تناقلت وسائل الإعلام الخبر الذي أوردته المجلة الألمانية "دي تسايت" يوم 27/02/2008م من أن وزير الداخلية الألماني "فولفغانغ شويبل" دعا الصحف الأوروبية لإعادة نشر الرسوم المسيئة للنبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وإصراره على أن ذلك يندرج في إطار حرية التعبير التي تتمتع بها الصحف في الدول الأوروبية، وأنه لا ينبغي مواجهة ذلك بالعنف من قبل المسلمين.
وفي محاولة منها لتدارك الهفوة الفظيعة التي ارتكبها وزير داخليتها، والحد من انعكاساتهاº سارعت السلطات الألمانية إلى نفي أن يكون الوزير المذكور قد أعلن صراحة هذا الأمر، غير أن المجلة المعنية أكدت ما أرادت تلك السلطات نفيه.
إن النفي أو الإثبات صار بالنسبة لنا في هذه القضية تحصيل حاصل، ذلك أن الدول الأوروبية تستعد - هذا إذا لم تكن قد انخرطت فعلاً - لتدخل مجتمعة على خط إعلانها الصريح العداوة للإسلام وأهله، وليس في إعادة نشر الرسوم المسيئة من طرف الصحف الأوروبية ودفاع وزراء إعلامها أو داخليتها إلا إيذاناً وموافقة رسمية على تلك الإساءة، والإفصاح عنها باسم حرية التعبير، واختباء مكشوفاً لا يمكن أن ينطلي على أحد، إذ العالم كله يشهد كيف أن حرية التعبير التي تدعيها "الديمقراطيات الغربية" تقف متعثرة بل تتوارى عن أنظار الساسة الغربيين لما يكون الأمر يتعلق بإبداء وجهة نظر مخالفة للرواية الصهيونية حول المحرقة اليهودية أو "الهولوكست".
وإذا كان اللوبي الصهيوني قد نجح في تعبئة المجتمع الأمريكي كله لاتخاذ موقف عدائي من الإسلام والمسلمين بعد أحداث سبتمبر، بغض النظر عن من كان يقف وراءها، واستطاع أن يجني من وراء ذلك مكاسب سياسية، اقتصادية، عسكرية ودعائية لصالح الكيان الصهيوني، ما كان ليحصل عليها لولا جو الخوف والرعب الذي خيم على المجتمع الأمريكي حينها، فإن من يقف اليمين المتطرف يريد أن يعيد الكرة، لكن هذه المرة مع أوروبا ودول الاتحاد الأوروبي التي أصبحت تضاهي في قوتها الاقتصادية والعسكرية الولايات المتحدة الأمريكية.
يريد اليمين المترف في أوروبا أن يحذو حذو اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية بإثارة جو الخوف من الإسلام وأهله بالتحريض على إعادة نشر الصور المسيئة للنبي محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - من طرف الصحف والمجلات الأوروبية، مستغلاً بعض ردود الفعل العنيفة التي قد تصدر من بعض الأفراد والجماعات احتجاجاً على تلك الصور.
المسألة اليوم لم تعد مقتصرة على مؤسسات إعلامية غير حكومية كما حدث في النسخة الأولى سنة 2006م، بل نرى دخول جهات حكومية (مثل وزير داخلية ألمانيا) تحرض على إعادة نشر الرسوم على صفحات كل المجلات والصحف الأوروبية، ومن يدري لعله غداًº وفي تطور غير مرتقب أن تقوم مؤسسات إعلامية حكومية وتحذو حذو المؤسسات الإعلامية غير الحكومة في نشر والترويج لتلك الرسوم المسيئة.
إن حملة اليمين المتطرف مستمرة (ولا تزال في بدايتها) في تهيئة أجواء العداء للإسلام داخل المجتمعات والدول الأوروبية بهدف تسميم أجواء التلاقي والتفهم لأوجاعنا، ومن ثم تجفيف أي تعاطف قد تبديه تلك المجتمعات ودولها مع ملفات العالم العربي والإسلامي، خاصة ما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي، والاحتلال الأنجلو أمريكي للعراق وأفغانستان.
لقد رأينا كيف أن المجتمعات الأوروبية أبدت اعتراضها الشديد على احتلال العراق، وكيف خرجت في مظاهراتها تعاطفاً مع فلسطين والعراق، وتعبيرها عن رفضها للقتل والتقتيل الذي يمارسه العدو الصهيوني في حق أبناء فلسطين، وكذا استمرار الحرب على العراق وأفغانستان.
الهدف اليوم إذن هو استعداء كل أوروبا ضد الإسلام والمسلمين، كما تم بالأمس استعداء كل الولايات المتحدة الأمريكية، والسبيل هذه المرة هو أعز ما يقدسه المسلمين ويعظمونه بعد إيمانهم بالله الواحد وهو رسول الله الكريم محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد