بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
السكينة والوقار شعار المسلم في جميع أمور دينه ودنياه، فهو عندما يسمع الإقامة للصلاة يذهب إليها بسكينة ووقار، فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة، وعليكم بالسكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا) [متفق عليه] قال الإمام النووي رحمه الله: السكينة: التأني في الحركات واجتناب العبث.
وعندما يدفع الحاج من عرفة إلى مزدلفة، فإنه يدفع بسكينة، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه دفع مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم وراءه زجرًا شديدًا، وضربًا وصوتًا للإبل، فأشار بسوطه إليهم، وقال لهم: (أيها الناس، عليكم السكينة....الحديث) [أخرجه البخاري] قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: قوله: (عليكم السكينة) أي في السير، والمراد السير بالرفق.
وعندما يقرأ المسلم القرآن الكريم، فإنه لا يتمايل ولا يهتز عند قراءته، قال العلامة بكر بن عبدالله أبو زيد رحمه الله: اشتدت كلمة علماء الأندلس في النكير على: التمايل، والاهتزاز، والتحرك، عند قراءة القرآن، وأنها بدعة يهودية، تسربت إلى المشارقة المصريين، ولم يكن شيء من ذلك مأثورًا عن صالح سلف هذه الأمة.
وهو كذلك في أمور دنياه، فهو يمشي بسكينة قال عز وجل: (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا)[الفرقان:63] قال القرطبي رحمه الله: قوله تعالى: (هونًا) الهون مصدر الهيّن وهو من السكينة والوقار. قال الزهري رحمه الله: سرعة المشي تذهب بهاء الوجه قال ابن عطية رحمه الله: يريد الإسراع الحثيث لأنه يخل بالوقار.
فالسكون والوقار من صفات المسلم، فهو بعيد عن ما يخل بذلك، فلا يعرف التمايل والاهتزاز في حركاته، فضلًا أن يقوم بالرقص، الذي يستلزم ضرب الأرض بقدميه، مع الارتفاع والانخفاض، وتحريك يديه، والتمايل يمينًا وشمالًا، فالرقص لا يليق بعاقل، قال الشيخ ابن عبدالسلام: الرقص والتصفيق فخفة ورعونة...لا يفعلها إلا راعن....ولا يصدران من عاقل فاضل.
لقد لبس الشيطان على طوائف من الناس فزين لهم الرقص، منهم: الصوفية، قال الحافظ ابن الجوزي رحمه الله: التصوف طريقة كان ابتداؤها الزهد الكلي ثم ترخص المنتمون إليها في السماع، والرقص.
والصوفية لا يتورعون عن ممارسة الرقص في بيوت الله المساجد يقول الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله الرقص في المساجد ليس بمشروع، ضرب الدف في المساجد ليس بمشروع...وأنا قد رأيت شخصًا بعيني هاتين في مسجد....وهو يرقص"
ومن شدة تلاعب الشيطان بهم أن جعلوا الرقص عبادةً وقربة لله عز وجل قال الإمام الحلبي رحمه الله في كتابه: الرهص والوقص لمستحل الرقص: إن طائفة ممن يدعي التصوف...قد اتخذوا الرقص واللعب ديدنًا، واعتقدوه تدينًا، وخلطوا العبادة باللعب وافتروا على الله الكذب...واعلم أن صنيعهم هذا قد اشتمل على جملة من القبائح:
منها عدم المروءة، والتشبه بالنساء والصبيان ومنها التشبه بالبهائم، كالقردة والذباب ومنها: التشبه بالنصارى. ومن جملة القبائح وأقبحها: الافتراء على الله في أن مثل هذا الرقص مباح أو قُربة، فإن واضع الأحكام هو الله تعالى وحده لا حكم غيره فيها، فإباحة ما حرمه أو العكس افتراء عليه، وإسناد إليه ما لم يفعله. (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا) [الأنعام:21]
ووصل تلاعب الشيطان ببعضهم أن جعلوا من يرقص عند القبور ممن يجتاز الصراط يوم القيامة، قال الأستاذ: أمين بن أحمد بن عبدالله السعدي في رسالته العلمية " الصوفية في حضرموت ": ويدعى القوم جواز الفقراء الصراط يوم القيامة لقيامهم بالسماع والرقص عند قبر هود عليه السلام.
ورقص الصوفية بدعة في الدين، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: اتخاذ الضرب بالدف، والغناء، والرقص عبادة هو من البدع التي لم يفعلها سلف الأمة.
وفي عصرنا صاد الشيطان بشراكه بعض المسلمين من الرجال والنساء فصار يرقصون بعد أن زين لهم الشيطان ذلك، قال العلامة ابن القيم رحمه الله: حركة الرقص...سببها استخفاف الشيطان لأحدهم، وركوبه على كتفيه، ودقُّه برجليه على صدره، وكلما دقّه برجليه ورقص على صدره رقص هو كرقص الشيطان عليه.
ووصل الأمر ببعضهم أن أصبح الرقص حرفة له، وجُعِل للرقص مهرجانات واحتفالات، نسأل الله الهداية للجميع، وهذه بعض المسائل المختصرة عن موضوع الرقص، أسأل الله الكريم أن ينفع بها.
الرقصات الغربية:
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: الرقص مكروه في الأصل، ولكن إذا كان على الرقصات الغربية، وتقليد الكافرات صار حرامًا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقومٍ فهو منهم)
الرقص على صوت الموسيقى:
أفتت اللجنة الدائمة للإفتاء بالفتوى رقم (7578): لا يجوز الرقص على صوت الموسيقى.
رقص الرجال:
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: أما الرقص للرجال، فإنه لا يجوز، لأن الرقص من عادات النساء، وليس من عادات الرجال.
رقص النساء أمام النساء في حفلات الأفراح:
قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: لابأس برقص النساء بمناسبة الزواج، وضربهن بالدف مع شيء من الغناء النزيه، لأن هذا من إعلان الزواج المأمور به شرعًا، لكن بشرط أن يكون ذلك في محيط النساء فقط، وبصوت لا يرتفع ويتجاوز مكانهن، وبشرط التستر الكامل، بحيث لا يبدو شيء من عورة المرأة في حالة الرقص، كسيقانها وذراعيها وعضديها، وإنما يبدو منها ما جرت عادة المسلمة بكشفه في حضرة النساء.
وما ذكره العلامة الفوزان إذا لم يترتب على هذا الرقص مفاسد، ولهذا كان العلامة العثيمين رحمه الله يفتى بجواز رقص النساء أمام النساء في حفلات الزواج، ثم نُقلت له حوادث رأى على أثرها منع الرقص، فليتنبه لذلك قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: الذي أرى أن تُمنع النساء من الرقص، لأن ذلك فيه فتنة، وكنتُ في الأول أُسهلُ في الأمر، لكن نُقلت لي حوادثُ تُوجبُ أن أقول بمنع الرقص في الحفلات، ويكفى الضربُ بالدف مع الغناء النزيه الطيب الطاهر، لأن ذلك من السنة.
رقص البنات الصغار بين الفتيات:
قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى: أما رقص البنات الصغار بين الفتيات فهذا قد يُقالُ: إنه لا بأس به، لأنه يرخص للصغار في مثل هذا ما لا يرخص للكبار.
الأطفال والرقص:
من اهتم بتربية أبنائه تربية تنفعهم في دينهم ودنياهم، لم يدخلهم مدارس تعلمهم الرقص، فقد سئل العلامة العثيمين عن حكم إدخال الأبناء رياض الأطفال التي تعلم الموسيقى والرقص؟ فأجاب: يأثم الإنسان إذا أدخل أولاده هذه الروضة لأن الرقص والموسيقى حرام فأنا أنصحهم، وأُحذرهم من إدخال أولادهم في هذه الرياض فإنهم إن فعلوا ذلك، فهم آثمون مُعينون على الإثم والعدوان، ويوشك ألا يبرهم أولادهم إذا كبروا وألا يدعوا لهم إذا ماتوا لأنهم عصوا الله عز وجل فيهم فيوشك أن يجعل الله هؤلاء يعصون الله في آبائهم كما عصى آباؤهم فيهم ويسلطون عليهم.
تعلم النساء للرقص:
قال العلامة عبدالعزيز بن عبدالله ابن باز رحمه الله: أما أن تتعلم الرقصات الفاتنة بين الرجال، أو تتعلم الموسيقى وآلات الغناء، أو الأغاني الخليعة فلا يجوز هذا الشيء
رؤية الراقصات:
قال العلامة أحمد محمد شاكر رحمه الله: رؤية نساء شبه عاريات حرام، ورؤية رقصهن وإظهار مفاتن أجسامهن حرام.
عقوبة من فتح أماكن للرقص:
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لعن الله من ذبح لغير الله لعن الله من لعن والديه لعن الله من آوى مُحدِثًا لعن الله من غير منار الأرض)[رواه مسلم]قال العلامة الجبرين رحمه الله: يدخل في قوله: (من آوى مُحدَثًا) بالفتح، من دعا إلى المعاصي ومكنها فإنه قد آوى المحدَث كمن...سعى في فتح أماكن الرقص وأماكن الغناء أو أماكن الزنا...فهذا قد آوى المحدث.
النظر إلى الراقصات يثير الجماد:
قال العلامة عبدالله بن محمد بن حميد رحمه الله: ترى مع ذلك نساء برعن في الرقص...تكون فيه المرأة شبه عارية، وبعبارة أخرى عارية البدن كله، إلا مكانًا مخصوصًا منه.
ورؤية المرأة _ وهي هكذا _ شديد على النفس جدًا، خصوصًا إذا انضم إليه ما تفعله في رقصها من حركات في البطن والخصر، وما إلى ذلك، حركات تطرف الناظرين من الرجال.
يرون المرأة مع الرجل، يرقصان ذلك الرقص الإفرنجي، الذي يتخاصران فيه، ويتلاصقان، وهو الحق يقال: منظر يثير الجماد، ويحرك من لا يتحرك."
الرقص والقلق والحزن:
قد يظن البعض أن الرقص بما يجلب من أموال وشهرة وغيرها يعني الحياة السعيدة، والواقع خلاف ذلك تمامًا. تقول راقصة منً الله الكريم عليها بالهداية فتابت من الرقص: " إنني الآن مولودة جديدة، اشعر بالراحة والأمان بعد أن كان القلق والحزن صديقيَ، بالرغم من الثراء والسهر واللهو. قضيت كل السنين الماضية صديقة للشيطان لا اعرف سوى اللهو والرقص كنت أعيش حياة كريهة حقيرة كنت دائما عصبية فألان إنني مولودة جديدة...الرقص حرام...حرام...حرام، الرقص كله فجور، وأما تسميته بالمشاعر فكذب رخيص، أحسست بالفرق الهائل بين حياتي سابقًا ولاحقًا، فقد صار لحياتي الآن قيمة ومعنى."
أسأل الله الكريم لها الثبات، كما أسأله أن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان، وأن يمنً علينا جميعًا بالهداية والاستقامة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد