بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أثناء سيرك أيها الداعي إلى الله وفي طريقك الى دعوة الناس يواجهك أصناف مختلفة منهم فمنهم الفقير ومنهم الغني ومنهم ذو السلطة والجاه والمنصب فلعلك تنزل الناس منازلهم وتهتم بدعوة وجهائهم قبل فقرائهم وبسطائهم باعتبار أن بيدهم تغيير حال الأمة لما يملكونه من جاه وسلطان، فتبذل أقصى ما نستطيع لدعوتهم والتأثير عليهم حتى تبلغ الأمة أهدافها المرجوة فيقع التقصير منك في حق البسطاء ولو بشكل جزئي.
وهذا ما عاتب الله عز وجل نبيه محمد صلى الله عليه وسلم حين جائه الصحابي الجليل عبد الله بن أم مكتوم، وكان ضريرا ومؤذنا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجائه طالبا للعلم يسأل رسول الله بحرص عن بعض المسائل الشرعية وقد كان معه صلى الله عليه وسلم كبار قريش وكان يأمل في اسلامهم إلا أن سؤال عبد الله بن مكتوم ضايق رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعرض عنه ولم يستجب لطلبه بل كان همه أن يسلم أحد كبارات قريش ﻹن ورائه قومه فعاتبه الله تعالى في فاتحة سورة عبس قائلا: عبس وتولى أن جائه الأعمى وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى .... الأية.
قال ابن كثير في تفسير هذه الأيات:
وَمِنْ هَاهُنَا أَمَرَ اللَّه تَعَالَى رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يَخُصّ بِالْإِنْذَارِ أَحَدًا بَلْ يُسَاوِي فِيهِ بَيْن الشَّرِيف وَالضَّعِيف وَالْفَقِير وَالْغَنِيّ وَالسَّادَة وَالْعَبِيد وَالرِّجَال وَالنِّسَاء وَالصِّغَار وَالْكِبَار ثُمَّ اللَّه تَعَالَى يَهْدِي مَنْ يَشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم وَلَهُ الْحِكْمَة الْبَالِغَة وَالْحُجَّة الدَّامِغَة.
قَالَ الْحَافِظ أَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَده حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مَهْدِيّ حَدَّثَنَا عَبْد الرَّزَّاق أَخْبَرَنَا مَعْمَر عَنْ قَتَادَة عَنْ أَنَس رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فِي قَوْله تَعَالَى"عَبَسَ وَتَوَلَّى" جَاءَ اِبْن أُمّ مَكْتُوم إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُكَلِّم أُبَيّ بْن خَلَف فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ "عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى" فَكَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْد ذَلِكَ يُكْرِمهُ . انتهى
لذلك كان الاسلام عدلا في كل شئ حتى في الدعوة إليه سبحانه فإنه لا يرضى إلا العدل والإحسان فلا تكون الدعوة إلى الوجهاء من الناس فيبتعد الفقراء والضعفاء ويكرهون ذلك أو لا تكون للفقراء وحدهم فيتضايق الوجهاء بل كان العدل ميزانا لكل شيء.
فدين الله شامل لكل البشرية جمعاء لا تختص بفئة دون أخرى، ولعل أيها الداعية قد تضن والضن كثيره ظلم أن هذا فقير لن يستطيع أن يقدم شيئا ولكن لا تدري لعل الله يحي به أمة! وذلك الغني ذو الحسب والنسب يكون فيها شرا مستطيرا.
والعكس صحيح والخير كل خير فيما اختاره الله وهداه إلى صراطه المستقيم.
نسأل الله تعالى أن يمن علينا بمنه وفضله..
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد