بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أَهَاجَكَ الشَّوْقُ يَاقَلْبِي فَلَمْ تَنَمِ؟ | وَرَاْوَدَتْكَ مَغَانِي الشَّوْقِ فِي (سَلَمِ)(1)؟ |
أَمْ هَلْ سَبَاكَ فُتُوْنٌ فِي مَرَابِعِهَا؟ | أَمِ الرُّؤى أَضْرَمَتْ نَارَ الهَوَى بِدَمِي؟ |
أَمْ عِشْتَ نَجْوَى حَبِيْبٍ فِيْ تَبَسُّمِهِ | يُسْتَمْطَرُ اَلأُنْسُ رَغْمَ الْكَرْبِ وَالأَلَمِ؟ |
فَمَا لِعَزْمِكَ قَدْ أَوْهَى جُذَاهُ أَسَى؟! | وَمَا لِخَطْوِكَ أَخْوَى عَاثِرًا وَعَمِي؟! |
فَقُمْ ـ فَدَتْكَ حَيَاةٌ لَيْسَ يُعْتِقُهَا | حُبُّ النَّبِيِّ ﷺ ـ إلَى نَجْوَاهُ وَانْتَظِمِ |
فَذِكْرُهُ الْعَطِرُ الْفَوَّاحُ مَا بَرِحَتْ | بِهِ الْجَوَانِحُ تَحْثُوْ مِنْ شَذَا الْعَنَمِ |
وَالْمَدْحُ نَظْمُ قَوَافٍ كَيْفَمَا هَزَجَتْ | وَ وَاجِبُ الْمَدْحِ بَعْضُ الْحُبِّ فِي الْكَلِمِ |
وَإِنَّمَا الْحُبُّ فَوْقَ الْمَدْحِ رُتْبَتُهُ | وَنَظْمُهُ الْشَّوْقُ : يُوْرِي الرُّوْحَ بالضَّرَمِ |
هواهُ كُلُّ هَوى قلبي، وَمُعْتَقَدِي | ماجاءَ يَومًا بِه مِنْ بَارِئِ النَّسَمِ |
فَلَيْسَ لِيْ وِجْهَةٌ إلاَّ الَّتِي بَرَقَتْ | نُوْرًا بِها دِيْرَةُ الْعُشَّاقِ في (إِضَمِ) |
فَصَفُّ أَهْلِ هَوَاهُ مَانَأَوْا أَبَدًا | عَنْ روضَةٍ مُسْتَقَاها خَيْرُ مُغْتَنَمِ |
وَاسْتَقْبِلِ النَّفْحَ مِنْ (وادِي العَقِيْقِ)، وَسِرْ | حَثِيْثَ سَيْرِ اشْتِيَاقٍ غَيْرِ مُنْكَتِمِ (2) |
وَانْزِلْ (عميسًا) فَفي بُرْدَيْهِ مَابَرِحَتْ | يَـدُ الحَبيبِ تَصُوْغُ البِرَّ في جَثَمِ (3) |
وَاصْعَدْ (عوالاً) تَلُحْ أَنْوَارُ طَلْعَتِهِ | مِن المدينةِ ذَاتِ المَجْدِ والْعِظَمِ (4) |
وَناجِ في أُفْقِهَا يَاقلْبُ مَنْ سَهِرُوا | عَلَى ضِيَاءِ مُحَيَّا بَدْرِهَا التَّمِمِ |
وَإِنْ أَتَوْا مِنْ (سفا) فَاهْنَأْ بِمَقْدَمِهِمْ | فَإِنَّهُمْ وَفْدُ أَهْلِ البِرِّ والكَرَمِ (5) |
يَاحَادِيَ العِيْسِ أَغْرَتْنِي مَرَابِعُهُمْ | وَ قَدْ هَفَوْتُ إِليْهَا حَيْثُ لَمْ أُضَمِ |
ففي بَسَاتِيْنِهَا خُضْرُ المُرُوجِ بَدَتْ | وَ لَمْ يُغَادِرْ سَمَاهَا دَافِقُ الدِّيَمِ |
*** | *** |
مِنَ الفُرَاتِ نَهَلْتُ الحُبَّ مُبْتَهِجًا | مُيَمِّمًا قَرْيَةَ (السّقْيَا) بِقَلْبِ ظَمِ (6) |
(فالدْيْرُ) وَجْهُ مَغَانيْهَا هَفَا عَبِقًا | يَحْكِي مَوَاجِدَهُ في شَاطِئَيْهِ فَمِي |
فِيْهَا شَرِبْتُ قَرَاحًا ظَلَّ مُمْتَزِجًا | بِأَعْذَبِ الشَّهْدِ أَغْنَى بالوَفَاءِ دَمِي |
وفي (حَمِيْدِيَّةِ الدَّيْرِ)التي ابتَهَجَتْ | فيها خُطَايَ بِحُبٍّ شَيِّقِ الرَّسَمِ (7) |
عانَقْتُ طيْبَ نسيمٍ جاءَ منْ أُفُقٍ | صَوْبَ الحِجَازِ فأَحْيَا مَيْتَ مُبْتَسَمِي |
فَافْتَـرَّ للطَّيْفِ لم يَأْبَهْ لِسَاجِعَةٍ | غَنَّتْ، ولا لِهَوًى ما فازَ بِالَّلدَمِ (8) |
و راحَ في زَهْوِه يشدو بفرحتِه | في كُلِّ مُبتَدَأٍ حُلْوٍ و مُخْتَتَمِ |
قد هَيَّجَتْهُ حِجازُ الشَّوقِ، ما عَثَرَتْ | يومًا رغائبُهُ في غيرِها و لَمِ |
هيَ الحِجَازُ و شَوْقِي كَم أُكَابِدُهُ | مُذْ كُنْتُ أَدْرُجُ في (دَيْرِي) على قَدَمِ |
ولو سَعَيْتُ على عَيْنِي لأُدْركَهَا | أوِ امْتَطَيْتُ جَناحَ الروحِ في الغَسَمِ |
لَمَـا عَلِمْتُ بأَنِّي قد بَذَلْتُ لها | شَيْئًا أَرُدُّ بِهِ مِنْ لَهْفَةِ القَرِمِ (9) |
ويَشْهَدُ الَّلهُ أَنَّ الشَّوْقَ أَرَّقَنِي | إِذْ لِيْثَ بِالشَّجْوِ قَبْلَ اليْومِ و الألَمِ |
و كَمْ نَزَلْتُ بِرُؤْيَا غَيْرِ كاذِبَةٍ | رَحْبَ (السليمِ) وحُبٍّ غَيْرِ مُنْكَتِمِ (10) |
نَمَتْ مَحَبَّتُه في القَلْبِ مِنْ صِغَرِي | و صَارَ خَيْرُ هَوَى روحِي لِحَيِّهِمِ |
و كَفَّ عَنِّي هَوَاهُ العَذْبُ كلَّ هَوَىً | يُشَاغِلُ النَّاسَ بالأدْنَى و بِالتُّهَمِ |
وَعِشْتُ أحلى سِنِيَّ العُمْرِ مُبتَهِجًا | على رَفيفِ تَثَنِّي طيفِهِ السَّنِمِ |
رأيْتُهُ في ثَنِيَّاتِ الصِّبَا فَصَبَتْ | روحي إليهِ فَلَمْ أَقْصِرْ ولم أُلَـمِ |
أُحَدِّثُ الأهلَ والأحبابَ عن فَرَحِي | عن الحبيبِ بَدَا للعَيْنِ في الحُلُمِ |
لكِنَّني لا أُري الأغيارَ ما بيدِي | من السُّرورِ، وما في القلبِ من ضَرَمِ |
فإنْ سَجَى الَّليلُ في داري هَمَتْ مُقَلي | أُرَدِّدُ الشَّدْوَ لم أغفلْ ولم أنَمِ |
و تقطعُ الغسَقَ الممدودَ راحلتي | لطلعةِ الفلقِ الميَّادِ في الظُّلَمِ (11) |
يُغِذُّ في السَّيرِ حاديها، ويُطربُهَا | نّظءمُ الصَّلاةِ على الهادي ﷺ بملءِ فمي |
وقِيْل في يومِها هذا الفتَى فَطِنٌ | أو أَنَّه طاشَ، أو قد نِيْلَ باليَهَمِ (12) |
فَمَا رَفَعْتُ يَميني كيْ أُجَادلَهم | بما علِمْتُ، كأَنَّ الرُّسْغَ في عَسَمِ (13) |
وليسَ يقلقُني ماقيلَ من خَصِمٍ | وقد علمْتُ بما في الشَّرعِ من حِكَمِ (14) |
أَرُدُّ كلَّ حَديثٍ لا يُوافقُهُ | هَدْيُ النَّبِيِّ ولا يرقى إلى القِيَمِ |
ولستُ أَرضَى بما لم يأْتِ في صُحُفٍ | من السَّماءِ، ولا يرقى إلى السُّطُمِ (15) |
صفاءُ شِرعتِنا مجْلَى محجَّتِنا | ولا نرى موئلاً للخلطِ والعَثَمِ (16) |
إِنِّي أَرُدُّ عليهم كلَّ مُحْدَثَةٍ | وكلَّ بِدْعَةِ ذي زيغٍ بمُلْتَطَمِ |
وكلَّ نهجٍ أتى مِنْ فِكرِ مَنْ فَسَقُوا | فأَلْحَفَ الكفرَ بالأهواءِ لم تَدُمِ (17) |
وبانَ في شِــيَةٍ هيهاتَ يُنْكِرُها | أخو البصيرةِ شــرًّا غيرَ مُنحَسِمِ (18) |
ما ضَيَّعَ الناسَ إلاَّ أشوَسٌ عَبِثٌ | مستهزئٌ بتُراثٍ بَيِّنِ العِصَمِ (19) |
إذْ عاشَ تحملُ سوءَ الغيِّ نفرتُه | من البلاءِ وممَّـا ساءَ مِنْ زَخَمِ (20) |
وباءَ ـ تَبًّا له ـ بالعارِ يلبسُهُ | وقد تخلَّى عن الميثاقِ والرَّحِمِ (21) |
طأِ المفاسدَ أعْيَتْ أُمَّتي حِقَبًا | واربأْ بنفسِكَ عنْ غيٍّ وعنْ صَمَمِ |
واسْمعْ نِداءَ رسولِ اللهِ ﷺ حذَّرَنا | منْ أَنْ نُسيْءَ لِشرعٍ غيرِ مُتَّهمِ |
به نَهَضْنا، فَسَلْ تاريخَ رفعتِنا | وفي يَدَيْنا لـواءُ العلمِ والخّذَمِ |
فَمَنْ تنكَّـرَ للإسلامِ نحسَبُه | مُذَمَّـمًا أمرُه يُلْقَى بِلا نَدَمِ |
ففيه قد صَبَرَ الأصحابُ، وانتصروا | على الرزايا كَخَبَّابٍ ففيه رُمِي (22) |
(أَبو فكيهةَ) كم جَرُّوه، أو نتفُوا | من شَعرِه بيدِ التَّنكيلِ والنِّقَم (23) |
أيَّامُهم حَفَلَتْ تروي لنا قِيَمًـا | من الفداءِ : بِروحٍ ـ بذلُهُم ـ ودمِ |
مُوَاعَدُون بجنَّاتٍ مُنَضَّرةٍ | من النَّبيِّ ﷺ لهم في خيرِ مُخْتَتَمِ |
*** | *** |
قد فازَ مَنْ تَبِعَ الهادي ﷺ وسُنَّتَه | وصابَرَ الظُّلمَ في أيَّامِنا الدُّهُمِ (24) |
وإنَّمـا حبُّ خيرِ الخلْقِ دَيْدَنُنا | ولم نُصَبْ في دروبِ الشَّوقِ بالنَّخَمِ (25) |
وافى بني هاشمٍ في رَبعِهم فَزَهَتْ | بطاحُ مكَّةَ من بِشْرٍ بوجهِهِمِ |
وضاءتِ الأرضُ في أيَّامِ مولِدِه | وأزهرتْ بالمُنَـى وديانُ أرضِهِمِ |
واستبشَرَتْ في بني سَعْدٍ مراضعُهم | إلى التماسِ هناءٍ بعدَ بؤسِهِمِ |
وسابقتْ بفتاها كلَّ مَنْ سبقتْ | (حليمةُ السَّعدِ) بابنِ الفضلِ والقيمِ |
وبدَّلتْ سنةً شهباءَ طلعتُه | إذْ جاءَهم ربُّهم بالغيثِ والكرمِ |
وفي مرابِعِهم بشَّتْ طفولتُه | وشقَّ (جبريلُ) صدرَ الطَّاهرِ الشِّيمِ |
ليغسِلَ القلبَ من حظِّ الهوى، ويَفي | مكانَه السَّامقَ الأعلى من القِسَمِ |
وحينما أقحطَ الوادي بمكَّتِهم | بوجهِه هُرعوا للبارئِ النَّسَمِ |
فاغدودَقتْ جنباتُ الأرضِ من مطرٍ | أحيا به الخيرَ إذْ جادتْ يـدُ الدِّيمِ |
صلَّى عليهِ إلهُ العرشِ ما ابتسمَتْ | دنيا الربيعِ بزهرٍ فاحَ في الأكمِ |
قد هامَ (جرجيسُ) مشدوها ومجتليًا | وجهَ النَّبِيِّ ﷺ بما في الكُتْبِ من سِيَمِ (26) |
وقال : هذا رسولُ اللهِ ﷺ، رحمتُه | ومنقذُ الخلقِ بالقرآنِ من ظُلَمِ |
فأَرْجَعُوهُ إلى مغناهُ تحفظُه | من اليهودِ يدُ المولى إلى الحرمِ |
واشتدَّ ساعدُه إذْ سارَ مُتَّجِرًا | بمالِ طاهرةٍ في كفِّ مُعتزمِ |
فإن مشى في هجيرِ القيظِ ظلَّله | رِدْنُ الغَمامِ من الرمضاءِ والغَتَمِ (27) |
وفكرُه راجحٌ في عذْبِ منطِقِه | وبالإصابةِ في رأيٍ لِمُحْتَكِـمِ |
أمَّا الشَّمائلُ فاخْتَرْ عِقْدَ أَجودِها | تَجِدْهُ للمصطفى ﷺ في كلِّ مُرْتَسَمِ |
هو الأمينُ الذي تسمو مآثرُهُ | إذْ خطَّها الوحيُ للعلياءِ بالقلمِ |
نالت خديجةُ من دنيا محاسِنِه | أغلى وأبهَى وأوفى حِليةِ العصمِ |
وأَكرمَتْ بزواجٍ منه آصِرةً | أسمى من المالِ والأنشابِ والأُطُمِ (28) |
وكلُّ أولادِه منها وقد سعدتْ | سوى المُحَبَّبِ إبراهيم حيثُ نُمي |
وجاءَ مرضِيَّ آراءٍ إذِ اختلفُوا | في وضْعِ ما قدَّسوا للبيتِ عن كَثَمِ (29) |
وكانتِ الكعبةُ الغرَّاءُ تجمعُهم | لِمَـا لها من عظيمِ القَدْرِ في الأُممِ |
فشدَّ أزرَهُمُ بالحقِّ إذْ حَمِيَتْ | نارُ الشِّقاقِ لذي ريبٍ بمُخْتَصَمِ |
روى البخاري حديثًا ـ صحَّ ـ يُخْبرُنا | محذِّرًا من أذىً يأتي مع الغُمُمِ |
وفيه لن يطأَ الدجَّالُ مكَّتَنَا | ولا المدينةَ، فالدَّجالُ في زأمِ (30) |
على نِقابِ بواديها ملائكةٌ | تردُّه خائبًا في كلِّ مُصطَدَمِ |
*** | *** |
فَدَتْهُ روحي ـ أبا الزهراءِ ـ عـزَّ به | وجهُ التَّقيِّ فلم يخضَعْ ولم يَجِمِ (31) |
يصولُ إنْ ما دهَى إسلامَه خَطَرٌ | كَضَيْغَمٍ هبَّ لايلوي من الأجَمِ (32) |
ومَنْ حباهُ هُدَاهُ ليسَ يُرهبُه | سيفُ الطُّغاةِ بمَيْدانٍ ومُقتَحَمِ |
ومَنْ أحبَّ رسولَ اللهِ ﷺ قامَ بِما | إليه نادى رسولُ اللهِ ﷺ من قِدَمِ |
بَشِّرْ وأنْذِرْ ونادِ الأقربين إلى | شريعةِ اللهِ واصدَعْ بالهُدى وقُمِ |
ويا مُحَمَّـدُ ﷺ أنتَ اليومَ مُنْقذَهم | فلا تهابَنَّ ما للكُفْرِ من شُكُمِ (33) |
لن يخذلَ اللهُ في تبليغِ دعوتِه | مَنِ ارتَضى منهجَ الرحمنِ . فاعْتَصِمِ |
وينصرَ اللهُ جندَ الحقِّ لم يهنُوا | ولا استكانُوا ‘ فَهُم في أوجِ عِزِّهِمِ |
عنايةُ اللهِ ردَّتْ كلَّ نائبةٍ | عن الهُداةِ وما أبقتْ أسى وَجِمِ (34) |
*** | *** |
قد باتَ زادي من الإسلامِ مُغْتَنَمي | وباتَ شأْنُ سناه الحُلْوِ من قِيَمي |
فما سعتْ لفؤادي بالهوى قَدَمٌ | إلا إذا يمَّمَتْ شطرَ الهدى قَدَمي |
نبذْتُ زيغَ أُصَيْحابِ النُّكوصِ على | عقوقِ أنفُسِهم للهِ ذي الكرمِ |
لوحشةِ الروحِ في تيهٍ وفي ظُلَمٍ | عجفاءَ بين عجاجِ الهَمِّ والسَّقمِ |
إنَّ الشَّقيَّ الذي ماتتْ مروءَتُه | وقد أُصيبَ بداءِ الزَّيفِ والثَّرَمِ |
أولَى اهتِضامَ مُحَيَّاها تَوَسُّدُه | للموبقاتِ، فما أبقتْ سوى النَّدمِ |
شريعةُ اللهِ أحيتْنا سحائبُها | وأوسعتْ فخرَ،ا من خيرِها العَمِمِ |
وطوَّقتْنا بفضلٍ ليس يُنكرُه | إلا الخؤونُ لِسِفرِ الحقِّ والذِّممِ |
لولا ربيعُ مثانيها لَمَـا ابتهجتْ | عبرَ القرونِ مغاني العُربِ والعجمِ |
ولم تَقُمْ في مغانيهم حضارتُهم | لولا بهيجُ علومِ الآيِ والفَهَمِ |
قد زيَّنتْهم بأثوابٍ مقدسةٍ | بالبِـرِّ للنَّاسِ والإيثارِ والحِكمِ |
بها أتانا رسولُ اللهِ ﷺ فارْتَحلتْ | مكارهُ الدَّهرِ ردَّتْها يـدُ الهممِ |
بنورِ سُنَّتِه جدَّتْ مراكبُنا | وإنْ عَرَتْها الرِّياحُ الهوجُ في الغسمِ |
وافتْ خُ"أ÷ا بخيراتٍ ومرحمةٍ | فاستبشرتْ أُممٌ بالفتحِ والشِّيَمِ |
و ردَّدَتْ شفةُ الأكوانِ مانطقتْ | به المآثرُ في اليسرى بلا سأمِ |
تسبِّحُ اللَّهَ ـ جلَّ اللهُ ـ بارئُها | في كلِّ إشراقةٍ ميمونةٍ بفـمِ |
تيَّاهةٍ بالهدى لم تُبقِ مَظلَمَةً | بينَ العبادِ، فحُكمُ اللهِ لم يَثِمِ (35) |
فعـزَّ بالشَّرعِ قومٌ لم يَرَوْا أبدًا | وجهَ النَّهارِ بنورِ العـزِّ والشَّممِ |
وآثرتْهم بلادٌ كانَ ظالمُها | يسومُ أبناءَها بالقهرِ والقحَمِ (36) |
فأقبلتْ بشُموخٍ غيرِ آبِهةٍ | بالظَّالمين، فليلُ الظُّلمِ لم يَدُمِ |
وما نبتْ بأمانيها يـدٌ رغبتْ | براحةِ البالِ، أو في وفرةِ النِّعَمِ |
أتى النبيُّ r بخيرٍ ليس يصرمُه | جَوْرُ الطغاةِ ولا الغازي أخو الجعَمِ (37) |
نُعماهُ ما مُلئتْ إلاَّ بِرأْفتِه | ولا توانتْ عطاياهُ إلى الأُممِ |
ويُكرَهُ البخْلُ والإسرافُ إنْ قَلَبا | وجهَ التَّوَسُّطِ بين الجوعِ والبشمِ |
إلا عطايا الهُدى فاليُمْنُ أرسلها | من السَّماءِ سحابًا غيرَ مُنصَرِمِ |
بها استظلَّ بنو الدنيا على رَغَبٍ | وقد يُباري الفتى في الجودِ والعِظَمِ |
تأوَّهَ النَّاسُ من يؤْسٍ أصابَهُمُ | قبلَ النُّبُوَّةِ، وانجرُّوا لِمُـلْتَطَمِ !! |
والجاهليَّةُ أَدْمَتْهُم أَظافرُها | وفرَّقَتْهُم لأمرٍ غيرِ مُنْحَسِمِ |
واستَعْبَدَتْهُم على جهلٍ رغائبُهُم | مُذَمَّمينَ بلا رأيٍ ولا حِلِمِ |
كأنَّما استَعْذَبُوا فيها مثالبَهُم | فأدلجوا خَلْفَ كذَّابٍ لهم و عَمِي |
وباعدوا عنهُمُ الماءَ القراحَ وكم | فاضتْ رَكَايَاهُ تسقي البِـرَّ كلَّ ظمي |
وأَبدلوا المنهجَ الأعلى بِما صَنَعَتْ | يـدُ الأسافلِ من غيٍّ ومِنْ وَخَمِ |
وسامَهُم بالرَّزايا كلُّ مُقْتَرِفٍ | للموبقاتِ وسمَّاعٍ إلى الرُّنُمِ (38) |
عن المآثرِ نامتْ عينُه بطرًا | وعنْ تَمَايُسِ ذاتِ الفِسقِ لم تَنَمِ |
وما ارعَوَى لانحطاطٍ في مواطنِه | أوش اجتلى ما بحالِ النَّاسِ من سقمِ ! |
تـبًّا لكلِّ يـدٍ ما أحسنتْ عملاً | ولا هفـا أهلُها بالوُدِّ والرَّأَمِ (39) |
وأسلَمَتْ حُللَ الأمجادِ، لاهيةً | لكلِّ متَّهَمٍ، أو عابثٍ خَصِمِ |
وحوَّلتْ ما بسفرِ الإرثِ منْ شِيَمٍ | إلى تبارٍ بلا معنىً ولا قيمِ |
وجذوةُ الدِّينِ والإيمانِ أَطْفَأَها | سيلُ الكبائرِ ـ بين الناسِ ـ والَّلممِ |
*** | *** |
أَقْصِرْ خُطاكَ إلى الهادي ﷺ فأُمَّتُنا | تَغُطُّ في وَهَنٍ مُخْـزٍ على أَلَمِ !! |
أَوْدى بها غيُّها في كلِّ مُهْتَضَمٍ | من الحقوقِ، وأزرى كلُّ ذي نَهَمِ |
ماذا تقولُ لِمَـنْ أَحيَتْ شريعتُه | ماماتَ من فطرةٍ، أو ضاعَ في الرِّممِ؟؟ |
وكيفَ تقوى إذا ما جئتَ روضَتَه | مُسَلِّمًا أَنْ تُجيدَ البثَّ في الحَرَمِ؟؟ |
واحسرتاهُ على قومٍ نأَوْا خَطَلاً | عن الحِمَى المُجْتَلَى في خيرِ مُعْتَصَمِ !! |
هذا النبيُّ ﷺ الذي باهتْ بِشرعتِه | قُرونُ أُمَّتِه الأولى، ولم تُلَمِ |
فللأعادي جِناياتٌ بأَربُعِنا | عجَّتْ بذاعرِ ذي بطشٍ وذي نِقَمِ (40) |
والمسلمون بلا راعٍ يُوحِّدُهُم | وصَفُّهُم في لقاهُم غيرُ مُلْتَئِمِ |
كم يشتكون؟ وكم تُصلَى لهم مُهَجٌ | ورأيُهُم باءَ بالتَّفريطِ والثَّدَمِ (41) |
وشأْوُهُم قاصرٌ عن كلِّ مكرُمَةٍ | وسهيُهُم عاثرٌ ماجدَّ في الأُممِ |
قـدِ استُبيْحَتْ دماهم في منازلِهم | فالدمعُ من شجوِهِم مسترسِلٌ بِدَمِ |
وللشَّكاوى وجيبٌ في أَضالُعِهِم | إِذْ حارَ وصفُ الأسى عن حالِهِم بفمِ |
يقودُهُم لهوانِ العيشِ ظالمُهُم | بكفِّ مُؤذٍ غوى، أَو فاجرٍ وعـمِ |
كانتْ تُظلِّلُهُم بالأمسِ عِزَّتُهم | واليومَ عارضُهُم يُلْقي من الحِممِ |
فللنَّوازلِ في بلدانِهِم وجعٌ | وللرَّزايا لظًى من وَقْدَةِ الحَدَمِ |
وكم لَهَتْ أُمَّـةٌ منهم بحالكةٍ | من التَّخَرُّصِ ـ بئسَ الَّلهوُ ـ والسَّدَمِ (42 |
مَنْ ضيَّعَ النُّورَ ضاعتْ من شكيمتِه | أجلى الفُتُوَّةِ للأعلاقِ والعَصَمِ |
إنْ أَشأَمَتْ للعلى عيناهُ مارأتَا | أَو أَعرقتْ قدماهُ اليومَ لم بشِمِ (43) |
مليارُ غافٍ على ضيمٍ، لوى يـدَهُم | قيدُ الونى بحبالِ الضُّـرِّ والوصَمِ |
وفرَّقتْهُم بها أَهواؤُهُم، ومضى | كلٌّ إلى حتفِه أعمىً، فلم يَقُمِ |
ولمْ تجـدْ لِمُنادي الحقِّ من أُذُنٍ | تُصغي إِليكَ كأَنَّ النَّاسَ في صَمَمِ |
للمفلسينَ جيوبٌ غيرُ فارغةٍ | إلا من الحـقِّ والإيمانِ، والنَّدَمِ |
كم أسهموا بخرابِ المجدِ، والْتَزمُوا | بحاجةِ البطنِ والَّلذَّاتِ كالجُضُمِ (44) |
ولم يُبالوا وقد خفُّوا لِلَذَّتِهم | بأيِّ مستنقعٍ حطُّوا هوى الرَّخمِ |
هم يرغبون عن التقوى ورفعتِها | ويرغبون بفعلٍ غيرِ مُحتَرمِ |
وإنَّهُمْ للهوى ألقَوْا عِصِيَّهُمُ | ولازموه لزومَ النَّفسِ للوَحَمِ |
فساءَ أُمَّتَهُم طوفانُ خِسَّتِهم | وحطَّ من قدرِها ما حـلَّ من نَخَمِ (45) |
فإنْ سألْتَ عن العلياءِ ألجَمَهُم | سوءُ المصيرِ، وحالٌ آلَ للكَزَمِ (46) |
*** | *** |
أَهذه أُمَّـةُ الإسلامِ !! واأسفي | قـد رُوِّعَتْ بعجاجِ الأكهبِ الغَلِمِ (47) |
أين الذين أَحبُّوا الَّلهَ وانتَظَمُوا | صفًّا وراءَ رسولِ اللهِ ﷺ في الغُمُمِ؟؟ |
ياربِّ نبرأُ مِمَّنْ باتَ يخذلُنا | إليكَ أو أرهقَ الإسلامَ بالتُّهَمِ |
فلا التَّفانيَ يبدو في طبيعتِه | ولا إلى نخوةِ الحُلْوِ النِّجارِ نُمِي (48) |
هلاَّ أفاءَ أخو الإسلامِ مُنْتَدَبًا | لنُصْرَةِ الدينِ شهمًا غيرَ مُلْتَثِمِ |
إنَّ المعاصي لها شُؤمٌ وما انتصرتْ | كتائبُ اللهِ إلاَّ بالهدى الَّلزمِ (49) |
مَنْ ناصَرَ الَّلهَ لم يَعْدَمْ رعايتَه | ولستَ تُبْصِرُهُ في ثوبِ مُنفَحِمِ (50) |
فكيفَ نركنُ والجنَّاتُ مطلبُنا | وندَّعي حبَّ خيرِ الخلقِ كلِّهِمِ !! |
حباهُ خالقُه في الغارِ إذْ عَمِيَتْ | عنه العيونُ، وآبَ البغيُ في رَغَمِ |
وجاءَ (يثربَ) والإسلامُ في وَثَمٍ | من الرجالِ، ففازَ النَّصرُ بالوثَمِ (51) |
مُؤَيَّدُون من الرحمنِ ينصُرُهُم | ربٌّ، ويكلؤُهُم في كلِّ شأنِهِمِ |
تَغَنَّتِ الجِنُّ في أوصافِ هجرتِه | وأَهلُ مكَّةَ قـد أَصغوا إلى الكَلِمِ |
(وأُمُّ معبد) لم تُنْكِرْ شمائلَه | وقـد سقتْ شاتُها العجفاءُ كلَّ ظَمِي |
مباركُ الخطوِ ميمونُ اليدينِ، وكم | بالجودِ أَغْنَى الورى من سلسلٍ شَبِمِ (52) |
والمعجزاتُ له من ربِّه مِنَنٌ | للخلْقِ جاءتْ هُدَىً في كلِّ مُنْبَهِمِ |
به المهيمنُ أسرى، والبراقُ له | جناحُ فضلٍ، وقد أعيا أُولي الثَّكمِ (53) |
لايُدْرَكُ الرَّكبُ فالمعراجُ دارتُه | وسدرةُ المنتهى مرقى نبيِّهِمِ |
نالَ الرِّضا والعلى والجاهَ مستبقًا | أهلَ النُّبوةِ والتكريمِ من قِدَمِ |
وجلَّ عمَّـا يصوغُ الشِّعرُ من دُرَرٍ | مُنَضَّداتٍ بوصفِ الطاهرِ العَلَمِ |
كبا جوادُ قوافيهِ فما لحقتْ | بأكرمِ الخلْقِ في هَدْيٍ وفي حِكَمِ |
الأرضُ مسجدُه، والبيتُ قبلتُه | وفي السَّماءِ عن العلياءِ لم يئِمِ (54) |
أقام للمسلمينَ المجدَ وارفةً | ظلالُهُ بسنىً في الخيرِ مُتَّسمِ |
فإنْ هُمُ صدقُوا مولاهُمُ نُصِرُوا | وإنْ هُمُ نكَصُوا فالذُّلُّ للأثِمِ (55) |
أرى بهم عصرَهُم قد غامَ في محنٍ | ولا أرى في أياديهم صقيلَ كمي (56) |
كأنَّهم صَرَمُوا حبلَ الوفاءِ لِمَـنْ | قد شيَّدوا ـ قبلُ ـ هذا الصَّرحِ بالهممِ |
وقد رماهم أعاديهم بِمَهلكةٍ | للعائثاتِ من الأوجاعِ والسَّقَمِ |
وسيمَ أبعدُهم بالذُّلِّ مُدلجةً | بهم خُطاهم على ما حلَّ كالخَدَمِ |
واقتيدَ ـ لمْ يكُ أَدْناهُم بأَفضلَ من | أخِ الخُنُوعِ ـ إلى ديجورِ بغيِهِمِ |
ياربِّ :قومي شتاتٌ ما أنافَ بهم | خطبٌ أَلَمَّ إلى النَّجداتِ كالبُهُمِ (57) |
ولا أَفاقوا على زلزالِ قارعةٍ | فارتْ تُمَحِّصُ ما أبقتْ لعذْرِهِمِ |
فاغفرْ خطيئتَهُم، وارحمْ تضَرُّعَهم | واجبرْ بهم، ولهم ياواسعَ الكرمِ |
فكسْرُهُم ليس في مالٍ ولا ولدٍ | بل جاءَ ـ يابؤسَهم ـ في الدينِ والقيمِ |
لقد هَجْرْنا مثاني عزِّنا فهوتْ | جُذَى المآثرِ في الدَّيجورِ ذي البشمِ (58) |
وأنتَ ذُخْرُ رجانا دونَ شدَّتِنا | في كلِّ غَمَّـاءَ تغشاها يـدُ الرَّجمِ (59) |
وقد تداعتْ علينا بالأذى أُممٌ | فمجدُنا بينَ منهدٍّ ومُنْهشِمِ |
وقد جرى دمُنا ـ ياربِّ ـ منثعبًا | في كلِّ أرضٍ سفتْها ريحُ غزوِهِمِ |
ومزَّقوا صُحُفَ التَّنْزيلِ، وانتَهَكَتْ | بأرضِنا حُرُماتٍ كفُّ غدرِهِمِ |
وأفسدَ العيشَ ماساقوهُ من نَتَنٍ | إلى التَّليدِ المُحَلَّى سِيْمَ بالأضَمِ (60) |
وطارفٌ رامَهُ الإسلامُ مبتسِمًا | فأفسدُوهُ فأَضحَى غيرَ مُبتسِمِ |
وقاتلُوا أَهلَه يُقصُون فطرتَهُم | كيلا تقومَ أمانيهم إلى القِممِ |
و روَّعَ النَّاسَ عدوانٌ لهم أَشِرٌ | فلم يُبالُوا بطفلٍ ريعَ أَو هَرِمِ |
حديدُ غارتِهم في الأرضِ مشتعلٌ | وفي الفضا ينفثُ الأحقادَ بالحممِ |
فهذه هي للدنيا حضارتُهم | وهْيَ الحقوقُ التي لم تُرْعَ من جعَمِ (61) |
بكَ اعتِصامُ قلوبٍ ليسَ يُرهبُها | ماهاجَ من خطرٍ يابارئَ النَّسمِ |
ولا اعتِسافُ أمانٍ في مرابِعِنا | بعصفِ حقدِ أُوارٍ فاغرٍ نَهِمِ |
ياربِّ فرِّجْ بلطفٍ منكَ كُربتَنا | واحفظْ بلادَ الهدى من شـترِّ مكرِهِمِ |
واجمعْ على المصحفِ الميمونِ أُمَّتَنا | كيلا تضِلَّ، وتلقى سوءَ مُرْتَطَمِ |
هو البيانُ وفيهِ كلُّ مُعجزةٍ | تبلى الليالي ولا يبلى مع القِدَمِ |
يقودُ للخيرِ في دنيا وآخرةٍ | لامثلما أفلستْ أُحدوثةُ النُّظُمِ |
وهْوَ الدَّليلُ إذا ضلَّتْ مراكبُنا | في لجَّـةِ الغلسِ المشحونِ بالقُحَمِ |
وهيِّئ اليومَ ياربِّي لها ولنا | أسبابَ عـزٍّ كريمٍ غيرِ مُنْصَرِمِ |
وآتِها منكَ روحًا لاتُغادرُها | من الهدايةِ والتَّوفيقِ في الأُممِ |
واصفحْ إلهي فقد أغوتْ شبيبَتَها | مراتعُ الَّلهوِ بالآلاتِ والبَهَمِ (62) |
قد مسَّها الضُّـرُّ والتَّضليلُ أوجعَها | وما سواكَ لقيدِ الخطبِ و الألمِ |
ففي بنيها رجالٌ ماحنوا أبدًا | للذُّلِّ قاماتِهم في أَيِّ مُصطَدَمِ |
دعوْتُ يابارئي فاستبشرَتْ مقلي | بنورِ عفوِكَ يجلو ظلمةَ الوَصَمِ |
كأَنَّما قد أُجيبتْ دعوةٌ حَمَلَتْ | همِّـي وهـمَّ بني قومي ومُكتتََمي |
أنتَ المجيبُ دعاءً فارَ في مُهجٍ | وباتَ يجأَرُ ياربَّاهُ في الظُّلَمِ |
أُقْعِدْتُ لولا الرَّجا في نجدةٍ سبقتْ | لَمَـا وقفْتُ بأيَّامي على قَدَمِي |
فارحمْ عُبَيْدَكَ مِمَّـا قد أَلـمَّ به | وانصُرْهُ وانصُرْ به دينًا كذاكَ رُمِي |
فاليومَ تنبضُ بالسِّتِّين أوردتي | ويخفقُ القلبُ بالتوحيدِ لـم يَجِمِ |
ونوَّرَ الشَّيبُ فُودَيْ مؤمنٍ حَزِنٍ | ما لانَ للبغيِ أو ألقى يـدَ السَّلمِ |
يعيشُ حبَّ رسولِ اللهِ مبتهجًا | بنفحةِ البِـرِّ : من بدرٍ ومن إضَمِ (63) |
ولم تكُنْ للهوى أشعارُ رحلتِه | لولا هواه (ببئر البضَّةِ) الشَّبِمِ (64) |
بمائِها غسلَ المختارُ ﷺ غُرَّتَه | في يومِ جُمْعَةِ خيرٍ غيرِ مُنبهِمِ (65) |
وقد أراقَ غُسالَ الماءِ في فَمِها | فأغدقتْ بنشيبٍ فاحَ عن أَمَمِ (66) |
ياسعدَ مَنْ صَحِبَ الهادي وآزرَه | ونالَ من جودِه الفيَّاضِ كالدِّيمِ |
رفعْتُ كفِّيَ ياقيُّومُ مبتهلاً | إليكَ أرجو الرِّضا من عفوِكَ العمِمِ |
ففرِّجِ الكربَ فالأرزاءُ مابرحتْ | تُعيي الألبَّاءَ في دوَّامةِ السَّأمِ (67) |
وباسمِكَ الفردِ ياديَّانُ أرقبُهُ | وعن نـدى بابِكَ القدسيِّ لـم أُسَمِ (68) |
فآتِ قلبيَ ياذا العفوِ حاجتَه | فقد محـا حزنُهُ إيماءَ مُبْتَسَمِي |
وصلِّ ربِّ على الهادي ﷺ وعترتِه | مالاحَ نجمٌ على الأكوانِ في الغسَمِ |
والآلِ والصَّحبِ والأتباعِ ما ارتفعتْ | شمسُ الضُّحَى، وشدا أهلُ الهدى بِفَمِ |
تقرُّ فيها عيونٌ ليسَ يُسعِدُها | إلاَّ رضاكَ وحبٌّ غيرُ مُنصرمِ |
لن أبْرحَ البابَ يامولايَ حيثُ كبتْ | روحي عليه، فَجُـدْ ياصاحبَ الكرمِ |
والحمدُ للهِ أدنى من هدايتِه | قلبي، فحازَ بها فخري ومُعتَصَمي |
هفا نسيجُ معانيها طواعيةً | ولـمْ أُزَوِّقْ بها ماجاءَ من كَلِمِ |
واسترسلتْ تتثنَّى في يَدَيَّ ضُحَىً | وما انثنتْ إذْ جنى إيماءَها قلمي |
تطيفُ بي، ودعتْني في الغُدُوِّ إلى | ملاحةِ السَّيرِ بين الوجدِ والرَّسَمِ |
لبَّيْتُ دعوتَها لمَّـا رَنَوْتُ إلى | مدارِها الآهلِ الممدودِ بالعِظَمِ |
وبَـرَّ قلبي ولم يأْلَفْ مُصارمةً | لِمَـا أتاهُ بها من سابقِ النِّعَمِ |
إنْ طابَ عيشي بها عهدَ الشبابِ فلي | دلاؤُها اليومَ تروي العزمَ في هرمي |
فقد حبتْني بفيءٍ غيرِ منصرمٍ | وعشتُ أَسْرَ هواها غيرَ ملتدمِ (69) شـــريف قاســـم |
هوامش :
1 ـ سلم : وادٍ في المدينة
2 ـ وادي العقيق : واد مشهور في المدينة
3ـ عميس : واد آخر فيها ــ في جثم : في عطاء كثير
4 ـ عوال : جبل قرب المدينة
5 ـ سفا : موضع على طريق المدينة ــ عَلَم : موضع آخر
6 ـ السقيا : من قرى المدينة المنورة
7 ـ الحميدية : أحد أحياء مدينة ديرالزور في سوريا ـ الرَّسم : حُسْنُ المشي
8 ـ اللدم : صدق العهد والوعد والوفاء بهما
9 ـ القرم : هنا بمعنى المشتاق
10 ـ السليم : من منازل العقيق
11 ـ الغسق : ظلمة أول الليل ــ الفلق : أول ظهور الصباح
12ـ اليهم : ضربٌ من الجنون
13 ـ العسم : اليَبس
14 ـ خَصِم : شديد الخصومة والمجادلة
15 ـ السُّطُم : الأُصول الثابتة من الدين
16 ـ العثم : جَبْرُ الشيءِ بعدَ كسرِه .
17 ـ من فكر مَن فسقوا : المراد : المذاهب الهدَّامة
18 ـ شِيَة : علامة
19 ـ الأشوس : الناظرُ بمؤخرة عينِه ــ العِصَم : القيم المحفوظة
20 ـ زخم : النتَن
21 ـ باء : رجع بسوء فعلته
22 ـ خبَّاب : هو خباب بن الأرت t وكان مولى لأم أنمار الخزاعية
23 ـ أبو فكيهة : واسمه : أفلح t وكان مولى لبني عبدالدار
24 ـ الدُّهُم : المظلمة، الشَّديدة البأس
25 ـ النَّخَم : الإعياء
26 ـ جرجيس : هو الراهب بحيرا، وكانت صومعته على طريق الشام
27 ـ الغتم : شدة الحر وأثره على الجسم
28 ـ الأطم : القصر
29 ـ عن كثم : عن قرب
30 ـ زأم : خوف
31 ـ لم يجم : لم يخف أو يتراجع
32 ـ الأجم : عرين الأسد
33 ـ شُكُم : كناية عن كثرة خيل الأعداء
34 ـ وَجِمِ : حزين .مطرق
35 ـ لم يَثِم : لم يعجز
36 ـ والقحم :الشَّدائد (وما أكثرها على الأمة !!)
37 ـ أخو الجعم : أخو الجشع والطمع
38 ـ الرُّنُم : المغنيات
39 ـ الرَّأَم : الأُلفة والمودة
40 ـ الذّاعر : الغادر المخيف
41 ـ الثَّدم : ثقل اللسان، أو الحيرة في الكلام
42 ـ السَّدم : الحزن الشديد
43 ـ أشأمتْ سارت نحو الشام ــ أعرقتْ : سارت نحو العراق ــ لم يشم : لم يَرَ
44 ـ الجُضُم : هم كثيرو الأكل (أهل البطون)
45 ـ النَّخَم : الإعياء
46 ـ الكزم : قِصَرُ اليد عن نيل الحاجة
47 ـ الأكهب : المغبر ــ الغَلِم : الهائج
48 ـ النِّجار : الأصل الكريم
49 ـ الَّلزِم : المراد هنا ملازمة التقوى وطاعة الله تبارك وتعالى
50 ـ مُنفحم : عاجـز
51 ـ الوثَم : القلة من الأعوان والأنصار
52 ـ شَبِم : عَذْب بارد
53 ـ الثَّكَم : قصُّ الأثر، واتباعُه
54 ـ لم يئم : لم يبتعد
55 ـ الأثِم : لصاحب الذنوب الكثيرة
56 ـ صقيل كمي ـ سيف شجاع
57 ـ كالبهم : الشُّجعان ــ ما أناف : ما ارتفعَ بهم ودفعهم ...
58 ـ البشم : المتخَم، البطِر
59 ـ يد الرَّجم : الرميُ بالحجارة
60 ـ الأضم : الكُره والبغض
61 ـ الجعم : الطمع
62 ـ البَهَم : صغار الضَّأن
63 ـ بدر، إضم : مواطن في الحجاز
64 ـ بئر البضَّة : بئر كانت قرب البقيع
65 ـ غُرَّته : المراد شعر الرأس
66 ـ غسال الرأس : غسالة الرأس ــ نشيب : طيب
67 ـالألباء : جمع لبيب
68 ـ لم أسم : لم أهجر
69 ـ غير ملتدم : غير نادم
تصويبات في القصيدة
الصفحة | رقم البيت | الخطأ | الصواب |
22 | الأول | وأفرحي | وافرحي |
24 | الأول | مستزئ | مستهزئ |
38 | الخامس | للأعاق | للأعلاق |
42 | الثالث السادس | الجعفاء أعيي | العجفاء أعيا |
43 | الأول | الرضى | الرضا |
47 | الثاني السادس | وأجمع وهيئ و اليوم | واجمع وهيئ اليوم |
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين