بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أيُّها الإنسانُ كم مَغداكَ ناء=
بثقيلِ الهمِّ أو طولِ العناءْ
وكم استسلمتَ للبلوى ، وكم=
وجهُك : التقتيرُ في خدَّيه ساءْ
وَلَكَم أصغيتَ للتضليلِ من=
مفلسٍ آخى فِعالَ الأشقياءْ
وتلكأتَ ، وقد نُوديتَ في
فَلَقِ الصُّبحِ إلى أحلى نداءْ
وتثاقلْتَ ، ولم تجدِ الحِجى=
إذ تناومتَ إلى وقتِ الضَّحاءْ
فرآكَ الحقُّ تجفوهُ ، وفي
بهرجِ الغفلةِ كنتَ الببَّغاءْ
لم تنلْ ــ ويحك ــ من دنياكِ ما=
يسعفُ الماشي إلى يومِ الجزاءْ
لم يفدْك السَّعيُ ما تسمو به=
ورؤى النجدين أعيتْ هؤلاءْ
إنما الراغب في الحسنى وعى=
كيف يأتيها ، ولا يكفي اجتزاءْ
قوةُ النفسِ التي تسعفُه=
وتراخيها ــ هنا ــ ليسا سواءْ
والإشاراتُ التي مابرحتْ
توقظُ الإنسانَ في ومضِ السَّناءْ
والنداءاتُ من المجهولِ قد=
غلبتْ عصفَ عُتُوٍّ وافتراءْ
ونُكوصٍ وضلالٍ وهوىً
عاثَ بالنفسِ عناءً وأداءْ
من صميمِ الفطرةِ الأولى أتتْ
تُنجدُ العقلَ بتمييزِ الدواءْ
قد يُغرُّ المرءُ ، قد يهوي ، وقد=
يركبُ الوهمَ ، ويستجدي العماءْ
إنَّما العدلُ الذي يطلُبُه=
هو في الأصلِ له أغلى رجاءْ
موجباتُ العدلِ ألاَّ ينثني=
في قيادِ النَّفسِ بالأجدى مَضاءْ
أكرمَ اللهُ بني الإنسانِِ لم
يدعِ الإنسانَ من عقلٍ براءْ
فبقلبٍ وشعورٍ وحِجىً
وبنورٍ هلَّ معْ وحيِ السماءْ
ولسانٍ وبعينٍ قد رأتْ
مابهذا الكونِ من أرضٍ و ماءْ
أيُّها الإنسانُ أنت المصطفى=
مذ براكَ اللهُ في الدنيا وشاءْ
لأمورٍ غالياتٍ جُمعتْ
في عبوديَّةِ نفسٍ لاتُساءْ
وهو المُلكُ لربٍّ بارئٍ
سيُعيدُ الخَلقَ من بعدِ الفناءْ
ويُجازي كلَّ مخلوقٍ بما=
أحسنَ المخلوقُ فيها أو أساءْ
يومَها الفصلُ الذي يُتحفُنا=
بالرضا في الخلدِ في دارِ النَّجاءْ
لو درى الإنسانُ عن أوبتِه=
وتحرَّى في صِحاحِ الأنبياءْ
لرأى الدنيا سرابًا زائلا
وبقايا رَحْلِ مَن عافوا الخِباءْ
ترتقي الذَّاتُ على معراجِها=
إن نأى الإنسانُ عن تيهِ الشقاءْ
لم يُقَيِّدْها انتكاسٌ أو لوى=
سعيَها المحمودَ للأوجِ انحناءْ
عـزَّ بالطُّهرِ فؤادٌ مخبتٌ=
لا إلى أهواْءِ دنيانا أفاءْ
أيُّها الإنسانُ هوِّنْ ، واتَّئِدْ=
لايغُرَّنَّكَ زهوُ السُّفهاءْ
أو يقودَنَّكَ وهمٌ صاغه=
مكرُ إبليس بزورٍ وافتراءْ
كلُّ ما في هذه الدنيا وإن=
عربدَ الباطلُ فيها بازدراءْ
كلُّها في قبضةِ الدَّيَّانِ لم
يُفلتِ ( الشَّاطرُ ) حتى في الخفاءْ
كلُّ داءٍ وله بين الورى=
من طبيبٍ ودواءٍ وشِفاءْ
غير داءٍ واحدٍ أعجزهم=
إنَّه ــ والله ــ داءُ الكبرياءْ
أيُّها الإنسانُ هذا الكَلْمُ من=
شفتيْكَ انسابَ مدحًا أو هجاءْ
أو بنجوى غيبةٍ ممقوتة=
أو سمعتَ السوءَ قصدًا وانتقاءْ
غزلا يَسبي فؤادًا والهًا=
أو تهافتْتَ لهُزءٍ أو غِناءْ
فرقيبٌ وعتيدٌ كتبا=
لكَ ما قد تصطفي مما تشاءْ
لو تجلَّى اللهُ ياهذا على=
قلبِك الشاردِ في رحبِ الفضاءْ
راكضًا خلفَ مُنادي لذَّة=ٍ
حرَّمَ اللهُ مآتيها وِقاءْ
ناسيًا مولاكَ لكنْ لم تزلْ=
تطلبُ اللذَّةَ في أيِّ وِعاءْ
فإذا أنت بقبرٍ مظلم =
ليس فيه من حميمٍ أو رجاءْ
وأراكَ اللهُ لو كنتَ الذي=
هَجَرَ السوءَ ، وفعلَ الجهلاءْ
قصرَكَ المعمورَ في جنَّاتِه=
وأراكَ الحورَ فيه والهناءْ
وأراكَ الخيرَ لايُحصَى ولا=
كان هذا الخيرُ في دارِ الفناءْ
ثُـمَّ ناداكَ : أيا عبدي لِمَنْ =
أنتَ أفنيتَ لياليك الوِضاءْ ؟
لم تُجبْ فيها منادي رحمتي=
واتَّبعْتَ اللهوَ مركوبَ الشقاءْ
فَلْتَلُمْ نفسَك ما طهَّرتَها=
من هواها ألِكِبرٍ أم هذا الغباءْ؟
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد