أفقدتها المصائب بصرها


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 بدأت المصائب تتعاقب على العجوز الفلسطينية أم عابد الزريعي منذ عام 1956م ففي مذبحة رهيبة راح فيها كثير من سكان مدينة خان يونس استشهد أول أبنائها عبد الله ولم تمض 10 سنوات على استشهاده حتى لحق به ابنها الثاني عبد الرحمن الذي كان مطلوباً من قبل قوات الاحتلال بدعوى انضمامه إلى حركة الفدائيين في أعقاب هزيمة عام 1967م ولم تكد أم عابد تتحمل مصيبتها في فقيديها، حتى تحل بها المصيبة الثالثة في فقدان نجلها عبد العزيز الذي قامت قوات الاحتلال بضربه ضرباً مبرحاً، وإلقائه في إحدى الآبار مما أدى إلى استشهاده على الفور، ولم يتبق لها إلا اثنان: عباد الذي أبعدته سلطات الاحتلال خارج أرض الوطن، وسليمان الذي تم اعتقاله من قبل المخابرات الإسرائيلية بحجة قيامه بتنفيذ عمليات فدائية ضد قوات الاحتلال في غزة، مكث على إثرها في السجن 12 عاماً حتى أفرج عنه في أواسط الثمانينات، وعند خروجه وجد أمه قد فقدت بصرها من كثرة البكاء، وفي هذه الأثناء دمر جيش الاحتلال منزل الأسرة المنكوبة أربع مرات حيث كان يهدم في كل مرة تتم إعادة بنائه فيها، وفي عام 1994م تم تشكيل السلطة الوطنية الفلسطينية، حيث عاد ابن أم عابد سليمان إلى أرض الوطن برتبة نقيب وانضم إلى أجهزة الأمن الفلسطينية، وفي هذه الأثناء قام هو وأخوه عابد ببناء بيت آخر مكون من ثلاثة طوابق في نفس المكان الذي هدم فيه منزلهم عدة مرات، ولم يكونا يتوقعان أن ما بناياه سيهدم للمرة الخامسة بعدما تم قتلهما أيضاً برصاص الجيش الإسرائيلي الذي لم يكتف بذلك، بل قام بدهس جثتيهما بالدبابة حتى صعب التعرف على ملامحهما، ومع ذلك تقول أم عابد: "الحمد لله على قضاء الله وقدره، ولكنني أشعر بأنني سألقى جميع أبنائي في الجنة".

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply