمسين، ولا يعني من مناصرة قضايانا العادلة وتوضيحها تأييد ما يحصل من ردات فعل غير محسوبة، تسبب فيها المعتدي قبل غيرهº لأنه تطرف أيضاً في العداوة للمسلمين، وكلٌّ تطرف يأتيه ما يقابله بنفس القوة ولكن من الجهة الأخرى، وهذا ما فهمَته إحدى الصحف البريطانية عندما كتبت يوم السبت الماضي بالخط العريض على صورة الجندي الذي يتبول على السجين العراقي، وربطت بينها وبين حادثة قتل البريطاني التي تمت في مدينة ينبع في السعودية قائلة بأننا بدأنا ندفع ثمن هذا التصرف في الشرق الأوسط، وهذا صحيحº فمع أن التصرف الذي حصل في ينبع لا يمكن أن يقر بأي حال من الأحوال إلا أن هذه ردات فعلٍ, المتسببُ فيها هو من أنشأ الفعل الأول.
ثامناً وأخيراً: لنتخيل قليلاً أن هذه الصور كانت لبعض اليهود، ترى كيف سيستغلها الصهاينة؟ لا شك أن ردة الفعل ستكون مغايرة تماماً لردة فعل المسلمين، ستتداعى القوى الصهيونية العالمية، لجعل هذا اليوم يوم تعذيب السامية العالمي، وتصاغ الروايات في ذلك، وسيطالبون العالم بتعويضات عن الأضرار المالية، والمعنوية الناجمة عن عرض تلك الصور على العالم إلى غير ذلك مما يعرفه كل الناس عن العقلية اليهودية.
والسؤال هل الشرع يأمر بفكاك الأسير، وهل تستطيع الأمة أن تطالب بشيء من هذا وهي أكرم عند الله من اليهود؟
نحن نأمل في هذه الأمة المعطاء خيراً كثيراً.
وأما الشرع فهو يأمر بفكاك الأسير في غير موضع، من ذلك أنّ الله - تعالى - أمر بالقتال لتخليص ضعفة المسلمين، وأسارى المسلمين لهم في الحكم تبع.
قال - تعالى -: (وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك ولياً واجعل لنا من لدنك نصيراً)، قال القرطبي: "وتخليص الأسارى واجب على جميع المسلمين إما بالقتال وإما بالأموال، وذلك أوجب لكونها دون النفوس إذ هي أهون منها.
وعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه قال-: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فكوا العاني - يعني الأسير-، وأطعموا الجائع، وعودوا المريض" [رواه البخاري].
وفي الصحيح أيضاً عن أبي حجيفة قال: قلت لعلي -رضي الله عنه-: "يا أمير المؤمنين، هل عنكم من الوحي شيء؟ " قال: "لا والذي فلق الحية وبرأ النسمة، إلا فهماً يعطيه الله - عز وجل - رجلاً وما في هذه الصحيفة"، قلت: "وما في هذه الصحيفة؟ " قال: "العقل، وفكاك الأسير، ولا يقتل مسلم بكافر".
وإنّ في السيرة العملية لعبراً تؤثر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في فك الأسارى، ومن ذلك القيام بالفداء، فعن عمران بن حصين رضي الله عنه (أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - فدى رجلاً برجلين).
وكان من هديه - عليه الصلاة والسلام - نصرة الأسرى بسهام الدعاء التي لا تخطئ أبداً، كما في الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رفع رأسه من الركعة الأخيرة يقول: "اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة، اللهم أنج سلمة بن هشام، اللهم أنج الوليد بن الوليد، اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها سنين كسني يوسف".
اللهم اشدد وطأتك على أحلاف الضلال، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد