بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
ظاهرة التنمر في المدارس ظاهرة عامة لا تخلو منها مدارس العالم، وقد تزيد في مدرسة وتتضاءل في أخرى. ويمكن تعريف التنمر بأنه «أقوال أو أفعال سلبية متعمدة من جانب تلميذ أو أكثر لإلحاق الأذى بتلميذ آخر بصورة متكررة، تقع داخل المدارس أو في محيطها، وأن تكون القوة بينهما غير متكافئة، رغم كونهما أقرانا».
ويطلق عليه آخرون «الاستقواء» استقواء المتنمر على المتنمر عليه الذي يطلقون عليه الضحية، لأن الأذى يقع عليه، إذ لا تقتصر خطورته على مجرد المضايقة والإزعاج، بل لما فيه من إيذاء بدني ونفسي واجتماعي. وظاهرة التنمر من المشاكل القديمة في المجتمعات المدرسية، لكنها اليوم تحظى باهتمام أكبر.
ويمكن تقسيم أسباب التنمر إلى: ذاتية، وأسرية، وتربوية، واجتماعية، كما يمكن إجمالها بمشكلات تقدير الذات، وضعف المهارات الاجتماعية، وعدم الدفاع عن النفس، والحماية الزائدة من الأسرة، أو العنف الأسري.. فقدرات المتنمر عليهم متفاوتة، فمنهم من يشعر بالخوف ويستسلم تماما ويعجز حتى عن إخبار أحد، ومنهم من يلجأ إلى والديه أو إلى المدرسة لمساعدته. ويمكن التعرف على المتنمر عليه من خلال مؤشرات: الغياب غير المبرر، عدم الرغبة بالذهاب إلى المدرسة، تغيير الطريق إلى المدرسة، طلب زيادة المصروف أو فقدانه، القلق، التوتر، التمارض، تدني التحصيل الدراسي، آثار الضرب.
أما أنواع التنمر فهي: جسدي، نفسي، اجتماعي، جنسي، مادي، الكتروني. كما يمكن لأي طفل أن يصبح متنمرا أو متنمرا عليه، ذلك أنه سلوك متعلم من البيئة، وعليه فإن الأسرة تمثل الخط الأول في المهام الوقائية من ظاهرة التنمر، وذلك من خلال التربية على الحب وشغل أوقات الفراغ، وتعزيز السلوكيات غير العنيفة، والتقبل، وحظر العنف في المنزل بكافة أشكاله، وبناء حوار أسري هادف، ونشر قيم مناهضة للتنمر. كما يقع على عاتق المدرسة مسؤوليات ومهام وقائية، وذلك بتفعيل الإشراف المدرسي طوال اليوم، ونموذج القدوة الحسنة، وتفعيل قواعد السلوك والمواظبة، والحزم في تطبيقها على المتنمرين، وعدم التسامح مع السلوك التنمري، وكذلك استثمار المناهج والأنشطة، وتشجيع الطلبة على البوح، والاحتواء العاطفي والاجتماعي للطلبة. كما أن على الطلبة أنفسهم مسؤوليات ومهام وقائية تتمثل في الالتزام بعدم ممارسة التنمر، أو التورط بدعم ومساندة المتنمرين، كما أن عليهم مساندة الطلبة المتنمر عليهم، والاستعداد لتقبل الطلبة المعزولين من زملائهم واحتوائهم، مع ملاحظة أن ظاهرة التنمر تقع للجنسين، البنين والبنات، ولا تختص بمدارس البنين فقط.
وما أنشده من هذا المقال تعريف القارئ بلمحة سريعة عن ظاهرة التنمر في المدارس، وخطورتها، والمؤشرات للكشف عن المتنمر عليه، وضرورة التدخل لحمايته ومساعدته.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد