بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
الإسلام دين الحياة، وهودين واقعى، لا ينفصل عن الإنسان وأحواله، ولذا قال سبحانه: (مَا فَرَّطْنَا فِى الْكِتَابِ مِنْ شَيْئٍ) الأنعام 38.. لذلك لم يترك التشريع الإسلامى شاردة ولا واردة إلا وتناولها إجمالا أوتفصيلا..
ولقد جاءت تشريعات إسلامية عديدة من خلال مواقف إنسانية حياتية.. ومن هذه التشريعات ما تم سنّه فى مواقف صاحبها ابتسام، ومواقف أخرى صاحبها غضب..
ونحن فى هذا المقال نحاول أن نلقى الضوء على بعض هذه المواقف.. ونبين فى نفس الوقت - بإيجاز - التشريع الذى تم تثبيته من خلالها.
• موقف فى الصلاة يصاحبه ابتسام: هذا موقف فى صلاة الجماعة حدث لأحد الصحابة حديثى العهد بالإسلام.. عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ. فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقُلْتُ: وَاثُكْلَ أُمِّيَاهْ، مَا شَأْنُكُمْ؟ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ. فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي لَكِنِّي سَكَتُّ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَبِأَبِي هُووَأُمِّي، مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ، فَوَاللهِ، مَا كَهَرَنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي، قَالَ: «إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوالتَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ» .. والتشريع هنا يتمثل فى " عدم التكلم أثناء الصلاة بغير أذكارها المعروفة ".. والابتسامة التى صاحبت هذا التشريع تتمثل فى قول معاوية رضي الله عنه للرجل الذى عطس أثناء الصلاة: (يرحمك الله)... ثم تماديه فى التحدث إلى المصلين – وهوفى الصلاة – ( وَاثُكْلَ أُمِّيَاهْ، مَا شَأْنُكُمْ؟ تَنْظُرُونَ إِلَىّ ).
• موقف متعلق بالصلاة يصاحبه غضب: هذا موقف متعلق أيضا بالصلاة، ولكن هذه المرة صاحبه غضب شديد من رسول الله ﷺ.. عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رضي الله عنه، قَالَ: أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: إِنِّي لَأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلاَةِ الغَدَاةِ، مِنْ أَجْلِ فُلاَنٍ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا، قَالَ: فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَطُّ أَشَدَّ غَضَبًا فِي مَوْعِظَةٍ مِنْهُ يَوْمَئِذٍ، قَالَ: فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَأَيُّكُمْ مَا صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيَتَجَوَّزْ، فَإِنَّ فِيهِمُ المَرِيضَ وَالكَبِيرَ وَذَا الحَاجَةِ» .. والتشريع هنا يتمثل فى " التخفيف بالمصلين فى الصلوات المفروضة خاصة " وفى بعض الروايات وشروح الحديث أن هذا الصحابى الذى أطال بالناس هو" معاذ بن جبل ".... والغضب الذى صاحب هذا التشريع يتمثل فى موقف النبى ﷺ من معاذ ؛ ويصف الصحابى راوى الحديث هذا الغضب بقوله: ( فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَطُّ أَشَدَّ غَضَبًا فِي مَوْعِظَةٍ مِنْهُ يَوْمَئِذٍ ).. ويؤكد ذلك قول النبى ﷺ له فى بعض روايات الحديث: " أفتان أنت ؟؟ " وفى بعضها حدد له – كمثال – بعض السور التى يقرأها أثناء صلاته فقال له: " يَا مُعَاذُ، أَفَتَّانٌ أَنْتَ - ثَلاَثًا - اقْرَأْ: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى وَنَحْوَهَا " .. وذلك حتى لا يشق على الناس.
• موقف فى الصيام يصاحبه ابتسام: أما هذا الموقف فخاص بالصيام.. عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رضي الله عنه، قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا الخَيْطُ الأَبْيَضُ، مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ أَهُمَا الخَيْطَانِ، قَالَ: «إِنَّكَ لَعَرِيضُ القَفَا، إِنْ أَبْصَرْتَ الخَيْطَيْنِ»، ثُمَّ قَالَ: «لاَ. بَلْ هُوسَوَادُ اللَّيْلِ، وَبَيَاضُ النَّهَارِ» .. والتشريع هنا يتمثل فى " بيان موعد الإمساك عن الطعام والشراب وبدء الصيام " وتفسير قوله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) البقرة 187.. والابتسامة التى صاحبت هذا التشريع تتمثل فى قول النبى ﷺ لعدى بن حاتم: «إِنَّكَ لَعَرِيضُ القَفَا، إِنْ أَبْصَرْتَ الخَيْطَيْنِ».. وفى بعض روايات الحديث يقول عدى بن حاتم أنه أتى بخيط أبيض وآخر أسود ينظر فيهما !..يقول: فَأَخَذْتُ خَيْطَيْنِ مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ وَأَبْيَضَ فَكُنْتُ أَنْظُرُ فِيهِمَا، فَلَا يَتَبَيَّنُ لِي، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَضَحِكَ، وَقَالَ: «يَا ابْنَ حَاتِمٍ، إِنَّمَا ذَاكَ بَيَاضُ النَّهَارِ مِنْ سَوَادِ اللَّيْلِ».. فبيّن له النبى ﷺ التشريع الحق، والتفسير الصحيح.
• موقف فى الصيام يصاحبه غضب: أما هذا الموقف فى الصيام فقد صاحبه غضب من رسول الله ﷺ.. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ «لاَ تُوَاصِلُوا»، قَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ، قَالَ: «إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي»، فَلَمْ يَنْتَهُوا عَنِ الوِصَالِ، قَالَ: فَوَاصَلَ بِهِمُ النَّبِيُّ ﷺ يَوْمَيْنِ أَولَيْلَتَيْنِ، ثُمَّ رَأَوُا الْهِلَالَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَوتَأَخَّرَ الهِلاَلُ لَزِدْتُكُمْ» كَالْمُنَكِّلِ لَهُمْ . والتشريع هنا يتمثل فى " النهى عن الوصال فى الصيام ".. فهذا أمر كان يخص رسول الله ﷺ وحده.. والغضب الذى صاحب هذا التشريع يتمثل فى غضب النبى ﷺ منهم لأنهم لم ينتهوا عن الوصال، فعبّر عن غضبه منهم بقوله: «لَوتَأَخَّرَ الهِلاَلُ لَزِدْتُكُمْ».. وذلك كَالْمُنَكِّلِ لَهُمْ لأنهم لم يمتثلوا لنصحه..
• موقف فى العلاقة الزوجية أثناء الصيام يصاحبه ابتسام: هذا الموقف حدث لسَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ الْأَنْصَارِيِّ حيث جامع امرأته بعد الفجر فى رمضان !.. يقول: فَلَمَّا أَصْبَحْتُ خَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرِي فَقَالَ لِي: «أَنْتَ بِذَاكَ»، فَقُلْتُ: أَنَا بِذَاكَ، فَقَالَ: «أَنْتَ بِذَاكَ»، فَقُلْتُ: أَنَا بِذَاكَ، قَالَ: «أَنْتَ بِذَاكَ»، قُلْتُ: نَعَمْ، هَا أَنَا ذَا، فَأَمْضِ فِيَّ حُكْمَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنِّي صَابِرٌ لَهُ، قَالَ: «أَعْتِقْ رَقَبَةً»، قَالَ: فَضَرَبْتُ صَفْحَةَ رَقَبَتِي بِيَدِي وَقُلْتُ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا أَصْبَحْتُ أَمْلِكُ غَيْرَهَا، قَالَ: «فَصُمْ شَهْرَيْنِ»، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَهَلْ أَصَابَنِي مَا أَصَابَنِي إِلَّا فِي الصِّيَامِ، قَالَ: «فَتَصَدَّقْ»، قَالَ: فَقُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لَقَدْ بِتْنَا لَيْلَتَنَا هَذِهِ وَحْشَا مَا لَنَا عَشَاءٌ، قَالَ: «اذْهَبْ إِلَى صَاحِبِ صَدَقَةِ بَنِي زُرَيْقٍ فَقُلْ لَهُ فَلْيَدْفَعْهَا إِلَيْكَ، فَأَطْعِمْ عَنْكَ مِنْهَا وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ سِتِّينَ مِسْكِينًا، ثُمَّ اسْتَعِنْ بِسَائِرِهِ عَلَيْكِ وَعَلَى عِيَالِكَ» .. والتشريع هنا يتمثل فى " بيان حكم من جامع امرأته فى نهار رمضان ".. والابتسامة التى صاحبت هذا التشريع تتمثل فى قوله للنبى ﷺ حين قال له: «أَعْتِقْ رَقَبَةً»، قَالَ: فَضَرَبْتُ صَفْحَةَ رَقَبَتِي بِيَدِي وَقُلْتُ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا أَصْبَحْتُ أَمْلِكُ غَيْرَهَا.
وتكرر نفس الوقف مع رجل آخر.. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: هَلَكْتُ. قَالَ: «وَمَا شَأْنُكَ؟» قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ، قَالَ: «تَسْتَطِيعُ تُعْتِقُ رَقَبَةً» قَالَ: لاَ. قَالَ: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ» قَالَ: لاَ. قَالَ: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا» قَالَ: لاَ. قَالَ: «اجْلِسْ» فَجَلَسَ، فَأُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ - وَالعَرَقُ المِكْتَلُ الضَّخْمُ - قَالَ: «خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ» قَالَ: أَعَلَى أَفْقَرَ مِنَّا؟ فَضَحِكَ النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، قَالَ: «أَطْعِمْهُ عِيَالَكَ» .. والابتسامة التى صاحبت هذا الموقف تتمثل فى قول الرجل: أَعَلَى أَفْقَرَ مِنَّا؟.. فكانت جملة جعلت النبى ﷺ يضحك حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، ثم قَالَ له: «أَطْعِمْهُ عِيَالَكَ».. ليؤكد على يسر هذا الدين.
• موقف فى العلاقة الزوجية يصاحبه غضب: أما هذا الموقف فيتعلق بالطلاق.. عن مَحْمُود بْن لَبِيدٍ، قَالَ: أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ جَمِيعًا، فَقَامَ غَضْبَانًا ثُمَّ قَالَ: «أَيُلْعَبُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟» حَتَّى قَامَ رَجُلٌ وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا أَقْتُلُهُ؟ .. والتشريع هنا يتمثل فى " النهى عن التلفظ بالتطليقات الثلاث جميعا فى موقف واحد " لأن هذا مخالف للسنة الصحيحة.. والغضب الذى صاحب هذا الموقف يتمثل فى قوله ﷺ: «أَيُلْعَبُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟».. ليؤكد ﷺ على أن الطلاق الذى شرعه الله ﷻ يكون مرة بعد مرة، وموقفا بعد موقف.. وليس الثلاث جملة واحدة.
• موقف فى الحج يصاحبه ابتسام: ولم يخل الحج من مواقف مماثلة.. فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ، قَالَ: «مَنْ شُبْرُمَةُ؟» قَالَ: أَخٌ لِي - أَوقَرِيبٌ لِي - قَالَ: «حَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ» .. والتشريع هنا يتمثل فى:" وجوب الحج عن النفس أولا ثم بعد ذلك الحج عن الغير ".. والابتسامة فى هذا الموقف تتمثل فى قوله ﷺ للرجل: «حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ».. إذ كان يمكن أن يقول له ﷺ: حج عن نفسك ثم حج عن غيرك.. ولكنه من باب الدعابة ورسم الابتسامة على الشفاه قال له: «حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ»
• موقف فى الحج يصاحبه غضب: أما هذا الموقف فى الحج فقد صاحبه غضب منه ﷺ.. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ، فَحُجُّوا»، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: " لَوقُلْتُ: نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ "، ثُمَّ قَالَ: «ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ» .. والتشريع هنا يتمثل فى:" كراهية النبى ﷺ لكثرة السؤال فيما فرض الله ﷻ ".. والغضب يتمثل فى رده ﷺ الحازم الذى نستشعر فيه الغضب من سؤال الرجل وقوله: " لَوقُلْتُ: نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ "، ثُمَّ قَالَ: «ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ».
• موقف فى صلاة الليل يصاحبه ابتسام: ونختم بهذا الموقف الذى يشتمل على مداعبة وابتسام وتشريع.. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: بِتُّ عِنْدَ مَيْمُونَةَ – خالته زوج النبى ﷺ -، فَقَامَ النَّبِيُّ ﷺ فَأَتَى حَاجَتَهُ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ نَامَ، ثُمَّ قَامَ، فَأَتَى القِرْبَةَ فَأَطْلَقَ شِنَاقَهَا، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءًا بَيْنَ وُضُوءَيْنِ لَمْ يُكْثِرْ وَقَدْ أَبْلَغَ، فَصَلَّى، فَقُمْتُ فَتَمَطَّيْتُ، كَرَاهِيَةَ أَنْ يَرَى أَنِّي كُنْتُ أَتَّقِيهِ، فَتَوَضَّأْتُ، فَقَامَ يُصَلِّي، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَأَخَذَ بِأُذُنِي فَأَدَارَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَتَتَامَّتْ صَلاَتُهُ ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ اضْطَجَعَ فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ، وَكَانَ إِذَا نَامَ نَفَخَ، فَآذَنَهُ بِلاَلٌ بِالصَّلاَةِ، فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ، وَكَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ يَسَارِي نُورًا، وَفَوْقِي نُورًا، وَتَحْتِي نُورًا، وَأَمَامِي نُورًا، وَخَلْفِي نُورًا، وَاجْعَلْ لِي نُورًا» .. والتشريع هنا يتناول حكما يخص صلاة الجماعة يتمثل فى: " إذا كان المأموم واحدا وقف عن يمين الإمام ".. والابتسامة التى صاحبت هذا الموقف تتمثل فى أخْذِه ﷺ بِأُذُن ابن عباس – وكان وقتها طفلا – وتحويله وهوممسك بأذنه من اليسار إلى اليمين.. وفى بعض الروايات أنه وضع ﷺ يمينه على رأس ابن عباس أولا ثم أمسك أذُنه ففتلها، ثم أداره عن يمينه.. يقول: ( ثُمَّ جِئْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِي، ثُمَّ أَخَذَ بِأُذُنِي فَجَعَلَ يَفْتِلُهَا ) .. وهكذا نرى ارتباط التشريع الإسلامى بأحوال المسلم، ومواقف الحياة.
الهوامش
[1] مسلم 1/381
[1] البخارى 8/27
[1] البخارى 8/26
[1] البخارى 6/26
[1] البخارى 9/97
[1] أحمد 26/347
[1] السابق 8/144
[1] النسائى 6/142
[1] أبوداود 2/162
[1] مسلم 2/ 975
[1] البخارى 8/69
[1] البخارى 6/41
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد