عَـجـولٌ لا سـعـادُ ولا طُلولُ * * * تُـشـاغـلـني وقد أزِفَ الرحيلُ
فَـمـن لـي صوَبهُ نُجُب المطايا * * * تَـغُـذٌّ الـسـيرَ غايتُها الوصول
أتـيـتُـكَ مـرسَلاً بهوانِ قومي * * * فـرفـقـاً بـالمُرَاسلِ يا رسول!
ولـسـتُ بـطـالبٍ, جاهاً ومالاً * * * فـأصـغـرُ همي العَرَضُ القليل
أبـوءُ بـذنـبِ تـقـصيرٍ, عظيم * * * وطـرفـي مـنـه مـنكسرٌ ذليل
لأسـكـبَ مـن دمـوعي منتهاها * * * وحـتـى لـو جـرت منها سيول
أتـغـسِـلُ عارَ مَن هانوا وذَلوا؟ * * * وكـيـف يـنظّفُ العارَ الغسيل؟!
رسـولَ اللهِ عـذراً عـن قصورٍ, * * * وأنّـى يُـقـبَلُ العذرُ الخجول؟!
قـعـدنـا دون نُـصرتكَ انخذالاً * * * ومـا مـن عـلـة إلا الـخمول
شُـغـلـنـا بالسفاسفِ من أمور * * * وأشـغـلَ هَـمَّـنـا الهمٌّ البديل
فـصـار الـسـيِّدَ المحسودَ فينا * * * كـثـيـرُ المال رابيه.. الكَسول؟
وذو الـجـاه الـمزركشُ بالتعالي * * * كـطـاووسٍ, لـه ذيـلٌ طـويل!
رسـولَ الله مـعـذرةً.. فـقومي * * * لـديـهـم قـد تكسّرَتِ النٌّصول
وألـقَـوا بـالـرماح وكل قوسٍ, * * * وأُنـزِلَ عـن مُـقـلَّـدِهِ الصقيل
ومـا عـادت مـراكـبُهم خيولاً * * * يُـشَـنِّـفُ أُذنَـهم منها الصّهيلُ
ولا الـصّـهـواتُ تغريهم رُكوباً * * * سـواءٌ عـنـدهـم ثَـورٌ وفِيل!
فـفـرسـانُ الخيولِ غدوا عظاماً * * * بـكـتـهم في مرابطها الخيول..
إذا رُكـبَ الـجـوادُ بـدا جياداً * * * كـأنَ ظِـلالَ واحـدهـا رعـيل
تـسـيـرُ مـهـابـةً منهم وفيهم * * * فـلا حَـزَنٌ يُـهـاب ولا سهول
نـفـوسٌ تـعـشـق الإقدامَ حتى * * * يُـحـاذر بـأسَـها الموتُ الذليل
بـأطـراف الأسـنّـة مـبتغاها * * * ويُـطـربُـهـا من النغمِ الصليل
أولـئـك مـن يـحامي عن نبيٍ, * * * ويـثـبـتُ لا يـحـيد ولا يميل
ويـصـمـدُ والـمـنايا مُحدقاتٌ * * * فـإمـا قـاتـلٌ هـو أو قـتـيل
ويـصـدقُ إن يـفـديـه بروحٍ, * * * قـؤولٌ صـادقٌ.. بَـرُّ فَـعـول
رجـالٌ أُرضِـعـوا لبناً صريحاً * * * فـنِـعـمَ الأصلُ واللبنُ الأصيل
فـكـانـوا كـالأسودِ على حماها * * * تـصـولُ عـزيـزةً وبها تجول
وأمـا نـحـنُـ: إمَّـا زِيرُ عشقٍ, * * * وإمــا مُـتـخَـمٌ شَـرِهٌ أكُـول
رضـيـعُ الـبِـيدِ قَسورةٌ جَسورٌ * * * ورُضَّـعُـنا من (النيدو) عُجول..
رسـولَ الله عذراً قد كُنا رؤوساً؟ * * * وإنّـا الآنَ فـي الـنـاس الذُيول
وكُـنَـا أمـةً وسـطـاً كـراماً * * * يـمـيـزُنـا بوسطِ الناس طُول
وكُـنّـا مـضـربُ الأمـثالِ فينا * * * ومـنَّـا يـنـبـعُ الـخُلُقُ النبيل
فـيـا خـجلي إذا بكَ جِيءَ يوماً * * * وأنـت شـهـيـدُنـا وبـنا كفيل
ويـا خـجـلـي إذا ناديتَ يوماً * * * إلـيـه كـلٌّـنـا حـتـماً نؤول
وقـلـتَ أريـدُ أحـبـابي بقربي * * * وقـربُـك يـومـهـا شأنٌ جليل
فكيف نراكَ قُربَ الحوضِ ظَمأى؟! * * * وحـوضُـكَ يـرتوي منه الغليل
بـمـاذا نـدَّعـي زوراً ونـذي؟ * * * ومـاذا عـن مـواقـفـنا نقول؟!
أكـنّـا أمـةً نَـخـلاءَ؟ عـوداً * * * فـخـارَ بـعـزمنا الجسَدُ النحيل
أو أنّــا أمـةً فـقـراءُ؟ رزقـاً * * * وجـانـبَ قـوتَنا الخيرُ الجزيل
نَـعُـولُ عـوائـلاً وبها انشغلنا * * * فـأورثـنـا الـمـذلَّة مَن نعولُ
أو إنَّ نـسـاءَنـا تـخشى علينا * * * فـبِـئـسَ غـنـيمةً تلك البُعول
أم أنــا أمـةٌ كـثُـرت عـداداً * * * وتـعـدادُ الـرجـالِ بـهـا قليل
تـفـرَّق أمـرُهـا شيَعاً وأضحى * * * لـكـل فـي سـيـاسـته ميول
فـفـيـنـا مُـرجفٌ خافي النوايا * * * وفـيـنـا مِـن أكـابـرنا عميل
أيـعـجـزُنـا سـفيهٌ ابنُ بغيٍ,؟ * * * ومـا كـانـت لـتُعجزَنا النٌّغُول
فـيـهـزأُ بـالـنبيِّ بنشر رسمٍ, * * * يـؤيِّـدُه مـن الـقـوم الـقبول؟
بــداعــي أنــه حـرٌ وأنّـا * * * تـمـاهـت فـي عواطِفنا العقول
وأنّـا نـركـبُ الإرهـابَ درباً * * * ويـجـدرُ مـسـلكاً عنه العُدول
عـلـوجٌ فـي زرائـبها عجولٌ * * * تـخـورُ.. ولـيس للبقر الصهيلُ
أيـعـجـزُنـا ونـحنُ حماةُ دينٍ, * * * يـقـومُ بـه عـلى الناس الدليل
لـقـد كـانـت قريشُ عتاةَ شِركٍ, * * * وكـانَ الـشـركُ في دمها يسيل
وكـان الـرومُ أقـوى مَن عليها * * * وأمـكـنَ فـي بـلادهم الدُخول
بـصـدق عـقـيدةٍ, وطلاقِ دنيا * * * وقـومٍ, مـا اسـتـقـرَّ بهم رحيل
يـطـوفـون الـبـلادَ ومستحيلٌ * * * يـرونَ أمَـامـهـم مـا يستحيل
رســولَ اللهِ مـعـذرةً وعـذراً * * * إذا لـم يـبـقَ عندي ما أقول!!..