الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير المرسلين وخاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعدº
فإن أمة الإسلام لم تنس الجريمة النكراء التي وقعت فيها الدنمرك حتى فوجئت بإساءة ألمانية جديدة لنبينا - صلى الله عليه وسلم - ولدين الإسلام.
فقد قام أكبر رمز ديني كاثوليكي، وهو البابا الكاثوليكي بينيدكت السادس عشر، بإلقاء محاضرة يوم الثلاثاء التاسع عشر من شعبان 1427 بعنوان (العقل والإيمان)،..حيث لا عقل ولا إيمان..
لا عقل لما يلي:
1. يعتقدون أنّ الإله يمكنه أن يولد كما يولد البشر من فرج المرأة!
2. يقولون إن الأصغر يحوي الأكبر، فعندهم أن رحم مريم -وهي ناسوت- احتوى على عيسى - عليه السلام - وهو لاهوت-.
3. يعتقدون أنَّ أعداء عيسى - عليه السلام - صلبوه وأبوه لم يفعل شيئاً.
4. عندهم أنَّ عيسى صلب حتى يُخلِّص الله الناس من الخطيئة، بالله عليكم لو أنّ لوالد ولدين أذنب أحدُهما فعاقب الأبُ الآخرَ، ما تقولون في هذا الوالد!!
5. لو سلمنا بأنَّ عيسى - عليه السلام - صُلب- ولا نسلم- لكان الأجدر أن يُمتهن الصليب رمز صلب إلههم لا أن يُكرم ويُوضع على الصدور.
6. يعقلون أنَّ إلهاً يُطار ويُصلب ولا يقدر على دفع السوء عن نفسه.
وأما لا إيمان
لأنه كافر بعيسى - عليه السلام -، فنحن نعتقد أنّ من كفر برسول واحد فقد كفر بكل المرسلين.
جاء في هذه المحاضرة اقتباسات اقتبسها من حوار بين إمبراطور بيزنطي وزعيم فارسي في القرن الرابع عشر عندما حاصر المسلمون القسطنطينية، وأقف مع اقتباسين:
الأول: قول البيزنطي للفارسي: "ارني الجديد الذي جاء به محمد- صلى الله عليه وسلم -، سوف لن تجد إلا الشر واللا إنسانية".
الثاني: فكرة الجهاد تخالف إرادة الله.
وكل من اقتبس كلاماً وسلَّم به فله حكمُ قائله.
ولي حيال هذا الكلام وقفات، وسؤال، وتنبيه.
أما الوقفات:
1. أما الجديد الذي أقرّ البابا أنّه لا يوجد فيما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - فهذا يدل على جهل مطبق بسيرة هذا النبي العظيم، وأذكره بجديد واحد فقط.. لقد بُعث النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوم كانت الحروب تنشب بينهم لأتفه الأسباب، كان القريب يقتل قريبه على مورد الشاة، فلما بُعث النبي - صلى الله عليه وسلم -اسمع إلى الجديد يا أيها البابا- لما بُعث كان حالهم كما قال أنس بنُ مَالِكٍ,: قَدِمَ عَبدُ الرَّحمَنِ بنُ عَوفٍ,، فَآخَى النَّبِيٌّ - صلى الله عليه وسلم - بَينَهُ وَبَينَ سَعدِ بنِ الرَّبِيعِ الأَنصَارِيِّ، وَعِندَ الأَنصَارِيِّ امرَأَتَانِ، فَعَرَضَ عَلَيهِ أَن يُنَاصِفَهُ أَهلَهُ وَمَالَهُ، فَقَالَ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهلِكَ وَمَالِكَ، دُلٌّونِي عَلَى السٌّوقِ [البخاري]، إلى هذا الحد آتت الأخوة الإيمانية التي غرس بذرتها نبينا - صلى الله عليه وسلم - في نفوسهم ثمارَها.
2. وأما الشرٌّ فأي شرٍّ, يُنسب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، أي شر يُنسب إلى نبي ضمن الله له إجابة دعوةٍ, وكان بالإمكان أن يخص بها نفسه، أو يدعو بها للمؤمنين ويُشركَ نفسه معهم.. ولكنه رسول الله، الرحمة المهداة.
عيسى - عليه السلام - تعجل دعوته، وجميع الأنبياء تعجلوها، إلا رسولنا - صلى الله عليه وسلم -، تأمل ماذا قال.. قال: ((لِكُلِّ نَبِيٍّ, دَعوَةٌ مُستَجَابَةٌ، فَتَعَجَّلَ كُلٌّ نَبِيٍّ, دَعوَتَهُ، وَإِنِّي اختَبَأتُ دَعوَتِيº شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَومَ القِيَامَةِ، فَهِيَ نَائِلَةٌ إِن شَاءَ اللَّهُ مَن مَاتَ مِن أُمَّتِي لَا يُشرِكُ بِاللَّهِ شَيئًا)) [البخاري ومسلم].
وإذا رحمت فأنت أمُّ أو أبٌ *** هذان في الدنيا هما الرحماءُ
3. وأما قوله: (واللا إنسانية).. فأكتفي بإيراد حديث واحد لا علاقة له بالإنسانية! ولكنه يدحض فرية الإنسانية هذه!! عَن نَافِعٍ, عَن عَبدِ اللَّهِ بن عمر - رضي الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((عُذِّبَت امرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ, سَجَنَتهَا حَتَّى مَاتَت، فَدَخَلَت فِيهَا النَّارَ، لَا هِيَ أَطعَمَتهَا وَسَقَتهَا إِذ حَبَسَتهَا، وَلَا هِيَ تَرَكَتهَا تَأكُلُ مِن خَشَاشِ الأَرضِ))[البخاري ومسلم]، هذا في هرة.. فما بالك بمن يدخلون في إطار (الإنسانية)!! لقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّ من قتل كافراً معاهداً فلا يمكن أن يدخل الجنة، أما علم المسكين المقتبِسُ بهذا الكلام.
4. وأما اقتباسه الثاني الذي أقره (فكرة الجهاد تخالف إرادة الله).. فأقول: نعم يا بينيدكت، ما فعله الصرب في البوسنة يوافق إرادة الله؟!! اغتصاب الروس لأخواتنا في الشيشان يوافق إرادة الله؟!! غزو أمريكا للعراق وجرائمها في أبي غريب يوافق إرادة الله؟!! قتلهم للمدنين في أفغانستان يوافق إرادة الله؟!! أما أن ندافع عن أنفسنا، وندحر عدوَّنا فهذا أمر يخالف إرادة الله؟!!، ثم تحدثنا عن العقل يا.. يا بابا!!.
سؤال أطرحه على (الحبر الأعظم)!! أوما قرأت ما قاله رودي بارد، الذي ينتمي إلى طائفتك وبلدك، فهو ألماني كاثوليكي، يقول: "كان من بين ممثلي حركة التنوير من رأوا في النبي العربي أدلة الله، ومشرعاً حكيماً، ورسولاً للفضيلة، وناطقاً بكلمة الدين " [الدراسات العربية والإسلامية في الجامعات الألمانية، ص (15)].
هذا قول عقلائكم في بلادكم من طائفتكم في عدوِّكم.
وأختم بعزاء فيه تسلية لمحبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
كلمة مشرقة تُكتب بماء العين على جدار القلب سطَّرها التاريخ للإمام السعدي، قال - رحمه الله -: " {إنا كفيناك المستهزئين}: بك وبما جئت به، وهذا وعد من الله لرسوله أن لا يضرَّه المستهزئون، وأن يكفيه الله إياهم بما شاء من أنواع العقوبة. وقد فعل - تعالى -، فإنه ما تظاهر أحد بالاستهزاء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبما جاء به إلا أهلكه الله وقتله شر قتله" [تفسير السعدي ص (435)].
وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد