بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
يُمْكِنُ أن نُوجزَ آفات طَلَبِ العِلْمِ في الأمور التالية:
(1) الرياء: الرِّيَاءُ مِن أخطر آفات العِلْم، لأنه يحبط ثواب العمل الصالح.
معنى الرياء :
الرِّيَاءُ: مُشْتَقٌّ مِنَ الرُّؤْيَةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ إِظْهَارُ الْعِبَادَةِ لِقَصْدِ رُؤْيَةِ النَّاسِ لَهَا فَيَحْمَدُوا صَاحِبَهَا.
وَالسُّمْعَةُ: مُشْتَقَّةٌ مِنْ سَمِعَ، وَالْمُرَادُ بِهَا نَحْوُ مَا فِي الرِّيَاءِ لَكِنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِحَاسَّةِ السَّمْعِ وَالرِّيَاءُ بِحَاسَّةِ الْبَصَرِ. (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ11 صـ344)
حذرنا الله تعالى مِن الرياء في الأقوال والأفعال وذلك في كثير من آيات القرآن الكريم , وبين لنا سبحانه أن الرياء يحبط الأعمال الصالحة.
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِر) (البقرة: 264)
وقال سبحانه: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً) (النساء 142)
روى أحمدٌ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ. قَالُوا: وَمَا الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: الرِّيَاءُ. يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا جُزِيَ النَّاسُ بِأَعْمَالِهِمْ: اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ فِي الدُّنْيَا فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً).(حديث صحيح) (صحيح الجامع للألباني حديث 1555)
روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ) . (مسلم حديث 2985)
روى مسلمٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ وَمَنْ رَاءَى رَاءَى اللَّهُ بِهِ) (مسلم حديث2986)
روى الترمذيُّ عن كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُجَارِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ أَوْ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ أَوْ يَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ). (حديث حسن) (صحيح سنن الترمذي للألباني حديث 2139)
(2) المعاصي:
ارتكاب المعاصي من الآفات التي تُؤدي إلى عدم التوفيق في تحصيل العلم النافع.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: «إِنِّي لَأَحْسَبُ الرَّجُلَ يَنْسَى الْعِلْمَ كَانَ يَعْلَمُهُ بِالْخَطِيئَةِ يَعْمَلُهَا» (العلم ـ أبو خيثمة ـ صـ31)
*كَتَبَ رَجُلٌ إِلَى أَخٍ لَهُ «إِنَّكَ أُوتِيتَ عِلْمًا فَلَا تُطْفِئْ نُورَ عِلْمِكَ بِظُلُمَاتِ الذُّنُوبِ فَتَبْقَى فِي ظُلْمَةٍ يَوْمَ يَسْعَى أَهْلُ الْعِلْمِ بِنُورِ عِلْمِهِمْ إِلَى الْجَنَّةِ» (جامع بيان العلم ـ لابن عبد البرـ جـ1 ـ صـ261)
قَالَ الإمامُ الشَّافِعِيُّ:
شَكَوْتُ إلَى وَكِيعٍ سُوءَ حِفْظِي * فَأرْشَدَنِي إلَى تَرْكِ المَعَاصي
وَأخْبَرَنِي بأَنَّ العِلْمَ نُورٌ * ونورُ الله لا يهدى لعاصي. (ديوان الشافعي ـ صـ61)
(3) العُجب والتكبر على الناس:
العُجْبُ واغترارُ الإنسان بما يحمله مِن العِلْم واتخاذه وسيلة للتكبر على الناس من آفات ضياع العلم.فالتكبر مُهْلِكٌ لصاحبه، ولا يجتمع الكبر والعلم في قلب مؤمن.وحذرنا الله تعالى من الكبر وسوء عاقبته في مواضع عديدة في القرآن الكريم:
قال الله تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ) (البقرة: 34)
وقال جلَّ شأنه: (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ). (الأعراف: 146).
حذرنا نبينا من الكبر في كثير من أحاديثه المباركة. وسوف نذكر بعضاً منها:
1- روى مسلمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ .قَالَ رَجُلٌ إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً .قَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ. الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ). (مسلم حديث 91)
*بَطَرُ الْحَقِّ : أي رَدُّ الحق .* وَغَمْطُ النَّاسِ: أي احتقار الناس.
2- روى البخاريُّ عن أبي هُرَيْرَة َقال: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي حُلَّةٍ تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ مُرَجِّلٌ جُمَّتَهُ (شعره) إِذْ خَسَفَ اللَّهُ بِهِ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ). (البخاري حديث 5789)
3- روى أبو داودَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا قَذَفْتُهُ فِي النَّارِ) .(حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 3446)
* قَالَ عَلِيُّ بنُ أبي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الْإِعْجَابُ آفَةُ الْأَلْبَابِ. (جامع بيان العلم ـ لابن عبد البر ـ جـ1 ـ صـ 571)
* قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: عَلَامَةُ الْجَهْلِ ثَلَاثٌ: الْعُجْبُ وَكَثْرَةُ الْمَنْطِقِ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ وَأَنْ يَنْهَى عَنْ شَيْءٍ وَيَأْتِيَهُ.
(جامع بيان العلم ـ لابن عبد البر ـ جـ1 ـ صـ 570)
* قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ:إِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ دَلِيلٌ عَلَى ضِعْفِ عَقْلِهِ.(جامع بيان العلم ـ لابن عبد البر ـ جـ1 ـ صـ571)
(4) الحسد:
معنى الحَسَد:
الحَسَدُ: هُوَ أَنْ يرَى الإنْسَانُ لِأَخِيهِ نِعْمة فيَتَمنَّى أَنْ تَزُولَ عَنْهُ وَتَكُونَ لَهُ دُونه. (النهاية لابن الأثير جـ1 صـ383)
حذرنا نبينا محمدمن الحسد لما يترتب عليه من مفاسد في الدين والدنيا.
1-روى الشيخانِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ،رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ)
(البخاري حديث 6076, مسلم حديث 2559)
2- روى النسائيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ: الْإِيمَانُ وَالْحَسَدُ). (حديث حسن) (صحيح سنن النسائي للألباني حديث 2912)
3- روى الطبرانيُّ عَنْ ضَمُرَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ،رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا لَمْ يَتَحَاسَدُوا). (حديث صحيح) (السلسلة الصحيحة للألباني حديث: 3386)
4- روى الترمذيُّ عن الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ هِيَ الْحَالِقَةُ.لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ). (حديث حسن) (صحيح الترمذي للألباني حديث 2038).
(5) عدم العمل بالعلم:
إن عدم عمل طالب العلم بما يعْلَمه مِن أسباب ضياع العلم،وفَقْد هيبته من نفوس عامة الناس ،وفقدان الثقة بما يقول. وقد ذَمَّ اللهُ تعالى الذين يقولون ما لا يفعلون.
قال الله تعالى: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (البقرة:44)
وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ. كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ). (الصف:3:2)
روى الطبرانيُّ عَن جُنْدُبٌ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَثَلُ الْعَالِمِ الَّذِي يُعَلِّمُ النَّاسَ الْخَيْرَ ويَنْسَى نَفْسَهُ كَمَثَلِ السِّرَاجِ يُضِيءُ لِلنَّاسِ ويَحْرِقُ نَفْسَهُ» (حديث صحيح) (صحيح الجامع للألباني حديث 5831).
* قَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: إِنَّ الْعَالِمَ إِذَا لَمْ يَعْمَلْ بِعِلْمِهِ زَلَّتْ مَوْعِظَتُهُ عَنِ الْقُلُوبِ كَمَا تَزِلُّ الْقَطْرَةُ عَنِ الصَّفَا.
(حلية الأولياء ـ لأبي نعيم الأصبهاني ـ 6 ـ صـ 288)
(6) الجدل والمخاصمة:
الْجَدَلُ: هُوَ شِدَّةُ الْخُصُومَةِ. (مختار الصحاح ـ للرازي ـ صـ 55)
قَالَ الفَيومِيُّ: الْجَدَلُ: هُوَ التَّخاصُمُ بِمَا يَشْغَلُ عَن ظُهورِ الحَقّ ووُضُوح الصَّواب.
(تاج العروس ـ مرتضى، الزَّبيدي ـ جـ28 ـ صـ 194)
حذرنا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من خطورة الجدل والمخاصمة.
روى أبو داودَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا زَعِيمٌ (ضَامِنٌ) بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ» (حديث حسن) (صحيح أبي داود للألباني ـ حديث:4015)
معنى المراء:
الْمِرَاءُ: الطَعْنُ فِي كَلامِ الغَيْرِ لإظْهارِ خَلَلٍ فِيهِ، مِن غَيْر أَن يَرْتَبطَ بِهِ غَرَضٌ سِوَى تَحْقِيرِ الغَيْر.
(تاج العروس ـ مرتضى، الزَبيدي ـ جـ39 ـ صـ 525)
* قَالَ مُحَمَّدُ بنُ شِهَاب الزُّهْرِيّ: « كَانَ أَبُو سَلَمَةَ يُمَارِي ابْنَ عَبَّاسٍ فَحُرِمَ بِذَلِكَ عِلْمًا كَثِيرًا »
(جامع بيان العلم ـ لابن عبد البر ـ جـ1 ـ صـ 517)
* قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: «بَلَغَنِي أَنَّ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْمٍ شَرًّا أَلْزَمَهُمُ الْجَدَلَ وَمَنَعَهُمُ الْعَمَلَ»
(جامع بيان العلم ـ لابن عبد البر ـ جـ2 ـ صـ 933)
* قَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ: «لَا تُمَارِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ، فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ خَزَنَ عَنْكَ عِلْمَهُ وَلَمْ يَضُرَّهُ مَا قُلْتَ شَيْئًا»
(جامع بيان العلم ـ لابن عبد البر ـ جـ1 ـ صـ 517)
* قَالَ مَعْرُوفُ بْنُ فَيْرُوزَ الْكَرْخِيَّ: «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا فَتْحَ لَهُ بَابَ الْعَمَلِ، وَأَغْلَقَ عَنْهُ بَابَ الْجَدَلِ، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ شَرًّا فَتْحَ لَهُ بَابَ الْجَدَلِ، وَأَغْلَقَ عَنْهُ بَابَ الْعَمَلِ» (اقتضاء العلم العمل ـ للخطيب البغدادي ـ صـ 79).
(7) كتمان العلم عن الناس:
كتمان العِلْمِ عن الناس يُؤدي إلى نسيانه وذهابه.لقد حذرنا اللهُ تعالى، وكذلك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِن كتمان العلم.
قال تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ) روى أبو داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ أَلْجَمَهُ اللَّهُ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (حديث حسن صحيح)(صحيح أبي داود للألباني حديث:3106)
* قَالَ دَغْفَلُ بْنُ حَنْظَلَةَ السَّدُوسِيُّ: آفَةُ الْعِلْمِ أَنْ تَخْزُنَهُ وَلَا تُحَدِّثَ بِهِ وَلَا تَنْشُرَهُ.
(الآداب الشرعية ـ لابن مفلح الحنبلي ـ جـ2 ـ صـ 108)
* قَالَ كَثِيرُ بْنُ مُرَّةَ الْحَضْرَمِيِّ: «إِنَّ عَلَيْكَ فِي عِلْمِكَ حَقًّا كَمَا أَنَّ عَلَيْكَ فِي مَالِكَ حَقًّا، لَا تُحَدِّثِ الْعِلْمَ غَيْرَ أَهْلِه فَتَجْهَلَ وَلَا تَمْنَعِ الْعِلْمَ أَهْلَهُ فَتَأْثَمَ، وَلَا تُحَدِّثْ بِالْحِكْمَةِ عِنْدَ السُّفَهَاءِ فَيُكَذِّبُوكَ وَلَا تُحَدِّثْ بِالْبَاطِلِ عِنْدَ الْحُكَمَاءِ فَيَمْقُتُوكَ». (جامع بيان العلم ـ لابن عبد البر ـ جـ1 ـ صـ 452).
(8) الانشغال بالدنيا:
مِن آفات العلم أن يجعلَ الإنسانُ مُعْظَمَ وقته مِن أجل الدنيا.
روى الترمذيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ» (حديث صحيح)(صحيح الترمذي ـ للألباني حديث:2005)
روى الترمذيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي أَمْلَأْ صَدْرَكَ غِنًى وَأَسُدَّ فَقْرَكَ، وَإِلَّا تَفْعَلْ مَلَأْتُ يَدَيْكَ شُغْلًا وَلَمْ أَسُدَّ فَقْرَكَ).
(حديث صحيح)(صحيح الترمذي ـ للألباني حديث:2006)
(9) النسيان:
يعتبرُ النسيان مِن أعظم آفات العلم.وعلاج النسيان يكون بمراجعة العِلْم وتعليمه للناس، وترك أسباب ذهابه، كالمعاصي.
روى الدارمي عَنْ حَكِيمِ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بنِ مَسْعُود «إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ آفَةً، وَآفَةُ الْعِلْمِ النِّسْيَانُ»
(صحيح) (سنن الدارمي ـ جـ1ـ صـ 487 ـ رقم: 647)
روى البيهقيُّ عَن ْالْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: آفَةُ الْعِلْمِ النِّسْيَانُ وَقِلَّةُ الْمُذَاكَرَةِ.
(المدخل إلى السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ جـ1 ـ صـ 293 ـ رقم: 433).
*قَالَ الْأَعْمَشُ: كَانَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَجَاءٍ يَجْمَعُ صِبْيَانَ الْكُتَّابِ يُحَدِّثُهُمْ لِئَلَّا يَنْسَى حَدِيثَهُ.
(جامع بيان العلم ـ لابن عبد البر ـ جـ1 ـ صـ 453).
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد