بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
1- لم يربط أحد من الأئمة الأربعة في المشهور من مذاهبهم بين (طواف الوداع) و(مسافة القصر) . بل الربط بينهما وجه للشافعية فقط، وهو وجه مرجوح خلاف الصحيح المشهور عندهم .
2- بالنسبة للمذاهب الأربعة ، يجب على أهل جدة ونحوهم طواف الوداع عند: (الشافعي وأحمد) ويستحب عند (أبي حنيفة ومالك) لأن أبا حنيفة لا يوجبه على من هو دون المواقيت بل يراه سنة ، وأما مالك فعلى أصله أن الوداع سنة وليس واجبا، وليس لأن أهل جدة لا يجب عليهم بل أهل جدة وغيرهم واحد عنده.
3- رجح الأقوال دليلاً، أن طواف الوداع يجب على كل من خرج من مكة بعد الحج، سواء كان سيسافر مسافة قصر أو أقل، وهو (مذهب الشافعي وأحمد) :
ودليل هذا القول عموم الحديث فإنه لم يفرق بين مسافة قصر وغيره :
ففي حديث ابن عباس أنه قال: (أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت ، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض) متفق عليه
فلم يخفف إلا عن الحائض فقط ، دون غيرها، فلم يخفف مثلاً عمن منزله دون مسافة قصر.
والقاعدة عند العلماء أن: (الاستثناء معيار العموم)
ولهذا كان زيد بن ثابت ــ رضي الله عنه ــ يعمل بعموم الخبر ويفتي: بلزوم طواف الوداع للحائض أيضاً، حتى بلغه الاستثناء فرجع لمقتضاه ، وهذا كله يدل على أن الخبر يفيد عموم وجوب الوداع لكل خارج مطلقاً إلا الحائض.
والله تعالى أعلم بالصواب.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين