بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
من اللطائف الإسنادية الطريفة في الرواية أن يجتمع في الإسناد راويان أو أكثر من الرواة المنتسبين إلى مدينة الفيوم ... فإني بحمد الله تعالى أسعد وأتشرف بانتسابي لها ، فإذا كنتَ ممن يروي عني على سبيل المثال بارك الله فيك، فقد يجتمع لك فيه اثنان : (العبد الفقير ... ابتسامة) ، (وشيخ آخر) في الإسناد تجده، أو غيري .. وهذا لا شك يفرح القلب ويسعده، ويعيد لنا ذكر الأيام الخالية وإن لم نشهدها .. والتي يفوح عبيرها بجمال مدينة الفيوم، واتساع علوم علمائها، وعلو كعبهم فيها، ونسأل الله أن يبارك في جميع بلاد المسلمين وعلمائهم .. وهنا أكتفي بوقفتين بعد هذه الأسانيد :
وأقول عاطف الفيومي: أنبأنا الشَّيخ المعمر المحقق محمد زهير بن مصطفى الشاويش الدمشقي (ت: 1434هـ)، والشَّيخ المعمر عبد الرحمن بن عبد الحي الكتاني الفاسي المغربي، عن بدر الدين بن يوسف الحسني البيباني، عن إبراهيم السقا، عن ثعيلب الفشني، عن (عبد العليم بن محمد بن محمد بن عثمان الأزهري الفيومي)، عن محمد بن محمد بن أحمد الأمير الكبير المالكي..
(ح) وأنبأنا عاليًا الشَّيخ عبد الرحمن بن عبد الحي الكتاني الفاسي المغربي، عن محمد بخيت المطيعي المصري، عن (أحمد بن محمد محجوب الفيومي المصري)، عن مصطفى المبلط المصري، عن محمد الأمير الكبير.
(ح) وحدثنا بالمسلسل بالأولية عاليًا الشَّيخ عبد الرحمن بن عبد الحي الكتاني وهو أول، قال: حدثني والدي الشيخ عبد الحي الكتاني وهو أول، حدثنا الشهاب أحمد الجمل النهطيهي المصري وهو أول بمصر، حدثني شيخنا الشمس محمد علي البهي الطندتائي وهو أولُ، ثنى الحافط مرتضى الزَّبيدي وهو أولُ، ثني المعمَّر داوُد بن سليمان الخربتاوي وهو أولُ، ثنى ( شمس الدين الفيومي ) وهو أولُ ..
وهنا لنا وقفتان:
الوقفة الأولى: مع الشَّيخ الصالح عبد العليم بن محمد بن محمد بن عثمان الفيومي المصري المالكي الأزهري الضرير، فهو يروي عن : علي بن أحمد الصعيدي (ت 1189 هـ)، قال عنه مرتضى الزبيدي في معجمه: "الإمام الفاضل الصالح من البكائين عند ذكر الله، سريع الدمعة كثير الخشية، حضر دروس الشيخ علي الصعيدي رواية ودراية، فسمع عليه جملة من الصحيح والموطأ والشمائل، والجامع الصغير ومسلسلات ابن عقيلة.
وروى عن: كل من الملوي والجوهري والبليدي وعلي السقاط ومحمد المنير وأحمد الدردير والتاودي بن سودة سنة حج سنة 1181 هـ، ودرس بالجامع الأزهر، حضر منزلي مرارا، وسمع مني الأولية، وبعض أشياء، وطلب مني الإجازة، وهو ممن يحبنا ويخلص في ودنا بارك الله تعالى فيه" اهـ.
وممن قرأ علي الشيخ عبد العليم، شيخ الحنفية بمصر أحمد بن محمد بن إسماعيل الطحطاوي أو الطهطاوي الحنفي المصري (ت 1231 هـ).، وثبته مطبوع ومعروف.
الوقفة الثانية: مع الشَّيخ أحمد بن محجوب الكبير الرفاعي المالكي الفيومي المصري، فقد ولد في قرية الصوافنة بالفيوم، ودرس على الشيخ محمد عليش، والشيخ محمد القلماوي، والبرهان السقا، والشيخ مصطفى المبلط، والشيخ أحمد الإسماعيلي، والشيخ أحمد منة الله الشباسي المالكي، والبرهان الباجوري، ومحمد الأشموني، ومحمد الدمنهوري، ومنصور كساب العدوي، وأحمد كبوه العدوي، وصار شيخ المقارئ المصرية، ومن مؤلفاته حاشية مشهورة على شرح الشيخ اليمني على لامية الأفعال، وتقرير على المطول، وعلى الأشموني، وعلى جمع الجوامع، وحاشية على منظومة الصبان في العروض، وغير ذلك.
وكان قائما بإقراء الحديث حتى قال تلميذه العلامة محمد البشير ظافر الأزهري: "وكان مواظبا على قراءة كتب الحديث كالموطأ والصحيحين، والكتب الستة".
وقد تلقى صحيح البخاري كاملا عن الشيخ مصطفى المبلط سماعا منه، وقراءة عليه، وإجازة، وهو عن العلامة الشيخ علي الشنواني صاحب الثبت المشهور بأسانيده. كما تلقى الصحيح أيضا سماعا لبعضه وإجازة بباقيه عن العلامة الشمس محمد عليش، وهو عن الأمير الصغير، وهو عن أبيه الأمير الكبير. وممن روى عن الشيخ الرفاعي الصحيح لكامله، العلامة الفقيه طه بن يوسف الشعبيني الشافعي (ت 1373 هـ).
وأما صحيح مسلم فقد تلقاه الشيخ الرفاعي كاملا سماعا إلا درسين أو ثلاثة من كتاب الحج مع عموم الإجازة، عن العلامة الشمس محمد أحمد عليش، وهو عن الأمير الصغير، عن والده الأمير الكبير.
وممن روى عن الشيخ الرفاعي الصحيح لكامله، الفقيه أحمد بن نصر العدوي المالكي، والعلامة الفقيه طه بن يوسف الشعبيني الشافعي.
كذلك اشتغل بإقراء سنن الإمام الترمذي، بحضور عدد جم من الشيوخ والعلماء .. وممن اشتهر عنهم التلمذة عليه، الشيخ محمد بخيت المطيعي، والشيخ محمد أبو الفضل الجيزاوي، والشيخ محمد حسنين العدوي، والشيخ محمد النجدي الشرقاوي، والشيخ محمد عبده، والشيخ محمد بن جعفر الكتاني، والإمام أحمد بن شرقاوي، والشيخ يوسف الدجوي، والسيد المسند الكبير عبد الحي الكتاني، وطه بن يوسف الشعبيني، وأحمد بن نصر العدوي، ومحمد إمام السقا، وغيرهم من الفضلاء، توفي الشيخ الرفاعي يوم الاثنين 18 صفر سنة (1325 هـ)، كما ذكر صاحب "أسانيد المصريين".
وقد سمع الشيخ عبد الحي الكتاني، على الرفاعي مسلسلات شيخه إبراهيم الباجوري بأعمالها، وهي مسلسلات ثبت الأمير، وأنه قرأ عليه بعض البخاري، وقال في إجازته للصادق النيفر: "سمعت عليه أوائل الكتب الستة ومسلسلات فهرسة الأمير بأعمالها، وحضرت درسه في مختصر ابن أبي جمرة"، كما في "منح المنة".
ح. ويروي المطيعي، عن أحمد بن محجوب الفيومي، عن مصطفى الأحمدي عن محمد الشنواني بما في ثبته "الدرر السنية" وعن الأمير الكبير. ح. ويروي أحمد بن محجوب أيضا، عن محمد عليش والبرهان السقا بأسانيدهما، وعن أحمد منة الله العدوي المالكي، عن محمد بن أحمد البهي، عن محمد مرتضى الزبيدي وغيرهم بأسانيدهم. (1). (2).
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
(1) انظر معجم مرتضى الزبيدي (ص: 408)، ومعجم المعاجم للدكتور المرعشلي، وفهرس الفهارس، ومنح المنة في سلسلة بعض كتب السنة للكتاني تخريج الشيخ زياد التكلة، وعجائب الآثار للجبرتي، وحلية البشر للبيطار، وأسانيد المصريين لأسامة السيد الأزهري.
(2) ذكر هذه التراجم لا يعني بالضرورة الرواية من كل هذه الطرق! فقد ضربت صفحًا عن بعضها لما يغلب على بعض أصحابها من طرائق الغلو في التصوف والبدع، وإنما لأمانة العلم، ومن باب اللطائف الإسنادية في الرواية، فليعلم.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد