الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على الرسول الأمين، رحمة الله للعالمين، وأشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد:
فإنني أتوجه إلى إخواني الأحبة من ملايين المسلمين الغاضبين لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كل مكان بهذه الكلمات: وفاءً وولاءً.
أولاً: جزاكم الله - يا أهلَ المحبة وأصحابَ الغَيرة - عن دينِنا ورسولِنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - خيرَ الجزاءº فالغضب للحبيب دليلُ المحبة والولاء.
ثانياً: لقد أنذرتم المجرمِين - شُلَّت أيديهم - وأسمَعتم العالمَ صوتاً هادراً مُدَوِّياً مفادُه أنَّ المسلمين يذبٌّون عن النبيًِّ - صلى الله عليه وسلم - ((فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَولَاهُ وَجِبرِيلُ وَصَالِحُ المُؤمِنِينَ وَالمَلَائِكَةُ بَعدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ))(التحريم4).
ثالثاً: لقد أحييتم في كلِّ مسلمٍ, - بغضبتِكم المباركة - رُوحَ الثقة في أمةِ الإسلامº فإنَّ ثورةَ الغضب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي انطلقت في كل مكان من العالم الإسلامي تؤكد يقظة هذه الأمة، وأن عقيدتها حيةٌ لم تمتº ولكنها تحتاج إلى من ينهض بها من جديدº لتستعيد أمجادَها.
رابعاً: لقد حرََّكتم - أيها الغاضبون الشرفاء - الغيرةَ عند بعض حكومات المسلمينº فغضبوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقاطعوا حكومة (الدانمارك)º لِتهاوُنِها في مُحاسَبة الصحيفة التي بلغَت بها شِقوَتُها وسفاهتُها حدَّ الإساءةِ إلى أشرف الخلق - صلى الله عليه وسلم -º بعد أن طال عهدُ الأمة بمواقفِ حكوماتِها المشرَّفةº فنسأل الله أن يديم الوفاقَ بين المسلمين وبين حكامهمº ليتعاونوا على نصرة الإسلام.
خامساً: لقد فضحتم - لله دَرٌّكم - كذبَ الرأي العام الغربي الذي يعتبرُ سبََّ النبي - صلى الله عليه وسلم - تعبيراً عن الحرية، وأما كشفُ جرائم اليهود الغاصِبين فهي في موازينهم الظالمة معاداة للساميَّة!
وعينُ الرضا عن كلِّ عَيبٍ, كليلةٌ ولكنَّ عينَ السٌّخطِ تُبدي المساويا!
سادساً: لقد برهَنتم بغضبتكم الراشدة على هذه الصحافة السافلة أن مِلة الكفر واحدةٌº فالكفار بعدما تداعَوا جميعاً لحربِ الإسلام عسكرياً في الحملة الصليبية على العراق وأفغانستانº هاهم اليوم يشنون حملتهم العقائدية والإعلاميةº ليسيئوا لرسول الإسلام - صلى الله عليه وسلم - كما قال - عز وجل -: ((وَالفِتنَةُ أَكبَرُ مِنَ القَتلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُم حَتَّىَ يَرُدٌّوكُم عَن دِينِكُم إِنِ استَطَاعُوا وَمَن يَرتَدِد مِنكُم عَن دِينِهِ فَيَمُت وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَـئِكَ حَبِطَت أَعمَالُهُم فِي الدٌّنيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَـئِكَ أَصحَابُ النَّارِ هُم فِيهَا خَالِدُونَ))(البقرة 217).
سابعاً: لقد كشفتم - بانتفاضتِكم - عوار الحضارة الغربية الخاوية من القيم والمبادىءº فتباً لحضارةٍ, لا تعظم العظماء ولا تحترم النبلاءº بل تتدهور في أخلاقها، وتسفٌّ في إعلامهاº حتى تبلغ الدرك الأسفل من الإنسانيةº فتسبٌّ الأنبياء! وصدق الله العظيم حيث قال: (( يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُم لاَ يَألُونَكُم خَبَالاً وَدٌّوا مَا عَنِتٌّم قَد بَدَتِ البَغضَاء مِن أَفوَاهِهِم وَمَا تُخفِي صُدُورُهُم أَكبَرُ قَد بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُم تَعقِلُونَ))(آل عمران 118)، وقال جلَّ جلاله: ((وَدٌّوا لَو تَكفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاء فَلاَ تَتَّخِذُوا مِنهُم أَولِيَاء حَتَّىَ يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوا فَخُذُوهُم وَاقتُلُوهُم حَيثُ وَجَدتَّمُوهُم وَلاَ تَتَّخِذُوا مِنهُم وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً ))(النساء 89)، وقال تعالى: ((وَدَّ كَثِيرٌ مِّن أَهلِ الكِتَابِ لَو يَرُدٌّونَكُم مِّن بَعدِ إِيمَانِكُم كُفَّاراً حَسَداً مِّن عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الحَقٌّ فَاعفُوا وَاصفَحُوا حَتَّى يَأتِيَ اللّهُ بِأَمرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ, قَدِيرٌ ))(البقرة 109).
ثامناً: لقد اتضح - بانتفاضتكم المباركة - ما يتصف به الغرب الكافر من أخلاقٍ, منحطة لا تراعي المقدساتº وافتضح ما يكنٌّه هؤلاء القوم للإسلام ورسوله - صلى الله عليه وسلم - من أحقادٍ, صليبية، وما يخفونه عن المسلمين من كراهية دينيةٍ, وأطماعٍ, استعماريةº فآن لكل عاقلٍ, أن يَعِيَ قولَ الله - عزََّ وجل -: ((هَاأَنتُم أُولاء تُحِبٌّونَهُم وَلاَ يُحِبٌّونَكُم وَتُؤمِنُونَ بِالكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُم قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوا عَضٌّوا عَلَيكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الغَيظِ قُل مُوتُوا بِغَيظِكُم إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصٌّدُور(119) إن تَمسَسكُم حَسَنَةٌ تَسُؤهُم وَإِن تُصِبكُم سَيِّئَةٌ يَفرَحُوا بِهَا وَإِن تَصبِرُوا وَتَتَّقُوا لاَ يَضُرٌّكُم كَيدُهُم شَيئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعمَلُونَ مُحِيطٌ ))(آل عمران 119 - 120).
تاسعاً: لقد أيقظتم - بصَيحتِكم العالية وصَحوتِكم الغالية - قلوباً غافلةً عن أنَّ الحريةَ سيفٌ مسلَّطٌ على الإسلام وأهله وعقائد المسلمينº وبيَّنتم جَورَ الإعلام الغربي الظالمº فإذا تعلق الأمرُ بالإسلام وعقائده ورسوله - صلى الله عليه وسلم - فلا بأس بالتعبير عن مُعاداته، وإذا تعلق الأمرُ بقضايا الاستعمار الصليبي للعراق وأفغانستان، أو شكك الناس في محرقة اليهود وكشفوا عوارَهمº فهذا تعبيرٌ عن الإرهاب وكراهية للساميةº وذلك مصداقاً لقول الله - عز وجل -: ((وَلَن تَرضَى عَنكَ اليَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم قُل إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعتَ أَهوَاءهُم بَعدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ العِلمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ, وَلاَ نَصِيرٍ, ))(البقرة 120).
عاشراً: لقد أقمتم الحُجة على كل علماني لا يؤمن بالأحقاد الصليبية ضد المسلمينº كما قال - عز وجلَّ -: ((وَخُذُوا حِذرَكُم إِنَّ اللّهَ أَعَدَّ لِلكَافِرِينَ عَذَاباً مٌّهِيناً ))(النساء 102).
فجزاكم الله خيراً - أيها الفضلاء - فقد أسمَعَت غَضبتُكم مَن به صَممُ! وكأنِّي أرى العلمانيِّين من بني جلدتنا المنبهرين بالغربِ يعضٌّون على أيديهمº فليتهم يذكرون عاقبتَهم غداً (( وَيَومَ يَعَضٌّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيهِ يَقُولُ يَا لَيتَنِي اتَّخَذتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً ))(الفرقان 27).
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد