بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
من صفات الله عز وجل الثابتة له المحبة، وقد أجمع علماء السلف على اثباتها، وهي محبة حقيقية تليق بجلاله وعظمته. والله جل جلاله يُحبُّ، ويُحب، قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
وهُو الودُودُ يُحبُّهُم ويُحبُّهُ أحبابهُ والفضلُ للمنـان
قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: والله عز وجل واد، أي: يُحبُّ، ومودود، أي: محبوب، فهو عز وجل مُحِب لأحبابه، وأحبابُه محبُّون له، قال الله تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾ [المائدة:54]
للسلف أقوال في محبة الله عز وجل، جمعت بفضل الله بعضًا منها، أسأل الله أن ينفع بها الجميع
• محبة الله عز وجل أعظم واجبات الإيمان
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: محبة الله، بل محبة الله ورسوله من أعظم واجبات الإيمان، وأكبر أصوله، وأجل قواعده، بل هي أصل كل عمل من أعمال الإيمان والدين
• أسعد الناس في الآخرة أقواهم حبًا لله جل جلاله:
قال الإمام الغزالي رحمه الله: اعلم أن أسعد الخلق حالًا في الآخرة أقواهم حبًا لله تعالى، فإن الآخرة معناها القدوم على الله تعالى، ودرك سعادة لقائه.
• محبة الله جل جلاله أغلى أمنية للإنسان:
قال العلامة العثيمين رحمه الله: محبة الله عز وجل للعبد هي غاية ما يتمناه الإنسان، وأكمل مراتب الإنسان.
• محبة الله عز وجل للعبد من أجل النعم:
قال العلامة السعدي رحمه الله: محبة الله للعبد، هي أجل نعمة أنعم بها عليه، وأفضل فضيلة، تفضل الله بها عليه.
• لذة محبة الله جل جلاله لا تماثلها لذة،
** قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إذا وجد محبة الله وجدها أحلى من كل محبة
** قال العلامة السعدي رحمه الله: لا شيء ألذ للقلوب ولا أحلى من محبة خالقها. ** قال العلامة العثيمين رحمه الله: محبة الله سبحانه وتعالى إذا وفق العبد لها لا يعادلها شيء ولا تماثلها لذة، يجد الإنسان في محبة الله لذة لا توصف أبدًا،...يجد...فيها لذةً عظيمةً لا يُقاربها أكبرُ لذة في الدنيا لذة عظيمة وأُنسًا بالله عز وجل، وفرحًا به، ونورًا في القلب، ونورًا في الوجه لا يُماثله شيء.
• تفاوت الناس في محبة الله عز وجل:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الناس في حبِّ الله يتفاوتون ما بين أفضل الخلق محمد وإبراهيم إلى أدنى الناس درجة، مثل من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان، وما بين هذين الحدين من الدرجات ما لا يحصيه إلا رب السموات والأرض
.
• المحبة شجرة ثمارها تظهر في القلب واللسان والجوارح:
قال الإمام الغزالي رحمه الله: اعلم أن المحبة يدعيها كل أحد، وما أسهل الدعوى وما أعز المعنى، والمحبة شجرة طيبة...ثمارها تظهر في القلب واللسان والجوارح.
• من آثار محبة الله عز وجل للعبد:
** قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إذا أحبَّ الله عبدًا...ألهمه التوبة والاستغفار فلم يصرّ على الذنوب...ومن أحبه الله فرحمته أقرب شيء منه.... ومن أحبه الله أحب الله.
** قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: من أحبّهُ الله رزقهُ محبته، وطاعته، والاشتغال بذكره، فأوجب ذلك القرب منه، والزلفى لديه، والحظوة عنده.
** قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: إذا أحب الله عبدًا يسر له الأسباب، وهون عليه كل عسير، ووفقه لفعل الخيرات، وترك المنكرات، وأقبل بقلوب عباده إليه بالمحبة والوداد. وإذا أحبّ الله عبده قبل منه اليسير من العمل، وغفر له الكثير من الزلل.
** قال العلامة عبدالله الجبرين رحمه الله: إذا رأيت شخصًا يُحبهُّ الناس، من أهل الخير، والإيمان، فهذا علامة على أن الله قد أحبّه، وأحبته الملائكة.
• محبة الله ومعرفة الله جل وعلا:
** قال الحسن رحمه الله: من عرف ربه أحبه.
** قال الإمام الغزالي رحمه الله: اعلم أن المؤمنين مشتركون في أصل الحب لاشتراكهم في أصل المحبة، ولكنهم متفاوتون لتفاوتهم في المعرفة، وفي حب الدنيا.
** قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: من عرف الله وقلبه سليم أحبه، وكلما ازداد له معرفة ازداد حبه له.
** قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: ومن لوازم محبة الله، معرفته تعالى...فإن المحبة بدون معرفة بالله ناقصة جدًا بل غير موجودة، وإن وجدت دعواها
• محبة الله وحب القرآن وتلاوته بتدبر:
** قال الإمام الغزالي رحمه الله: علامات محبة العبد لله تعالى: حب القرآن، قال ابن مسعود: لا ينبغي أن يسأل أحدكم عن نفسه إلا في القرآن، فإن كان يحب القرآن فهو يحب الله عز وجل.
** قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: من أعظم ما يحصل به محبة الله تعالى من النوافل: تلاوة القرآن، وخصوصًا مع التدبر
• محبة الله ودوام ذكره عز وجل:
** قال إبراهيم بن الجنيد رحمه الله: يُقال: علامة المحبّ على صدق الحب...دوام الذكر بقلبه بالسرور لمولاه.
** قال الإمام الغزالي رحمه الله: علامات محبة العبد لله تعالى: أن يكون مشتغلًا بذكر الله تعالى لا يفتر عنه لسانه، ولا يخلو عنه قلبه، فعلامة حب الله: حب ذكره.
** قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: كلما ازداد حبه له ازداد ذكره له...فإن قوة الحب توجب كثرة ذكر المحبوب.
** قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: من الأعمال التي توصل إلى محبة الله تعالى وهي من أعظم علامات المحبين: كثرة ذكر الله عز وجل بالقلب واللسان. قال بعض التابعين: علامة حب الله كثرة ذكره، فإنك لن تحب شيئًا إلا أكثرت ذكره. فالمحبون إن نطقوا نطقوا بالذكر، وإن سكتوا اشتغلوا بالفكر.
** قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: كثرة الذكر تدل على كثرة المحبة.
** قال العلامة السعدي رحمه الله: ومن لوازم محبة الله...الإكثار من ذكره...فمن أحب الله أكثر من ذكره.
• محبة الله والرضا بقضائه وقدره:
** قال عمر بن عبدالعزيز لما مات ولده الصالح: إن الله أحب قبضه، وإني أعوذ بالله أن يكون لي محبة في شيء من الأمور يخالف محبة الله، وكان يقول: أصبحت فما لي سرور إلا في مواقع القضاء والقدر.
** قال عامر بن عبد القيس رحمه الله: أحببت الله حبًا هوَّن عليَّ كل مصيبة، ورضَّاني بكل بلية، فلا أبالي مع حبي إياه على ما أصبحت، وعلى ما أمسيت.
** قال إبراهيم بن الجنيد رحمه الله: يُقال: علامة المحبّ على صدق الحب...الرضا عنه في كل شديد وضرًّ ينزلُ به.
** قال العلامة عبدالله بن محمد ابن حميد رحمه الله: إذا امتلأ قلبك بمحبة الله رضيت بما قدر الله.
• محبة الله والأنس به سبحانه وتعالى:
** قال إبراهيم بن الجنيد رحمه الله: يُقال: علامة المحبّ على صدق الحب...الأنسُ به والاستثقال لكل قاطع يقطعُ عنه، أو شاغل يشغلُهُ عنه
• محبة الله والتقوى:
قال العلامة عبدالله الجبرين رحمه الله: تقوى الله سبحانه...تجلب محبة الله للعبد
• محبة الله ومحبة أوليائه:
قال شاه الكرماني رحمه الله: محبة أولياء الله دليل على محبة الله.
• محبة الله وطهارة القلب وطهارة البدن:
قال العلامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين رحمه الله: الطهارة، يعني تطهير القلب، وتطهير البدن، والثياب من النجاسات ونحوها...تجلب محبة الله للعبد.
• محبة الله واتباع الرسول عليه الصلاة والسلام:
** قال إبراهيم بن الجنيد رحمه الله: يُقال: علامة المحبّ على صدق الحب...اتباع رسوله صلى الله عليه وسلم.
** قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ادعى قوم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أنهم يحبون الله، فأنزل الله هذه الآية: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾ [آل عمران:31] فبين سبحانه أن محبته توجب اتباع الرسول.
** قال العلامة السعدي رحمه الله: من لوازم محبة العبد لربه، أنه لا بد أن يتصف بمتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم ظاهرًا وباطنًا، في أقواله وأعماله، وجميع أحواله.
** قال العلامة العثيمين رحمه الله: قال الله تعالى ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ محبة الله عز وجل تنال بهذا الشرط، وهو شرط يسير لمن يسره الله عليه...وهو: اتباع الرسول عليه الصلاة والسلام ظاهرًا وباطنًا في العقيدة والقول والفعل، فإذا حققت ذلك فإن محبة الله سوف تنالك. وكلما كان الإنسان أشد إتباعًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم كان أقرب إلى محبة الله تعالى وجرب نفسك لو أنك توضأت وضوءًا والوضوء من العبادات لكنه ليس أعلى العبادات ثم شعرت وأنت تغسل وجهك وتغسل يديك إلى المرفقين وتمسح برأسك شعرت بأنك متبع للرسول عليه الصلاة والسلام لوجدت أثر هذا في قلبك وأثَّر عليك في زيادة الإيمان ومحبة الرحمن عز وجل، لذلك ينبغي لنا أن نستشعر دائمًا بكل ما نتقرب به إلى الله تعالى أننا في ذلك متبعون لرسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى نحصل على محبة الله.
** قال العلامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين رحمه الله: اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم...يجلب محبة الله للعبد
• محبة الله والإحسان وإتقان الإعمال:
** قال العلامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين رحمه الله: الإحسان وإتقان الأعمال...يجلب محبة الله للعبد
• محبة الله والجهاد في سبيل الله:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : الجهاد دليل المحبة الكاملة، قال الله تعالى: ﴿قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾[التوبة:24] وقال تعالى في صفة المُحبين المحبوبين: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِم﴾ [المائدة:54] فوصف المحبوبين المحبين بأنهم أذلة على المؤمنين، أعزة على الكافرين، وأنهم يجاهدون في سبيل الله، ولا يخافون لومة لائم
** قال العلامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين رحمه الله: الجهاد...يجلب محبة الله للعبد
• محبة الله وإيثار محبته جل وعلا على محبة النفس ومحبة الخلائق:
** قال إبراهيم بن الجنيد: يُقال: علامة المحبّ على صدق الحب...إيثارهُ محبة سيده على محبة نفسه ومحبة الخلائق، يبدأ بمحبة مولاه قبل محبة نفسه ومحبة الخلائق.
** قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: من علامات المحبة الصادقة، أن المحب يشتغلُ بما يرضى به حبيبه ومولاه، ويستوي عنده من حمده في ذلك أو لامه.
• محبة الله والعدل والقسط:
** قال العلامة عبدالله الجبرين رحمه الله: القسط والعدل...يجلب محبة الله للعبد.
• محبة الله ومحبة طاعته ومحبة ما يُحبّ:
** قال الحسن رحمه الله: اعلم أنك لا تحب الله، حتى تحب طاعته.
** قال أحمد بن أبي الحوراني رحمه الله: علامة حب الله حب طاعة الله.
** قال الإمام الغزالي رحمه الله: علامات محبة العبد لله تعالى: أن يكون مؤثرًا ما أحبه الله تعالى على ما يحبه في ظاهره وباطنه فيجتنب اتباع الهوى ويعرض عن دعة الكسل
** قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الرب تعالى...سنته وعادته: أن محبته ورضاه وثوابه لا يكون إلا لمن عبده وأطاعه.....ومن أحبَّ الله أحبَّ من يحبه الله. وكلما ازداد القلب حبًا لله ازداد له عبودية، وكلما ازداد له عبودية ازداد له حبًا وحرية عما سواه.
** قال ابن رجب رحمه الله: أفضل ما تستجلب به محبة الله عز وجل، فعل الواجبات وترك المنكرات...ومتى تمكنت المحبة في القلب لم تنبعث الجوارح إلا في طاعة الرب.. ومن امتلأ قلبه من محبة الله عز وجل أحبَّ ما يُحبّه وإن شقَّ على النفس وتألمت به، كما يُقال: المحبة تهوِّن الأثقال، وقال بعض السلف في مرضه: أحبُّهُ إليَّ أحبُّهُ إليه.
** قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: من أحب شيئًا أحبَّ محبوباته، وما يشبهه، وما يتعلق به.
** قال العلامة العثيمين رحمه الله: المحبة جذابة تجذب الإنسان بسلاسل من حديد إلى المحبوب، ولهذا لا يمكن أن تجد أحدًا يحب الله عز وجل إلا ويعمل بطاعته.
والمحبة أمرها عظيم...والموفق من وفقه الله وجعل محبته تابعة لمحبة الله عز وجل...ولهذا ينبغي لك دائمًا أن تسال الله عز وجل أن يجعل محبتك تابعة لمحبته " اللهم إني أسألك حبك وحب من يحبك وحب العمل الذي يقربني إلى حبك."
• محبة الله والتنعم بالطاعة:
قال الإمام الغزالي رحمه الله: علامات محبة العبد لله تعالى: أن يتنعم بالطاعة، ولا يستثقلها، كما قال بعضهم: كابدت الليل عشرين سنة، ثم تنعمت به عشرين سنة.
• محبة الله والخوف منه وتعظيمه:
قال الإمام الغزالي رحمه الله: علامات محبة العبد لله تعالى: أن يكون في حبه خائفًا.
• محبة الله والشوق إلى لقائه جل وعلا:
** قال إبراهيم بن الجنيد رحمه الله: يُقال: علامة المحبّ على صدق الحب...الشوق إلى لقائه والنظر إلى وجهه.
** قال الإمام الغزالي رحمه الله: علامات محبة العبد لله تعالى: حب لقاء الله تعالى، في دار السلام.
• محبة الله والتلذذ بالمناجاة وطول القيام:
قال الإمام الغزالي رحمه الله: علامات محبة العبد لله تعالى: أن يواظب على التهجد، ويغتنم هدء الليل وصفاء الوقت بانقطاع العوائق...فمن كان النوم والاشتغال بالحديث ألذ عنده، وأطيب من منجاة الله كيف تصحّ محبته ؟ وقال: إذا أحب الله تعالى أحب لا محالة...التلذذ بالمناجاة فتحمله لذة المناجاة ...على طول القيام.
• محبة الله وذكر نعمه وشكرها:
** قال عبدالعزيز بن عمير: ذكر النعم يورث الحب لله تعالى.
• محبة العبد ومكارم الأخلاق:
قال الإمام الغزالي رحمه الله: علامات محبة العبد لله تعالى: بالجملة جميع محاسن الدين، ومكارم الأخلاق ثمرة الحب.
• محبة الله وعدم عصيانه:
** قال يحيى بن معاذ: ليس بصادق من ادعى محبة الله جل جلاله، ولم يحفظ حدوده.
** سئل ذو النون: متى أُحبُّ ربي؟ قال: إذا كان ما يبغضه عندك أمرَّ من الصبر
** قال الإمام الغزالي رحمه الله: علامات محبة العبد لله تعالى: ألا يعصيه، فمن أحب الله لا يعصيه، ولذلك قال ابن المبارك:
تعصى الإله وأنت تظهر حبه هذا لعمري في الفعال بــــديع
لو كان حبك صادقًا لأطعته إن المحــــــــب لمن يحب مطيع
قال سهل رحمه الله تعالى: ليس كل من عمل بطاعة الله عز وجل صار حبيبًا، وإنما الحبيب من اجتنب المناهي.
فإن قلت: فالعصيان هل يضاد المحبة ؟ فأقول: إنه يضاد كمالها، ولا يضاد أصلها.
** قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: متى أخل العبد ببعض الواجبات أو ارتكب بعض المحرمات، فمحبته لربه غير تامة، فالواجب عليه المبادرة بالتوبة، والاجتهاد في تكميل المحبة المفضية لفعل الواجبات كلها واجتناب المحرمات كلها.
فجميع المعاصي تنشأ من تقديم هوى النفوس على محبة الله ورسوله.
فمن وقع في ارتكاب شيء من المحرمات أو أخل بشيء من فعل الواجبات فلتقصره في محبة الله، حيث قدم محبة نفسه وهواه على محبة الله، فإن محبة الله لو كملت لمنعت من الوقوع فيما يكرهه
• محبة الله والتأسف لفوات الوقت في غير ذكره وطاعته:
قال الإمام الغزالي رحمه الله: علامات محبة العبد لله تعالى: أن يعظم تأسفه على فوت كل ساعة خلت عن ذكر الله تعالى، وطاعته.
• محبة الله ومحبة أداء النوافل وكراهة المكروهات:
** قال الإمام الغزالي رحمه الله: علامات محبة العبد لله تعالى: أن لا يزال مواظبًا على طاعة الله، ومتقربًا إليه بالنوافل، وطالبًا عنده مزايا الدرجات.
** قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: الدرجة الثانية من المحبة: درجة المقربين: وهي أن يمتلئ القلب بمحبة الله تعالى حتى توجب له محبة النوافل، والاجتهاد فيها، وكراهة المكروهات، والانكفاف عنها.
** قال العلامة السعدي رحمه الله: ومن لوازم محبة الله للعبد أن يكثر العبد من التقرب إلى الله بالفرائض والنوافل.
• محبة الله والمنافسة في كل قربة بإخلاص ونصح:
قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: علامة المحبة ما ذكره الله أن يجتهد العبد في كل محل يقربه إلى الله وينافس في قربه، بإخلاص الأعمال كلها لله والنصح فيها، وإيقاعها في أكمل الوجوه المقدور عليها. فمن زعم أنه يحب الله بغير ذلك فهو كاذب.
• محبة الله ومحبة ذكر صفاته سبحانه وتعالى:
** قال ابن تيمية رحمه الله: الله يُحبُّ من يُحبُّ ذكر صفاته سبحانه وتعالى.
• محبة الله ومحبة عبادة المؤمنين والشدة على أعداء الدين:
قال الإمام الغزالي رحمه الله: علامات محبة العبد لله تعالى: أن يكون مشفقًا على جميع عباد الله، رحيمًا بهم، شديدًا على جميع أعداء الله، كما قال تعالى: ﴿أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ [الفتح:29] ولا تأخذه لومة لائم، ولا يصرفه عن الغضب لله صارف.
• محبة الله ومحبة الناس للعبد:
** قال يحيى بن معاذ رحمه الله: إن العبد على قدر حبه لمولاه يحببه إلى خلقه.
• محبة الله والتوبة من الذنوب والإنابة إليه:
** قال العلامة السعدي رحمه الله: قوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ﴾ [هود:90] لمن تاب وأناب، يرحمه فيغفر له، ويقبل توبته، ويحبه.
** قال العلامة الجبرين رحمه الله: التوبة والرجوع إليه سبحانه...تجلب محبة الله للعبد
وختامًا فيقول العلامة السعدي رحمه الله: " يا أيها المحب لربه المشتاق لقربه ولقائه، المسارع في مرضاته، أبشر بقرب لقاء الحبيب، فإنه آت، وكل ما هو آت قريب، فتزود للقائه، وسر نحوه، مستصحبًا الرجاء، مؤملًا الوصول إليه."
اللهم إني أسألك حبك، وحب من يحبك، وحب العمل الذي يقربني إلى حبك.
ملحوظة: لم أذكر أقوال العلامة ابن القيم رحمة الله ضمن العلماء الذين نقلت أقوالهم عن محبة الله عز وجل، لأن له أقوالًا كثيرة في ذلك، في عددٍ من كتبه، وسوف أفردها بعون الله وتوفيقه ببحث مستقل.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد