منهج تربوي للأسرة في يومها من الاستيقاظ حتى المبيت


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

إن مما يتعين على الوالدين مناقشته والحديث عنه تربية هذا النشء التربية السليمة، لأن تلك الذرية هي امتداد لحياة الوالدين فهم ذخر لهم وصدقة جارية وذكر حسنة ولعل من أهم ذلك تربيتهم في يومهم وليلتهم، ما أهميتها وآليتها وخططها ومفاوضاتها وخطوطها العريضة والدقيقة. ومن خلال تلك الحلقة سألقي الضوء سريعا على تلك التربية معلقا برؤوس أقلام وليتفهم الوالدان الكريمان ذلك في تطبيقه على أولادهم حسب ما يناسبهم ويتوافق مع طبيعتهم التربوية، وسيكون الحديث عن ذلك من خلال عدة نقاط .

 

النقطة الأولى:

 إن هذا المنهج والبرنامج غاية في الأهمية من الناحية التربوية فسنجد الأولاد سمت أنفسهم وتحسنت أخلاقهم لأنهم امتثلوا تلك التربية واقعا عمليا وهذا لا شك أنه يساعد على حل كثير من الإشكالات التربوية التي يثيرها الواقع العام في بعض الأحايين.

 

النقطة الثانية:

هذا المنهج هو باب واسع ومجال فسيح لكسب الأجور والحسنات في التقوية الإيمانية للأولاد وحصن حصين من كثير من الشرور التي هي من عمل الشيطان. كيف لا وهي منتقاة من حياة خير البشر صلى الله عليه وسلم، وعندما تكون كسبا للأجر لهذه الذرية فلوالديهم مثل ما تحصل عليه الأولاد حيث إنهم هم من دل هم عليه ورباهم على مثله.

 

النقطة الثالثة:

 هذا البرنامج يحتوي على خطوط عريضة لأن الأولاد ليسوا على طبقة واحدة من النشاط والرغبة والحيوية وقوة الإيمان، فيرسم البرنامج على خطوط عريضة تشمل الجميع تطبيقا وتفعيلا وهذه الخطوط العريضة هي بمقدورهم جميعا.

 

النقطة الرابعة:

كما يحتوي البرنامج على خطوط دقيقة أيضا للمتميزين من الأولاد ذوي النشاط التربوي الراغبين في المزيد منه، بحيث تنمى مواهبهم وتصقل أفكارهم من خلاله.

 

النقطة الخامسة:

 التشجيع والتحفيز من الوالدين فهم بعد توفيق الله تعالى وقود هذا البرنامج فتشجيع قولي ومالي وعيني للأولاد على تطبيقهم البرنامج هو مما يكون سببا في ثبات هذا البرنامج وانسيابيته مع الأولاد.

 أيها الوالدان الكريمان إن ما تنفقانه في سبيل تربية أولادكم هو صدقة مخلوفه، بل هو أفضل الصدقات وكن منصفا في المكافأة لا إفراط ولا تفريط واجعل لكل منهم ما يناسبه من المكافآت العينية، فيناسب الكبار ما لا يناسب الصغار خصوصا ما يتعلق في وسائل التواصل وشؤون التقنية.

 

النقطة السادسة:

مما يحتاجه البرنامج أن يحفظ الأولاد الأذكار الدورية في اليوم والليلة ولو أقام الوالدان مع أولادهم بدورة منزلية مصغرة في حفظ هذه الأذكار خلال فترة معينة مناسبة كأسبوعين مثلا لكان ذلك حسنا وكان تمهيدا للبرنامج المزمع إقامته.

 

النقطة السابعة:

 ناقشوا هذا البرنامج في جلساتكم الأسرية واستطلعوا أفكار أولادكم ومرئياتهم ومدى قابليتهم وشدوا من أزرهم واضربوا الأمثلة لهم هذا وغيره يحتاج من الوالدين جهدا واضحا لأن النتيجة كبيرة وواضحة وهي سبب وسبب لصلاح سلوكهم وأخلاقهم ومعاملاتهم بل وفي دينهم وعلاقتهم بالله عز وجل، ففكروا في المكاسب قبل أن تفكروا في المتاعب، واعلموا أنكم بعملكم هذا تقدمون واجبا عليكم تجاههم لأنكم ستسألون عنهم يوم القيامة، فقدموا الآن ما يسركم غدا بإذن الله عز وجل.

 

النقطة الثامنة:

 فقرات هذا البرنامج تتكون من النقاط التالية:

 

أولا: دعاء الاستيقاظ وهو (الحمد لله الذي أحيانا بعدما أمتن وإليه النشور الحمد لله الذي رد علي روحي وأذن لي بذكره) فما أجمل الحمد أن يكون في أول اليوم مع الأذكار المصاحبة له.

 ثانيا: من فقرات البرنامج ركعة الفجر وقد يهملها أو ينساها بعض الأولاد، وقد قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: (ركعتي الفجر خير من الدنيا وما فيها) وإن فاتتها قبل الصلاة فإنهما تقضيان بعد الصلاة أو في وقت الضحى.

 ثالثا: من فقرات البرنامج صلاة الفجر ومن صلاتها فهو في ذمة الله تبارك وتعالى.

 رابعا: الأذكار الصباحية وهي حصن حصين للمسلم من جميع الشرور، ويمكن معرفة هذه الأذكار من خلال كتب أهل العلم أو الشبكة العنكبوتية، فحافظ عليها أشد المحافظة.

 خامسا: من فقرات هذا البرنامج اجعل لك مقدارا من القرآن تقرأه كل يوم ففي كل حرف عشر حسنات وفضل الله تعالى واسع فلا تتنازل عن هذا المقدار القرآني بل مع مرور الأيام، كن طموحا لزيادة.

سادسا: من فقرات البرنامج للأولاد صلاة الضحى وهي ركعتان فأكثر ووقتها من بعد خروج الشمس بعشر دقائق حتى قبل أذان الظهر بعشر دقائق وهي تعدل ثلاثمئة وستين صدقة.

 سابعا: من فقرات البرنامج احرص على صلاة السنن الرواتب وهي ثنتا عشرة ركعة أربع قبل الظهر وركعتان بعدها، ركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر.

ثامنا: من فقرات البرنامج حافظ على قول (سبحان الله وبحمده) في اليوم مائة مرة فقد ورد الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر) رواه البخاري.

وهذه التصريحات المائة لا تستغرق أكثر من دقيقتين على الكثير.

تاسعا: قول (لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في اليوم مائة مرة). فقد ثبت في البخاري أن من قالها مائة مرة في اليوم كتب الله له مائة حسنة ومحا عنه مائة سيئة وكانت له عدل عشر رقاب أي كأنما أعتق عشر رقاب وكان في حرز من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي. والأولى أن يقولها في أول يومه ولكن لو فرقها على سائر اليوم فلا بأس كما ذكره أهل العلم.

عاشرا: قراءة من كتاب ولو صفحتين يوميا فهي زاد ثقافي وتربوي يتكاثر مع الوقت.

الحادي عشر: من فقرات البرنامج الجلسة الأسرية والأحاديث الودية فيها ولعلها لا تخلو من ذكر الله تعالى حتى لا يكون المجلس حسرة على أهله يوم القيامة.

الثاني عشر: استحداث حلقة ذكر في البيت لأهل البيت أو لبعضهم فهي خير عظيم تكون سببا في حضور الملائكة وتنزل الرحمة وغشيان السكينة، وأن الله تعالى يذكر أصحابه في من عنده في سعادتهم ويابشراهم.

الثالث عشر: الأذكار المسائية فهي حصنا حصينا من جميع الشرور ووقتها من صلاة العصر وتقضى لمن نسيها بعد المغرب.

الرابع عشر: وضع برنامج مصغر مع كتب السنة كالبخاري ومسلم بحيث يقرأ من كل يوم نصف ساعة قراءة ذاتية ويكون فيها استنتاج فوائد وإثارة أسئلة ونحو ذلك وسيتحصل صاحب تلك الفكرة على علم غزير وكثير مع مرور الوقت.

الخامس عشر: المحافظة على الأذكار الدورية اليومية كأذكار دخول المنزل والخروج منه والمأكل والمشرب والسلام على الأهل ونحو ذلك مما هو منشور في كتب أهل العلم.

 السادس عشر : صلاة الوتر ووقتها من بعد صلاة العشاء حتى أذان الفجر وأقلها ركعة واحدة، ولا حد لأكثرها، فيصلي مثنى مثنى ثم يختم بركعة واحدة.

السابع عشر: النوم على طهارة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أخذت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة) فهو خير عظيم وقد ورد في حديث آخر أنه كلما انتبه استغفر له الملك والحديث حسن.

الثامن عشر: أذكار النوم ومن أهمها آية الكرسي فهي حفظ للإنسان، وهي آية مئتين وخمسة وخمسين من سورة البقرة ويمكن الاطلاع على تلك الأذكار من خلال الشبكة.

 التاسع عشر: استحداث سؤال أسبوعي تربوي للأولاد، يتعرفون من خلاله على تصحيح سلوكيات سلبية أو تنمية سلوكيات إيجابية ويكون التكريم فوريا أو فصليا، فهو جانب كبير من التربية على الفضائل.

العشرون: عندما يصحوا من خلال الليل لأي ظرف من الظروف، فهناك ذكر ورد في صحيح البخاري وهو قوله عليه الصلاة والسلام: (من تعار من الليل "أي انتبه" ثم قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله ثم دعاء أو قال رب اغفر لي استجيب له وإن توضأ وصلى قبلت صلاته) رواه البخاري.

 

معاشر الآباء والأمهات، هذا برنامج مقترح بخطوطه العريضة، أما الخطوط الدقيقة فلكل ما يناسبه منها، فاحرصوا يرحمكم الله على تطبيق ذلك في أنفسكم وعلى أولادكم تفلحوا وتسعدوا في الدنيا والآخرة فما أجمل أن تكون الطاعة سجية للمسلم في يومه وليلته ولو وضعتم احصائية لما قد تحصلون عليه من الخير من خلال هذا البرنامج لرأيتم عجبا.

 

تقبل الله من الجميع ورزقنا وذكرياتنا حسن القول والعمل.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply