الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
مقال منشور بمجلة الوعي الإسلامي الكويتية.
يشهد العصر الحالي تغيرات متسارعة في شتى المجالات، وعجلة الزمن تدور بالإنسان في اتجاه العصر التقني والمعلوماتي والرقمي في تسارع مذهل، كما أن المقدار الكمي للمكتشفات العلمية، والحجم الهائل للتطور التقني والرقمي في مصادر المعلومات وأدواتها، وظهور ما يسمى بالمجتمع الإلكتروني وعصر المعلومات، كل ذلك ينبئ عن تطورات أعظم ونتائج أكبر في المستقبل الآتي، مما يجعلنا أمام تيار كاسح لا نستطيع مقاومته، وأمام تحدٍّ أكبر يستدعي منا التكيف المرن، والتجاوب المستمر مع متطلبات هذا العصر من جهة، والمحافظة على قيمنا الإسلامية، وهويتنا وشخصيتنا العربية من جهة أخرى.
ولاشك أنه بمجرد نظرة سريعة لشتى نواحي حياتنا نستطيع أن نلمس من خلالها التغيرات التي حدثت في المجالات الثقافية والاجتماعية والتربوية، خاصة في الجيل الجديد، مما يتطلب منا مراجعة أدبيات التربية وأساليب التعليم التي تمارس في مدارسنا، لأن هذه التغيرات تفرض على التربية ضرورة المواجهة والاستعداد والتكيف والمواكبة لما يسمى بعصر مجتمع المعلومات، بل علينا أن نضع خططًا مستقبلية تتناسب مع هذه التغيرات المتسارعة؛ استشرافا للمستقبل الذي ننشده.
وتتعدد جوانب دور المعلم وتتغير بتغير المواقف التي تفرضها العولمة وثورة الاتصالات والمعلوماتية والتقدم العلمي والتطور التقني والتجديد التربوي.. وهذا ما يؤكده وول فولك Folk بقولـه: (إن هناك جوانب كثيرة لدور المعلم المعاصر بقدر ما تضيفه المستحدثات الجديدة في المجالات التربوية»، أي أن دوره تتعدد جوانبه بحسب ما تضيفه المستحدثات التربوية التي تعد مرآة عاكسة للتغيرات العلمية والتكنولوجية والاقتصادية، التي يفرزها النظام العالمي الجديد، باعتبار أن النظام المحلي جزء من النظام العالمي..
ولهذا ليس من السهل تحديد جوانب أدوار المعلم التي يجب أن يؤديها؛ لأنها متجددة ومتغيرة باستمرار، بالإضافة إلى أنها متشابكة مع بعضها البعض، ويكمل بعضها البعض، وقد يقوم المعلم بأداء أكثر من جانب في وقت واحد.
ومن أبرز أدوار المعلم في عصر المعلوماتية ما يلي:
المحافظة على الثقافة الإسلامية مع الانتفاع بالمعرفة العالمية..
ولكي يقوم المعلم بهذا الدور «يجب أن يميز بين أسلوبين في التعليم، التعليم من أجل الحفاظ على ما هو قائم Maintenaince Instruction، والتعليم من أجل التجديد Innovative Instruction،
فالتعليم المحافظ مهم ولا غنى عنه، إلا أنه لم يعد كافيًا، وأصبح التعليم من أجل التجديد واستشراف المستقبل مطلبًا حيويّا، إذا ما أراد إنسان هذا العصر مواجهة ما سوف يحمله له المستقبل من تحديات وأعباء، وما تحمله المتغيرات السريعة من مفاجآت).
والصمود أمام تلك التحديات يتطلب التمسك بالثقافة الإسلامية عقيدة ولغة وقيمًا وأخلاقًا وإنجازًا، ودعوة الأمة الإسلامية إلى قراءة الإسلام قراءة صحيحة من خلال مبادئه الأصيلة وقيمه الخالدة، وتحديث الثقافة الإسلامية والربط بينها وبين قضايا العصر، والمحافظة على خصوصية الهوية مع الانتفاع بالمعرفة العالمية المفيدة..
والتعايش مع التعددية الثقافية داخل هذه القرية الكونية واجب على التعليم القيام به من خلال المعلم، الذي لابد وأن يغرس في تلاميذه التمسك بالثقافة الإسلامية، والاعتزاز بالتراث الثقافي والاجتماعي للأمة الإسلامية، واحترام ثقافات الشعوب الأخرى، وأن يعودهم الثقة بالنفس وتقبل الرأي الآخر، والموازنة في التعامل والمعاملة بين عناصر التأثير الداخلي وعناصر التأثير الخارجي، والأخذ بالأفضل والنافع.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد